كتب- مصطفى ياسين:
دخلت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو”، مرحلة جديدة من العمل المتواصل لتحقيق أهدافها، بتعيين د. سالم بن محمد المالك- مديراً عاماً- في الدورة الاستثنائية الثالثة للمؤتمر العام للمنظمة، التي عقدت في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بمنطقة مكة المكرمة، 9 مايو الجارى، بناءً على ترشيح من السعودية، لإكمال ولاية المدير العام السابق د. عبدالعزيز بن عثمان التويجري، التي تنتهي في 31 من ديسمبر 2021، ولفترة جديدة تنتهي في 31 من ديسمبر 2024.
وبهذا التعيين الذي تم بالإجماع من أعضاء المؤتمر العام الاستثنائي، الذي هو أعلى هيئة دستورية في الإيسيسكو، تنفتح أمام المنظمة آفاق واسعة مديدة، سيتم ارتيادها بإدارة جديدة وبرؤية شمولية شفافة نافذة إلى الآماد البعيدة، وبآمال عريضة عالية السقف، لخَّصها المدير العام د. المالك بدقة وافية بالقصد، في الكلمة الجامعة التي ألقـاها بعد تلاوة قـرار المؤتمر العام بتعيينه.
وتأتي في طليعة أهـداف المرحلة الجديدة التي أبرز المدير العام للإيسيسكو مـلامـحَـها، بناءُ شراكات استراتيجية مع المنظمات الدولية والإقليمية المماثلة، وفي مقدمتها منظمة التعاون الإسلامي، التي تعدّ الإيسيسكو أحدَ أجهزتها المتخصصة، وكذلك مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في الدول الأعضاء، وبالأخص تلك التي لها خبرة وتتميز في تعاونها وعملها مع المنظمات الدولية، وفي إنشاء مشروع وقفي (صندوق استثماري) مستمد من الهبات والعطايا من قادة الدول الأعضاء ومن الحكومات والمؤسسات الخيرية ورجال الأعمال والبنوك، تُوضَع له أنظمتُه وقوانينُه ويُصرف ريعُه على بعض المشاريع المستحدثة في الإيسيسكو، وكما يُصرف على برامج خاصة تـهـتـم بقضايا الشباب وبناء المجتمع، وفي تعزيز دور الإيسيسكو في صون المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، من محاولات التهويد والطمس والهدم المستمر، وفي العمل على وضع آليات عملية للمحافظة على التراث المادي واللامادي في الدول الأعضاء، ذلك كله في موازاةٍ مع العمل على تعزيز الهوية الإسلامية، وترسيخ الثقافة الإسلامية، وتعزيز قيم العيش المشترك في مواجهة التطرف والعنف والطائفية، وتعميق الوعي بالقضايا الإنسانية والاجتماعية المؤثرة على تطوير المجتمعات وبناء قدراتها.
فمن خلال هذه الرؤية الشمولية التي تحيط بالمشهد من جميع جوانبه، ستستمر الإيسيسكو في مواصلة مسيرتها التي دخلت خلال هذا الشهر في سنتها السابعة والثلاثين، آخذةً بعين الاعتبار ملامح التحوّلات الاجتماعية والمتغيّرات التي تشهدها الدول الأعضاء.
مسيرة البناء
وأكد د. المالك، في كلمته أمام المؤتمر العام الاستثنائي، أن مسيرة البناء تعتمد في جوهرها على التعاون والعمل المشترك بين الدول الأعضاء من خلال الإيسيسكو ومعها، وأن المنظمة حَـرِيٌ بها أن تكون بيت الخبرة الحاضن للفكر والثقافة الإسلامية، منها ترسم الرؤى الثقافية، وفيها تُبنَى الاستراتيجيات التربوية، ويُستشرف المستقبل.
وتنبني الرؤية الجديدة للإيسيسكو من الوعي بضرورة استيعاب المتغيّـرات العميقة التي يعرفها العالم، لأننا نعيش في عالم الذكاء الاصطناعي، وفضاء البيانات الدقيقة والتقنيات الحديثة وآفاق المدارس الافتراضية. وهو الأمر الذي يتطلب من الإيسيسكو أن تتعامل مع هذه المتغيّـرات جميعاً، وتعمل على استفادة الدول الأعضاء من هذه الخدمات، من خلال التأهيل والتكوين والتدريب والبحث والإبداع والابتكار. وتلك مقوّمات البناء في مجالات التربية والعلوم والثقافة والاتصال، وروافع للتقدم في مجال اختصاصات المنظمة، وقواعد للإقلاع الحضاري وللانطلاق التربوي والعلمي والثقافي نحو المستقبل الذي يستأنف فيه العالمُ الإسلاميُّ دورةً حضارية جديدة.
أضاف: إن الإدارة الجديدة للإيسيسكو ذات الكفاءات الاستراتيجية والمهارات العالية، تملك رؤيةٌ جديدةٌ، تنبثـق من الالتزام الكامل بأهداف المنظمة، وتنطلق من التعهد بتطويرها، وبتوسيع دائرة إشعاعها، وبـمـدّ نفوذها داخل العالم الإسلامي وخارجه، وبتنويع الخدمات التي تقدمها المنظمة للدول الأعضاء. وهو الالتزام الذي أكد عليه د. سالم المالك في وضوح كامل، فتعهد، في كلمته الأولى أمام المؤتمر العام الاستثنائي للإيسيسكو، بالعمل الجـدّي على النهوض الحثيث بالمنظمة تطويراً وتحديثـاً، وتوسيعاً للمساحة التي تتحرك فيها، وانفتاحاً على آفاق العصر ومبتكراته ومنجزاته، واستيعاباً لمتغيّراته التي تدخل في مجال اختصاصات الإيسيسكو، وتفعيلاً للإبداع والابتكار في حقول العمل، وارتقـاءً بالمنظمة لتظل دائماً منارةً مشعةً للتضامن الإسلامي ولثقافة الحوار والتسامح والتعايش وللسلام.
بهـذه الرؤيـة الجديـدة، وبهـذا الفكر الجديـد، يبدأ المدير العام للإيسيسكو د. المالك، الانطلاقة الجديدة للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، مسنوداً بتوفيق من الله تعالى، ثم مدعوماً بثقـة الدول الأعضاء كافة، ومعـزَّزاً بالقدرات التي تملكها المنظمة وبالمكانة الرفيعة التي تتبـوأها وبالسمعة الطيبة التي تحظى بها في المحيطين الإقليمي والدولي.