الشيخ حماده طنطاوى: مناقب الشهداء.. لا تُحصى دُنيا وآخرة
الشيخ محسن السيد: تعدّد أنواع الشهادة.. دليل على سعة رحمة الله
الشيخ أحمد عبدالرسول: الشهداء أرفع درجة بعد الأنبياء والصِّدِّيقين
تابعها: محمد الساعاتى تصوير: سيد على
احتضن مسجد خاتم المرسلين، بالعمرانية، جيزة، الندوة العلمية التى تقيمها عقيدتى بالتعاون مع وزارة الأوقاف، برعاية د. محمد مختار جمعة- وزير الأوقاف- وكانت بعنوان (درجات العطاء.. ومنازل الشهداء)، وحاضر فيها الشيخ حمادة جمعة طنطاوي- مدير عام إدارة أوقاف جنوب الجيزة- والشيخ محسن السيد محمد- رئيس قسم شئون القرآن بالمديرية- والشيخ أحمد عبدالرسول- إمام وخطيب مسجد الجامعة- وأدارها الكاتب الصحفى مصطفى ياسين- مدير تحرير عقيدتي- وافتتحها بآيات من الذكر الحكيم القارئ الشيخ إبراهيم إسماعيل بلال، وشرفها بالحضور الشيخ عبدالمنعم فهيم- مفتش أول ورئيس شئون القرآن- والشيخ عنتر أحمد رضوان- مفتش أول بالإدارة- والشيخ د. محمد محمود عبدالمهدى ـ مفتش بأوقاف الجيزة- ومن المركز الإعلامى بالوزارة د. محمود الشيمى، شريف كمال، وسط جمع غفير من رواد المسجد، يتقدمهم المهندس محمد سعيد عبدالرحمن، عضو مجلس إدارة المسجد.
بدأ الصحفي مصطفى ياسين، بالإشارة إلى أهمية هذه الندوات التى تطوف جميع المحافظات تحت رعاية د. مختار جمعة- وزير الأوقاف- بهدف تصحيح المفاهيم المغلوطة ومواجهة الأفكار المتطرفة بالحوار والحكمة والموعظة الحسنة، مؤكدا عِظَم منزلة الشهداء التى تضمنتها الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، موضحا أن من رحمة سيدنا رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- أنه لم يُقصر درجة الشهادة على المحاربين فى سبيل الله والدفاع عن الوطن فقط- وإن كانت هذه هى أعلى مراتب الشهادة- بل إنه أدخل فئات ونوعيات كثيرة تجاوزت التسعة ضمن الشهداء، ومنهم الحريق- كما وقع مؤخرا لكارثة قطار محطة مصر- وكذا الغريق، وصاحب الهدم، والمرأة أثناء ولادتها، والمبطون، والمدافع عن ماله وعِرضه ونفسه وأهله، فهنيئا لكل شهيد جزاء الله له الذى أعدَّه له فى الدنيا والآخرة، حتى أن سيدنا رسول الله- بما له من مكانة ومنزلة عظيمة لم يبلغها بشر ولا رسول- تمنى أن يموت شهيدا حتى نالها بـ”سُمِّ” يهودية خيبر، وكذا جميع الخلفاء الراشدين.
كنانة الله
وأكد الشيخ حمادة جمعة طنطاوي- مدير إدارة جنوب الجيزة- أن مصر كنانة الله فى أرضه، محفوظة بحفظ الله، ورسولنا الكريم- صلى الله عليه وسلم- قال: (استوصوا بأهل مصر خيرا. فهم فى رباط إلى يوم القيامة)، وتعد مصر هى البلد الوحيد الذى ذكره الله بالأمن- بعد مكة المكرمة- فأمان مكة من أمان مصر، وأمان مصر من أمان مكة، فمصر قِبْلَة العالم فى العِلم، راعية للدين بلا نفاق أو رياء، تلك هى حقيقة يجب الاعتراف بها، وإذا كان لا وجود للدين بدون وطن، فمصر هي قلب العروبة النابض، وهي التي تقدم أبناءها شهداء من أجل بقاء الدين والعروبة، ومصر ذكرها الله تعالى بالمدح والثناء, ووصفها في القرآن الكريم بقوله: “ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ” (سورة يوسف99). وقال سبحانه وتعالى عن مكة: “لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ” (الفتح 27)، فأمن مصر أمن لمكة، وإذا كانت مكة قبلة للعالم في الصلاة فمصر قبلة العلم والعلماء، وصدق شاعر النيل حافظ إبراهيم حيث قال:
أَنا إِن قَدَّرَ الإِلَهُ مَماتي.. لا تَرى الشَرقَ يَرفَعُ الرَأسَ بَعدي
وأشار الشيخ طنطاوى، إلى ان الشهادة في سبيل الله, وفي سبيل الدفاع عن الوطن من أفضل الأعمال, لقوله تعالى: “وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ” (الحديد 19)، وفي الحديث الشريف: (رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا). فهنيئا لأبناء القوات المسلحة ورجال الشرطة البواسل, فهم العين الساهرة التي باتت تحرس في سبيل الله من أجل حياة كريمة، ليست لمصر فحسب بل للعالم العربي والإسلامي أجمع، من أجل القضاء على الإرهاب والمرجفين الخارجين عن القانون.
