أيام العشر من ذي الحجة – أيام نفحات ورحمات
قال تعالي: ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)
وقال أيضاً: (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)
الله تعالي فضل بعض الأماكن علي بعض، قال النبي صلي الله عليه وسلم: لا تُشد الرحال إلا إلي ثلاث مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى و فضل الأزمان بعضها علي بعض، فجعل شهر رمضان أفضل الشهور ، وفضّلَ بعض الأيام علي بعض فجعل يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع ويوم عرفة أفضل أيام العام، وأيضاَ أيام العشر من ذي الحجة أفضل أيام العام لما فيها من نفحات ورحمات ..، و سميت هذه الأشهر الحُرم لأن الله حرمَ فيها القتال بين الناس من أجل أداء مناسك الحج والعمرة حتى يكون الناس في مأمن، وحرم في شهر ذي القعدة لبدء التوافد علي مكة المكرمة وفي ذي الحجة تؤدي المناسك وفي شهر المحرم يعود الحجاج إلي بيوتهم من أجل ذلك حُرم رفع السيوف والقتال في الأشهر الحُرم الأربعة، وشهر رجب جاء منفرداً وسُمي رجب من الرجوب و التعظيم، لهذا وصِفت بأنها حُرم وهي جمع حرام، ولقد اصطفي الله تعالي من الأيام … العشر الأوائل من ذي الحجة ولذلك أقسم المولي عز وجل،.. فقال: ( وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)” ، الله سبحانه وتعالي لا يقسم إلا بعزيز، ولعظم شأن هذه الأيام ولعلو قدرها يستحب علي كل مسلم أن يستفتح هذه الأيام العظيمة بتوبة نصوح وتوجه إلي الله تعالي بقلب طاهر وسليم، ثم يستكثر من الأعمال الصالحة ومنها التكبير والتهليل والتحميد والتسبيح لله في كل وقت وفي كل مكان يصلُح فيه ذكر الله تعالي،.. قال تعالي: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ)، وأيضاً من الأعمال الصالحة الصيام فهي أحب الأعمال عند الله عز وجل ولو استطعت أن تصوم الأيام التسعة يكون أفضل وان لم تستطع وليس عندك المقدرة فصيام يوم عرفة، عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم سئُل عن صيام يوم عرفة قال: (“يوم عرفة يكفر السنة الماضية والباقية)،ويوم عرفة سُمي بهذا الأسم عندما نزل جبريل عليه السلام علي نبي الله ابرهيم وعلمهُ مناسك الحج وقال له عرفت قال نبي الله ابراهيم نعم عَرِفت، يقول النبي صلي الله عليه وسلم:(” كل عمل ابن أدم له إلا الصيام فانه لي وأنا أجزي به)، ومن الأعمال الصالحة أيضاً إنفاق الأموال في سبيل الله واخرج الصدقات لمُساعدة الفقراء والمساكين وبالأخص الأقربين من الأهل والجيران وأن تصلح بين الناس و أن تقول خيراً لأن الأجر والثواب يكون أضعاف مضاعفة من الله تعالي.
عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم
قال: ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحبُ إلي الله من هذه الأيام يعني الأيام العشر، قالوا يا رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) رواه البخاري، ..هذه الأحاديث والنصوص تدل علي أن الأيام العشر أفضل من سائر أيام العام باستثناء العشر الأواخر من رمضان، وفي هذه الأيام المباركة أفضل أيام العام يوم عرفة يقف الحجيج علي جبل عرفة رافعين أيديهُم متضرعين بالدعاء و مُلبين إلي الله تعالي بصوت واحد علي صعيدٍ واحد بنداء واحد……..،
لبيك اللهم لبيك * لبيك اللهم لبيك
لبيك لا شريك لك لبيك * إن الحمدَ والنعمةَ لكَ والمُلك لا شريك لك.
كلهم خاشِعون ومتوجهون إلي الله تعالي في ذُل وانكسار لله تعالي راجين منه سبحانه وتعالي الصفح والعفو والمغفرة والقبول،.. عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم، قال: (“ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة يتجلي الله تبارك وتعالي علي السماء الدُنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول انظروا إلي عبادي جاءوني شُعثًا غبراً ضاحين من كُل فَجّ عميق أُشهدُكم أني قد غفر لًهُم”)، فلم يُري أكثر عتيقاً من النار من يوم عرفة، وهنا يقول الشيطان أضللتهم طوال العام ويغفرلهم الله في هذا اليوم فيحثوا التراب علي رأسهِ ويقول يا ويلي،… وهذا اليوم الذي أكمل الله تعالي فيه الدين، يقول الله تعالي: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)، ويقول أيضاً: (فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ).