متابعة – جمال سالم:
في احتفالية كبرى أعلن اتحاد المجامع اللغوية العربية صدور ٣٦ مجلدا في أول معجم تاريخي للغة العربية في ٩ أحرف فقط تم إنجازها خلال ثلاث سنوات من بجهود ٣٠١ باحث من ١١ مجمع لغوي عربي برعاية كريمة ودعم من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي حاكم الشارقة عضو الأمانة العليا لاتحاد المجامع العربية الذي شيده مبناه الرائع بمدينة السادس من اكتوبر وكذلك الدعم المادي والمعنوي
أثنى المتحدثون وعلى رأسهم الدكتور حسن الشافعي رئيس اتحاد المعاجم العربية والدكتور عبد الحميد مدكور الأمين العام لاتحاد المعاجم، والدكتور محمد صافي المستغانمي الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة ، والدكتور مأمون وجيه، المشرف العلمي على المعجم، والدكتور عبد الحكيم راضي، عضو المجمع وغيرهم على قرار الشيخ الدكتور سلطان القاسمي بتخصيص وقفيات خيرية لكل من المجامع اللغوية العربية حتى يضمن استمرارها في اداء رسالتها في خدمة اللغة التي تعد دينا ووطنا لكل المتحدثين في الوطن العربي وخارجه فضلا عن مئات الملايين التي تدين بالإسلام
قام المتحدثون في الاحتفالية بعرض مزايا المعجم التاريخي للغة العربية فأوضحوا انه انجاز لغوي غير مسبوق في تاريخ العربية بما تم فيه من رصد تاريخ لغة الضاد منذ فجر التاريخ منذ أن كانت عبارة عن نقوش على الأشجار والصفائح والأحجار فضلا تطور الكلمات وجذورها وعلاقتها باللغات الأخرى تأثيرا وتأثرا مع التمييز بين اللفظ العربي الأصيل والوافد واللهجات وكل ما يتصل بالكلمة وتطورها عبر التاريخ وفي كل العصور مع التأكيد أن كل اللغات السامية هي بنات للغة العربية وليست أخواتها
وأشاروا إلى أن المعجم رصد التغييرات التي طرأت على الكلمات مع ظهور الإسلام وخاصة تأثير القرآن الكريم والسنة النبوية فيها وكذلك ما استحدثه الفقهاء في مختلف العصور فيها وكذلك تأثير الترجمة منها وإليها ودخول كلمات جديدة إليها فضلا عن ما أدخله علماء الحضارة العربية والإسلامية في مختلف العلوم الدنيوية والدينية واللغوية وغيرها من المعارف الإنسانية وخاصة عصور الانفتاح الحضاري العربي والإسلامي
وأكد المتحدثون في المعجم التاريخي يعد الجمع الثاني في تاريخ اللغة العربية حيث كان الجمع الأول على يد الخليل والكسائي والنحاة إلا أن الجمع الحالي يفوق الأول بكثير بما أستفاده الباحثون من روح العمل الجماعي لأكثر من ٣٠٠ باحث من مختلف الدول العربية يجيدون التعامل مع تقنيات العصر وآلياته فضلا عن عشقهم للغتهم وهذا ما ساعدتهم على جعل الحلم حقيقة حيث أن التفكير في إصدار معجم تاريخي للغة العربية بدأ منذ خمسينات القرن الماضي إلا أنه تعثر لغياب الدعم المادي وروح العمل الجماعي والإرادة الجادة وهذا ما تحقق مؤخرا منذ خمس سنوات منها عامين في التخطيط ووضع تصور للعمل وتوفير كل ما يحتاج اليه وبدأ العمل العلمى فيه من ثلاث سنوات وهناك خطة لسرعة إنجازه خلال عامين أو ثلاث على الأكثر وسيكون في مائة مجلد على الأقل تجعله عملا تفخر به الأجيال القادمة وخدمة غير مسبوقة للباحثين وعشاق العربية وتوثيق لتاريخها لتعود لها مكانتها المرموقة بين اللغات العالمية وهذا ما يذكرنا بما قاله قادة النهضة الأوروبية من أراد تعلم العلوم فعليه بتعلم العربية
طالب المتحدثون بنشر هذا المعجم التاريخي للغة العربية بكل وسائل نشر المعرفة في المكتبات والجامعات والمعاهد العلمية وأن تتبناه جامعة الدول العربية لنشره على أوسع نطاق وتعميم الفائدة منه في ٢٢دولة عربية ، وتعريف مدرسي اللغة العربية به حتى ينقلوا ما فيه إلى طلابهم وتنظيم المؤتمرات والندوات مع استخدام وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي لتعميم الفائدة منه وخاصة أن لغتنا العربية العريقة الوحيدة بين لغات العالم الدولية الكبرى، التي لم تحظَ بمعجم تاريخي يرصد ظهور الكلمات لأول مرة وتداولها، وتطوير معانيها خلال 18 قرنًا حتى الوقت الحاضر من خلال الاعتماد على منهجية جمع النصوص الحيّة جمعاً جغرافياً يشمل مختلف مناطق استعمال اللغة العربية، عن طريق مدونة إلكترونية، ثم رصد المادة اللغوية المتعلقة بالجذر في آلاف الوثائق، والبحث في دلالات النصوص، ثم رد كل دلالة إلى عصرها، والتي يعود بعضها إلى عصر ما قبل الإسلام، حتى عصرنا الحاضر مما يسهم في رفع رصيد اللغة العربية على الشبكة العنكبوتية، مع الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، ولله در أبي الطيب المتنبي إذ يقول:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم..وتأتي على قدر الكرام المكارم