وعدَّد الشيخ طنطاوى بعض كرامات الشهداء، والتى منها: الحياة الأبدية عند الله عز وجل لقوله تعالى: “وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ” (آل عمران 169)، وقد قال نبينا- صلى الله عليه وسلم- لأم حارثة، التي فقدت ولدها في سبيل الله: (إن ابنك أصاب الفردوس الأعلى)، إضافة إلى أن الشهيد يأمن الفزع الأكبر ويُغفر له، ويحلّى من الجنة، ويزوّج من الحور العين، ويشفع في سبعين من أهله.
روح باقية
وقال الشيخ محسن السيد- رئيس قسم شؤون القرآن بالمديرية-: جعل الله تعالى روح الشهيد ممتدة وباقية، حيث يحيا حياة طيبة عند الله تعالى، لأنه ضحى بنفسه وروحه ابتغاء مرضاة الله ودفاعا عن الحق ونشرا لدين الله سبحانه وتعالى، وسمى الشهيد شهيدا لثلاثة أسباب:
1- أن الله تعالى يشهد له بصدق نيته وإخلاصه وحسن بلائه فى القتال.
2- لأن ملائكة الرحمن تشهد خروج روحه فرحا به وإعجابا بما يفعل.
3- لأن دمه يشهد له يوم القيامة عندما يتحول إلى مسك طيب الرائحة.
والله تعالى يقول: (ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) سورة آل عمران.
أضاف الشيخ محسن: والشهداء ليسوا نوعا واحدا بل أنواع متعددة، وهذا يدل على سعة رحمة الله تعالى لتنال عددا كبيرا منهم وهم على ثلاثة أنواع وهى:
أولا : شهيد الدنيا والآخرة معا وهو الرجل الذي قُتل فى مواجهة مع الكفار بنية إعلاء الحق ونشر دين الله تعالى (والذين قُتلوا فى سبيل الله فلن يضل أعمالهم وسيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرّفها لهم) سورة محمد، أى طيّبها لهم بالرائحة الطيبة الذكية أو عرفها لهم أى دلَّهم عليها وبيَّن لهم طريق الجنة.
ثانيا: شهيد الآخرة وهو من يحصل على ثواب وأجر الشهيد، وهم كثيرون مثل الحريق والغريق وصاحب الهدم والمبطون والمطعون والمرأة ذات المخاض ومن أكلته السباع ومن قُتل دون ماله أو عرضه أو أهله وكل هذه الأنواع عدها النبى عليه الصلاة والسلام.
ثالثا: شهيد الدنيا فقط وهو من قُتل فى معركة مع المشركين ولكنه غل شيئا أو تولى يوم الزحف فقال تعالى (ما كان لنبى أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) آل عمران.
وأكد الشيخ محسن، أن الشهيد يُشفَّع فى سبعين من أهل بيته، ويزوَّج باثنتين وسبعين من حور الجنة، ودمه يتحول مسكا ويكون مع النبيين والصديقين والصالحين.
منح عظيمة
وأوضح الشيخ أحمد عبدالرسول- إمام مسجد الجامعة- أن الله تعالى قد خصَّ الشهداء بمنح عظيمة، فأعلى من شأنهم وكرمهم، كما شرفهم الله تعالى بمجاورة الأنبياء والصديقين والصالحين، مصداقا لقوله تعالى: (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقا).
وأضاف: ومن قتل في سبيل الله فهو شهيد, ومعنى (في سبيل الله) أنه يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، وهذا هو شهيد المعركة، كما بينه النبي صلى الله عليه وسلم، والشهادة منزلة عالية، لا تكون إلا لأهل الإيمان، والتضحية بالنفس، وبذل الروح التي هي أعز ما يملك الإنسان فى سبيل الله نصرة دينه، وفى سبيل الوطن وفاء لحقه، ورغبة في عزة البلاد وكرامة العباد من أشرف المقاصد وأنبل الغايات، فلا مراء أن الشهيد أرفع الناس درجة بعد الأنبياء والصديقين.