كل عامٍ والجميع بكل خيرٍ وسعادةٍ، وأمنٍ وأمانٍ للعالم كلّه، فها نحن على بُعدِ سُويعات قليلة من “إقبال” شهر الخير والبركات، الرحمة والإحسان، مضاعفة الحسنات وسَلْسَلَةٍ الشياطين من الإنسِ والجن.
وإن كان رمضان هذا العام يهلُّ علينا وَسَط ظروف وتحدّيات كثيرة، إلا أننا نستقبله بـ”روحِ” الأمل والتفاؤل، لما يحمله من البهجة والسرور، والخير الكثير لكل الناس، فالخير فى أُمَّة سيّدنا رسول الله لن ينقطع أو يجفّ، بالوعد النبوى “مَثَلُ أُمَّتِي مَثَل المطر لا يُدرَى أوّله خير أم آخره” رواه الترمذي وحسّنه ورواه أحمد والبزار والطبراني.
فها هى الزينات والأنوار تُزَيِّن الشوارع والميادين، بل موائد الرحمن، ومبادرات الخير، تملأ ربوع مصر، وقد انطلقت حملة “التحالف الوطنى للعمل الأهلى”، برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، لتكون “كَتِفًا بِكَتِفٍ” لجميع المواطنين، فضلا عن العديد من المبادرات الحكوميّة والأهليّة والفرديّة التى تسعى للتخفيف عن كاهل المواطن فى مواجهته لانفلات الأسعار نتيجة الأزمات الدوليّة، ليكون الجميع سنَدًا وعَوْنًا لبعضهم، تجسيدا وامتثالا للتوصيف النبوى “مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى له سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى”.
فعلينا أن نُحْسِن استقبال هذا الضيفَ الكريم، حتى يُكرمنا الله فهو نِعم المَضِيف وأكرمُ مَنْ سُئل، فبِقدر فَرَحِنا وسرورنا بهذا الشهر الفضيل سيكون كَرَمُ اللهِ لنا.
وأفضلُ فرحٍ واستقبالٍ لهذا الشهر الكريم، أن نُقْبِل بقلوبٍ نقيةٍ طاهرةٍ صافيةٍ، يملؤها الحُبُّ والوُدُّ، بَعد أن نُطَهِّرَها من كل صُوَرِ وأشكال الكُرْهِ والضغينة، طائعين لله ورسوله، مُلتزمين أوامِره، مُجْتَنِبين نواهِيه.
وأن يكون هدفُنا مع بداية هذا الشهر الكريم، التقرُّب إلى الله، بكلّ ما أُوتينا من جَهْدٍ وطاقةٍ، حتى لا ندخل ونخرج من “شهر حَصَّالة الخير” وقد نَدِمْنا على ما فرَّطنا يوم لا ينفعُ الندم، فأيام رمضان قليلة وسريعة التَفَلُّت، والتجارب السابقة تؤكّد لنا أنه يمُرُّ كـ”لَمْحِ البَصر”، لذا فـ”الكَيِّس الفَطِن” هو الذى يُسرع ويتأهّل ويُؤهِّب نفسه لاستثمار رمضان فى مزيد من التقرّب إلى الله بشتّى صورِ الطاعات والعبادات، وينوِّع فيها حتى لا يتسرّب المَلَلُ إلى نفسه أو يسحبه “هوى نفسه” إلى مهالِكها، فيصبح من النادمين.
فليكُن لكلِّ فردٍ منّا جدولا يوميًا، يضعه بنفسه لكيفية قضاء واستثمار رمضان، فى التعرّض لنفحات وبركات رمضان المختلفة من صيام، قراءة قرآن، صلوات متنوّعة، ذكر وتسبيح، زيارات وصِلَة رَحِمٍ، أعمال خير، ليكون من الفائزين بدخول الجنان من كلّ أبوابها ولا يُحْرَم من أحدها.
فاللهم بلّغنا رمضان، وأعنّا فيه على حُسن العبادة والطاعة، وأكرِمنا بأن نكون من الفائزين فيه، برضوانك وعفوك، يا أكرم الأكرمين.