وزير الأوقاف: الدولة المصرية تهتم بعمارة المساجد وتطويرها
كتبت- إسراء طلعت:
افتتح فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب- شيخ الأزهر- د. مختار جمعة- وزير الأوقاف- مسجد الظاهر بيبرس- ثالث أكبر مساجد مصر مساحة، بعد انتهاء أعمال تطويره وتجديده- إذ يعد معلمًا تاريخيًا وأثريًا مهمًا، لما له من تاريخ عريق منذ بنائه قبل 756 عاما.
قال الإمام الأكبر د. أحمد الطيب- شيخ الأزهر-: «حسنا فعلت دولة كازاخستان بقيادة الرئيس قاسم جومارت توقايف، عندما تعاونت مع الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، ومع مؤسساتها الدينية والدعوية والعلمية لتعريف الأجيال الحالية بهذا القائد العظيم، الذي ينبغي على الشباب أن يتمثلوا سيرته، ويتدبروا أخباره وأحواله، بحسبانه نموذجا أمثل في القيادة والريادة وفي التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل، والتمسك بقيم المروءة وشيم الرجولة وغير ذلك من القيم والفضائل التي نحن في أمس الحاجة إليها».
وأكد شيخ الأزهر؛ أن من بين رجالات التاريخ الإسلامي، وقادته العظام الذين توقف التاريخ في رحابهم، ووقف خاشعا أمام مآثرهم الكبرى، وانتصاراتهم الخالدة، الملك: الظاهر بيبرس، المولود عام 625هـ، والمتوفي 676هـ، ودوره الرائد في السياسة والاقتصاد والعمران في العالم العربي عامة، وفي ربوع مصر خاصة، وأن علماء التاريخ الإسلامي أفردوا ترجمات عديدة للملك الظاهر بيبرس، ولإنجازاته التاريخية وانتصاراته المدوية، وخصصوا له مساحات واسعة في كتبهم ومصنفاتهم قديما وحديثا، لافتا إلى أن في مقدمة هؤلاء، ومن أبرزهم: المؤرخ: ابن الوردي (المتوفي 749هـ) في كتابه: تاريخ ابن الوردي ومنهم: شيخ المؤرخين، وأستاذ علم الاجتماع الأشهر: عبدالرحمن بن خلدون (المتوفي 808هـ) في موسوعته التاريخية والاجتماعية الذائعة الصيت: «ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر» وغيرهم الكثير والكثير من علماء التاريخ القديم والمعاصر أيضا.
صاحب الذكرى
وعرَّف الإمام الأكبر بصاحب هذه الذكرى تعريفا موجزا- مشيرا إلى ما ورد في كتاب الأعلام للزركلي، حيث يقول: «تولى الظاهر بيبرس سلطة مصر والشام سنة: 658هـ، وكان شجاعا يباشر الحروب بنفسه، وشهد عصره فتوحات عظيمة، وفي أيامه انتقلت الخلافة إلى الديار المصرية (659هـ) وآثاره وعمائره وأخباره كثيرة جدا، توفي في دمشق، ومرقده فيها معروف، وأقيمت حوله المكتبة الظاهرية التي نسبت إليه»، وقد وصفه ابن خلِّكان بأنه: «كان ملكا عالي الهمة، شديد البأس، لم نر في هذا الزمان ملكا مثله في همّته وسعادته، فتح من حصون الفرنج ما أعيا من تقدّمه من ملوك، وذلك في مدة مملكته».
أضاف: الظاهر بيبرس يعد «المؤسس الحقيقي لدولة المماليك في مصر والشام أيضا، وإليه يرجع الفضل في ابتكار الكثير من نظم تلك الدولة ووضع القواعد التي سارت عليها بعد ذلك عدة قرون»، لافتا أن المؤرخين أكدوا أن الظاهر بيبرس شغل كرسي السلطنة (سبعة عشر عاما)، وهي مدة طويلة لم يبلغها أحد من سلاطين دولة المماليك البحرية، باستثناء السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وفي بقاء السلطان الظاهر بيبرس مدة طويلة في سدة الحكم، دليل على قوته ونجاح سياسته في الحكم من ناحية، وهو -أيضا- دليل على استقرار المجتمع واستتباب الأمن -في عهده- من ناحية أخرى، ويجمع المؤرخون على أن الظاهر بيبرس هو أكبر مؤسس للنظام الإداري، وهو واضع أصوله وقواعده في مصر والشام في العصر المماليكي، وهو رائد الإصلاحات المتنوعة في شتى المجالات في ذلكم العصر.
أضاف شيخ الأزهر: هذا كله يشهد بعظم دوره وجميل فضله فيما أسداه للإسلام من خدمات عظمى يسجلها التاريخ، ومن إسهامات كبرى في القيام بواجب الأخوة الإنسانية التي توجبها الشريعة الإسلامية؛ وقد مثل موقفه في مواجهة التتار موقف دفاع شامل عن بني الإنسان ممن عاشوا على أرض الحضارة الإسلامية دون نظر إلى دينهم أو لونهم.
