كتب- مصطفى ياسين:
شهد صالون الأوبرا الثقافي على المسرح الصغير، بإشراف أمين الصيرفي- مدير عام النشاط الثقافي- وقيادة د.خالد داغر- رئيس الأوبرا المصرية- ندوة ثقافية أثارت نقاشاً راقياً حول “الإبداع والحرية”، ومدى العلاقة بينهما إن كانت طردية أم عكسية؟ وأدارتها بحِنْكة فلسفية د. شيماء عمارة.
ففى حين رأى المفكّر الإسلامي د.أحمد قيس- مدير مركز بيروت للدراسات والبحوث القرآنية- أنه لا مُلازمة بين الحرّيّة والإبداع بل على العكس فالإبداع هو نتاج التحدّى لكل الظروف المحيطة والصمود فى مواجهة التحديات بل التغلّب عليها، فنحن كأمَّة عربية وإسلامية، بل كمجتمع إنسانى، أصبحنا جماعات متفرّقة نتّهم بعضنا بعضاً، مما يجعلنا بحاجة ماسّة لمعرفة كيفية التعامل مع بعضنا البعض، لاسيما مع هذا المزيج الفُسيفِسائى وذلك فى سبيل الحفاظ على هُويتنا العربية والإسلامية، مؤكّداً أن الحلَّ الأوحد في وقتنا الراهن بالعودة إلى المساحة الإنسانية الجامعة للنوع البشرى. التي تتطلّب الإجابة عن السؤال الأهم: كيف نجمعها؟ مجيبا: الخطاب النوعى هو وسيلتنا للتفاهم، نخاطب الإنسان بما هو إنسان، وبما يؤسّس لمستقبل واعد، وهذا يحتاج لجهودنا جميعاً بالانطلاق نحو الإنسانية جمعاء، فالكلمة الطيّبة صَدَقة، تخترق الحواجز المصطنعة، بما يحقق مشروع الوحدة الإنسانية، مستنداً للمرجع القرآنى “وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ”، سورة سبأ آية ٢٤.
فضلاً عن التأكيد على هُويّتنا من خلال التعريف بعظماء أمّتنا وحضارتنا، كقدوة لنا وليس جمودا على الفكر والمعرفة، فالإسلام أرقى نموذج فكرى فى الحياة الإنسانية، مشيراً إلى أننا بحاجة لإعادة تعزيز الاعتماد على الكتاب الورقي وليس المعلومات “التيك أوى” من الشبكة العنكبوتية.
ودعا د. قيس، إلى بثِّ الأمل فى غدٍ أفضل، خاصة للشباب، وعدم تسريب أو إشاعة الإحباط إلى نفوسهم، على قاعدة “أطِلْ القَرْعَ على الباب فلابد أن يُفَتَحَ لك”، وهذه دعوة للشباب بالمثابرة والصمود، فهذا هو طريق الإبداع والتميّز والنجاح.
القانون الإلهى
وعلّق بإطلالة نقدية وفكرية د. ياسر فتحى- خبير تطوير الشخصية وتنمية الوعى- موضِّحاً أن الإبداع الفكرى قد لا يتطلّب حرية، لكنه لا يصبح إبداعا إلا حينما يخرج للإنسانية ويفيدها، وهذا يتطلّب وجود حرّيّة كشرط للإبداع العملى وليس التوقّف عند حدوده الفكرية فقط، مشيراً إلى أن الحرية واحدة من المُعضِلات البشريّة الكبرى، والإبداع يتحدّد بسقف الحرية المتاح. مُحذّراً فى ذات الوقت من أن الخوف هو أشدّ وأخطر أعداء الإنسان، لكن القاعدة الأساسية للتغيير والنجاح هى اقتحام المشكلة، وسعى الإنسان لتغيير نفسه وواقعه لأن القانون الإلهى “إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم”، سورة الرعد آية ١١.
وتخلّلت الندوة فقرات غنائية فلكلورية بأصوات الفنَّانين: يحيى نديم، محمود حافظ.