في إطار الدور التثقيفي والتنويري الذي تقوم به وزارة الأوقاف ، والتوعية بقضايا الدين والمجتمع التي تسهم في بناء الإنسان ، وغرس القيم الإيمانية الصحيحة ، ألقى معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خطبة الجمعة اليوم 5 شوال 1443هـ الموافق 6/ 5/ 2022م بمسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) بالقاهرة ، تحت عنوان : “التاجر الأمين” بحضور الأستاذ الدكتور/ عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية ، والإعلامي الكبير الأستاذ/ نشأت الديهي ، والدكتور/ هشام عبد العزيز علي رئيس القطاع الديني ، والدكتور/ خالد صلاح الدين مدير مديرية أوقاف القاهرة ، ولفيف من قيادات الوزارة ، وجمع غفير من المصلين.
وفي مستهل خطبته زفَّ وزير الأوقاف البشرى لجموع المصلين في ربوع المحروسة بافتتاح المساجد أمام المصلين من الساجدين والراكعين والذاكرين ، مع عودة دروس العلم وذلك على مدار اليوم ، مؤكدًا أنه لن يتم غلق المساجد إلا بعد صلاة العشاء ، وستعود المساجد إلى عادتها الأولى من فتحها في التاسعة صباحًا إلى ما بعد صلاة العشاء وصلاة الفجر ، مع عودة الدروس ومقارئ القرآن الكريم وتكثيف ما كان قائمًا قبل الغلق ، وسيتم تعميم ذلك على جميع مساجد مصر بإذن الله تعالى ، مؤكدًا أن هذا من فضل الله سبحانه فله الحمد وله الشكر ، في هذا البلد الطيب أهله ، البلد المؤمن أهله ، المحب لدينه ووطنه ، سائلًا الله (عز وجل) أن لا يكتب علينا غلق المساجد مرة أخرى.
وفي خطبته أكد أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن تحري الحلال واجب كل مسلم وأن من عرف بركة الحلال وقيمة الحلال وتحري الحلال لم تمتد عينه إلى الحرام أبدًا ، ولم يلتفت إليه مهما كان كثيرًا ، لأن الحلال فيه بركة في النفس والمال والولد ، وراحة للضمير وهدوء البال وباعث على السكينة والطمأنينة ، أما المال الحرام – نعوذ بالله منه – فهو سم في القلب في الدنيا ، ونار في الآخرة وفي هذا يقول الشاعر:
جـمع الحرام على الحلال ليكثره
دخــل الحرام على الحلال فبعثره
ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) عن التاجر الصدوق : “التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ”، وذلك لأن النفوس جبلت على حب المال وهو من زينة الحياة الدنيا حيث يقول الحق سبحانه: “الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا” ، فمن يقاوم حب المال ويتغلب على نفسه وشهوته وزينة الحياة الدنيا ويؤثر الباقية على الفانية والأخرة على الدنيا وما عند الله على ما عند نفسه استحق بحق أن يكون مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا ؛ فهو أوثق فيما عند الله على ما هو في يده ، حيث يقول سبحانه: ” وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا”.
مؤكدًا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) سئل عن أفضل الكسب فقال: “عَمَلُ الرَّجُلِ بيَدِه، وكُلُّ بَيعٍ مَبرورٍ” أي: تجارة لا غش فيها ، وكان السائب بن أبي السائب يقول للنبي (صلى الله عليه وسلم) : يا رسول الله كنتَ شريكي في الجاهليَّةِ فَكنتَ خيرَ شريكٍ لا تُداريني ولا تُماريني ، أي : لا تخفي عيبًا في السلعة ، ولا تجادل بالباطل ، وقد قال نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “البَيِّعانِ بالخِيارِ ما لَمْ يَتَفَرَّقا، فإنْ صَدَقا وبَيَّنا – أي: بين كل منهم ما في سلعته من عيب خفي – بُورِكَ لهما في بَيْعِهِما، وإنْ كَذَبا وكَتَما -أي أخفيا العيوب – مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِما” ، مبينًا أن التاجر الصدوق سمي صدوقًا بصيغة المبالغة من الصدق لأنه يتحرى الصدق فلا يغش ولا يخون ولا يحتكر ولا يستغل ولا يغالي في حاجات الناس ، أو ربما يقلل كسبه وقت الأزمات ، مؤكدًا أن التاجر إذا قلل هامش ربحه تخفيفًا على الناس فهو له صدقة عند ربه ، ولذلك قال عنه النبي (صلى الله عليه وسلم) مبينًا منزلته ودرجته : “التَّاجرُ الصَّدوقُ الأمينُ معَ النَّبيِّينَ والصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ”.