واختتم كلمته: «بأنها لمناسبة طيبة ومباركة، أن أتقدم بخالص الشكر الجزيل والعرفان بالجميل إلى الرئيس قاسم جومارت توقايف- رئيس دولة كازاخستان، على تكرمه بتقليدي وسام الصداقة من الدرجة الأولى، والذي هو في الحقيقة تكريم للأزهر وعلمائه: تاريخا ورسالة وعطاء، ثم هو تكريم يحمل اهتمام دولة كازاخستان بوسطية الإسلام، ومؤسساتها العلمية، وبمناهجها التعليمية في حفظ الأديان وصيانة الإنسان ورفع البنيان».
استقبال وترحيب
ورحَّب د. مختار جمعة، بالحضور وعلى رأسهم: الإمام الأكبر، د. مولين أشيمباييف- رئيس مجلس الشيوخ الكازاخي- أحمد عيسى- وزير السياحة والآثار- اللواء خالد عبدالعال- محافظ القاهرة- د. شوقي علام- مفتي الجمهورية- الشيخ نوريزباي حاج تاغانولي- المفتي العام ورئيس الإدارة الدينية لمسلمي كازاخستان- مؤكدا أن مسجد الظاهر بيبرس بالقاهرة هو ثالث أكبر مسجد أثري في مصر، بعد مسجد الحاكم بأمر الله، ومسجد أحمد بن طولون، ورابع أكبر مسجد في مصر، بعد أن شيّدت الدولة المصرية مسجد مصر ومركز مصر الثقافي الإسلامي بالعاصمة الإدارية الجديدة، والذي يعد تاج العمارة الإسلامية في القرن الحادي والعشرين، وبالطبع نذكر بكل الفخر والانتماء مسجدنا الجامع الأزهر، جامعًا وجامعة، تاريخًا مبنى ومعنى.
أشار إلى اهتمام الدولة المصرية بعمارة المساجد وتطويرها، أما من حيث التطوير فيأتي خلال عام واحد تقريبا تطوير ثالث مسجد أثري بعد ما تم من تطوير تاريخي غير مسبوق لمسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه)، ثم مسجد سيدنا عمرو بن العاص (رضي الله عنه) بمصر القديمة، ثم مسجد الظاهر بيبرس مما يؤكد عناية الدولة المصرية بتاريخها وحاضرها ومساجدها الأثرية وبخاصة مساجد آل البيت.
أوضح أن افتتاح هذا المسجد رسميًّا جاء بعد نحو 225 عامًا تقريبًا من الإغلاق لم تقم فيه الشعائر، فقد أسس هذا المسجد الظاهر بيبرس 666هـ، وظل يؤدي رسالته مسجدًا نحو 550 عامًا وبدخول الحملة الفرنسية 1798م استخدمته موقعا عسكريًّا ثم توالت عليه الأحداث في عصر محمد علي، ثم الحملة الإنجليزية، إلى أن بدأ التفكير في إعادة ترميمه بتنسيق بين الدولة المصرية والجانب الكازاخي ما بين 2007 و 2008 ثم توقف العمل وعاد بقوة في 2018م، إلى أن تم على هذا المستوى بتكلفة تقدر بنحو 237 مليون جنيه مصري، ساهم فيها الجانب الكازاخي الشقيق بـ 4 ونصف مليون دولار في 2007 و 2008 تقدر بنحو 27 مليون جنيه في حينه، وساهمت الأوقاف من مواردها الذاتية تحديدًا بـ 60 مليون و 500 ألف جنيه، ونحو 150 مليون جنيه من وزارة السياحة والآثار ما بين مواردها الذاتية ودعم موازنة الدولة المصرية من وزارة التخطيط والمالية.
وجّه الشكر للإمام الأكبر ورئيس مجلس السينات على تشريفهما لهذا الافتتاح تعبيرًا عن عمق أواصر الصداقة القوية بين الدولتين مصر وكازاخستان الشقيقة، شاكرًا المجلس الأعلى للآثار للمتابعة الدقيقة وشركة المقاولون العرب للعمل الدءوب وإنجاز هذا العمل في وقت قياسي، وكذلك للسفير خيرات لاما شريف- سفير كازاخستان بالقاهرة- الذي جعل هذا الأمر همّه الأول حتى انتهينا منه، واللواء خالد عبدالعال، الذي قرر أن تكون بداية الاحتفال بالعيد القومي للمحافظة ونقل صلاة الجمعة من هذا المسجد إن شاء الله عبر جميع الوسائل الإعلامية.
جولة تفقدية
وبعد الافتتاح تفقّد الإمام الأكبر، ومولين أشيباييف، بحضور لفيف من قيادات الأزهر والأوقاف والسياحة والآثار، المسجد، مطلعا على أهم معالمه وباحته ومآذنه التاريخية العتيقة، التي تكشف الطبيعة الأثرية له، واستمعوا لشرح توضيحي من د. مصطفى وزيري، أمين عام المجلس الأعلى للآثار، الذي وصف طبيعة موقع الأثر وتاريخه والتخطيط العام لعملية التجديد وتنفيذها ومراحلها، التي حرصت على الإبقاء على روح الأثر وتاريخه دون تغيير أو تعديل.
وأشاد الإمام الأكبر بالجهود الكبيرة التي تمت خلال عملية الترميم، والتي تؤكد حرص الدولة المصرية على رعاية آثارها الإسلامية، ومشيدا بدور دولة كازاخستان في مشاركتها في أعمال الترميم