المولد النبوى.. بداية انطلاقتى فى عالم القرآن
حوار: محمد الساعاتي
القارئ الإذاعى الشيخ محمود الطوخى، قارئ السورة بمسجد النور بالعباسية، خلفا للراحل الشيخ محمد أحمد شبيب، صدر له قرار كقارئ للسورة بمسجد سيدنا الحسين رضى الله عنه بالقاهرة من قبل وزارة الأوقاف، على أن ينفذ عقب جلاء فيروس كوفيد 19 عن البلاد.
يعد أحد قراء مدرسة الخشوع فى القرآن فى الزمن المعاصر، استطاع أن يفرض نفسه على الساحة القرآنية، ورسم لنفسه طريقة خاصة به فى عالم التلاوة، وسط كوكبة كبيرة من قراء القرآن المشاهير، بفضل ما حباه الله بصوت عذب قوى خاشع متمرس على فنون التلاوة المصرية الأصيلة.
“عقيدتى” التقته وأجرت معه الحوار التالى.
* الأمة الإسلامية تحتفل هذه الأيام بذكرى المولد النبوى، فماذا عن ذكرياتك مع هذه المناسبة العطرة؟
** لهذه الذكرى العطرة، تعلق كبير فى قلبى وعقلى ووجدانى، حيث لا تغيب عن ذاكرتى وذكرياتى فى صباى تلك الاحتفالات والأنوار والتجمع الكبير فى كل البلاد والبيوت وساحات آل البيت وحلقات الذكر والإنشاد والمديح، مما جعلنى أنطلق روحيا وروحانيا وجسمانيا من خلال هذه الذكرى العطرة، والتى كانت سببا مباشرا للتألق منذ الصغر وخاصة وأننى تعودت على مواجهة الجماهير من خلالها.
وحين نضجت وصرت فى مرحلة الشباب أصبحت الدعوات توجه إلى للمشاركة بقراءة القرآن فى ذكرى المولد النبوى العطرة، كما أصبحت مولعا بكل ما كنت أسمعه من مديح وإنشاد مما جعلنى أستزيد من علم المقامات الموسيقية من أعلام المنشدين والمداحين سماعى، مما أصقل موهبتى وأفادنى ذلك أمام لجنة اختبار قراء القرآن وصرت بحمد الله قارئا بالإذاعة والتليفزيون.
رحلة مباركة
* نود التعرف على رحلتك مع القرآن؟
** ولدت أول مارس 1964م فى قرية سنديون مركز قليوب، بالقليوبية، مات والدى وعمرى عام واحد، فتولَّت والدتى- رحمها الله- تربيتى وإخوتى تربية دينية، وفى سن الخامسة ذهبت إلى كتَّاب الشيخ أحمد الشلقاني بالقرية، حيث حفظت القرآن كاملا فى الثامنة من عمرى، ثم جودته فى الحادية عشرة، وتعلمت رواية ورش على يد فضيلة الشيخ حسن رجب بجامع الخازندار بروض الفرج، وسجّلته كاملا مجوَّدا لدولة الكويت، وهو يذاع حتى الآن عبر الإذاعة الكويتية، كما سجّلته كاملا مرتلا، وهو الآن تحت الترخيص من الأزهر.
القرآن حياتى
* حدثنا عن أهمية القرآن وقراء الزمن الجميل فى حياتك؟
** القرآن هو حياتى، أعتبره مثل الماء والهواء الذى أتنفسه، فما كنت أرى لنفسى قيمة قبل ذلك بغير القرآن، أصبحت بفضل ما حبانى ربى بالقرآن ذائع الصيت بالداخل والخارج، مما يستوجب منى أن أسجد لربى شاكرا تلك النعمة الكبيرة.
كما أشرف بانتمائى لمصرنا الحبيبة، تلك البلدة التى أكرمها الله وشرفها بأن جعلها مسقط رأس دولة تلاوة القرآن، مصر التى خرجت للدنيا كلها أعلاما وأفذاذا فى تلاوة القرآن على مر العصور، هؤلاء الذين لهم الفضل الكبير بعد الله على جميع القراء من الجيل الوسط والعصر الحديث، فمن من قراء القرآن لم يستفد من هؤلاء الأعلام من قراء الزمن الجميل؟ الذين أثروا المكتبة الإسلامية بالعديد من التلاوات أمثال مشايخنا الأعلام: محمد رفعت، مصطفى إسماعيل، عبدالباسط عبدالصمد، محمود خليل الحصرى، محمد صديق المنشاوى، محمود على البنا، كامل يوسف البهتيمى وغيرهم.
