المبادرات التعليمية “الجيّدة”.. سبيل الأمّة للتقدّم
“الدين” أم “الأخلاق”.. مواد تُثير “حفيظة” المتحاورين!
د. أيمن عاشور: هدفنا خريج مؤهَّل بالجدارات والمهارات اللازمة
محمد عبداللطيف: فرصة الطالب للتحسين وتحقيق الحلم
مصطفى ياسين
تواصلت فعاليات الحوار المجتمعي، الذي تنظمه وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي؛ حول مقترح نظام “شهادة البكالوريا المصرية”، وذلك بجلسة حوار وطنى عقدها د. أيمن عاشور- وزير التعليم العالي والبحث العلمي- والسيد محمد عبداللطيف- وزير التربية والتعليم الفنى- مع رؤساء مجالس إدارات ورؤساء تحرير الصحف والمواقع والإعلاميين؛ لمناقشة ملامح النظام واستعراض المقترحات والآراء حوله.
أكد د. أيمن عاشور، أن مواكبة سوق العمل هي الهدف الأساسي من تطوير المنظومة التعليمية، والعمل من أجل الوصول إلى طالب مؤهل بالجدارات والمهارات اللازمة لمواكبة التطورات التي شهدها سوق العمل المحلي والدولي، ومتابعة المستجدات التي طرأت في مختلف المجالات المهنية والتخصصات التكنولوجية الحديثة.
وأشار إلى ما قامت به الوزارة من استحداث العديد من البرامج البينية والعابرة للتخصصات في التعليم الجامعي، وتطوير البرامج الدراسية لتناسب ما حدث من تداخل في التخصصات العلمية الحديثة، واستيعاب التقدم الهائل في المجالات التكنولوجية. مستعرضا وجود أربعة مسارات رئيسية يمكن للطالب الالتحاق بها في الجامعات، وهي: (قطاع الطب وعلوم الحياة، قطاع العلوم الطبيعية والهندسة والتكنولوجيا، قطاع إدارة الأعمال والعلوم الاجتماعية، وقطاع الآداب والعلوم الإنسانية)، وما يندرج تحت كل منها من كليات ومعاهد، والوظائف المرتبطة بكل مسار.
مواكبة العصر
أوضح د. عاشور أن اختيار هذه المسارات يأتي مواكبًا لاحتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية، حيث يتم تطوير البرامج الدراسية بشكل مستمر وفقًا لأحدث النظم التعليمية لتأهيل الطلاب في التخصصات العلمية المستقبلية، والتي من بينها: (الذكاء الاصطناعي، البيانات الضخمة، النقل الذاتي، الطاقة النووية، إنترنت الأشياء، الاقتصاد الرقمي، الطب الجينومي، علوم الفضاء)، منوِّهًا إلى التكامل مع قطاع الصناعة لتلبية احتياجاته، والتنسيق مع مختلف الوزارات المعنية في كل تخصص دراسي.
أشار إلى التوسّع الكبير الذي نفّذته وزارة التعليم العالي في مسار التعليم التكنولوجي، من خلال إنشاء الجامعات التكنولوجية تطبيقًا لسياسات الدولة في تعظيم الاهتمام بالتعليم الفني. لافتًا إلى زيادة أعداد الطلاب المُلتحقين بالتعليم التكنولوجي والتخصصات الدراسية الحديثة، وبخاصة الذكاء الاصطناعي؛ مما يعكس وعي الأسرة المصرية بأهمية الالتحاق بالتخصصات الحديثة المطلوبة لسوق العمل.
أوضح د. عاشور توجّه الوزارة نحو زيادة تقديم برامج إعداد الكوادر المتخصصة؛ لسدّ الاحتياج المتزايد للمعلّمين المؤهّلين في التخصصات العلمية المستحدَثة. مشيرا إلى أن نظام السنة التأسيسية يشكِّل إضافة في المنظومة التعليمية، ويتّسم بالمرونة ويعتمد على نظام الساعات المعتمَدة. ويهدف إلى توفير فرص القبول في مختلف الجامعات الخاصة والأهلية والتكنولوجية، كما لفت الوزير إلى تحديث نُظم التقييم بالجامعات، والاعتماد على الاختبارات الإلكترونية بالتعاون مع المجلس الأعلى للجامعات.
جودة التعليم
وأشاد الوزير محمد عبداللطيف، بأهمية التعاون المستمر في تطوير النظام التعليمي، مؤكدًا أن هذه الشراكة تساهم في تحسين وتطوير جودة التعليم وتحقيق أفضل النتائج. واستعرض جهود الوزارة والإجراءات التى تم اتخاذها لحلّ التحديات التي تواجه التعليم، وهى الكثافة الطلابية، وعجز المعلّمين، مشيرا إلى أن نسبة الطلاب الملتحقين بالتعليم الرسمى العام ٨٥% من طلاب مصر، و١٥% ملتحقين بالتعليم الخاص والحكومى بمصروفات، كما وصلت الكثافة الطلابية داخل بعض الفصول إلى ٢٠٠ طالب، بمتوسط ٧٠ أو ٨٠ طالبا، وبلغت نسبة العجز فى المُعلّمين ٤٦٩ ألف معلّم.
