الأمومة وتربية الأطفال.. من أهم الوظائف الفطرية والطبيعية للمرأة
أسيوط مصطفى ياسين
ناشد علماء الأزهر الشريف، مؤسسات المجتمع العمل على مواجهة التطرف بنوعيه، المتشدد والمتحلل. مطالبين بافتتاح العام الدراسي بمحاضرات عن القيم الفاضلة والأخلاق الكريمة. وأن يكون لباس الطلاب متماشيا مع قيم المجتمع ومتوافقا مع الذوق العام. داعين إلى تشجيع القدوات الصالحة في المجتمعات، وإبرازهم للاقتداء بهم. والعمل على وحدة المجتمع ونهضته وازدهاره، ونبذ التطرف والعنف والفوضى.
جاء ذلك في توصيات المؤتمر العلمي الدولي الثاني لكلية الشريعة والقانون بأسيوط، الذى عقد بالتعاون مع مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر بعنوان (دور المؤسسات: الدينية، والتعليمية، والثقافية، والإعلامية، في الحفاظ على القيم المجتمعية)،برعاية فضيلة الإمام الأكبر، د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، اللواء عصام سعد، محافظ أسيوط، د. سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، محب حبشي، قائد المنطقة الجنوبية العسكرية. د. محمود صديق نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث.
وقد شارك في فعاليات المؤتمر، بإشراف عميد الكلية د. عبدالفتاح بهيج العوارى، عدد كبير من رموز الأزهر والأوقاف والقضاء والمفكرين والصحفيين، وعلى رأسهم: د. محمد عبدالمالك الخطيب، نائب رئيس الجامعة للوجه القبلى، د. نظير عياد، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، د. أحمد عبدالمولى نائب رئيس جامعة أسيوط، المستشار مصطفى محفوظ نائب رئيس النيابة الإدارية، د. أحمد على شلوفة، عضو النيابة الإدارية، د. عبدالفتاح عبدالغني العوارى، العميد الأسبق لكلية أصول الدين بالقاهرة، رئيس المركز الأشعرى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، د. عاصم القبيصى مدير أوقاف أسيوط، وأعضاء هيئة التدريس بالكلية، د. سيد مهران، الأستاذ بالكلية، د. علي عبدالحافظ مدير المنطقة الأزهرية بأسيوط. د. خلف عمار مدير إدارة الوعظ والإرشاد، ونقيب وأعضاء نقابة المحامين بأسيوط، د. سحر عبدالمولى ربيع، مقررة المرأة سابقا، رئيس رابطة المرأة العربية، فى مقر كلية اللغة العربية بقيادة عميدها د. رفعت أحمد على.
نص التوصيات
وتلا د. أسامة عرفات، وكيل الكلية، نائب رئيس المؤتمر، د. أحمد عبدالعليم عبداللطيف، د. حسين منازع، مقررا المؤتمر، التوصيات: بعد عرض البحوث المقدمة على المؤتمر، وبعد الاستماع إلى التعقيبات والمناقشات والمداخلات التي دارت حولها، خلال ست جلسات علمية، انعقدت على مدار يومي ١٥-١٦ نوفمبر، وفي ضوء النصوص الشرعية من آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية المطهرة، التي تحث على مكارم الأخلاق، واقتداء بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، في أخلاقهم وسلوكياتهم، وبعد استحضاره للقواعد العامة لشريعتنا الغراء، ومقاصدها العليا، وأعراف المجتمعات العربية والإسلامية وتقاليدها وشيمها الأصيلة، وبعد موازنة بين المصالح والمفاسد، وانطلاقا من المنهج الوسطي للأزهر الشريف، قرر ما يلي: القيم المجتمعية: هي مجموعة الضوابط والقواعد، التي ترسخت عبر الأزمنة والعصور، وارتضاها المجتمع حاكما لتصرفات أفراده وسلوكياتهم، يقفون عند حدودها برضاهم، وهي عنوان المجتمعات، وباحترامها تقاس مكانتها، ويعد الخروج عليها خروجا على المجتمع ونظامه العام، وهي والنظام العام والهوية، منظومة واحدة يكمل بعضها بعضا.
وان القيم المجتمعية في غالبها مشتركات إنسانية، وإن الشرائع السماوية، والأنظمة القانونية وأعراف الناس، هي مصدر وجودها، منها تستمد شرعيتها وقوتها، وإن الوقوف عند حدودها واحترامها واجب شرعي وإنساني ومجتمعي وأخلاقي وقانوني، وإن تخلق المجتمع بالقيم الفاضلة والأخلاق الكريمة الصالحة، يمثل ترجمة عملية للمقاصد العليا لشريعتنا الغراء.
واتفق المشاركون على أن القيم ملك المجتمع، وتمثل جزءا أصيلا في حياته الممتدة، ولها دور كبير في بنائه واستقراره، وهي ضمانة وصمام أمان لتعايش المجتمع وتراحمه وتماسكه واستقراره، وهي سياج يحميه من كل التيارات التي تحاول النيل منه، وإن انهيارها يعني انهيار المجتمعات، وليس لفئة لا تؤمن بها أن تفرض على المجتمع ما يخالفها.
وحذروا من أن إهمال الجوانب الروحية في حياة مجتمعاتنا، له كبير الأثر في تراجع القيم في مجتمعاتنا، من عمليات إلحاد وانتحار، وعنف، وتنابذ، وغير ذلك من سيئ الأعمال والأقوال.
وأكدوا أن اللغة العربية (لغة القرآن الكريم) هي الحارس الأول للهوية المجتمعية، وهذا يوجب على المؤسسات التعليمية الاهتمام بها، وتشجيع التحدث بها، والوقوف أمام من يحاولون تهميشها أو النيل منها.
