د. إسلام القزاز:
كبيرة من الكبائر..التربية الدينية الصحيحة بداية محاصرتها
الحقوقي مراد عبد الشافي :
سيف القانون يردع فاقدي الأدب المتطاولين على والديهم
تحقيق : سمر هشام :
تقدم النائب نبيل عسكر، عضو مجلس النواب بمشروع قانون بشأن إضافة أو استحداث مادة في قانون العقوبات، رقم 302، يجرم عقوق الوالدين ، ويحدد عقوبات رادعة ضد مرتكبي تلك الجريمة ، وينص المشروع على إضافة مادة لقانون العقوبات، تنص على: “كل من سب أحد والديه، أو أهان أحدهما أو هجرهما أو أحدث بأحد والديه جرحا أو ضربا، يعاقب بالسجن من 3 سنوات إلى 5 سنوات، ويضاعف الحد الأقصى للعقوبة إذا عاود ارتكاب الجريمة مرة أخرى” ، ويتضمن مشروع القانون أيضا تشديد العقوبات على أن من يسب والديه، أو يتركهما، أو يضربهما، أن الأديان السماوية أعطت الأب والأم حقوقا، ولا بد من الحفاظ عليهما، وحمايتهما بالقانون فقامت “عقيدتى” بإستطلاع آراء علماء الدين والقانون حول ذلك
فى البداية أوضح دكتور إسلام القزاز عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر وعضو المركز الإعلامي بالجامعة ، أنه يُقصد بعقوق الوالدين كل ما كان ضدّ البرّ, والمراد به: أي قول أو فعل يتأذى به الوالدان من ولدهما، ويكون ذلك بالهجران وعلوّ الصوت وعصيانهما وضربهما، وغيرها من أنواع الإيذاء ، وحذّرت الشريعة الإسلامية من أن يقع أحد الأولاد في عقوق الوالدين بل وتوعّدت فاعل ذلك بالعذاب في نار جهنم ، فكان الوحي على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم محذرا من الوقوع في هذا المحذور كما روي عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:” ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ , وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ, وَالْمَنَّانُ عَطَاءَهُ . وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ, وَالدَّيُّوثُ, وَالرَّجِلَةُ مِنْ النِّسَاءِ ” ، , وروي أيضا عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَال: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْكَبَائِرَ فَقَالَ:الشِّرْكُ بِاَللَّهِ,وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ”
ويضيف د. القزاز أن رُوِيَ أيضا عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: ” خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ مُجْتَمِعُونَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ اتَّقُوا اللَّهَ وَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ ثَوَابٍ أَسْرَعَ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ , إيَّاكُمْ وَالْبَغْيَ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عُقُوبَةٍ أَسْرَعُ مِنْ عُقُوبَةِ بَغْيٍ, إيَّاكُمْ وَعُقُوبَةَ الْوَالِدَيْنِ فَإِنَّ رِيحَ الْجَنَّةِ يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَلْفِ عَامٍ وَاَللَّهِ لَا يَجِدُهَا عَاقٌّ وَلَا قَاطِعُ رَحِمٍ وَلَا شَيْخٌ زَانٍ وَلَا جَارٍّ إزَارَهُ خُيَلَاءَ، إنَّمَا الْكِبْرِيَاءُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَالْكَذِبُ كَلِمَةُ إثْمٍ إلَّا مَا نَفَعْت بِهِ مُؤْمِنًا أَوْ دَفَعْت بِهِ عَنْ دِينٍ، وَأَنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا مَا يُبَاعُ فِيهَا وَلَا يُشْتَرَى لَيْسَ فِيهَا إلَّا الصُّوَرُ فَمَنْ أَحَبَّ صُورَةً مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ دَخَلَ فِيهَا ” .وجاء التحذير الشديد عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” لا يدخلُ الجنةَ منَّانٌ، ولا عاقٌّ، ولا مُدمِنُ خمرٍ، ولا ولدُ زِنًى”
