وصَّى الإسلام بحفظ الجميل والفضل فذلك أدعى للعفو عن الناس عندما قال جل وعلا: ﴿وَلَا تَنسَوُا۟ ٱلْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾، والفضل بمعنى الإحسان؛ أي: لا تنسوا الإحسان الحاصل بينكم من قبل، فيكون سبب للعفو.
يأمرنا الله تعالى في هذه الآية تحديدًا أن من جمعتهم علاقة من أقدس العلاقات الإنسانيةـ وهي علاقة الزواج ـ ألا ينسيهم الفراق ما كان بينهم من سابق العشرة، والمودة والرحمة، والمعاملة.
وهذه القاعدة جاءت بعد ذلك التوجيه بالعفو: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} كلُّ ذلك لزيادة الترغيب في العفو والتفضل الدنيوي.
ولنعلم أن عدم النسيان في هذه الآية، ليس المراد النهي عن النسيان بمعناه المعروف وإنما المقصود به الإهمال وعدم الاعتناء، وإن كان الحديث عن الأزواج والزوجات، لكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فالأصل في الإنسان هو الفضل الذي هو أعلى درجات المعاملة، فلو طبقنا في الحياة هذه القاعدة العظيمة وجعلناها شعاراً لنا لأصبحت أجمل ما يكون سواء اتفقنا أو افترَقنا مع الآخرين وستقل بل ستختفي دائرة الخلاف وتعطي أملًا كبيرًا في السعي إلى الصلاح والإصلاح، وتسهل على المصلحين الوصول إلى نقطة اتفاق ينطلق منها المتخاصمين، فما أكثر ميادين تطبيق هذه الآية وما أحوجنا إلى تفعيلها بين الأزواج وبين الأبناء وآبائهم بين الجيران وفي الوفاء للمعلمين وأصحاب الفضل علينا والأصدقاء وفي مجال العمل والمجتمع بشكل عام.