هذه تفاصيل الحسابات الفلكية لرصد هلال رمضان وساعات الصوم
السياسة وراء عدم إنشاء مرصد إسلامي للأهلة.. ومكّة ليست الأفضل له
فنّدنا طبيعة النشاط الزلزالى حول العاصمة الإدراية.. ومصر آمنة تماما من أحزمة الزلازل
ننشئ “مرصد سيناء” الأكبر في الشرق الأوسط وأفريقيا
لدينا تاريخ عريق جعل اليونسكو عام 2011 تجعلنا ضمن التراث العالمي
غرق الدلتا والأسكندرية بعد خمسين سنة.. ليس لها أساس علمي
حوار- جمال سالم:
أكد د. جاد القاضي، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، رئيس الرابطة العربية للفلك وعلوم الفضاء، أنه لا تناقض إطلاقا بين استطلاع الهلال فلكيا والرؤية البصرية الصحيحة وهذا ما تفعله مصر.
أوضح أنه لا علاقة بين كثرة الزلازل والبراكين وغضب الله أو اقتراب يوم القيامة لأنها ظواهر موجودة قبل بدء الخليقة.
أشار إلى أن المعهد يقوم بدور أساسي في دعم التنمية من خلال مراكزه المتعددة والمنتشرة فى انحاء الجمهورية، كما أنه يرد علميا على المشككين في المشروعات القومية الكبرى لأغراض خبيثة.
أكد أن المعهد يتعاون مع المعاهد الفلكية العربية، ولا صحة علميا بأن مكة أفضل مكان لإقامة مرصد إسلامي لتوحيد الأهلة.
وفيما يلى نص الحوار.
* قبل أيام من استطلاع هلال شهر رمضان المبارك، نود معرفة تفاصيل الهلال وإمساكية الشهر الكريم وعدد ساعات الصيام طوال الـ30 يوما؟
** طبقًا للحسابات الفلكية التي يقوم بها معمل أبحاث الشمس بالمعهد برئاسة د. ياسر عبدالهادى فإن هلال شهر رمضان لعام 1445هـ سيولد مباشرة بعد حدوث الاقتران في تمام الساعة 11:02 صباحاً بتوقيت القاهرة المحلي يوم الأحد 29 شعبان 1445هـ الموافق 10/3/2024م (يوم الرؤية). ويبقى الهلال الجديد لمدة 12 دقيقة بعد غروب شمس ذلك اليوم (يوم الرؤية) في مكة المكرمة والقاهرة 14 دقيقة، وفي باقي محافظات مصر يبقى الهلال الجديد في سمائها لمدد تتراوح بين (13– 15 دقيقة)، أما في العواصم والمدن العربية والإسلامية فيبقى الهلال الجديد بعد غروب شمس ذلك اليوم لمدد تتراوح ما بين (4- 22 دقيقة). بذلك تكون غرة شهر رمضان المعظم 1445هـ فلكيًا يوم الاثنين 11/3/2024م.
أما عدد ساعات صوم شهر رمضان المبارك للعام الحالي 1445هـ، فتصل في أول أيام الشهر، لـ 13 ساعة و18 دقيقة، وستزيد تدريجيا إلى أن تصل في آخر أيامه إلى 14 ساعة و14 دقيقة، علما بأن اليوم الأول من شهر رمضان سيكون هو أقصر أيام الشهر صياما، واليوم الأخير سيكون الأطول في الشهر بفارق زمني يصل إلى 56 دقيقة، كما أن شهر رمضان يشهد تفاوتا في عدد ساعات الصيام بين أول أيامه وآخرها وبين المحافظات وبعضها، وتختلف ساعات الصيام من محافظة لأخرى بحسب موقعها الجغرافي، حيث أن الموقع الجغرافي يحدد طول اليوم والليل لكل موقع، كما أن الحسابات الفلكية التي أجراها علماء المعهد أثبتت أن هلال رمضان سيبلغ تربيعه الأول يوم الأحد 17 مارس المقبل في الساعة السادسة و12 دقيقة صباحا، فيما يكتمل القمر بدرا يوم الاثنين 25 مارس المقبل في التاسعة ودقيقة صباح ذلك اليوم، ويصل إلى تربيعه الآخر يوم الثلاثاء 2 أبريل في الخامسة و16 دقيقة صباحا بالتوقيت المحلي لمدينة القاهرة.