وأكد الدكتور القزاز أن أهل العلم اتفقوا على أن عقوق الوالدين من كبائر الذنوب, ولذلك فإن الشريعة الإسلامية أشارت إلى أن العاق للوالدين أو لأحدهما يفتح عاق والديه على نفسه بابين من أبواب جهنم ، وتعجيل عقوبة العاق لوالديه في الدنيا قبل الآخرة ، والعقوق من أسباب دخول النار والحرمان من دخول الجنة ، استحقاق العاق أو من سب والديه أو لعنهما لعنة الله، تعجيل عقوبة العاق لوالديه في الدنيا قبل الآخرة ، استجابة دعوة الوالد على ولده العاق
وينهى د. القزاز حديثه قائلا: يجب على من عقّ والديه أو أحدهما بأيّ شكلٍ من الأشكال أن يُسارع بالتّوبة إلى الله عزّ وجلّ من هذا الذّنب الكبير العظيم، وتتمثل توبته من هذا العقوق بأن يقلع عن العقوق أولا ثم يندم على فعل هذه الكبيرة، وبعدها يعزم على عدم الرّجوع إليه مرة أخرى، ثمّ يتبع ذلك بكثرة الأعمال الصالحة, حيث أنّ الأعمال الحسنة تُكفّر السيئات وتمحو الخطايا وتفتح باب الغفران من الله سبحانه وتعالى.
العقوبة القانونية
ومن جانبه أكد الحقوقي مراد عبدالشافي محامي بالنقض والإدارية العليا أن قانون العقوبات المصرى تضمن فى المادة302 وما بعدها تجريم السب؛ وهو المساس باعتبار الإنسان وتوجيه ألفاظ وعبارات إليه تستوجب احتقاره واهانته كنعته مثلًا بصفة ومسمى الحيوان أو الجبان وهكذا..ويشمل القذف أيضًا أن ينسب المتهم إلى المجنى عليه أفعال تستوجب عقوبة جنائية فى حقه، كالقول أنه سارق أو مرتش أو مختلس،وقد اشترط القانون لتحقق جريمة السب والقذف أن تتم بطريق العلانية المحددة بالمادة 172 من قانون العقوبات وهذه الجريمة تنطبق على كل المواطنين ويمكن تصور وقوعها من الأبناء ضد الوالدين، كما أن القانون يشدد فى بعض الحالات عندما اعتبر وقوع جريمة السب والقذف عن طريق التليفون ووسائل التواصل الإجتماعى وتشمل أيضًا الإهانة بالإشارة أو القول ضد الموظف العام وبكل ذلك تتحقق جريمة السب والقذف مادة 133 وما بعدها من قانون العقوبات
ويشير إلى أن بالنسبة للوالدين فعلى هدى ما تضمنته المادة الثانية من الدستور المصري أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع وفى ضوء قول الله تعالى”وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا”، ويجوز للمشرع بل يجب عليه أن يتدخل بتشريع يجرم فيه اهانة الوالدين من لفظ “أف وما فوقها” وأن يجعل لها عقوبة مشددة والأهم من ذلك أن يخفف المشرع من الأدلة المطلوبة لإثبات الجريمة ويكتفى فيها بالبلاغ المقدم من الوالدين إذ أنه من غير الشائع أن يتهم الأب أو الأم أولادهما بغير حق وبذلك يكون القانون مع الشريعة فى طريق واحد
ويطالب مراد بأن ينص المشرع على إنشاء مجالس عرفية فى كل حى وقرية تتشكل من وجهاء الحى والقرية حسب الأحوال تنظر فيما يرفع إليها من حالات العقوق لأن إحضار العاق أمام المجلس فى حد ذاته فيه من الإحراج ما يردعه وإذا لم يرتدع فيكون من سلطة المجلس إحالة الأمر بتقرير إلى قسم الشرطة المختص الذى يحيله إلى النيابة العامة لإتخاذ اجراءتها بإحالته إلى المحكمة المختصة