الوقت الوجه الآخر للعمر، يحمل بطياته رحلة الإنسان بكل ما تحمله من سعادة وكفاح، ولقد أعلى الإسلام من قيمة الوقت وأهميته في نجاح الإنسان بالدنيا والآخرة، وحثنا على إدارة الوقت بصورة سليمة، فبالوقت يكمن مفتاح سعادتك.
فسبحان من جعل ميزان الحسنات يُثقل بوقت ننفقه في عمل صالح، وسبحان من رزقنا توفيقه في وقت نبذله في الاجتهاد في العمل، فلا تضع وقتك هباءً.
ولقد بين لنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قيمة الوقت في العديد من الأحاديث التي تنير طريقنا، حيث قال: “لا تزولُ قدمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتى يسألَ عن عمُرِه فيمَ أفناه، وعن علمِه فيمَ فعَل، وعن مالِه من أين اكتسَبه وفيمَ أنفقَه، وعن جسمِه فيمَ أبلاه.”
فالوقت هو العمر هو ميزان أعمالك الصالحة وسوف تُسأل على هذه النعمة من المولى عز وجل؟ فكيف احسنت توظيفها؟، ولنتذكر دائماً كلما استثمرنا الوقت جيداً جنينا فلاحاً في الدارين.
ولنعلم أن أكبر عدو للإنسان هو الفراغ، وأكد عليه رسولنا الكريم حين قال النبيُّ (صلَّ الله عليه وسلم): “نعمتانِ مغْبُونٌ فيهما كثيرٌ من الناس الصِّحَّة والفراغ”، رواه البخاري، فتخيل أيها القارئ العزيز أن هاتين النعمتين التي أشار إليهما رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم متوفرتان لدى معظم الناس ولكن نجهل قدرهما.
فبنعمة الصحة نستطيع أن نحيا وفق ما نريد في رضا الرحمن، أما وقت فراغك تستطيع توظيفه في الكثير من الأعمال المفيدة لك، فيمكن أن تقضيه في الطاعة والأعمال الصالحة، أو بالتعلم وتحقيق أهدافك المستقبلية ،…وغيرها من أوجه الاستفادة، فهناك من يشكوا من وقت الفراغ ولايدري أهميته في تطوير ذاته فربما كان سبيلاً لنجاحه وتحقيق أحلامه، فأحسن استغلال وقت فراغك، فقد يتركك مستقبلا دون عودة.
وفي حديث نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام تنبيه لعظم قيمة الوقت، حيث قال:
“اغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ : شبابَك قبل هَرَمِك، وصِحَّتَك قبل سَقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك”.
فالوقت كنز الإنسان، والذي يمضي منه لايعود، لذا وجب علينا الحرص الدائم على إدارة الوقت بتنظيمه وتحديد الأولويات، وتطوير الذات، بل والاستمتاع أيضاً بكل لحظه وبكل مرحلة في العمر، وسوف تكتشف مع مرور الزمن أنه لايوجد أغلى من الوقت ليمتلكه الإنسان، ولاتوجد هدية أقيم من الوقت ليهديه الإنسان لأحبائه.
وختاماً فإن وقتك ما هو إلا عمرك، ويا ابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب يومك ذهب بعضك، فلا تفرط في وقتك إلا فيما يضمن لك سعادة الدارين الدنيا والآخرة، ولنيقن أن أعمالنا ماهى إلا أعمارنا، ولازال لديك متسع من الوقت للنهوض بنفسك وتحقيق الأمنيات فلم تتأخر بعد…