تأتي ذكرى عاشوراء أول مناسبة في السنة الهجرية، وفي مثل هذا اليوم المبارك، كان يوم النجاة، الذي نجى الله فيه سيدنا موسى عليه السلام، ونجى قومه من بطش فرعون، ومن طغيانه الذي فشا في الأرض حتى أصبح الظلم هو العدل، والباطل هو الحق الذي يحكم البلاد ويحتكم إليه الناس، حتى أتى ذلك اليوم المبارك الذي كتب الله فيه النجاة لموسى ومن ءامن معه.
فكان يوماً لا ينسى، وعيداً لليهود يحتفلون به ويصومونه، حتى أشرقت شمس الإسلام، وقدم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فرأى اليهود يصومونه، فسُئِلوا عن ذلك فقالوا: هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون، فنحن نصومه تعظيماً له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “نحن أولى بموسى منكم”، فأمر بصومه. صحيح مسلم.
ذلك اليوم المعظم ليس فقط يوم النجاة، بل هو يوم شاهد على استشهاد الحسين سيد شباب أهل الجنة، وسبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي هذا اليوم تجتمع الذكرتان، ويتزامنان في يوم واحد ليكونا دليلاً على إرادة الله سبحانه وتعالى ونصرته لعباده المؤمنين بالشر والخير، ففي هلاك فرعون وغرقه عزة ونصرة لموسى ومن ءامن معه، وفي مقتل الحسين عزة وتكريم له بالشهادة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما يوم عاشوراء “قتلته الطائفة الظالمة الباغية، وأكرم الله الحسين بالشهادة كما أكرم بها من أكرم من أهل بيته. أكرم بها حمزة وجعفرا وأباه عليا وغيرهم وكانت شهادته مما رفع الله بها منزلته وأعلى درجته فإنه هو وأخوه الحسن سيدا شباب أهل الجنة والمنازل العالية لا تنال إلا بالبلاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: أي الناس أشد بلاء فقال: {الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه وإن كان في دينه رقة خفف عنه ولا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة} رواه الترمذي وغيره.