بعض غير المسلمين أكثر انصافا لديننا ورسولنا من العلمانيين
التغريبيون سرطان في جسد الأمة لهدم دينها وتراثها
القائلون بوجود أخطاء في القرآن.. جهال بعظمة وأسرار لغته
الأدب الإسلامي له مواصفاته .. والرافضون له متعصبون يجهلونه
حوار- جمال سالم:
يجمع الأستاذ الدكتور صابر عبد الدايم العديد من الألقاب التي تؤكد مكانته اللغوية والأدبية، فهو عميد عمداء كليات اللغة العربية بجامعة الأزهر، ونائب رئيس رابطة الأدب الإسلامي، والأديب الإسلامي الذي له إبداعت شعرية معبرة بصدق عن ماضي وحاضر بل وتستشرف آفاق المستقبل من خلال معايشته لآمال وآلام أمته من خلال عضويته بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وهذا جعله يحصد الكثير من الجوائز المحلية والدولية وكرمه الرئيس عبد الفتاح السيسي في الاحتفال الأخير بالمولد النبوي.. من هنا تأتي أهمية الحوار معه باعتباره قامة دينية ولغوية
** في أحد حوار عقيدتي مع الدكتور خالد فهمي ، استاذ اللغويات بجامعة المنوفية والخبير بمجمع اللغة العربية أكد أن اللغة العربية” لغة مقدسة” ولن تموت رغم أنف اليونسكو التي أكدت أنها أحدي اللغات المكتوب عليها الفناء مستقبلا.. فما قولكم ؟.
** إن لغتنا العربية من أقدم لغات العالم، وهي الوحيدة التي استمرت منذ أن استقرت بكل مقوماتها في الجزيرة العربية، وقد حفظها الله سبحانه بنزول القرآن الكريم، حيث أنزله الله بلسان عربي مبين، وكل ما أنتجه العقل العربي والإسلامي في عصور ازدهار الحضارة العربية والإسلامية، كان باللسان العربي الناطق والمعبر عن فكر الأمة وتراثها وعلومها التجريبية والفلسفية والتشريعية والأدبية والقانونية، وأصبحت لغة عالمية يفتخر بها كل من أرد أن يتعرف على حضارة العرب والمسلمين، وعن أهمية اللغة العربية في ضوء البعد الديني والحضاري للأمة الإسلامية ترد نصوص كثيرة من الحديث النبوي الشريف أو قوال الأئمة الأعلام المتخصصين في العلوم العربية والإسلامية مما يؤكد أهمية اللغة في التكوين الثقافي والفكري لعلماء الأمة، وهذا يذكرني حديث نبوي رواه الصحابي الجليل أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:” أما بعد، فإن الرب رب واحد، والأب أب واحد، والدين دين واحد، وإن العربية ليست لأحدكم بأب ولا أم ، وإنما هي لسان، فمن تكلم العربية فهو عربي” وفي كتاب ” المزهر في علوم اللغة وأنوعها” للسيوطي: يرد قول حبر الأمة وفقيهها عبد الله بن عباس في أفضلية اللغة العربية ومكانتها حيث يقول:” كان كلام آدم عليه السلام بالعربية، فلما أكل من الشجر أنسي العربية وتكلم بالسريانية، فلما تاب الله عليه ردت إليه العربية”
سبعة أحرف
** يقول النبي صلى الله عليه وسلم:” إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منها” نود التعرف على معناه من ناحية الإعجاز اللغوي والبلاغي وخاصة أن البعض يطعن في القرآن من خلال سوء فهمه لهذا الحديث؟
