تعيش مصر الجديدة أهمَّ مواسمها هذه الأيام، ألا وهو موسم حصاد القمح، الذى يُعَدُّ بحقٍّ “الذهب الأصفر” الذى لا غِنَى عنه لأى مجتمع، خاصًّة فى المجتمعات الشرقيّة التى تعتمد اعتمادا كُلِّيًّا على القمح كعُنصر أساسى فى الوجبة الغذائية للموَاطِن الشرقى. وهذا ما جعل مصر طوال تاريخها تهتمّ بهذا الذهب الأصفر، وقصّة سيّدنا يوسف- عليه السلام- مع السنين العِجاف وكيف واجهها بتخزين القمح، أكبر شاهدٍ ودليلٍ على مكانة ومنزلة هذا “الذهب الأصفر” كـ”عَمَدٍ” رئيس تقوم عليه “الحياة” للإنسان والحيوان والطَيْر.
أمَّا فى عصرنا الحاضر، فقد وضعت القيادةُ السياسية، توفير هذا “المحصول الذهبى” على رأس أولويّاتها، هو وغيره من المحاصيل الزراعيّة، انطلاقا من المقولة الشهيرة لإمام الدعاة الشيخ محمد متولى الشعراوى- رحمه الله- (لن تكون كلمَتُك من رأسِك إلا إذا كانت لُقْمَتُك من فَأْسِك)، بمعنى أن من يملك زرْع واستخراج قُوْتِه وعَيْشِه بِكَدِّ يدِه وعَرَقِه، هو الذى يكون قرارُه حُرًّا من رأسه وليس مفروضا عليه، أو بمعنى المثل الشعبى (صُبَاعُه مش تحت ضِرْس غيره).
لذا نجد الرئيس عبدالفتاح السيسى مذ تولّيّه المسئولية وقد وضع نُصْبَ عَينيه “تحرير لُقَمْة” المصريين، حتى لا يكونوا مُضَطَّرّين لقبول إملاءاتٍ أو شروطٍ من هنا أو هناك تُفْرَض عليهم لمصالِح غيرهم، فاتَّخذ قرارَه بزراعة واستصلاح 3 ملايين فدان، فضلا عن الحفاظ على الرُقْعَة الزراعيّة أو ما تبقَّى منها، واتّخاذ كلّ التدابير والسُبل لتحقيق أقصى استفادة ممكِنة من المحاصيل الزراعيّة، بانتقاء التقاوِى واستخدام المُهَجَّنَة والمُحَسَّنَة ومُضاعَفة جودة الإنتاجيّة، علاوة على الحفاظ على كل نُقطَة مياه وإعادة تدويرِها واستثمارِها فى كلّ مراحلها.
ويوم الأحد، حُقَّ للرئيس السيسى أن يفرَح بحصاد رؤيته، وجهود رجال مصر المُخلصِين، سواء أبطال القوَّاتِ المُسلَّحة والشُرطة، أو المواطنين ورجال الأعمال الذين يُحبُّون الوطن ويسعون جاهدين لنهضته ورِفْعَتِه، ويبذلون كلّ طاقتهم وإمكاناتهم لتحقيق رؤية مصر 2020- 2030، فكانت لحظة الابتهاج والسرور، على موعد مع الرئيس، فى أرض الخير والنماء، شرق العُوَيْنَات، حيثُ بدء حصاد الذهب الأصفر، وإنشاء مصنع البطاطس، وقد استعرض مع أبطاله وجنود الوطن، ما أفَاء به المولى- عزَّ وجلَّ- على مصرنا الحبيبة من مساحات شاسعة، ليست قابلة للاستصلاح الزراعى فحسب، بل إنها جاهزة- ربَّانِيًّا- للإنبات بمجرّد بَذْرِها بأى نوعٍ من المحاصيل أو الأشجار سِيَّما لو كانت النخيل، ولذا فهى تفتح ذراعيها لأى جهد مخلِص مهما كان قليلا، لتتحوَّل إلى أراضٍ خضراء، تُوفِّر لأبناء مصر جميعا، الخير والنماء والرخاء.
إن الخير قادِم، بإذن الله تعالى، من كلّ ربوع المحروسة، لكلّ أبناء مصر، بل لكلّ العالم، فهى “أُمُّ الدنيا”، كما أرادها الخالق سبحانه، “سَلَّة غذاء” العالم أجمع، ملاذ الأمن والأمان لكل العابدين والمحتاجين، ولا يدرك جوهر وحقيقة مكانتها ومنزلتها إلا أبناؤها المخلِصون.
لذا فحينما نقول: “تحيا مصر”، فليس أَثَرَةً ولا أنانيّة ولا عُنصرية، بل إيثارا وحُبًّا للعالم كلّه، ففى حياة مصر، حياةٌ للجميع، وفى غير ذلك- لا قَدَّر الله- هلاكٌ للجميع، وهذا ما لَخَّصَتْهُ كلمات شاعر النيل (حافظ إبراهيم) وتَغَنَّت بها سيّدة الغناء العربى (أُمُّ كُلثوم): (أنا إن قَدَّرَ الإلهُ مَمَاتى، لن ترى الشرقَ يرفعُ الرأس بعدى).