غالب الاحاديث التى تدور بين الاصدقاء او الاقارب والجلسات الحميمية حول هموم الحياة التى نحياها ونكشف عن عوراتها ويمتد الحديث للمقارنة بين هموم ومصائب هذا الجيل وروعة حياة الجيل السالف او الاجيال السابقة. ومن حسن طوية المسلم خلال هذه الاحاديث والحوارات انه دائما يرجع مصائب الحاضر لتدنى الاخلاق وتفشى السلوك البعيد عن قيم ومبادئ الاسلام ولكن وفى هذا السياق لم يكلف اى منا نفسه لان يطرح على نفسه مسار الالتزام او تغيير النمط الذى نعيشه ويكتفى كل منا بسب ولعن الايام والحياة وكأن المصائب التى تلم وتلتف حولنا هى من صنيع اناس غيرنا وليست بايدينا ولكنها فى الحقيقة يصنعها سلوك كل منا فردا فردا وهى التى تصنع سياجا سميكا يحول بيننا وبين السعادة المنشودة والراحة النفسية المأمولة. وحينما نتحدث عن زمن الآباء او ازمنة الطفولة التى عشناها فاننا نستبشر بها ونصفها بالزمن الجميل، نعم كان زمنا جميلا، نعم كان زمنا يتسم بالحميمية والاخلاق الرفيعة ومع اعترافنا بها وبجمالها الا أننا بعدنا عنها. ومُصرِّون على صنع فجوة بين اخلاقنا اليوم واخلاق السابقين.
نستطيع ان نقف على الزمن الجميل لا لنتذكر ولكن لنعى ولا لنعى فقط ولكن لنعمل كما فعل الاولون.
الزمن الماضى او حياة من سبقنا كانت حياة يحكمها سمو الاخلاق وصفاء القلوب وفوق كل ذلك الخوف من الله.. نعم الخوف من الله وحده. فى الزمن الجميل لم تكن الحياة المكسب المادى فقط ولكن مع المكسب المادى كانت الطبيعة اظهار الاخلاق والرجوع بهذه السلوك الى الله والى قرآنه وسنة رسوله. فمثلا حينما يذهب شخص الى المأذون ليطلّق زوجته فى الطبيعى على المأذون ان ينهى هذه المهمة ويحصل على العائد ولكن كان المأذون يصر على إقناع الرجل بعدم التطليق واحيانا كان المأذون يستدعى اهل المطلّق ليمنعوه من طلاق زوجته، فى حين كان من السهل على المأذون ان يأخذ أتعابه ويفتح الطريق للرجل ان يطلّق زوجته ولكن كان يخشى ان يهدم بيتا يذكر فيه الله سبحانه وتعالى فكان المأذون فى هذا الوقت يتأذى من وقوع الطلاق، زمان كان سعار الحياة محدودا والتكالب على زينة الحياة محدودا، اكثر أمنيات معظم الرجال ان يضمن له ولأولاده بيتا يسكنون فيه، وكان هذا يسيرا، كما يضمن لأسرته رزقا يغنيهم عن ذلة الحياة ومد اليد ولو تحققت هذه الامور للرجل يظل فى يقينه وفى اعين الاخرين رجلا ثريا. ولم تكن فكرة تملّك شاليه فى مارينا او فى الغردقة او فى غيرها من الاماكن الساحلية أمنية ولا أملا لمعظم الأسر والرجال. زمان كان الطلاق بدعة منكرة وعارا يلحق بالفتاة وأسرتها ولذلك كان لفظ الطلاق او كلمة الطلاق اخر كلمة يمكن ان تظهر امام اعين الفتاة، وكانت الفتيات يتم تربيتهن على التضحية نعم على التضحية براحتها وكرامتها وكل شئ فى كيانها من اجل اولادها وتكوين اسرة وابناء خيّرين تخرجهم للمجتمع ليصنعوا المجتمع الفاضل، فالمجتمع الفاضل لا يصنع بالانانية والسعى للطلاق، ولذلك كانت المجتمعات طيبة واخرجت الرموز فى كل المجالات بخلاف الآن. والآن الوضع يغنى عن الكلام. علينا ونحن نبحث عن حياة طيبة وسعادة حقيقية ان نبحث عن مواطن الخلل واعوجاج السلوكنا، فلا نظل نعيب سلوكنا ولكن للاسف العيب فينا.