حضر المجلس: مصطفى ياسين
يعقد الشيخ مبارك على- إمام مسجد أبو الحجاج الاقصرى– “مجلس الإفتاء” بالمسجد، بشكل دورى، ويقسِّمه إلى مجلس لرجال وآخر للنساء، ويحرص المستفتون- خلال هذه الأيام المباركة- على استبيان أحكام الصيام قُبيل البدء فى عبادات وشعائر الشهر الكريم، تحرّيًّا لصيام مقبول إن شاء الله، وهذا جانب من المجلس.
جوهر الصيام
• حجاج محمد احمد: نريد تعريفاً لمعنى وجوهر الصيام؟
**الصيام على ثلاث درجات: صوم العوام، وصوم الخواص، وصوم خواص الخواص. أما صوم العوام: فهو الإمساك عن شهوتى البطن والفرج… مع إرسال الجوارح فى الزلات، وإهمال القلب فى الغفلات، وصاحب هذا الصوم ليس له من صومه إلا الجوع، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه».
وأما صوم الخواص: فهو إمساك الجوارح كلها عن الفضول، وهو كل ما يشغل العبد عن الوصول، وحاصله: حفظ الجوارح الظاهرة والباطنة عن الاشتغال بما لا يعني”.
وأخيرا صوم خواص الخواص: فهو حفظ القلب عن الالتفات لغير الرب وهذا أعلى منزلة، لا يصل إليها إلا كل من سما بنفسه وروحه وطهر قلبه من الرذائل. نفعنا الله بهم وحشرنا معهم”.
الفطر بعذر
من أفطر في رمضان بعذر، ولكنه مات دون أن يقضي, فهذا يندب لوليّه الصوم عنه, فإن لم يصم عنه وجب إخراج (مُد) من طعام عن كل يوم. أما من مات قبل أن يتمكن من القضاء، فلا شيء عليه ولا على أوليائه، يقول الإمام النووي رحمه الله: “من مات وعليه قضاء رمضان أو بعضه فله حالان: أحدهما: أن يكون معذورا في تفويت الأداء، ودام عذره إلى الموت، كمن اتصل مرضه أو سفره أو إغماؤه أو حيضها أو نفاسها أو حملها أو إرضاعها ونحو ذلك بالموت: لم يجب شيء على ورثته, ولا في تركته، لا صيام ولا إطعام، وهذا لا خلاف فيه عندنا.
الحال الثاني: أن يتمكن من قضائه، سواء فاته بعذر أم بغيره, ولا يقضيه حتى يموت, ففيه قولان مشهوران، الصحيح عند جماعة من محققي أصحابنا وهو المختار أنه يجوز لوليه أن يصوم عنه, ويصح ذلك، ويجزئه عن الإطعام، وتبرأ به ذمة الميت، واستدلوا له بحديث عائشة عن النبي: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) رواه البخاري ومسلم” انتهى باختصار. “المجموع” (6/415).
قضاء سنوات كثيرة
*عمر أبو الحسن عبدالرضى: ما حكم قضاء الصيام عن سنوات كثيرة؟
**يجب على المسلم أن يقضيَ ما فاته من الصيام، لأنّ هذا دَين الله في ذمته وقد قال رسول الله: (فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى) رواه مسلم، ومن عليه صيام فائت يجبُ عليه قضاؤه ما دام حياً وقادراً على الصيام، فإن مات وعليه صيامٌ صام عنه وليّهُ إن شاء، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ) رواهُ الشيخان، ولوليه أن يطعم عنه مسكيناً بدل صيام كل يوم.
طهارة المرأة
أم احمد: إذا طهرت المرأة قبل أذان الفجر، فهل يجب عليها الصوم؟
**إذا طهرت المرأة قبل أذان الفجر وجب عليها الصيام؛ لزوال المانع الذي يمنعُها من الصوم. والقاعدة الشرعية تقول: إذا زال المانع عاد الممنوع. وعندئذ تنوي الصيام قبل الفجر ثم تغتسل للصلاة سواء قبل الفجر أو بعده.
• أم على: هل يجوز للمرأة تناول حبوب تأخير الدورة الشهرية لتتمكن من صيام شهر رمضان كله؟
*إذا أخذت المرأة دواءً فلم تر دم الحيض فصامت فصيامها صحيح، لكن لا تُنصح بذلك إذ لا ضرورة له، وإذا كان يترتب ضرر على أخذها لهذا الدواء -ولو احتمالاً- فيحرم عليها تناوله.
الإغماء والتخدير أثناء الصوم
*خالد شحات إبراهيم :هل يؤثر الإغماء والتخدير الكليّ على صحة الصيام؟
**من أغمي عليه أو تم تخديره من طلوع الفجر إلى غروب الشمس لم يُحسب له صيام ذلك اليوم، وإن نوى الصيام من الليل، وعليه قضاء ذلك اليوم. أما من نوى الصيام من الليل فخُدِّر أو أُغمي عليه وأفاق في جزء من النهار؛ فصيامه صحيح.
