تعد قرية أبو صير، مركز البدرشين، بمحافظة الجيزة، التى يزيد عددها على أربعين ألف نسمة، من أهم البلدان التى تحتل الصدارة فى عالم تحفيظ القرآن الكريم وعلم القراءات، نظرا لوجود ما يقرب من أربعين مسجدا، ومثلها من الكتاتيب، كما فاق عدد الوعاظ والأئمة والخطباء وأساتذة الجامعات الثلاثة آلاف، وبها العديد من المعاهد الأزهرية والمدارس العامة، كما يوجد بها الكثير من علماء الأزهر والأوقاف الذين تفتخر البلدة بهم، وهو الأمر الذي دعا أهلها إلى أن يسيروا على نهج من سبقوهم.
جدير بالذكر أن (أبو صير) تعد قرية أثرية وبها سُجِن نبى الله يوسف ومقام ثابت البنانى رضى الله عنه.
مسيحييون فى (الكُتَّاب)
فجَّر طه خميس سليم- إعلامى، أحد أبناء القرية وحاصل على الإجازات القرآنية- مفاجأة بقوله: توجد ببلدتنا أسر كاملة من المسيحيين الذين يحفظون القرآن الكريم بإجادة فائقة، ويرجع السبب فى ذلك إلى أن أبو صير لم يكن بها معاهد دينية إلا فى أوائل التسعينيات، كما كان لا يوجد بها مدارس سوى مدرسة قديمة جدا والإقبال عليها ضعيف، وكان من يريد أن يلحق أولاده من قريتنا بالأزهر أو بالتربية والتعليم عليه أن يتوجه إلى البدرشين، ولم يكن هناك مخرج سوى أن يذهب أولياء الأمور بأبنائهم إلى كتَّاب القرية، ومن هنا كانت الأسر والعائلات المسيحية تلحق أبناءها بالكتّاب لسببين، أولهما أنه هو مكان آمن، ويديره ويقوم عليه شيخ يحظى بتقدير وثقة واحترام وإجلال أبناء بلدته، وكان العرف يعتبر أن الشيخ أوالمعلّم بمثابة أحد أكابر البلدة، يلجأ إليه الناس عند الشدائد والخطوب، فضلا عن تقوية أولادهم فى اللغة العربية، وكان شيخ الكتاب يقوم بتعليمهم كتابة الآيات القرآنية والخط العربى على اللوحة بالبوصة والمحبرة، فى جو أسرى بديع.
أضاف: ومن ضمن هذه الكتاتيب كتَّاب الشيخ عبدالتواب جودة عويان- محفِّظ وقارئ القرآن الكريم بالقراءات العشر- وتعلم القراءات على يد فضيلة الشيخ سعد أبو طالب من رموز أهل القرآن بمصر، ومن أبرز الرموز الشيخ عبدالعزيز أبو عطية الذي حصل على المركز الثاني في المسابقة العالمية لحفظ القرآن وكرَّمه الرئيس السيسى في احتفال ليلة القدر.
رسالة سامية
وعن كتاتيب أبوصير وأشهرها في السابق والوقت الحالى يقول الشيخ عبدالتواب عويان: كانت الكتاتيب فى قريتنا ولازالت تؤدى دورا كبيرا فى حياة الأفراد والجماعات مما جعلها تهذّب النفوس وتنير القلوب، فقد ساهمت فى غرس الأخلاق الحميدة لدى جميع التلاميذ والطلاب الذين أصبحوا يحملون أعظم وأسمى رسالة.
أضاف الشيخ عويان: أما الرموز النيرة فمنها: الشيخ عبدالتواب أبوغنيم، الشيخ عبدالحليم أبو ضيف الله وابنه الشيخ عاشور، والشيخ مجاهد أحمد عبدالله عويان، وكتَّاب ابنته الشيخة سميّة، الشيخ عوض أبو شوشة، الشيخ سلامة عباس سلام، الشيخ فتحي أبو شبكة، الشيخ محمد إسماعيل الأكرت، الشيخ عمر طه السيسى، الشيخ محمد مصطفى عمار، الشيخ حسن عبداللطيف أبو غنيم.
وهناك عظماء في كافة الميادين والمجالات، كفضيلة الشيخ الراحل عليان علي عمار وهو من مؤسسي الجمعية الشرعية على مستوى الجمهورية، والذي كان يعتبره الشيخ الشعراوي أستاذا له، الشيخ عبدالموجود عويان من أئمة الخطابة المتميزين في عصرهم، الشيخ عبدالتواب عبدالحكيم أبو عطية- وكيل الأزهر الأسبق، حفظه الله- والعديد من المستشارين بمجلس الدولة ووكلاء النيابة العامة والإدارية، وأكثر من3000 إمام وخطيب وواعظ وأستاذ جامعى.