قراءة وعرض- جمال سالم:
يعد كتاب “طوفان الأقصى.. معجزة العصر” للكاتب الصحفي الكبير مؤمن الهباء، توثيقا وتحليلا لهذا الحدث الفريد وغير المسبوق في تاريخ أمتنا العربية خلال الصراع العربي- الإسرائيلي الذي يتحول تدريجيا من صراع سياسي إلى ديني ووجودي في ظل تصريحات قادة الكيان الصهيوني نفسه!
ولعل هذا أحد أسباب الصمود البطولي لأبناء للشعب الفلسطيني باعتبارهم أصحاب “البشارة النبوية”، حيث قال صلى الله عليه وسلم: “لا تزال طائفة من أمّتي على الدين ظاهرين، لعدوّهم قاهرين، لا يضرّهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك”، قالوا: يا رسول الله، وأين هم؟ قال: “ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس”.
أصدر المؤلف كتابه الصادر عن مركز نهر النيل للنشر والتوزيع والترجمة، واسشتهد فيه إلى جانب آرائه الشخصية بآراء لمفكرين عرب وأجانب يؤكدون فيها أن طوفان الأقصى يمثل ضربة غير مسبوقة لغرور الكيان الصهيوني الذي يزعم منذ نشأته حتى الآن أنه “الجيش الذي لا يُقهر” فإذا به ينهزم هزيمة نكراء ويفشل فشلا ذريعا في تحقيق أي هدف من أهدافه بعد مرور عام، ولم ينجح إلا في تأكيد إجرامه وعنصريته وارتكابه لإبادة جماعية ضد العزل والأبرياء والنساء والأطفال والشيوخ، ومع هذا لم يرفع الفلسطينيون الراية البيضاء بل إن حلم التحرر عاد من جديد على الساحة الدولية بعد أن كاد أن ينتهي في ظل مؤامرات الصهاينة وأنصارهم والتواطؤ والعجز الدولي وسيطرة الصهاينة وانصارهم على المؤسسات الدولية بشكل مباشر أو غير مباشر، وزاد الطين بلة حالة العور القانوني الدولي، وخاصة مجلس الأمن حتى أن دولة وحيدة هي الولايات المتحدة تحدت كل الإجماع الدولي على إدانة كل جرائم الكيان الصهيوني منذ نشأته عام 1948 حتى الآن، وأصبحت القرارات الدولية حبرا على ورق!
40 مقالا
ضم الكتاب أربعين مقالا– بعضها نشره في “عقيدتي”- متنوعا كل واحد منها يعالج جانبا من جوانب القضية في إطار تحليلي ومعلوماتي يجعل القارئ يستمتع بقراءتها بأسلوب سلسل ولغة رصينة دقيقة، ومضمون عميق لا يشتمل على وجهة نظر الكاتب فقط وإنما يتضمن عرضا لآراء متنوعة بموضوعية لمؤديه، وتفنيد آراء معارضيه وخصومه بالجحة والبرهان القوي والمقنع.
لهذا فإن رحلة قراءته ممتعة وإنارة للعقل حول العديد من الجوانب المتعلقة بالقضية الفلسطينية في الماضي والحاضر واستشراف آفاق المستقبل الذي لابد أن ينتصر فيه الحق لأنه فوق القوة، وإذا كانت دولة الظلم ساعة فإن دولة الحق باقية إلى قيام الساعة، فهذه سنَّة الله في خلقه، حيث ذهب الظالمون إلى مزبلة التاريخ، في نصر الله المستضعفين، وأسألوا التاريخ ففيه دروس لمن أراد أن يتعلم فهو خير معلم لمن أراد ان يتعلم من أخطائه وأخطاء غيره.
تنوع وتكامل
حملت عناوين مقالات “الهباء” تنوعا وتكاملا منها على سبيل المثال ولا الحصر: طوفان الأقصى.. وكشف المستور– المقاومة شرف الأمة– حان وقت الانعتاق- المقاومة مفتاح السلام– هل هي حرب دينية؟ عالم ما بعد الطوفان– إعادة تعريف المصطلحات– رواية فلسطينية مغايرة– رسائل أمريكية مخادعة- كوابيس الحلم الاسرائيلي– رسالة الكنائس العربية- معايير النصر والهزيمة– غزة تغير العالم– القضية ليست نتنياهو- في انتظار الكارت الأحمر– الخارجون على الصمت– أسطورة النصر المطلق- رسالة الرجل الملثم- حائط المبكى الدولي– التجويع من أجل التركيع- أمريكا العقدة والحل- غزة في عيون أعدائها– هذا أوان رفع الرؤوس- ديكورات العدل الدولي– باب الحرية المباركة- انهيار الحلم الصهيوني– ألاعيب المايسترو الأمريكي- طوفان الجامعات الأمريكية– تكوين والنصر المستحيل– المقاومة معجزة العصر– الحضور الفسطيني والآيات الربانية– سقوط نظرية الأمن الإسرائيلي– لا تحسبوه شرًّا لكم– بين الميدان والإعلام– استراتجية توازن الرعب– من سيصمد للنهاية– لعنة العقد الثامن- الوجه الحقيقي لإسرائيل– العقيدة في مواجهة الميركافا”.
ومن الكلمات الجميلة التي تضمنها الغلاف الأخير للناشر “إن المقاومة تدافع عن شرف فلسطين، وشرف الأمة بأسرها، لم تحتل أرضا لأحد، ولم تسرق وطنا وتهدم منازل، ولم تحرق أرضا وتدنس مقدسات، ولم تعلن في كل يوم مصادرة المزيد من الأراضي وضمها، وإنما هي صامدة مع أهل غزة المحاصَرين بالأسوار والمستوطنات والقواعد العسكرية، الممنوعين من الطعام والشراب والعلاج وأبسط الاحتياجات الإنسانية!