توحيد الأهلة
* منذ أيام د. نصر فريد واصل، طُرحت فكرة إنشاء “مرصد إسلامي لتوحيد الأهلّة” على مستوى العالم الإسلامي بدلا من حالة الاختلاف في تحديد بدايات الشهور والاحتفالات الدينية كالعيدين والوقوف بعرفة، لماذا ماتت الفكرة في مهدها؟
**هذا الموضوع له أكثر من شق أوله: الشق العلمي أو الفلكي وهذا ليس فيه أية مشكلة، ونحن كمعهد يمثل مصر مع المعاهد الفلكية في المنطقة العربية كلها هناك تنسيق مما أدى إلى تلاشى الإختلاف الفلكي لأن هناك وحدة علمية ونعمل من خلالها.
الشق الثاني وهو السياسي، وهذا لا أستطيع الكلام فيه لأن كل دولة لها رأيها السياسي، وهل ترضى بما يصدر عن الآخرين أم لا، لدرجة أن هناك دول تعمدت المخالفة عملا بمبدأ “خالف تُعرف” ووصل الأمر إلى الاختلاف في وقفة عرفات والأعياد وليس بداية أو ونهاية رمضان فقط!
البعد الثالث: هو البعد الشرعي، بعض دور الإفتاء مثل تركيا مثلا، تعتمد على الحسابات الفلكية فقط، وهناك دور إفتاء أخرى تعتمد فقط على العين المجردة، في مصر رؤية بصرية اعتمادا على الحسابات الفلكية، وهناك بالفعل عشر لجان مشتركة من المعهد ودار الافتاء وهيئة المساحة ووزارة الأوقاف فى أنحاء الجمهورية، وبناء عليه فإن هذه اللجان تبلّغ نتيجة الرؤية الى فضيلة المفتي ويعلن قراره بناء على ذلك لكل الشهور العربية وليس رمضان فقط، وهذا ما أراه رأيا معتدلا جدا بالأخذ بالرؤية البصرية اعتمادا على الحسابات الفلكية، وأنا شخصيا راض جدا عن الحسابات الفلكية لأننا على مدار العام نرصد ظواهر فلكية كثيرة. فمثلا نقول أن هناك كسوفا للشمس أو خسوفا للقمر يوم كذا بالساعة والدقيقة يتحقق ذلك بدقة، فلماذا التشكيك في الحسابات الفلكية؟ ونحن على مدار الشهر نرصد أطوار الهلال المختلفة ويتم تصويرها بكاميرات وتليسكوبات عالية الدقة، وبالتالي أستطيع أن أحدد خلال أكثر من مائة عام قادمة الظواهر الفلكية التي ستحدث وبدقة متناهية، فمثلا تعامد الشمس على بعض المعابد الفرعونية كانت أيام القدماء المصريين إعجاز، أما الآن لدينا القدرة على تصميم مباني وتحديد تعامد الشمس عليه أياما معينة بدقة .
إساءة للإسلام
*كيف ترى اختلاف المسلمين في بديات الشعور القمرية والأعياد الدينية؟
** هذا أمر يسيئ إلى الاسلام والمسلمين، وهذا غالبا ما كان في يحدث في الدول التي ليس لديها التزام بالمعايير الصحيحة للأبحاث الفلكية والرؤية البصرية.