أوضحوا أن منظومة القيم المجتمعية، أعلاها بر الوالدين، وأدناها التزام الحشمة والوقار في اللباس والزينة، وإن تطبيقها والتفاعل معها بطريق التوسط والاعتدال دونما إفراط أو تفريط، هو دليل احترامها والتمسك بها والمحافظة عليها.
أشاروا إلى أن الأزهر الشريف، بكل هيآته وأجهزته، العلمية، والتعليمية، والدعوية، والبحثية، والتدريبية، والافتائية، من منطلق رسالته وواجبه الشرعي والدستوري والأخلاقي، قدم ولايزال يقدم، وعمل ولايزال يعمل على حماية القيم والأخلاق والحفاظ عليها، في شتى المجالات، في مصر وخارجها. وإن المؤسسات الدينية الإسلامية الأخرى في مصر وغيرها، لم تتوقف عن الدعوة إلى نشر القيم وكريم الأخلاق وحمايتها والحفاظ عليها. كما أن للمؤسسات الدينية غير الإسلامية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، دورا مهما في العمل على المحافظة على قيم المجتمعات وأخلاقها.
قالوا: إن للمرأة عظيم المكانة والاحترام في مجتمعاتنا، وإن حشمتها وعفتها من أهم سماتها، وإن قيم مجتمعاتنا ومتطلبات شريعتنا لا تسمح بالاعتداء عليها أو اضطهادها أو المتاجرة بها.
وشددوا على أن الأمومة وتربية الأطفال وتنشئتهم، من أهم الوظائف الفطرية والطبيعية للمرأة، وإن المرأة في مجتمعاتنا تتفانى في خدمة بيتها وزجها وتربية أولادها، من منطلق قناعاتها بالقيم الدينية والمجتمعية، وحب أسرتها ومجتمعها، وعلى الذين يتشدقون بحقوق المرأة، العمل على إنصافها بحصولها على حقوقها المشروعة، كالميراث، والمعاشرة بالمعروف، دون جر المجتمعات إلى قضايا جدلية، ظاهرها إنصاف المرأة وباطنها محض الإضرار بها.
وأكدوا إن العلماء ركيزة ودعامة للمجتمعات، وباحترامهم تتحقق نهضة الأمم، وإن سلوك بعض الإعلاميين وبعض المثقفين، والمتعالمين، مسلك التنفير من العلماء، ومحاولاتهم صرف الناس عنهم، وتسفيه اجتهاداتهم، وتشويه التراث الديني، لسوف يرتد على المجتمع بسيئ العواقب ووخيم الآثار، وإن من واجب المؤسسات الإعلامية والثقافية الوقوف أمام من يسلكون هذا المسلك.
وركزوا على إن من واجب المؤسسات: الدينية، والتعليمية، والثقافية، والإعلامية، العمل على نشر وترسيخ قيم: الحب، والتعاون، والتكافل والتضامن، والإيثار، والمروءة والشهامة، وغير ذلك من فاضل القيم، وكريم الأخلاق والأعمال والخصال، بين فئات المجتمع.
أجمعوا على أن من واجب المؤسسات الثقافية والإعلامية الوقوف بحزم أمام الأعمال التي تنسب إلى الفن، والتي تحرض على العنف والبلطجة، وتدفع نحو التفلت الأخلاقي، وتحارب القدوة الصالحة. وكذا من واجبات المؤسسات الدينية، والمخلصين من المثقفين والإعلاميين، العمل على كشف زيف دعاوى التنوير، وتفنيدها، وبيان أوجه بطلانها، وخبيث وسائلها وغايتها وأهدافها، وأخطارها، والوقوف بحزم أمام محاولات التغريب الخبيثة، التي تعمل على استبدال الهوية المجتمعية بهويات مجتمعات أخرى تخالفها في خصوصيتها الثقافية.
إن من واجب المؤسسات الإعلامية احترام الحريات الشخصية للأفراد، وكل ما يمس أعراضهم وكرامتهم، تنفيذا لميثاق الشرف الإعلامي.
مؤكدين أن من واجب المؤسسات التعليمية الاهتمام بالجانب التربوي، وتقوية الجانب الروحي، وغرس القيم الفاضلة، والأخلاق الصالحة في نفوس التلاميذ، حتى تكون حارسا عليهم من التجاذبات التي تعمل على اختطافهم من هويتهم وقيم مجتمعاتهم.
وقالوا: إن المؤتمر إذ يقدر الجهود التي تبذلها المنظمات والأجهزة الأممية، للمحافظة على قيم الشعوب وهوياتها وخصوصياتها الثقافية، وتراثها الإنساني، يرفض رفضا قاطعا ما يصدر عن بعض لجانها أو أجهزتها من مقررات، تحرض على الانحلال الأخلاقي، والعلاقات الجنسية الشاذة، وتقويض نظام الأسرة والزواج، تحت شعارات: المساواة وحقوق المرأة والإنسان … الخ، تلك المقررات التي تنال من قيمنا وثوابت ديننا، وخصوصياتنا الثقافية. وأجمعوا على أن مجتمعاتنا بحاجة إلى التمسك بقيمها، حتى يمكنها الصمود أمام موجات التحلل، والإلحاد، والسلوك اللا أخلاقي، وإن المجتمعات التي تتخلى عن قيمها، مصيرها الذوبان والتلاشي، وصيرورتها مسخا لغيرها من المجتمعات، وعليها أن تتحمل ما يحل بها من الإفرازات والسلوكيات اللاأخلاقية للآخرين.
حفظ الله بلادنا ومجتمعاتنا، وحماها من الشرور.