أحوال المرأة
*سمر محمود سيد: ما هي الأحوال الخاصة التي تعرض للمرأة أثناء الصيام؟
**إن للمرأة المسلمة أحكامًا للصيام تختص بها، منها: 1- الحيض والنفاس: فالمرأة إذا حاضت أو نفست أثناء الصيام وجب عليها أن تفطر، وعليها القضاء، حتىٰ ولو رأت الدم قبيل المغرب بدقائق قليلة؛ فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: «كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ» أخرجه مسلم.
2- الحمل والرضاع: فقد رخص الله تعالىٰ للحامل والمرضع الفطر إن خافتا علىٰ أنفسهما أن يلحقهما ضرر أو مشقة غيرُ معتادة بسبب الامتناع عن الطعام والشراب، أو ينصح الطبيب بعدم الصيام، فلهما الفطر وعليهما القضاء بدون فدية.
أما إن كان الخوف علىٰ الجنين أو علىٰ المرضَع، فلهما الفطر، وعليهما القضاء، ولا فدية عليهما؛ كما ذهب إلىٰ ذلك الحنفية، والشافعية في قول، والحنابلة في رواية.
٣- تناول الحبوب لرفع دم الحيض أثناء رمضان: فيجوز لها ذلك ما لم يكن هناك ضرر عليها؛ حيث لا ضرر ولا ضرار، ويكون ذلك باستشارة طبيب ثقة مختص، وبإذن من الزوج.
٤- تذوق الطعام أثناء الصيام: فلا بأس بتذوق الطعام أثناء الصيام، بشرط الحرص علىٰ عدم وصوله للجوف، ومجه بعد ذلك، فإن ابتلعت منه شيئًا متعمدة فسد الصوم، وعليها القضاء.
إعلان الطيار
*عبدالراضى على مهدى: بينما كنا مسافرين بالطائرة أعلن كابتن الطائرة أن الشمس غربت، وحان موعد الإفطار، ولكن بعد أن أكلت التمر اعتذر عن إعلانه، وقال بعد عشرين دقيقة إنه سيعلن الموعد، فهل علي قضاء هذا اليوم؟
**يجب على من أفطر في الإعلان الأول قبل مغيب الشمس أن يقضي ذلك اليوم بعد رمضان؛ لأن الله تعالى قال: (ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ) البقرة: 187.
عمليات المناظير
*شعبان عبدالله سليم: هل يؤثر إجراء عمليات المناظير في نهار رمضان على صحة الصيام؟
**إجراء عمليات المناظير في نهار رمضان -سواء عن طريق الفم أو الأنف أو القبل أو الدبر- يفسد الصيام، وعلى من أجريت له أن يمسك بقية اليوم لحرمة الشهر الفضيل، ويقضي ذلك اليوم بعد رمضان.
دم الصائم
• احمد عبده جاد الكريم: هل يؤثِّر الدم النازل من الأنف في نهار رمضان على صحّة الصيام؟
**الدم النازل من الأنف في نهار رمضان لا يؤثر على صحة الصوم؛ إلا إذا تعمد الصائم إسالته فنزل إلى جوفه أو تعمد تركه فابتلعه، فيفسد صومه ويمسك يومه لحرمة الشهر، وعليه قضاء ذلك اليوم بعد رمضان.
خلع الضرس
• محمود محمد سيد: هل خلعُ الضرس في نهار رمضان يُفسد الصيام؟
**إنَ مجرد خلع الضرس في نهار رمضان لا يفسد الصيام، لكن لو دخل إلى الجوف شيءٌ من الماء أو الدم، فسد الصوم، وعلى من فسد صومه بذلك الإمساك بقية يومه لحرمة الشهر، وعليه قضاء ذلك اليوم، وحبذا لو استطاع أن يؤخر عملية الخلع إلى الليل أو إلى ما بعد رمضان.
تذوق الطعام
• حسن احمد فطير، اعمل فى مطعم سياحي فهل يجوز تذوق الطعام قبل تقديمه للزبائن؟
**مما ينبغي للصائم اجتنابه والابتعاد عنه تذوق الطعام؛ وذلك خوفًا من وصول شيء من المَذُوق إلى جوفه؛ فيفسد بذلك صومه، وربما حمله التذوق على تعاطي المَذَُوق؛ لشدة الجوع وغلبة الشهوة.
ولذا كان الأجدر بالمسلم الحريص على صيامه ترك ذلك، إلا لمن كان محتاجًا إليه، كرجل يعمل في مطعم يقدم وجبات إفطار للصائمين، ويخشى فساد الطعام إن لم يتذوقه؛ فله التذوق بشرط ألا يصل شيء من الطعام إلى الجوف، وإلا فسد صومه، ووجب عليه الإمساك والقضاء.
ومع ذلك فمن تذوق الطعام ولم يبلغ منه شيء إلى حلقه فصيامه صحيح، ولا شيء عليه، وإنما خالف الأفضل.
جاء في “مغني المحتاج” من كتب الشافعية (2/ 168): “يستحب أن يحترز عن ذوق الطعام؛ خوفًا من وصوله إلى جوفه أو تعاطيه لغلبة شهوته” انتهى.