مرصد مكة
* كانت هناك مطالبة بأن يكون مرصد إسلامي بمكة باعتبارها تتوسط الكرة والأرضية، فما قولكم؟
** بكل صدق وحيادية، اعتقد أن هذا الكلام فيه تسييس للموضوع لأن المراصد الفلكية موجودة في كل المنطقة العربية، وكل مراصدنا وحساباتنا الفلكية موجودة بصرف النظر إذا كان هناك رصد بصري من عدمه، والقاعدة الفلكية طالما اشتركت مع مدينة أخرى في جزء من الليل أو النهار، وهذا الجزء له معايير فلكية، فإذا تمت رؤية الهلال في هذه المنطقة فلست محتاجا إلى الاختلاف، بعض الاختلافات في الرؤي السياسية في الدول العربية هو ما يولد هذا الاختلاف، وبكل صدق هناك بعض الشروط الفلكية قد تكون غير متوفرة في مكة، فالحرم المكي ومدينة مكة منطقة منخفضة ومحاطة بكثير من الجبال مما يجعل الرؤية تتعذر، فلابد أن نعمل مرصدا على أحد الجبال المحيطة بها، وإذا كانت لدينا مراصد أخرى تقوم بنفس المهمة فلا يشترط أن أقيمه في مكة فقط.
كثرة الزلازل
* البعض يفسر كثرة الزلازل والبراكين بأنها غضب من الله ودليل على اقتراب يوم القيامة، فما رأيكم؟
** هذا كلام غير صحيح، منذ بدء خلق الخليقة والأرض يحدث عليها زلالزل وبراكين، ولا علاقة لها بغضب الله حديث النبي “إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ مِنْ آيَاتِ اللهِ، وَإِنَّهُمَا لَا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَكَبِّرُوا، وَادْعُوا اللهَ وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ: إِنْ مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ، أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ” وقوله أيضا: “لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الهَرْجُ- وَهُوَ القَتْلُ- حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ فَيَفِيضَ”. والله غني عن أن يعذبنا ونحن خلقه وهو الرحيم بنا، ولكن وجود بعض الآراء الفقهية أن كثرة الزلال بما كسبت أيدي الناس، أرى أن هذا تفسير في غير محله، بالزلال والبراكين على الأرض حتى قبل أن يخلق الله آدم، فهذا تفسير أو تأويل غير صحيح وغير مناسب للآيات القرآنية.
أكذوبة مرفوضة
* ما يقال أن الإسكندرية والدلتا ستغرقان خلال خمسين عاما، فهل صحيح علميا؟
** هذا كلام غير دقيق تماما، وكلام حق يراد به باطل، ففي ظل التغيرات المناخية والجيولوجية فإن لدينا في المعهد استرايتجية لرصد هذه التداعيات وشبكة لرصد هبوط دلتا النيل ومحسوبة سنويا بعدد من المللي مترات وهناك شبكات لرصد منسوب سطح البحر المتوسط الذي يرتفع نتيجة الاحتباس الحراري مللي مترات، وبتجميع الاثنين مع بعض لن يحدث غرق لأي مدينة بما فيها الأسكندرية خلال خسمين سنة كما يدعي البعض، وأنا شخصيا أقول: على الأقل 500 سنة، لو المعدلات كانت بنفس الوضع الحالي، ولكننا نرى مؤتمرات المناخ المتعاقبة ومساهمتها في الحد من الاحتباس الحراري، ومع تطور الأفكار والسياسات للحد من الاحتباس الحراري يمكن أن تكون الخمسمائة سنة تصل الى ألف سنة حيث يتم تقليل المخاطر وزيادة الفترة الزمنية لتعرض هذه المدن للمخاطر.
مصر آمنة
* ما موقع مصر بالنسبة للأمن من الزلازل والبراكين؟
** قولا واحدا.. نحن خارج نطاق الزلال، ولكن تحدث عندنا بعض الزلازل المتكررة بعضها محسوس وأكثر من 90% منها غير محسوس، ونحن بالتعاون مع مجلس الوزراء أصدرنا دليلا استرشاديا لمواجهة خطر الزلال وحاليا يجري تحديث كود البناء لتقليل الكوارث في حالة حدوث زلال لأنه لا توجد وسيلة لمنع حدوث الزلازل، اليابان تبني المباني علي معايير تقلل الخسائر.
