تعد الأخلاق من أروع الصفات التي تميز المجتمع الانساني، وهي من أهم الأعمدة الأساسية والعامل الرئيس في تثبيت الاستقرار والتأكيد على التقدم والتطور البشري.
ومن المعلوم أن الأديان السماوية كلها تحث على حُسن الأخلاق والقيم الإنسانية النبيلة السامية، فـ التوراة بألواحها المقدسة, والإنجيل بآياته المباركة, والقرآن المعجز خاتم الرسالات كل هذه الكتب السماوية، حثَّت على حُسن الأخلاق ودعت إلى القيم النبيلة، بدءاً من قول الصدق وعدم الحقد والحسد أو السرقة أو النميمة أو الكذب أو الفساد في الأرض.
نعم إن كل هذه الموبقات التي يعاني منها المجتمع والتي تفشَّت بكثرة، والتي تنهش في مجتمعنا الإسلامي، ورغم إلقاء الدروس والوعظ والإرشاد من علماء الدين، ولكن: ومن يستجيب ومن يطبّق إلا من رحم ربي؟!
علينا ان نبدأ بالعلاج الفاصل الوافي الشافي من خلال تطبيق حقيقي للقرآن والسنة المشرفة وفهمهما فهماً دقيقاً صحيحاً جيداً، ليكون المسلم والمجتمع إنساناً حقيقياً بمعنى الكلمة.
مراعاة الله في كل تصرفاتنا: وفي ذلك يؤكد علماء الدين الأجلاء أن أي تطور بشري لابد له من أعمدة يقام عليها، فإن هوت تلك الأعمدة هوى الإنسان معها واضمحلت كل قيمه.
إن الأخلاق هي عنوان كبير للإنسان، يقع تحتها معطيات عديدة، منها الصدق والتعاون بين البشر، والمودة والحب بين أفراد المجتمع، بعيداً عن الأحقاد، فالمسلم كالبنيان المرصوص أو كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له باقي الأعضاء بالسهر والحمى، وهذا ما أخبرنا به الصادق الأمين سيدنا محمد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- والقرآن الكريم في آياته المحكمات، قال تعالى: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عندتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم)، إن هذه الآية الكريمة تعلي من قيمة الرحمة والرأفة.
وفي السنة النبوية يقول رسولنا- صلى الله عليه وسلم-: “إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً ” رواه مسلم، و”ما من شئ أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حُسن الخُلق، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء” رواه الترمذي، و”إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة” رواه مسلم، و”إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يُكتب عند الله صديقاً” أخرجه أبو داود، و”اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخُلق حسن” رواه الترمذي.
من الأحاديث النبوية الشريفة يتبين لنا أن الإسلام حثَّ على المعاملة الحسنة بين الناس وحسن الخلق، فالمسلم ليس فاحش القول أو العمل، وما نراه في شوارعنا وفي بعض مؤسساتنا التعليمية التي هي من المفترض أان تكون أساس الحث على حُسن الخلق من انتشار ألفاظ نابية خادشة وسباب يندي له الجبين، شئ يرفضة الإسلام أو أي شريعة سماوية.
ولذا فالدين معاملة، لكن! للأسف في وقتنا الحالي اهتم الكثير بالمظاهر وأهملوا الجوهر، وجوهر أي إنسان حُسن الأخلاق والمعاملة الطيبة والضمير، ولكننا نغفل عن ذلك بل أحياناً يحث البعض أطفاله على الكذب لمصالح خاصة، أو يبرر لهم الغش في الامتحانات فيقتل الأخلاق بداخلهم! فماذا بعد ذلك ننتظر من إنسان وئدت أخلاقة منذ الصغر وتعوَّد على خرس صوت الضمير بداخله؟!
علينا أن نعلم يقين أن الدين معاملة، والمعاملة لابد أن تكون حسنة بالخلق، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده.
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.. وحسن الأخلاق من حسن التدين.