كُلِّي ثِقَةٌ وإيمانٌ بالله سبحانه وتعالى، أنَّ العامَ الجديد سيكون- إن شاء الله- عامَ الخيرات والبركات، فهذا يقِيني بالله، القائل في سورة الصافَّات: “فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (87)”؟ ونحن نوْقِن تمام اليقين بأنه لا يُريد لنا إلا كلَّ خير ونفع وسعادة، ولذا سيحقِّق لنا ما نوقن به.
إنه عزَّ وجلَّ لم يخْلُقنا ليعذِّبنا أو يجعل حياتنا ضَنْكًا وعذابًا، طالما أننا نجتهد قَدْرَ إمكاننا واستطاعتنا في طاعته والتقرُّب إليه باتِّباع أوامره واجتناب نواهيه.
وأهمُّ وأفضلُ علامات السعادة في العام الجديد، اختفاء- أو على الأقلِّ- خِفُوت صوت المتطفِّلين والمُتَفَيْقِهين الذين كانوا “يَطْفَحُون” من مستنقعاتهم الفكرية “النَتِنَة”، ويَطْفُون على سطْح مجتمعنا في مثل هذه الأيام، ليُحرِّموا ويُفَسِّقوا كلَّ مَنْ يحتفلُ أو يُهَنِّئَ بحلول العام الميلادي الجديد، بدعاوى وافتراءات يظنّونها من الدِّيْن، والدِّيْنُ منها بَرَاء!
فلله الحمدُ والمِنَّة أن تحلَّى المجتمع- أو أغلبه في اعتقادي- بالمزيد من الوعيّ والإدراك ونَبْذِ كل من يُبَدِّع أو يُحرِّم تبادل التهاني والتبريكات بمناسبة العام الميلادي الجديد، سواء بين أبناء الدِّيْن أو الوطن الواحد، وقَدَّم رأسُ الدولة، وهو الرئيس عبدالفتاح السيسي، القدوة والمَثَل، بحِرْصِه على تهنئة إخوتنا المسيحيين شُركاء الوطن، بالذهاب إلى مقرِّ الكاتدرائية المرقسية، سواء بالعباسية أو مقرّها الجديد بالعاصمة الإدارية الجديدة، في تقليد سنوي، منذ أن تولَّى أمانة قيادة البلاد.
ليُرَسِّخ بذلك التقليد الإنساني الأصيل، القيم والأخلاق المصرية الحميدة التي تربَّى عليها المصريون منذ القِدَم، فلم يعرف المصريُّ في حياته تمييزاً ولا تفريقا بينه وغيره، في أيٍّ من الاختلافات أو الفروقات، سواء الطبيعية أو المُكْتَسَبَة، لتقديسه وتعظيمه لحياة الإنسان وصورته، في كلّ أحواله وظروفه.
ومن حُسْنِ الطالِع أن يتواكب مع بداية العام الجديد، شهور الخير والبركة، فها هي أشهر رجب وشعبان ورمضان جاءت تَتْرَى لتُنِير أيامَنا بأنوار القُرْب من الله، واتِّباع سُنَّة نبيِّه سيّدنا رسول الله- صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- فَكُلُّها أيام وشهور الخالق سبحانه وتعالى القائل فى سورة التوبة: “إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِى كِتَٰبِ ٱللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ”.
فلا فَرْق بين يناير ورجب، ولا فبراير وشعبان، وهكذا، فكلُّها أيام وشهور خَلَقَها الله يوم خَلَقَ السموات والأرض، وكلُّ ما ندعو به ونتمنَّاه أن يجعلها الله لنا أيامَ وشهورَ خير وبَرَكَةٍ على الجميع، فكلُّنا خَلْقُ وعبادُ الله، نَرْتَعُ في نَعْمَائه، ونَنْعَمُ بفضائله، وكلّ يوم أو شهر يَهِلُّ علينا وَجَبَ شُكْرَ المُنْعِمِ باستقباله بالفرح والسرور، وأن نتبادل التهنئة فيما بيننا أن بَلَغَّنا هذه الأيام بالصحَّة والسلامة والسَتْرِ والعافية، وندعوه سبحانه أن يُتِمَّ علينا هذه الخيرات والبركات، ونحن فى طاعته نَنْعُم برضوانه.
فكلُّ يومٍ وكلُّ عامٍ والجميع بخير، نَشْكُرُ الله على فضله، وندعوه بالمزيد لنا ولجميع الإنسانية، إنه نِعْمَ المولى ونِعْمَ النصير.