أضاف: تم إصدار عدة قرارات سريعة وعاجلة لانضباط سير العملية التعليمية، وتم التغلب خلال العام الدراسى الحالى على مشكلة نسبة حضور الطلاب وتبلغ حاليًا ٨٥% على مستوى الجمهورية، مع العلم أن إجمالي عدد المدارس يبلغ ٦٠ ألف مدرسة، كما تم التغلب على مشكلة عجز المعلّمين ولا يوجد فصل على مستوى الجمهورية لا يوجد به معلّم من معلّمى المواد الأساسية، مثمّنُا جهود العاملين بالوزارة وما تم بذله فى حل مشكلة الكثافة بعد معاناة لسنوات طويلة منذ 30 عاما، فضلًا عن زيادة عدد الفصول بعدد 150 ألف فصل تم بناؤها فى العشر سنوات الماضية من إجمالى العدد 480 ألف فصل؛ مراعاة لظروف أبنائنا الطلاب، ولتقليل الكثافة.
وقدَّم الوزير شرحًا توضيحيًا لأسباب تقديم مقترح “نظام البكالوريا” موضحًا أن المرحلة الثانوية كان الطالب يدرس بها ٣٢ مادة وهو عدد مبالَغ به مقارنة بالأنظمة الدولية مثل IG، IB والتى يدرس بها الطلاب من ٨ مواد الى ١٠ مواد خلال ثلاث سنوات، موضحا أن “البكالوريا” هو مشروع تعديل نظام التعليم الثانوى ليتواكب مع الأنظمة التعليمية العالمية ومتغيّرات العصر، والتى يطبَّق بعضها فى مصر حاليًا، مؤكدًا أن تطبيقه لن يتم إلا بعد الحوار المجتمعى وتشريع مجلس النواب، وهى تتوافق مع ثقافتنا وظروفنا ومراعاة لـ 800 ألف طالب ينضمّوا لمنظومة التعليم قبل الجامعي كل عام.
النظام الجديد
أضاف الوزير: النظام الجديد ينقسم الى قسمين: السنة الأولى: هى التمهيدية والتى تعادل الصف الأول الثانوى، وتعتبر بنفس الوضع القائم حاليًا باستثناء تغيير واحد هو إضافة مادة الدين فى المجموع، ومادة البرمجة وهى مادة خارج المجموع كمادة تعريفية وتمهيدية للطلاب بحيث يتعرف عليها، مؤكدًا أن عدد ساعات التدريس تعتبر هى التحدى الذى دفع الوزارة لاتخاذ قرار تخفيض المواد الدراسية للصف الأول الثانوى خلال بداية العام الدراسى الحالى، من خلال قرارات دمج المواد الـ14 التى كانت مقرّرة على طلاب الصف الأول الثانوى، وكان هناك تحدي كبير لدى معلّمي المواد الأساسية لقلّة عدد ساعات التدريس ما يعوق استكمال شرح كامل المنهج داخل الفصل الدراسى، وبالفعل هذا العام مع تقليل المواد وضبط عدد ساعات التدريس أصبح هناك حضور كثيف للطلاب.
وبالنسبة للصفّين الثانى والثالث الثانوى، هناك أربعة مواد أساسية هى: الدين والعربي والتاريخ واللغة الأجنبية، بالإضافة إلى مواد التخصص التى يختارها الطالب بناء على الكلية التى يرغب الالتحاق بها، وبناءً على المسارات المقترحة التى وضعت بالتنسيق مع وزارة التعليم العالى.
فرصة للطلاب
وأكد الوزير أنه يقدّم من خلال هذا المقترح حلًّا لأهم المشكلات التي تواجه المنظومة الحالية وهو منح الطالب فرصة للتحسين لأكثر من مرّة وفرصة أن يحقق حلمه باجتهاده واختيار مستقبله بنفسه والمهنة والمسار الذى سيكمل فيه حياته.
وبالنسبة لإضافة الدين كمادة أساسية فى المجموع، أشار الوزير إلى أنه أمر تمّ الاتفاق عليه بالتنسيق مع الأزهر الشريف والكنيسة، على أن يتم وضع منهجين منفصلين يعتمدان على تعليم الأخلاقيات والقيم، مؤكدًا أن الدولة تستهدف بناء إنسان متكامل يحترم جميع الأديان ويحترم الآخرين.
نتائج الحوار
واستعرض الحضور آراءهم ومقترحاتهم، وطرح استفسارتهم حول إعادة النظر في إضافة مادة التربية الدينية للمجموع، ووجود مادة جانبية تسمّى “الأخلاق”، والتساؤل حول آليات التطبيق، والإمكانات اللازمة لتطبيقه، وضرورة تأهيل المعلّم لاكتساب خبرة تمكّنه من تخريج طالب تتناسب مؤهّلاته مع متطلّبات سوق العمل، وضرورة تضمين المناهج مهارات ورغبات، وتعزيز قُدرات الطالب على التفاعل مع مجتمعه وتطوير شخصيته منذ الصغر.
كما أشادوا بالتنسيق والتكامل بين الوزارات المختلفة والذى يعد نموذجًا لتضافر الجهود وصياغة رؤية تخدم مستقبل الطلاب في مصر، وأن هذه الرؤية ليست فقط طموحًا، بل هي ضرورة لضمان أن يسهم التعليم فعليًا في بناء جيل مبدع وقادر على مواجهة تحديات المستقبل.
كما أكّدوا على ضرورة التغيير والتطوير، وأن مثل هذه المبادرات تُمثِّل السبيل الوحيد للتقدّم، خاصة عندما تتيح للطالب فرصًا عادلة بعيدًا عن تأثير الظروف المحيطة، وهو ما تتبنّاه النُظم التعليمية المتطوّرة، وتوفير رفاهية الاختيار للطالب، وتخفّف العبء عن كاهل الأسرة، وتحد من الاعتماد على المصادر الخارجية.