لا شك أن أغاني المهرجانات في غالبيتها فيروس خطير،جاء وفق مخطط ممنهج،لهدم الثوابت القيمية، والمجتمعية لمجتمعنا الشرقي ذا العادات والقيم الأصيلة . ولا أكاد أن أكون مبالغا إذا ما جذمت أن فيروس هذه الأغاني_بما تحمله من ألفاظ خادشة للحياء العام والعام_لا يقل خطورة عن فيروس كورونا اللعين . ياربي،،إنها بذلك جاءت لتهدم أهراماتنا الثقافية،والفكرية الشامخة عبر تاريخ مصرنا الفياض بالمبدعين جيلا بعد جيل . حقيقة ما يحدث هو جرم كبير في حق هذا الوطن الكبير،الذي قدم عشرات المبدعين،مثل كوكب الشرق أم كلثوم والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ،وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، ومحمد فوزي ونجاة،وفيروز،وفايزة أحمد،وعلى الحجار،وهاني شاكر ومحمد ثروت ومحمد منير وغيرهم الكثير والكثير من نجوم الفن والطرب الأصيل . ناهيك عن نجوم الغناء الشعبي،محمد عبد المطلب،ومحمد طه، وخضرة محمد خضر،والعزبي،ومحمد رشدي الذي ما زالت الآذان تنتشي طربا لسماع دفء أصواتهم . فمن ينادون اليوم دفاعا عن هذا القيح بزعم حرية التعبير قولهم مردود عليه(أنت حر ما لم تضر) فهذا ليس تعبيرا،ولا فنا،ولا يستطيع أن يرقى حتى إلى أي لون من ألوان الابداع،وما هو سوى انبطاح فكري، وتردي ثقافي،والسكوت عن ذلك، جرس إنذار،وناقوس خطر، وطريق يسير بنا جميعا،هبوطا وانحدارا نحو الهاوية القيمية والأخلاقية،ومن ثم ضرب أدبيات المجتمع في مقتل . إن هذه النوعيةلا ترقى إلى المستوى بأن نوصفها(أغاني) بل هي لطمة على جبين الفن،ولطمة على جبين الإنسانية و إذا لم نستطع أن نوقف تمدد هذا الظاهرة عند حدها،فإنها ستأكل الاخضر واليابس،لكونها تسري في عقول الشباب المغيب،سريان النار في الهشيم . إن أخطر ما تواجهه الدول والشعوب في(حروب الجيل الخامس)،هو محاولة تجريف فكرها،وتجريف ثقافتها،وتجريف قيمها وأخلاقها،ومن ثم خلق حالة من الانفصام الفكري والمعرفي بين ثوابت المجتمع وقيمه ورقيه،وتحضره،تحت مزاعم صفراء، تخفي بين سطور أجنداتها معاول الهدم والتخريب! مصر دولة كبيرة ولها ريادتها وتواجدها في قلب العالم،وهي اليوم ترسخ القواعد لجمهورية جديدة، هذه الجمهورية تحتاج لتضافر مثقفيها،وبنى جلدتنا،سندا لها ودعما،وتعرية لكل من يحاول خطفها بعيدا عن مسارها . تحقيقا لحلم قيادتها السياسية الرشيدة في بناء دولة كبيرة ذات قيم ومبادئ تستطيع أن تواجه التحديات هنا أو خارج هنا . إن حضارة مصر الممتدة عبر آلاف السنين،والضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، ببصماتها الثابتة،وثوابتها التاريخية التي لا تقبل التشكيك أو المزايدة لا تقبل هذا الهراء ولا ترضيه لأبنائها ولا لغيرهم من بني الإنسانية . مصر التي رسخت وما زالت ترسخ القواعد نحو حياة كريمة،أنصفت في الداخل ريفها المهمش بمد يد العون والمساعدة وتحقيق الحياة الآدمية اللائقة لمواطنيها،وفي الخارج بعودة مكانتها الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية،لقادرة على متابعة وملاحقة،كل من يحاول تجريف فكر رعاياها تحت أي زعم أو مسمى . (لا يليق ولا يقبل أن يكون هذا هو شكل الفن والغناء في مصر وفي الوطن العربي)! أفيقوا يا سادة فالتاريخ لا يرحم .