الحج المبرور هو أسهل جسر يعبر بصاحبه إلى جنات النعيم.
فــ (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) ولكي تؤتي هذه الشعيرة ثمارها وأهدافها المرجوة يجب على كل مسلم أن يستعد لها مبكرا ويهيئ نفسه لها كل التهيئة, وليكن ذلك من خلال تعلم مناسك الحج وأحكامه الفقهية وأسرار الحج وفوائده ومعالمه.
فعلى الحاج أو المعتمر أن يعلم أنه ليس له من عبادته إلا ما عقل منها ووعى وكان قلبه حاضرا مستشعرا المعنى والمغزى من كل منسك أو شعيرة في تلكم الرحلة بدءا من مجرد التفكير فيها حتى ما بعد العودة منها.
ومن هناك جاءت هذه المحاولة للتذكير بفقه ما وراء مناسك الحج والعمرة وللتذكير بنوايا عديدة يمكن للحاج أن يستشعرها في هذه الرحلة.
نعمة عظيمة
إذا يسر الله لك أمر الحج أو العمرة فتذكر أن الله أذن لك ولم يأذن لغيرك فعندما تفكر بهذه الطريقة تشعر بأنك في نعمة عظيمة يغبطك عليها كثير من المسلمين . فكم من مريض لا يستطيع الذهاب إلى الحج وكم من امرأة لا تجد محرما , وكم من فقير لا يجد نفقة الحج وقلبه يتقلب شوقا لهذه الزيارة, وكم من سجين , وكم من أسير, وكم… وكم … وكم …..
مقدار النعمة
فعندما تنظر إلى حجك أو عمرتك بهذه الطريقة تستشعر مقدار النعمة التي أنت فيها لما دعاك الله إلى بيته وسهل لك كل السبل فاحرص أن تقابل ذلك بالشكر والحمد لله المنعم.
حاول أن تفرق بين الأهداف والوسائل وتذكر أن الإحرام و الميقات والنية والتلبية، والطواف، والسعي، والتقصير، والوقوف بعرفات وأداء المناسك في منى ثم المبيت فيها، ثم الطواف.. كل هذه وسائل، والهدف الأساس منها هو تحقيق التقوى .
وكلمة التقوى يقصد بها تحقيق الهدى والمغفرة. وبتعبير آخر؛ العفو والرضوان. ومن دون معرفة هاتين الشعبتين الشاملتين.
الحكمة
تبقى الحكمة من فريضة الحج غامضة لدى مؤديها. فالمرء إن لم يكن عارفاً بالهدف مما يفعله فإنه نادرا من يفشل في تحقيقه، وإن هو حققه فإنما يحقق نسبةً ضئيلة منه، فيما ستبقى أعماله غير منضبطة ومتوازنة مع خط الهدف الذي يرغب في تحقيقه. فتذكر الهدف ولا تخلط بين الأهداف والوسائل.
رحلة الحج والعمرة
تذكر أن رحلة الحج و العمرة أشبه برحلة الموت إلي الدار الآخرة فما أشبه الحاج الذي يخرج من بيته وقد اغتسل ولبس ملابس الإحرام وخرج من مشاغل الدنيا ليخلص بقلبه لله وترك الأهل و المال و الولد خلفه، ما أشبهه بمن يخرج من الدنيا عند لقاء الله ، فالاغتسال يقابله التغسيل, وملابس الإحرام تقابل ملابس التكفين, والخروج من مشاغل الدنيا يقابله الخروج الجسدي من الدنيا ، وتوديع الأهل وترك المال و الولد أمر مشترك في الحالين.
فما أجمل أن يتذكر الحاج هذا المعنى ويأخذ العبرة و العظة ، ويستعد للقاء الله على طهر ونقاء ، فيرد المظالم ويقضى الديون ويطلب الصفح ممن أساء إليه ويتوب إلى الله فربما لقى الله في سفره هذا وبهذا يبدأ رحلته بدءاً طيباً كريماً.
عند الإحرام من الميقات استحضر أن لحظة الإحرام من أهم الأوقات في تلك الرحلة لأنها البداية. ولأنها البداية ، فَتَحَرَّ الإخلاص بأقصى ما تستطيع من جهد . نَقِّ قلبك من أيِّ مُرَادٍ سوى الله .
واستحضر وأنت تحرم من الميقات أن الله عز وجل قد حد حدودا وشرع شرائع وأمر الناس بالتزامها ، ووقوفك في الميقات للإحرام مظهر من مظاهر بيعتك ومعاهدتك لأحكم الحاكمين. فاحرص على أن تخضع لشرعه وأوامره وتلزم حدوده وتحترم جناب ما أمر فتأتيه ، وما نهى عنه فتجتنبه من بداية الرحلة لنهايتها .