الإعجاز في أحاديث “عجب الذنب وعلاقته بالبعث” سبق العلم بـ14 قرن
أبحاث كبار علماء الأجنة في العلم توصلت إلى ما أخبرنا به النبي
عرض وقراءة- جمال سالم:
يعد كتاب”البعث وعجب الذنب” للأستاذ الدكتور حنفى مدبولى، أستاذ علم الفيروسات- جامعة بني سويف، والحائز على جائزة الدولة فى العلوم البيولوجية 2002، وبراءة اختراع فى تحضير اللقاحات الفيروسية 2008 ، وعضو الهيئة العالمية للكتاب والسنة، ورئيس اللجنة الطبية بالمركز العالمي للإعجاز العلمي للبحوث والتدريب بالقاهرة، من الكتب القيمة التي استفاد فيها المؤلف من تخصصه العلمي، وصقله بالجانب الشرعي حيث حصل على ليسانس أصول الدين– جامعة الأزهر 1999
أثبت المؤلفق الاعجاز العلمي في “أحاديث عجب الذنب” التي فيها من الإشارات العلمية الدقيقة التى حار أمامها كبار علماء الطب والأجنة والبيولوجيا الجزيئية، وعلماء الوراثة الجينية حيث أشار النبي ﷺ إلى كل هذه العلوم بكلمات بسيطة موجزة ومنجزة ومعجزة لمضمونها مثل قوله:”… ليسَ مِنَ الإنْسانِ شَيءٌ إلَّا يَبْلَى، إلَّا عَظْمًا واحِدًا، وهو عَجْبُ الذَّنَبِ، ومِنْهُ يُرَكَّبُ الخَلْقُ يَومَ القِيامَةِ”. وفى رواية أخرى قوله:”… ثم يرسل الله أو ينزل الله قطراً كأنه الطل” ، وفى رواية ثالثة:” منه خُلِقَ وفيهِ يُرَكَّبُ”، وفى رواية رابعة “… ثم يُنْزِل الله من السماء ماء فينبتون، كما ينبت البقل …”. وفى رواية خامسة:” يأكل التراب كل شيء من الإنسان إلا عجبَ ذنبه، قيل: وما هو يا رسول الله ؟ قال: مثل حبة خردل منه تَنْبُتون”.
وأوضح المؤلف علماء الأجنة يُعَرِّفون عَجبُ الذنَبِ أنه: بقايا خلايا من الشريط الأولي (Primitive Streak)والعقدة الأولية التى يبدأ تخلق الجنين بعد تكوينهما، وإن لم يتكونا لا يتم تخليق أعضاء الجنين، أما قوله ﷺ:”عظما واحدا” وفيها من الإعجاز البيانى والإعجاز العلمى ما يبهر العقول أن عجم الذنب فى عظمة واحدة، وبهذا يتحقق قوله علميا أنه عظما واحدا فى مرحلة (منه خلق). أما مع تقدم السن فوجد العلماء أن فقرات العصص تلتحم لتكون عظما واحدا، وهذا من جوامع الكلم الذى أوتيه النبى محمد ﷺ وقوله “منه خُلِقَ” وتكلم النبى عن بداية نشأة الجنين من عجب الذنب، وعملية تخليق الجنين تبدأ بعد تلقيح البويضة بالحيوان المنوى، ثم تنقسم هذه البويضة المخصبة انقساما ثنائيا إلى مرحلة التوتة أو الموريولا (Morula)، ثم يتكون سائل يفصل هذه الكتلة من الخلايا إلى طبقتين وهما طبقة الخلايا الخارجية (Trophoblasts)، والتى تسمى بالترفوبلاست وهى التى تساعد الكيسة الأرومية أو البلاستيولا لتنغرس فى جدار الرحم وتكون المشيمة فيما بعد، وطبقة الخلايا الداخلية (inner cell mass) وهى التى تكون الجنين فيما بعد، وعملية التخصص والتمايز هذه هى التي تؤدي إلى تكوين الدماغ والقلب وجميع الأنسجة الأخرى من خلية الزيجوت أحادي الخلية.