أؤكد بكل صدق وشفافية بأن مصر– بفضل الله– آمنة من مخاطر الزلال والبراكين، وهذا ما توصلنا إليه من خلال المراقبة المستمرة للنشاط الزلزالي على المستوي المحلي والأقليمي والدولي لإجراء البحوث للتعرف علي أسباب حدوث الزلازل والعمل علي تقليل الأخطار الناجمة عن الزلازل، فضلا عن أننا نقوم بدراسة الخطورة الزلزالية والنطاقات الزلزالية والصدوع وحساب معاملات الأمان الزلزالي لكل مناطق الجمهورية وخاصة المناطق الحيوية والاستراتيجية كالقناطر والسدود والأنفاق، كما أن لدينا مراقبة للتفجيرات التي تجريها شركات الأسمنت في أنحاء الجمهورية ودراسة تأثيرها علي المنشآت والمباني القريبة منها.
العاصمة الإدارية
* البعض يدعي أن العاصمة الإدارية أقيمت في منطقة نشطة للزلازل؟
** التشكيك موجود في كل وقت وحين، علينا أن نأخذ بالاشتراطات ونبني في أي مكان، ونحن كمعهد تحديدا طلبوا منا دراسات لأماكن معينة منها أبراج العاصمة وأبراج العلمين، وعملنا نموذج الأحمال الزلازلي للشركات التي تقوم بإنشاء هذه الابراج،
نحن نقوم بتقديم الخدمات والاستشارات وتنفيذ المشروعات البحثية التطبيقية لمختلف مؤسسات الدولة، والنهوض بالبحوث والدراسات التطبيقية في مجالات الجيوفيزياء التطبيقية وإجراء المسح الجيوفيزيقيى للمناطق الاستراتيجية والحيوية، وتحديد الخزانات الجوفية والطبقات الرسوبية للمياة الجوفية والتعرف علي التتابع الجيولوجي، وقدمنا الدراسات المطلوبة منا في الأماكن الحيوية في العاصمة، ونحن نؤكد كذب هذه الادعاءات المسيَّسة، كما أن غالبية المباني الجديدة في العاصمة الإدراية تم تصميمها على قواعد مرنة قابلة للتعامل مع الزلال والتقليل من مخاطرها، ونستفيد في ذلك من التجربة اليابانية حيث تعد اليابان من الأماكن في العالم النشطة للزلازل والبراكين ومع هذا تعاملوا معها وقلّلوا من مخاطرها، ولمن لا يعرف فإن لدينا مراقبة ورصد الزلازل الصناعية والتفريق بينها وبين الزلازل الطبيعية، فضلا عن توثيقنا للروابط العلمية والتعاون مع المؤسسات والهيئات المحلية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
سد النهضة
* ماذا عن المخاطر الزلازلية لمنطقة سد النهضة مما يهدد مصر والسودان؟
** بالتنسيق مع وزارة الري والجهات المعنية جاري دراسة النشاط الزلازالي هناك وبدقة وعن قرب، ولكن هناك تفاصيل فنية الإعلام يأخذ بعض الاجزاء منها، ولكني أؤكد أن الملف يتم دراسته بشكل مناسب وإعداد رأي فني وتم تقديم بعضه لمتخذي القرار السياسي وكل الجهات المعنية، ونحن مستمرين في متابعة هذا الملف، وأري المشكلة أن أكثر الدراسات التي قام بها الجانب الاثيوبي أثناء إنشاء السد ليست متاحة وبالتالي لا نستطيع تقييم المخاطر بشكل علمي كامل، ولكن لو اتيحت الدراسة سيسهل جدا التعرف على مخاطر انشاء السد في هذه المنطقة، وأكثر مشكلة أتمنى عدم حدوثها أن المنطقة فيها نشاط زلالي وبعد انشاء السد وتكوين بحيرة خلفه سيكون فيه نوع من الزلازل المستحدثة، نتمني أن تصميم السد يقاوم ويتحمل مثل تلك الزلال مثل السد العالي عندنا، هناك زلازل مسجلة بشكل مستمر ولكن التصميم العبقري للسد جعله قادرا على تحمل الزلازل، والجانب الاثيوبي هناك تفاصيل كثيرة غير متاحة واعتقد ان وزارة الري قد يكون لديها تفاصيل بذلك.
