أجمعت الشرائع السماوية على ما فيه الخير والفلاح للبشرية جمعاء، فدعت إلى حفظ وسلامة النفس والمال والعرض وقيم العدل والمساواة والصدق والأمانة والحلم والصفح وحفظ العهود وأداء الأمانات وصلة الأرحام وحق الجوار، وهذه المبادئ التى دعت إليها الشرائع السماوية لن تتحقق إلا بمزيد من الوعى الحقيقي، وجاءت رسالة الإسلام لتنشل الإنسانية من جهالاتها وضلالاتها وتنقلها إلى الوعى الصحيح بقيمة الدين والحياة حتى كانت بعثة النبى – صلى الله عليه وسلم – وسيلة عملية لبناء الوعى الصحيح فى حياة الناس جميعا وكان رسول الله، من أول لحظة فى دعوته يحرص على بناء وعى الإنسان لتنمية مداركه وتصحيح المفاهيم الخاطئة.
ولا تخلو مناسبة من المناسبات التي يلتقي فيها السيد الرئيس بالعلماء والدعاة وقادة الفكر إلا ويطالبهم فيها بضرورة تطوير الوعي لدي المواطن لمواجهة المعلومات المضلّلة والمغلوطة والبرامج الهدّامة التي تقود المواطنين بطريقة خاطئة تؤثّر علي فكرهم.
وقد وضعت “الجمهورية الجديدة” هذه الدعوة ركيزة أساسية من ركائزها وهو تنمية وعي المواطن في جميع المجالات وإدراكه الكامل لكل الأحداث في ظل عالم المعرفة المتغيّر لمواجهة أذرع خفافيش الظلام الذين ينشرون المعلومات المضلِّلة لتقويض أنشطة الدولة في كل المجالات والتي لا تخفي علي أحد. وقد أحسنت وزارة الاوقاف صنعا حيث سخر وزيرها الجريء كل الامكانات ببناء وعي حقيقي للجماهير التي عانت لفترات طويلة من تلويث الفكر ..وهانحن نشهد باعيننا ماتقوم به اجهزة الدعوة المختلفة في مساجد مصر من بث وعي حقيقي ومناهضة الصورة السلبية التي كانت عليها المنابر ووأد الافكار الضالة التي كانت مأخوزة عن ائمة المساجد ودعاتها ..فتحولت مساجدنا في الآونة الأخيرة الي خلايا دعوية نشطة من دروس دينية ومحاضرات وندوات ومقارئ قرآنية ومجالس حديثية ..واصبحت مساجدنا في كل محافظات الجمهورية منابر للوعي والارشاد .. فأعداء الأمة يحاربونها فى وعيها ووعى شبابها فقاموا يزيّفون وعيها ويسوقون وعيا جديدا مضيّعا للقيمة عن طريق استخدام المغالطات الدينية والفكرية والثقافية والتاريخية..الا ان القائمين علي امر الدعوة وشئونها فطنوا مبكرا الي خطورة هذا الأمر فصححوا الاوضاع التي كانت مقلوبة وتنبهوا الي اهمية الوعي في بناء الامة .
والذى ينظر إلى القرآن المجيد والسنة النبوية المطهرة وأحداث التاريخ الإسلامى يرى تعدد صور البناء للوعى الإسلامى الحقيقى الذى يخرجنا من الظلمات إلى النور.
ولا شك أن الوعى بالوطن وقيمته والحرص والحفاظ عليه يعد أهم المرتكزات لصياغة شخصية واعية.. وأحد أهم ضمانات الولاء والانتماء للوطن والحفاظ على مقدّراته وكل ذرّة من ترابه.
ومن الوعى بقيمة الوطن أن تنظر فى دورك كمواطن فى مواجهة التحديات التى تعرقل مسيرة تقدّمه ونمائه ورخائه كل منّا بقدر ما آتاه الله من طاعة وبراعة فى الحياة، والوعى بقيمة الوطن فى إيجابية تبنى ولا تهدم، تصلح ولا ترعى الفساد، تعمِّر ولا تسمح بالتخريب.
الوعى بقيمة الوطن تقتضى السعى إلى قضاء مصالح العباد وتخفيف العبء عنهم. ولتحقيق ذلك لابد من تضافر سائر مؤسسات الدولة المعنية ببناء الإنسان المصرى من كافة جوانبه الدينية والثقافية والاجتماعية والتعليمية والتربوية، لصياغة رؤية عصرية شاملة ومتكاملة وبخاصة فى مجال القيم والهوية والانتماء للوطن ولم يقتصر الأمر علي المؤسسة الدينية فحسب ..ولا علي ائمة المساجد فقط ..ولكن هذا دور يشارك فيه كل الوزارات المعنية كل فيما يخصه.
والوعى بالوطن يقتضى منّا جميعا الإلمام بما يُحاك لنا من مؤامرات تستهدف إضعاف الدولة، والإلمام بخطورة العناصر الإرهابية والعُملاء والخونة، والعمل على تخليص الوطن من شرورهم.
فحب الوطن والانتماء إليه عبادة ،وألا نسمح لأحد بترويج أفكار هدّامة أو أخلاق فاسدة أو مفاهيم خاطئة ضد الوطن وقواعده الأساسية ،ومن موجبات الوعى بقيمة الوطن أن تنظر إلى دورك فى مواجهة التحديات التى تعرقل مسيرة تقدّمه ونمائه ورخائه.
فإذا ما أردنا نجاة لأنفسنا من هلاك الدنيا وخزى الآخرة وصلاح مجتمعنا ووطننا، فلابد من بناء الوعى الصحيح، فهو المحرِّك الأول نحو كل خير، كما ينبغى أن نفهم ديننا فهما صحيحا ،حتى لا نقع فريسة لأفكار وسلوكيات منحرفة، فالوعى السليم هو المحرّك الأول نحو كل خير.
وختاما:
قال رسول الله: «من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له. صدق »رسول الله صلى الله عليه وسلم.