فى الصدارة
* وما الذى تراه مطلوبا من أجل احتفاظ مصر بصدارة التلاوة عالميا؟
** يقينى فى الله كبير بأن تظل مصر تحتل المرتبة الأولى عالميا فى فن التلاوة، وإن كنت أنادى وأطالب المسئولين بضرورة عودة الكتاتيب وإنشاء معاهد متخصصة لاكتشاف المواهب والأصوات الحسنة وهم كثر.
وأنصح الأجيال الجديدة والقراء المبتدئين بكثرة الاستماع إلى قراء الرعيل الأول- قراء الزمن الجميل- للتزود من خبراتهم حتى تظل مصرنا محتفظة بالصدارة عالميا، مع مراعاتهم التخلى عن التقليد من أجل تكوين مدرسة مستقلة لأنفسهم أسوة بمن سبقوهم من أعلام القراء الذين يُعرفون فى جميع قارات العالم بأصواتهم العذبة.
قبل الإعتماد
* حدثنا عن قصة التحاقك بالإذاعة والتليفزيون؟
** شرفت بافتتاح (أكاديمية الرئيس محمد حسنى مبارك- بالتجمع الخامس) الخميس 24 يناير 2007م، فى حضور الرئيس الراحل مبارك، وكانت تلاوة موفقة من سورة الفتح، مما جعلنى مطلوبا منى لتلاوة قرآن الجمعة فى 25 يناير 2007م بالإذاعة والتليفزيون فى احتفالات عيد الشرطة بمسجد الشرطة بالدراسة، وكانت التلاوة من سورة الإسراء لنحو 24 دقيقة بأداء راق وثقة عالية إلا أن لجنة القراء ثارت فى ذلك الوقت حيث اتهمونى بأننى قد فُرضت عليهم من قبل وزير الداخلية، والغريب أنهم لم يجدوا لى خطأ واحدا فى التلاوة، وهكذا تحدّتنى لجنة اختبار القراء آنذاك ولم يقبلونى قارئا رسميا، ثم سافرت إلى خارج البلاد حتى عدت 2012م حيث طلب منى أحد المخرجين بالتليفزيون أن أقرأ القرآن فى عزاء والدة رئيس التليفزيون فى تلك الفترة الإعلامى عصام الأمير، وأعجب كل الحضور بالتلاوة وسألونى: لماذا لم نسمع هذا الصوت الجميل بالإذاعة والتليفزيون؟! وبالفعل تقدمت للجنة الجديدة وتم اختبارى فى الصوت ثم القرآن، بمعرفة فضيلة الشيخ المرحوم العلامة عبدالحكيم عبداللطيف، حيث سجلت تلاوات واعتمدتها اللجنة والحمد لله صرت قارئا معتمدا رسميا وأصبح يعترف بى وبأدائى بعدها.
نصائح غالية
* وماذا عن أهم مشايخك والنصائح التى تعتز بها وتقدمها لغيرك؟
** أرى أن من أهم وأبرز الأساتذة الشيوخ الذين تأثرت بهم المشايخ الأجلاء: محمد رفعت ومصطفى إسماعيل ومحمود على البنا وعبدالفتاح الشعشاعى ومحمود محمد رمضان ومحمد صديق المنشاوى، وأنتمى بالأكثر إلى مدرستى الشيخ رفعت ومصطفى إسماعيل.
تعلمت من مشايخى المخلصين الكثير من النصائح الغالية والتى أحب أن أهديها لنفسى ولغيرى من القراء الجدد ومنها: ينبغى على القارئ أن يكون ذا قلب خاشع لله، ويعى تمامًا أنه يتلو آيات الله العزيز الذى قال: “لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله”، ويجب على القارئ أن يحافظ على أحكام التجويد ووقار كلام الله، وأن يكون مهتما بالمقامات الموسيقية، وأن يكون على دراية بأسماء المقامات حتى يتسنى له الانتقال من مقام إلى مقام آخر بسهولة ويسر.