مرصد سيناء
* ماذا عن مرصد سيناء الجديد؟
**في ضوء التوسع العمراني في شرق القاهرة، مرصد القطامية الفلكي الذي تم انشاؤه عام 1964 كأكبر مرصد فلكي في الشرق الأوسط، صدر قرار من رئيس الوزراء، لدراسة أنسب مكان لإنشاء مرصد فلكي جديد، وقام المعهد بدراسات لاختيار بين أعلى 20 قمة جبلية في مصر تم اختيار جبل “الرجوم” ارتفاعه 1650 مترا فوق سطح البحر وجارى التنسيق لإنشاء محطة لرصد الزلازل أيضاً، وجاري الانشاء ووضعنا حجر الأساس لهذا المرصد وأطلقنا عليه “مرصد سيناء الفلكي” وسيكون أكبر مرصد في شمال افريقيا والشرق الأوسط، مزود بمنظار فلكي بمرآة قدرتها 6.5 مترا وهي نفس قدرة مرآة تلسكوب جيمس ويب، ولكن ستكون موجودة على الأرض، سيتم استخدام أحدث التكنولوجيا العلمية المماثلة لنفس تكنولوجيا المرصد الأوروبي الجنوبي، وللعلم فإن تلسكوب جيمس ويب الفضائي يتميز بمرآة قطرها 5ر6 مترا تقريبا وهي 2.5 ضعف مرآة تلسكوب هابل، ونصف وزنها ويستخدم لفهم أعماق الكون بتكلفة 12 بليون دولار.
تعاون وثيق
*وماذا عن التعاون على المستوى العربي والإسلامي بين المراصد الفلكية؟
** لدينا تعاون وثيق مع مختلف الجهات المناظرة في الشرق الأوسط والمنطقة العربية والافريقية من خلال بروتوكولات تعاون موثقة ولدينا تبادل باحثين ومؤتمرات وورش عمل مشتركة ودراسات متبادلة بهدف رصد الظواهر من أكثر من مكان، مما يعظّم الاستفادة ويكثر من دقة تلك الارصاد، وهناك مشروعات مشتركة منها تحقيق رؤية صلاة الفجر ومواعيد الأهلّة وهناك تنسيق عالي مع كل المراصد العربية.
*هل هناك تعاون مع مركز الأزهر للفلك الشرعي؟
** نحن كمعهد، أعضاء في مجلس الادارة، وهناك مناقشات في كثير من الموضوعات الهامة، ومع تقديرنا أن المركز له بعض الأهداف الشرعية، فنحن ندعم نشاط المركز برعاية فضيلة الإمام الأكبر بأحدث أبحاث الفلك والفضاء.
معهد عريق
* نود التعرف على نبذة عن المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، وما يقوم به من دور في خدمة الوطن في العديد من المجالات وليس رؤية الهلال فقط كما يظن البعض؟
**يُعد المعهد من أقدم المعاهد البحثية في مصر والوطن العربي، وربما أفريقيا تم إنشاؤه 1839م، في حى بولاق، ثم انتقل الى العباسية، ومنها الى حلوان عام 1903 علي هضبة المرصد بحلوان، ومع قدم وعراقة المعهد فإن تخصصات المعهد (الفلك والجيوفيزياء ممثلة بالزلازل) بدأت قبل هذا التاريخ بأعوام كثيرة حيث بدأت القياسات الفلكية عام 1839 – 1860 في مرصد بولاق، ثم في مرصد العباسية عام 1868 – 1903. وبدأت القياسات الزلزالية عام 1889 – 1903 في مرصد العباسية.
كما يعتبر المعهد أكبر بيت خبرة في مجالات العلوم الفلكية والجيوفيزيقية ليس بمصر فقط ولكن على المستوى الإقليمي أيضا، يتبع المعهد عدد من المراصد مثل مرصد القطامية الفلكي في صحراء القطامية، ومرصد المسلات المغناطيسي بالفيوم، ومرصد أبوسمبل المغناطيسي في جنوب مصر.
