لأن تفسير الأحلام وتعبير الرؤي من الأمور التي تهم قطاع كبير من الناس فقد انتشرت في الآونة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى قنوات اليوتيوب والفضائيات برامج عديدة كلها تتناول هذا الموضوع،وللأسف الشديد يغيب عنا سؤال مهم..هل من يقدم هذا التفسير على علم ودراية كاملة تجعله مؤهلا لتقديم التفسير الصحيح والتعبير الحقيقي للرؤيا المعروضة عليه؟
قبل أن أجيب على هذا السؤال دعونا نبين أولا أن الرؤي والأحلام حقيقة واقعة وماقصة الرؤية التي شاهدها فرعون مصر وقام بتفسيرها نبي الله يوسف والتي بسببها تم انقاذ مصر من خطر الجفاف والجوع عنا ببعيدة فهي قصة واقعية مذكورة في القرآن الكريم
وهناك ايضا الرؤيا التي شاهدها سيدنا يوسف في منامه وذكرها القرآن الكريم “اذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ”. فتحققت رؤيا سيدنا يوسف عليه السلام في قوله تعالى: “وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيم”. هنا كانت الرؤيا حق رآها نبي الله يوسف وحققها له..
وهناك أحاديث صحيحة تتناول هذا الأمر منها على سبيل المثال لا الحصر حديث «الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة»، وعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنه رأى في المنام كأن ملكين أخذاه فذهبا به إلى النار! يقول – رضي الله عنه -: فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان، وإذا فيها أناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، قال: فلقينا ملك آخر فقال لي: لم ترع، فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل، فكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلًا، متفق عليه..
وفي صحيح مسلم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: إن كنت لأرى الرؤيا تمرضني، قال فلقيت أبا قتادة فقال: وأنا كنت لأرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الرؤيا الصالحة من الله، فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب، وإن رأى ما يكره فليتفل عن يساره ثلاثًا، وليتعوذ بالله من الشيطان، ولا يحدث بها أحدًا فإنها لن تضر.
وقد ورد عن نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم أن الرؤيا تنقسم إلى ثلاث أقسام مختلفة وهي:
قد تكون من الشيطان والتي تعمل على إحزان الإنسان.
قد تكون من الأمور التي يعيشها الإنسان في اليقظة وهذا ما يُطلق عليه بأحلام اليقظة.
وقد تكون بشرى من الله عز وجل أو إنذار وتحذير منه.
والأمر الثاني أن تفسير الأحلام ليس علما قاءما بذاته وليس له مدخلات ومخرجات ثابتة وواضحة فما يمكن تفسيره عند شخص بأنه شئ معين يمكن ان يفسر عند شخص آخر بأمر مغاير له تماما وهكذا ومن هنا يمكن القول أن تفسير الأحلام هبة من عند الله يعطيها لبعض الناس دون البعض الآخر ويجب أن يكون المعبر أو المفسر للأحلام فَطن، ذكي، أمين فيما يقول، يستشهد بتأويله من القرآن والسنة وبعض الكتب لتفسير الأحلام، وإن رأى شر كتمه وإن رأى خير صرح به، يبشر ولا ينفر، فقد روي عن ابن سيرين أنه جاءه رجل يخبره بسقوط جميع أسنانه فقال له: ستكون آخر من يموت من أهلك! فكان بامكانهبامكانهح اخباره بفقدانه جميع أهله، ولكنه فضل أن يبشره لا ينفره
وهو مايجعلنا لا ننساق وراء كل من هب ودب في هذا المجال وادعي انه على دراية بتفسير الأحلام
لأن اغلب مانشاهده الآن هو نوع من الارتزاق والبحث عن الشهرة الكاذبة واستغلال لعواطف الناس واللعب عليها استغلالا لرغبتهم في معرفة المجهول والغيب وهي نقطة خطيرة جدا تجعل من يقوم بالتفسير يتحكم في صاحب الرؤيا ومن هناننصح بعدم الجلوس إلا لمن نثق فيهم وفي قدرتهم الحقيقية على التفسير الصحيح والحقيقي.