وأجاب المؤلف على سؤال: ما الذي يؤدي إلى تمايز الخلايا؟.فقال: اكتشف العلماء جينات فى جميع الكائنات الحية مثل الحشرات والأسماك والبرمائيات والنباتات والحيوانات والطيور والإنسان، تساعدها على التخليق من الحمض النووى الخاص بكل كائن حى. وسماها العلماء جينات الصندوق، وهى عبارة عن بروتينات مسجلة على الحمض النووى، والتي تخبر الخلايا في كافة مراحل نمو الجنين ماذا تكوّن من أعضاء وأجهزة، أي يرسل التعليمات للخلايا لتخليق أجزاء الجنين، ويتكون القرص الجنينى من طبقات الخلايا الإكتودرم (الأديم الخارجى) والميزودرم (الأديم الأوسط) والإندودرم (الأديم الداخلى) ويتكون أخدود من خلايا الإيبيبلاست نتيجة علو الخلايا على جانبى هذا الأخدود من أسفل إلى أعلى القرص الجنينى، وتنكون حفرة فى نهاية هذا الأخدود، وبعد تكون هذا الأخدود وهذه الحفرة تهاجر بعض الخلايا من خلايا الميزودرم (الأديم الأوسط) إلى هذا الأخدود وهذه الحفرة لتشكل الشريط الأولى والعقدة الأولية.
ولا تبدأ مرحلة تكون الأعضاء (Organogenesis) إلا بعد تكون الشريط الأولي والميزاب العصبي والكتل البدنية، وينتهي الشريط الأولى من مهمته تلك في الأسبوع الرابع، ويبدأ في الاندثار ويبقي كامنا في المنطقة العصعصية في الجنين، ويندثر ما عدا ذلك الأثر الضئيل، وهذا الشريط الدقيق قد أعطاه الله تعالى القدرة على تحفيز الخلايا على الانقسام والتخصص والتمايز والتجمع في أنسجة وأعضاء متخصصة ، ويبقى من أصول نشأة هذا الجسم مجموعة من الخلايا كاملة القدرة (Totipotent cells) تبقى في نهاية العمود الفقري فى الفقرة الأولى من عظم العصعص. ومن أهم العلماء الذين أثبتوا هذه الحقيقة العلمية هو العالم الالماني: هانز سبيمان Hans Spemann) ) والعالم فوجيت Vogt حيث أكتشفا أن الخيط الأولي والعقدة الأولية هما اللذان ينظمان خلق الجنين وأطلق عليهما أسم المنظم الأولي أو المخلق الأولي (Primary Organizer) وقام بقطع هذا الجزء (الخيط الأولي والعقدة الأولية) وزرعه في جنين أخر في المراحل الجنينية المبكرة في الأسبوع الثالث والرابع فأدى ذلك إلى نمو جنين ثانوي من هذه القطعة المزروعة في الجنين المضيف، وفي عام 1891، فصل دريش Driesch أول اثنين من الأريوميرات من جنين قنفذ البحر sea urchin ، ووجد أن كل منهما كان قادرا على التنظيم الذاتي ويؤدي إلى أجنة كاملة ، وإن كانت أصغر. ونشر ذلك هانز سبيمن فى كتاب له .