يوجد بالمعهد، المركز الرئيسي للشبكة القومية لرصد الزلازل، ويتبعه عدد من المراكز الفرعية للزلازل على مستوى الجمهورية في (الغردقة، مرسى علم، الواحات الخارجة، برج العرب، مرسى مطروح وسيناء) لإستقبال بيانات الزلازل من 80 محطة، بالإضافة الي المركز الإقليمي للزلازل بأسوان والذي يتبعه 15 محطة لرصد الزلازل وعدد من محطات البيزومترات، كما يضم المعهد في مقرّه بحلوان: المرصد الشمسي ومحطات الطيف الشمسي والإشعاع الشمسي والطاقة الشمسية ومحطة رصد وتتبع الأقمار الصناعية، ومركز تجميع بيانات المحطات الدائمة للنظام العالمي للإحداثيات ( GPS) لمراقبة تحركات القشرة الأرضية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، ويضم المعهد مختبرا لقياس الخواص المغناطيسية للصخور، وتضم القاعدة العلمية للمعهد حوالي 281 من أعضاء هيئة البحوث ومساعديهم ويعاونهم ما يربو على 356 من الأخصائيين العلميين والفنيين والإداريين والخدمات المعاونة.
شارك المعهد منذ إنشائه في العديد من البرامج العلمية والأنشطة البحثية الدولية بالتعاون مع عدد من المراكز والمعاهد الدولية، بالإضافة إلى أنه يعتبر عضوا مؤسسا في العديد من الاتحادات والروابط والمنظمات العلمية الدولية.
خدمة التنمية
* هل للمعهد دور في خدمة أهداف أخرى في خدمة التنمية؟
** بلاشك فإننا نشارك بالنهوض بالبحوث والدراسات في مجالات البحوث الأساسية والتطبيقية التي تدخل في مجال اختصاصات المعهد وما يتصل بها وتقديم الخبرة والمشورة للهيئات والمؤسسات في مجال تخصصاته المختلفة، فضلا عن المشاركة كبيت خبرة لتحقيق الخطط القومية للتنمية والنهوض بالبحوث والدراسات التطبيقية في مجالات عمل المعهد وما يتصل به علي المستوي المحلي والاقليمي والدولي، ونشر الأبحاث والنتائج المبتكرة في الدوريات العلمية المحلية والدولية والمشاركة في المؤتمرات والفاعليات الدولية، تنفيذ المشاريع البحثية الأكاديمية والتطبيقية وتقديم الاستشارات العلمية والفنية في مجالات تخصصات المعهد، ودراسة الأجرام السماوية المختلفة مثل النجوم والكواكب والمجرّات الخارجية والمذنّبات وغيرها فيزيائيا وديناميكيا والتعرف علي تطورها وأسباب تغيّرها وحساب مدارتها المختلفة، الاهتمام بمتابعة الأجسام الفضائية التي تقترب من الأرض، وزيادة التغطية الثقافية والاعلامية للظواهر الفلكية التي تهم المجتمع المصري، والاستعانة بالأرصاد الفلكية الفضائية مع الأرصاد الفلكية الأرضية وخاصة التي ترصد الطاقات العالية مثل أشعة إكس، ودراسة فيزياء الشمس ونشاطها وتطورها وتأثيرتها المختلفة علي الارض وتوزيعاتها في أنحاء الجمهورية، وتحسين وتطوير وتنقيح التقويم الفلكي الذي يصدره المعهد وزيادة محتوياته من المعلومات الفقهية والدينية، رصد وتتبع الأقمار الصناعية وقياس أبعادها بدقة وقياس تأثير الغلاف الجوي والإشعاع الشمسي علي مداراتها وحركتها، استخدام الطرق الجيوفيزيقية في الكشف عن الخامات الاقتصادية المختلفة وتحديد صخور القاعدة الاساسية مثل الجرانيت والرخام، تكثيف قياسات الحرارة الارضية لتقييم الطاقة الجيوحرارية للمناطق النشطة جيوحراريا وذلك للاستفادة منها اقتصاديا في الإنارة وإدارة المصانع.
