ارتبط شهر رمضان المبارك فى ذاكرة الأمة العربية والإسلامية بأنه شهر الانتصارات وتحقيق الذات.. كيف لا.. وفى هذا الشهر المبارك حقق المسلمون أعظم انتصاراتهم.. ففى هذا الشهر الكريم كانت غزوة بدر الكبرى والتى وقعت أحداثها فى السابع عشر من رمضان وكانت هذه المعركة هى أول انتصار للمسلمين بقيادة النبى محمد صلى الله عليه وسلم ضد أعداء الإسلام وهذه المعركة الفاصلة كان الانتصار فيها البداية الحقيقية لنشر الإسلام وتوسيع رقعته ونفوذه وتثبيت دعائمة.
والانتصار الثانى فى رمضان كان فى العشرين من هذا الشهر وكان بمثابة انطلاقة كبرى للمسلمين داخل الجزيرة العربية وبعدها إلى العالم كله وفى شهر رمضان ايضا كانت معركة القادسية وعين جالوت وفيهما حقق المسلمون انتصاراً عظيماً أنهى امبراطورية الفرس من الوجود.. وانتصر المسلمون على التتار بعد ان عانوا فساداً ودماراً فى بلاد الاسلام.
وبالأمس احتفلنا بمرور خمسين عاما هجريا بالتمام والكمال على انتصار العاشر من رمضان ذلك الانتصار العظيم الذى حقق فيه المصريون انتصاراً تاريخياً وقضوا فيه على غرور الجيش الاسرائيلى الذى ظن انه لا يقهر بعد سنوات عشناها مع هزيمة 1967.
هذه الحرب العظيمة وهذا الانتصار الكبير الذى حدث للمصريين فى العاشر من رمضان المبارك الذى سجلت فيه قواتنا الباسلة أعظم وأهم الانتصارات فى العصر الحديث حيث حطمت قواتنا الباسلة خط بارليف واقتحمت قناة السويس ورفع الجنود المصريون العلم المصرى على الضفة الشرقية من القناة.
ونحن نعيش ذكريات هذا النصر العظيم يستوقفنى أمران: الأول أن هذا الانتصار لم يتحقق لأننا كنا نمتلك أكثر الاسلحة واقواها أو أكثرها تفوقا ولا لأنه كان لدينا جسر جوى ينقل إلينا الاسلحة كما حدث مع العدو ولا لأننا كنا نتلقى دعماً سياسياً واقتصادياً ومعنوياً ومادياً كما تلقت إسرائيل.. بل لأنه كانت لدينا طاقة ايمانية تعطلت فى حرب 1967 فأنهزمنا.. ولكن هذه الطاقة الايمانية تفجرت فى عام 1973 فأنطلق رجالنا أصحاب العقيدة والقضية مقبلين على الموت طالبين الشهادة فتحقق لهم النصر وتحقق لمن عاش منهم الفخر والاعتزاز بأول نصر عربى حقيقى فى العصر الحديث وفاز من مات منهم بالشهادة.. وكل الخبراء أكدوا ان بناء الجانب النفسى والروحى لأفراد القوات المسلحة كان إحدى الركائز الأساسية فى إعادة بناء القوات وإعادة تأهيل الأفراد وبهذه القوة النفسية والطاقة الايمانية استطعنا بناء قواتنا المسلحة ونستطيع أيضاً ان نبنى مصرنا الجديدة ونحل كل مشكلاتنا وهذا ليس ضرباً من الخيال لكنه محاولة للتذكير بالحقائق التى أحيانا تغيب عنا.
الأمر الثانى.. هو ما نبه إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى مراراً وتكراراً بأحديثه فى هذه المناسبة وهو اننا نعمل دائما على زيادة ودعم وتطوير قواتنا المسلحة فهى درع الوطن وأداته الأساسية فى الدفاع وتحقيق السلام وحماية المنجزات التى تتحقق على أرض مصر.
هذان المعنيان لا يقللان من أهمية المعانى الأخرى السديدة التى تتداعى فى الذهن ونحن نعيش ذكريات الانتصار فى هذا الشهر الكريم حتى تبقى معنا روح رمضان ملهمة ومرشدة ودافعة فى سبيل التنمية والتقدم والأزدهار.
>>>
وختاماً:
قال تعالى: (َأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ).
سورة الانفال أية «60»