نحتفل في هذا الشهر الحرام بأعظم رحلة في تاريخ البشرية، وأكبر معجزة من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، ذكرى الإسراء والمعراج عندما أسرى بالنبي الكريم ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم العروج به إلى السماوات السبع فما فوقها والتي عايش فيها أسعد اللحظات إلى قلبه حينما تشرف بلقاء الله والوقوف بين يديه ومناجاته لتتصاغر أمام عينيه كل الأهوال التي عايشها وكل المصاعب التي مرت به.
في هذه الرحلة العظيمة أوحى الله إلى عبده ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم ما أوحى، وكان مما أعطاه خواتيم سورة البقرة وغفران كبائر الذنوب لأهل التوحيد الذين لم يخلطوا إيمانهم بشرك، وفرض عليه وعلى أمته خمسين صلاة في اليوم والليلة ثم خففت حتى خمس صلوات.
وجاءت هذه الرحلة المباركة لتثبيت قلب الرسول صلى الله عليه وسلم، وإعلامه بأن الله معه وكأن الله تعالى يريد أن يُسرّي على نبيه الكريم ويُثبت له أن قدرة الله تعالى فوق قدرة أعدائه، وأنه إذ لم تتسع الأرض له فإن مكانه في السماء تكريما وشرفا لقدره صلى الله عليه وسلم.
واحتفالنا بهذه الرحلة المباركة يجب أن يكون بتذكر سيرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بسنته واتباع ما جاء به، وأن نتعظ من المشاهد التي شاهدها النبي خلال رحلته التي قال عنها سبحانه وتعالى: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ”.
كما أن احتفالنا بذكرى الإسراء والمعراج يرتبط ارتباطا قويا بالمسجد الأقصى بيت المقدس، البيت المُطهر ثالث الحرمين الشريفين الذي يتطهر فيه العباد من الذنوب.
وإذا أردنا أن نحتفل بهذه الرحلة العظيمة فيجب أن ندافع عن المسجد الأقصى الذي تدنسه القوات الإسرائيلية كل يوم ويقتحمه المستوطنون اليهود دون مراعاة لمشاعر المسلمين وقدسية الحرم الشريف، وكذلك أعمال الحفر والتنقيب في محيط المسجد الأقصى بحجة البحث عن هيكل سليمان المزعوم، وهم يخفون سرا نيتهم الخبيثة لهدم الأقصى.
ويجب أيضاً ألا ننسى جرائم الكيان الصهيوني المحتل للأراضي الفلسطينية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، وجرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي تمارسه إسرائيل في ظل عجز دول العالم والأمم المتحدة على إيقاف نزيف الدم والحرب المستمرة حتى يومنا هذا، وإنقاذ أطفال ونساء ورجال غزة الذين يعانون أشد معاناة.
كما يجب علينا أن نبتعد عن الكذب والنفاق الرخيص والغيبة والنميمة والظلم والمحرمات، ونتقرب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة، ونحافظ على الصلاة التي فرضت في هذه الرحلة.
أحمد شعبان