الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام وهذا الركن يجب في حق المستطيع ماليا وبدنيا لقول الله عز وجل {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} ومن هنا كان وجوب هذه الفريضة مقيدا بالاستطاعة أما الذي لا يملك زادا ولا راحلة ولا يقوى على أداء المناسك فيسقط عنه هذا الركن، ولا يسقط عن المستطيع ولذلك قال الفقهاء لوُجُوبِ الْحَجِّ خَمْسُ شَرَائِطَ الْإِسْلَامُ والعقل والبلوغ والحرية والاستطاعة، فإذا فقد شرط من الشروط الخمسة سقط الوجوب.
والحج رحلة روحية ونفسية تسمو بنفس المؤمن وتعلمه الأخلاق الحميدة فيصبح مواطنا صالحا بأخلاقه قال تعالى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ } والحج من أعظم أسباب تكفير الخطايا والسيئات، ومغفرة الذنوب ،فإذا حج العبد وكان حجه مبرورا رجع من حجه كيوم ولدته أمه طاهرًا من الذنوب والخطايا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» أي عاد بلا ذنوب وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ، وَالْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ تُكَفِّرُ مَا بَيْنَهُمَا»وظاهر الحديث غفران صغير الذنوب وكبيرها.
والواجب على من كتب الله له حج بيته العتيق عدة أمور يجب مراعتها حتى يكتب له القبول، فلا يكون حجه من أجل السمعة أو الشهرة فيدخل فيه الرياء ويصدق عليه، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، فَمَنْ عَمِلَ لِي عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي، فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ، وَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ، ويجب عليه أن يتحرى المال الذي يحج به بأن يكون حلالا لأن الله طيب لا يقبل إلا الطيب، فلا يجوز الحج من المال الحرام، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: “قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ حَاجًّا بِنَفَقَةٍ طَيِّبَةٍ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ، فَنَادَى: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، نَادَاهُ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، زَادُكَ حَلَالٌ، وَرَاحِلَتُكَ حَلَالٌ، وَحَجُّكُ مَبْرُورٌ غَيْرُ مَأْزُورٍ، وَإِذَا خَرَجَ بِالنَّفَقَةِ الْخَبِيثَةِ، فَوَضَعَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ، فَنَادَى: لَبَّيْكَ، نَادَاهُ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: لَا لَبَّيْكَ وَلَا سَعْدَيْكَ، زَادُكَ حَرَامٌ وَنَفَقَتُكَ حَرَامٌ، وَحَجُّكَ غَيْرُ مَبْرُورٍ” ولذلك يجب على من نوى الحج قبل خروجه أن يتخلى عن كل الأخلاق الذميمة كالأقوال المرذولة والفسق والفحش وقول الزور والرياء والمال الحرام وكل ما يغضب الله تعالى ويتحلى بالأخلاق الكريمة، نسأل الله القبول لمن كتب الله له الحج هذا العام وندعوه عز وجل أن يكتب لنا الحج ، والله أعلم .