شاء الله سبحانه وتعالى وهو الفعال لما يشاء أن يقيض لدينه القويم من يقفون على ثغره مرابطين،مجددين للناس أمور دينهم ودنياهم.
تلتف حولهم القلوب الحائرة في دنيا الناس ،وتهرع نحو ديارهم الأرواح المتعطشة إلى النور والوصال وسط ظلام المادة والتحجر،فتسكن العقول الشاردة سكونا أبديا في حضرة{إنما يخشى الله من عباده العلماء}.
ومن أولئك العلماء الأعلام،والسادة ذوي الرسوخ والبصيرة والافهام سيدنا ومولانا الإمام محمد متولي الشعراوي طيب الله ثراه ونفعنا بعلمه وسره في الدارين آمين.
صوت له حضور كبير كأنه قادم من خلف الأكوان يصدح في الآفاق كم كان له التأثير الجم في قلوب من يسمعه فتتنزل السكينة في آفاق الأرواح المكلومة وتتهلل أسارير العطاشى إلى نور القرآن غضا طريا فكأني بهم ولسان حالهم يقول:
اسق العطاشى تكرما
فالقلب طاش من الظما
فكم جمعتنا موائد الأسرة عقب صلاة الجمعة نستمع إلى خواطره في صمت شديد وكأن على رؤوسنا الطير ببشاشة وجه الإمام المشع بنور الإيمان والعامر بأنوار القرآن الكريم .
عالم كبير،وقطب له في العلم والمعرفة قدم من الرسوخ ليس له نظير،علم من أعلام الدين الأفذاذ يحاكي ويضاهي ويشابه أقطاب العلم والولاية علما وحالا،قدما وسلوكا.
شهد له القاصي والداني وتحركت جموع الناس صوب حضرة علمه ولم يعرف التكبر والعجب طريقا إلى قلبه،فكان بذلك تحقيقا لدعوة الإمام علي عليه السلام:
“اللهم لا تخلي الكون من قائم لك بحجة اما ظاهرا مشهورا أو باطنا مستورا”.
ولا شك أن مصر مستودع العلم والعلماء، ومركز العلم، ولها فضل على كل العالم، والشيخ الشعراوى تتلمذ على يديه كثير من العلماء، وكان يقول:
إذا لم تجد لك حاقدا فأعلم أنك إنسان فاشل، وهذا يعنى الحقد مستمر عليه لنحاجه حتى بعد مماته.
حول هذا الامام تجمعت القلوب، وأحاطته بمشاعر الحب والتقدير، فتراهم يرقبون ظهوره على شاشات الرائي، أو خلف أجهزة المذياع، ليستمعوا إلى تفسيره لآيات الذكر الحكيم، ويستمتعوا بما يجود الله به عليه من خواطر قرآنية.
فهو بلا شك أحد الأئمة الذين أخرجهم الأزهر وخرجهم وأنبتهم، وكان له في الحياة المصرية والعربية والإسلامية أثر لا ينسى، ولا يكاد يوجد عربي أو مسلم يعرف العربية إلا والتقى الشيخ الشعراوي في درس من دروسه التفسيرية المتميزة، التي كان الرجل فيها نسيج وحده، في فهم القرآن، وفي اكتشاف جوانبه وجواهره، والاطلاع على حقائقه ودقائقه وإعجازه، بحاسة روحية لا يشاركه فيها أحد!
غير أنه بين الفينة والأخرى تتوالى هجمات المغرضين للنيل من الإسلام ورموزه كشيخنا الشعراوي محاولين بذلك ضربا للثوابت القيمية والتشريعية ولا غرو أن لحوم العلماء مسمومة فيها الداء العضال الذي لا شفاء منه.. فمن شمها مرض ومن أكلها مات.
فالعالم العامل ولي للملك جل فى علاه وفي الحديث القدسي عن رب العزة سبحانه وتعالى:(من عادى لي وليا فقد أذنته بالحرب).
وقديما قالوا:الولي سيف في غمده إذا مات سل!
_يحشد أعداء الإسلام أقلامهم ويوجهون جل أحبارهم لمهاجمة أعلام الإسلام وسدنة تشريعه الخالد بلا أدنى حيادية علمية أو أكاديمية منصفة بأي حال من الأحوال!
إننا هنا إذ نكتب مستنكرين هذا الحول الفكري لسنا في مقام الدفاع عن الإمام فإننا أقل من أن ندافع عن سماحته قدس الله سره العزيز وكيف لا ؟ وخواطره الباقية أبد الدهر هي من تدافع عنه !
إن المتعرضين لجناب الإمام كناطحين للصخر تتحطم هامات رؤوسهم على عتبات مجد الإمام الخالد المجدد للناس أمور دينهم ودنياهم!
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
وينكر الفم طعم الماء من سقم
لقد نجح الشيخ الشعراوي في دك حصون المنافقين والشيوعيين وكان يملك اسلوب عرض بسيط ومفهوم استطاع من خلاله أن يوصل فكرته للعامة والخاصة وهؤلاء الساقطين يظنون أنهم بهحومهم عليه صاروا ندا له تقول لهم ماضر بحر زاخر إذا ماألقي فيه غلام بحجر!
وبالتالى ستدركون أين يقف الناقد لشيخنا الجليل؟
فهل موقفه من التدين أم من الدين؟
وهل موقفه من الرموز عامة أم من رموز الدين؟
وهل موقفه من الأديان عموماً أم من دين الإسلام؟
لقد انخرط شيخنا الشعراوي في محاولة لتفسير القرآن وأوقف حياته على هذه المهمة؛ ولأنه أستاذ للغة أساسا كان اقترابه اللغوي من التفسير آية من آيات الله، وبدا هذا التفسير للناس جديدا كل الجدة، رغم قدمه ورغم أن تفسير القرآن قضية تعرض لها آلاف العلماء على امتداد القرون والدهور، إلا أن تفسير الشيخ الشعراوي بدا جديدا ومعاصرا رغم قدمه، وكانت موهبته في الشرح وبيان المعاني قادرة على نقل أعمق الأفكار بأبسط الكلمات.. وكانت هذه موهبته الثانية.
ارفعوا ايديكم عن أعلامنا الكبار ورموز ديننا الحنيف فالأمم بخير ما احترمت ووقرت رموزها ومفكريها….دعكم من أفعال الصغار وكونوا كبارا إن اردتم لأنفسكم كرامة واحتراما في الدنيا والآخرة.
وإننا من خلال هذا المنبر نرى ضرورة استنهاض ولاية المشرع الوضعي باستنفار نصوصه التجريمية لمعاقبة وملاحقة كل من تسول له نفسه الإساءة لرموز الأمة ومفكريها والضرب بيد من حديد على شرورهم العدوانية الهدامة تجاه الأمة ومصلحيها!
وعلى كل حال:
إذا أراد الله نشر فضيلة طويت أتاح لها لسان حسود.