ساعات قليلة ويحتفل المسلمون بعيد الفطر في ظل ظروف مأساوية تعيشها الأمة سواء في العلاقة بين دولها أو بينها وبين غيرها حتى وصل الأمر إلي أن المسلمين يذبحون يوميا فلسطين- وخاصة غزة- ليس علي يد أعداء الإسلام من اليهود الصهاينة ومن والاهم! وإنما علي يد أمثالهم من المسلمين المتطرفين من الدواعش وأبناء القاعدة وبوكو حرام بعد أن أصبحت دماؤهم أرخص من دماء الحيوانات التي لها منظمات تدافع عنهم في حين لا يجد المسلمون من يدافع عنهم!
من المؤسف أننا نمثل ما بين ربع وثلث سكان المعمورة ومع هذا فنحن أمة بلا وزن بعد أن أصبحنا ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:” يُوشِكُ الأممُ أن تداعَى عليكم كما تداعَى الأكَلةُ إلى قصعتِها. فقال قائلٌ: ومن قلَّةٍ نحن يومئذٍ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنَّكم غُثاءٌ كغُثاءِ السَّيلِ، ولينزِعنَّ اللهُ من صدورِ عدوِّكم المهابةَ منكم، وليقذِفَنَّ اللهُ في قلوبِكم الوهْنَ. فقال قائلٌ: يا رسولَ اللهِ! وما الوهْنُ؟.قال: حُبُّ الدُّنيا وكراهيةُ الموتِ”.
الغريب أننا تجاهلنا تعاليم ديننا فكانت النتيجة الوضع الذي نعيش فيه، فمثلا أمرنا الله تعالى بالوحدة وعدم التفرق فقال:” وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا” فتفرقنا فرقا وشيعا متناحرة، وأمرنا الله بالبعد عن التنازع ووضح لنا نتيجة المخالفة فقال” وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ”!
لاشك أن العيد يعد فرصة ذهبية للتضحية بالشهوات والملذات الحرام التي أبعدتنا عن ربنا وجعلت الدنيا في قلوبنا وليس أيدينا فكانت النتيجة أننا أصبحنا عبيدا لها بلا كرامة أو عزة مع أن النبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من ذلك فقال:” من كانت الدُّنيا همَّه، فرَّق اللهُ عليه أمرَه، وجعل فقرَه بين عينَيْه، ولم يأْتِه من الدُّنيا إلَّا ما كُتِب له، ومن كانت الآخرةُ نيَّتَه، جمع اللهُ له أمرَه، وجعل غناه في قلبِه، وأتته الدُّنيا وهي راغمةٌ”.
أليس العيد فرصة للعودة إلي الله والحب الحقيقي للوطن لأنه لا عزة لنا إلا بهما، وأن نضحي بالأنا المرضية التي أصابت الكثير منا حتى أنه أصبح يفضل تلقائيا مصلحته علي مصلحة وطنه وأمته بل ودينه.
رغم المرارة في حلق كل غيور علي الإسلام حتى أن الأبيات الشهيرة للمتنبي قبل مئات السنين مازالت مرارتها موجودة في حلقنا حتى الآن حيث يقول:
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ.. بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دونَهُمُ.. فَلَيتَ دونَكَ بيداً دونَها بيدُ
كلمات باقية:
يقول الله تعالي:” وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ”.