ونبه المؤلف أن بيان ﷺ أنه مثل “حبة الخردل” هذا التشبيه لعجب الذنب أنه مثل حبة الخردل – فى حجمها ووزنها ولونها وفى كونها حقيقية النواة كخلايا عجب الذنب – غاية فى الروعة البيانية والعلمية، وبين ﷺ أنه “لا يبلى” هذه معجزة علميا فى حد ذاتها ، حيث قام العالم الألماني (سبيمان) عام 1931م بسحق المنظم الأولي ، وزرعه مرة أخرى فلم يؤثر السحق حيث نما وكون محورا جنينياً ثانوياً ، وفي عام 1933م قاموا بزراعة المنظم الأولي بعد غليه فشاهدوا نمو محور جنين ثانوي بعد غليه ولم تتأثر خلاياه بالغليان. وفى تجارب بعد تعرضه للإشعاع وتبين لهم عدم موت الخلايا بداخله، وما تم اكتشافه من قبل الباحثين -منهم يوهانس هولتفريتر, أوتو مانجولد, دوروثى نيدهام, سى إتش وادنجتون وآخرون كثيرون- أن المنظمات التى يتم تدميرها بالغلى أو التجميد أو التثبيت قادرة على تكوين أنسجة الجنين. وأثبت مجموعة من علماء الصين استحالة إفناء عجب الذنب كيميائيا بالإذابة في أقوى الأحماض، أو فيزيائيا بالحرق، أو بالسحق، أو بالتعريض للأشعة الفوق بنفسجية ، وكلوريد الليثيوم، وقوله ﷺ: “منه ينبتون كما ينبت البقل”: هذه حقيقة علمية أخرى حيث تبين لعلماء الزراعة والأجنة أن هناك تشابه بين انبات البقل وبين عجب الذنب حيث أن خلايا كلا منهما حقيقى النوى، وأن النمو يكون من أسفل لأعلى، وأن بخلايهما جينات الصندوق التحفيزية لاتمايز الخلايا، وقوله ﷺ:”منه يركب الخلق”: فقد عزل العلماء المتخصصون ثلاثة صفوف من الخلايا الجذعية من ثلاثة أنواع من الأورام العصعصية ، واستخدامها فى علاج الأنسجة التالفة. كما وردت تقارير طبية من أماكن متفرقة من دول العالم لأطفال ولدوا بسرطان فى منطقة العصص: تقرير من فنزويلا، وتقرير من المغرب، وحالات كثيرة من دول العالم ومنشورة فى مجلات عالمية بهذه التكونات السرطانية والتى فى بعضها يظهر رِجْلا كاملة لطفل عمره 10 أيام وبه أثر مختزل للأعضاء التناسلية الخارجية والأسنان، ومن دولة الهند تشير إلى طفل مولود بقدم وفخذ كاملين ويد مختزلة وأسنان وأصابع قدم مختزلة من منطقة العصص مما يشير إلى وجود الخلايا الكاملة القدرة على تكون أعضاء متباينة
فصل الدكتور حنفي مدبولي جوانب أخرى من أوجه الإعجاز العلمى، فقد تكلم النبى عن بدء خلق الجنين ومما يتخلق – فى وقت لم تتوفر فيه أدوات العلم للكشف عن حقائق علم الأجنة- قبل أن تكلم عنه العلماء المتخصصون فى علم الأجنة سواء فى الحيوانات أو الطيور أو البرمائيات أو فى الإنسان أو غيرها من المخلوقات الحية بما يقرب من 13 قرنا من الزمان، مما يدل على أن هذا الكلام المعجز هو كلام إله عظيم وهو العليم الخبير، وأن النبى لا يتكلم عن هوى، وأن هذا يدل على صدق الرسالة وصدق الرسول. والسؤال المهم: هل أطلع النبى على حجم بقايا الخلايا من الخيط الأولى والتى تكون فى العظمة الأولى من العصعص ومثل حبة الخردل حتى يقول ذلك ؟ أو أنه اكتسب هذا العلم من أهل بلدته أو من الحضارات المجاورة كحضارة الفرس أو حضارة الروم أو غيرهما من الحضارات المجاورة آنذاك ؟ أو من حضارات أخرى بعيدة عن بلدته ثم نقلت بهجرة أهلها؟ الإجابة بالطبع لا، وما كان هذا متوفرا فى بيئته، ولا فى الحضارات المجاورة لبلدته آنذاك، ولو كان هذا العلم متوفرا لديهم لنقلوه إلينا كما نقلت علوم الحضارات الأخرى كالحضارة البابلية والآشورية والفينيقية والمصرية القديمة والصينية، ولكن بانتفاء هذا العلم (وهو علم الأجنة وتخليق الجنين) فى مثل هذه الحضارات ليدل دلالة قطعية أن هذا سبق علمى من كلام نبى عربى أمى لا ينطق عن الهوى بل هو كلام العليم الخبير. ولقد أخبر النبي عن هذه الحقائق العلمية قبل أربعة عشر قرناً أن من عجب الذنب يخلق الإنسان ومنه يركب يوم القيامة. وأنه هو الذي يبقى بعد وفاته وفناء جسده، ومنه يعاد خلقه مرة أخرى إذا أراد الله بعث العباد للحساب والجزاء، حيث ينزل الله مطراً من السماء فينبت كل فرد من عجْب ذنبه، كما تنبت نبتة البقل من بذرتها وهذا يشير إلى صدق رسالته ﷺ وأنه لا ينطق عن الهوى