الكنوز الأثرية
* ما دور المعهد في اكتشاف الكنوز الأثرية التي يزخر بها باطن الأرض المصرية؟
** لدينا بحوث ودراسات مكثقة تساعد في الكشف علي الآثار المدفونة والكشف عما هو تحت سطح الأرض لاستكشاف الكهوف والفجوات والقنوات، وتكثيف الدراسات في مناطق الآثار لتحديد امتداداتها تحت السطحية والتنقيب عن الآثار المدفونة باستخدام القياسات التثاقلية الدقيقة.
مستقبل الأرض
* كيف ترى مستقبل الأرض في ظل التغييرات المناخية؟
** لاشك أن مؤتمرات المناخ المتعاقبة، ونحن استضفنا في مصر قمة المناخ رقم 27، وكانت هناك توصيات يتم بناء عليها اتخاذ سياسيات وتطبيق قواعد منها حماية الشواطئ والمناطق الساحلية من التآكل وارتفاع منسوب سطح البحر في كثير من الأماكن، والاعتماد على مصادر طاقة نظيفة ومتجددة بحيث نقلل الاحتباس، وبالتالي، فإن المؤشرات التي تقول أن بعض المدن الساحلية ستغرق على مستوي العالم، مع هذه الضوابط واستخدام طاقات جديدة ومتجددة يقلل من المخاطرالمحيطة بالكُرة الأرضية ومما يساعد في تحقيق التنمية المستدامة في الدول النامية التي تتحمل دائما الفاتورة الأكبر لتداعيات الظواهر المناخية.
رؤية مستقبلية
* في النهاية ما هي باختصار الرؤية المستقبلية المنطلقة من الماضي العريق للمعهد؟
** رؤيتنا الالتزام بتقديم بحث علمي حديث ومتميز حسب مواصفات الجودة العالمية في مجال العلوم الفلكية والجيوفيزيقية، وتطوير هذه العلوم من خلال منظومة بحثية رائدة لتحقيق خدمة مجتمعية ومهنية متميزة، ونحن نستند في ذلك إلى تاريخ عريق منذ تأسيس المرصد، ويعد أحد أقدم وأكبر وأهم المراصد الفلكية في الوطن العربي، واختارته منظمة اليونسكو في سنة 2011 كأحد مواقع التراث العالمي في مصر، خاصة أنه بدأت إرهاصات بناء مرصد حلوان منذ أواخر القرن الثامن عشر، خلال حملة نابليون بمصر، عندما بنوا مرصداً فلكياً بسيطاً في القاهرة، وظلّ يعمل حتى سنة 1860 عندما تقرر إغلاقه، في سنة 1868 بُني مرصد جديد في منطقة العباسية، وأراد العلماء الفرنسيون استخدامه في إجراء دراسات على مجال الأرض المغناطيسي، غير أنهم اكتشفوا أن ذلك لن يكون ممكناً بسبب خطوط القطارات المحيطة بالمكان التي تؤثّر على مغناطيسيّته، كما ازداد التلوث الضوئي الصادر من مدينة القاهرة عموماً مُصعِّباً استخدام المرصد، فتقرَّر نقله إلى حلوان سنة 1903، وكان يُعرف عند تأسيسه بمرصد حلوان، ثم أصبح سنة 1946 يسمَّى المرصد الملكي، وأخيراً سنة 1986 أصبح المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيائية، وعند تأسيس المرصد كان لديه تلسكوب بقطر 10 إنشات (حوالي 25 سنتيمتراً)، ثم أهدته في 1905 مجموعة هواة الفلك البريطانيين «مستر رينولدز» تلسكوباً آخر بقطر 30 إنشاً (75 سنتيمتراً)، وكان في حينه من التلسكوبات الكبيرة على مستوى العالم، في يوليو 2010 استكملت اللجنة المصرية للتربية والعلوم والثقافة إجراءات ترشيح مرصد حلوان ليصبح موقع تراث عالمي على قائمة منظمة اليونسكو العالمية. واعتُمِدَ المرصد كموقع تراث عالمي مطلع 2011، نظراً لأهميته الكبيرة للمنطقة وبيئته الرصدية المناسبة.