** من مظاهر الاعجاز القرآني أن تكون الألفاظ في اختلاف بعض صورها مما يتهيأ معه استنباط حكم أو تحقيق معنى من معاني الشريعة، ولذا كانت القراءات من حجة الفقهاء في الاستنباط والاجتهاد، وهذا المعني مما أنفرد به القرآن الكريم، ثم هو مما لا يستطيعه لغوي أو بياني في تصوير خيال فضلا عن تقرير شريعة
من أسرار البلاغة القرآنية” القراءات المتعددة” وأشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ذلك تعقيبا على الخلاف الذي شب بين عمر بين الخطاب وهشام بن حكيم حول قراءة سورة الفرقان، وحينما سمع الرسول قرءاة عمر أقرها، وقال: هكذا نزلت، وكذلك أقر قراءة هشام بن حكيم، وقال: هكذا نزلت، ثم قال صلى الله عليه وسلم:” إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ”. وورد عن عبد الله بن مسعود لما خرج من الكوفة وأجتمع عليه أصحابه فتوجه إليهم ثم قال:” لا تنازعوا في القرآن، فإنه لا يختلف ولا يتلاشى، ولا يفتقد لكثرة الرد، وإن شريعة الإسلام وحوده وفرائضه فيه واحدة، ولو كان شيء من الحرفين – أي القراءتين- ينهى عن شيء يأمر به الآخر كان ذلك الاختلاف، ولكنه جامع ذلك كله، ولا تختلف فيه الحدود ولا الفرائض، ولا شئ من شرالئع الإسلام”
الحديث النبوي الشريف في هذا السياق أبلغ شاهد على الإعجاز القرآني، وعلى بلاغة البيان النبوي، وقد راوه جمع من الصحابة – وهم واحد وعشرون صحابيا- ويقول السيوطي في سياق توثيقه لهذا الحديث وصيغته التي تقول” نزل على سبعة أحرف” ولكن لابد من فهم أسرار دلالات هذه الأحراف، وإدراك مغزاها ودورها في التكوين الثقافي الشرعي واللغوي والأدبي، فقد اختلف في معني هذا الحديث على أربعين قولا، وهذه الأقوال في أغلبها لا يصادم بعضها البعض الآخر، ولكنها في مجملها تنبئ عن ثراء الدلالة، وسر التفوق في البيان النبوي وكذلك تجسد معالم الإعجاز القرآني في أسمى صوره وأعظم دلائله
تأويل واجتهاد
** ما هي أهم هذه الآراء في تأويل معنى هذا الحديث النبوي الشريف حول نزول القرآن على سبعة أحرف؟
** يمكن إيجازها في النقاط التالية:
أولا: أنه من المشكل الذي لا يدرى معناه، لأان لفظ ” الحرف” يصدق – لغة – على حرف الهجاء، وعلى الكلمة، وعلى المعنى، وعلى الجهة، قاله ابن سعدوان النحوي
ثانيا: ليس المراد بالسبعة حقيقة العدد، بل المراد: التيسير والتسهيل والسعة، ولفظ السبعة يطلق على إرادة الكثرة في الآحاد، كما يطلق السبعون في العشرات، والسبعمائة في المئات، ولا يراد العدد المعين
ثالثا: قيل المراد الأوجه التي يقع بها التغاير، وهي تتعلق بالبنية اللغوية وطريقة الضبط والمن اللغوي ومخارج الحروف..وهذا رأي ابن قتيبة
رابعا: قيل المراد” سبع قراءات” أن بعض الكلمات يمكن أن تقرأ بوجه أو وجهين أو ثلاثة أو أكثر إلى سبعة
خامسا: من هذه الوجه ما تتغير حركته الاعرابية ولا يزال معناه لا صورته مثل” ولا يضار كاتب ولا شهيد” بالفتح والرفع، وثاينها: ما يتغير بالفعل ونوعه: باعد بين أسفارنا، وفي قراءة باعد بلفظ الماضي والطلب
سادسا: يرى أبو الفضل الرازي في تفسير الأحرف السبعة رأيا يبين أهمية إتقان اللغة ومعرفة الوصول إلى الأحكام من خلال فهم الأساليب والتراكيب، فيقول الكلام لا يخرج عن سبعة أوجه في الاختلاف هي:
-اختلاف الأسماء من إفراد وتثنية وجمع وتذكير وتأنيث
– اختلاف تصريف الأفعال من ماض ومضارع وأمر- وجوه الاعراب-النقص والزيادة-التقديم والتأخير- الإبدال- اختلاف اللغات كالفتح والإمالة والترقيق والتفخيم والإدغام والإظهار ونحو ذلك – المراد بها كيفية النطق بالتلاوة من إدغام وإظهار وترقيق وإمالة وإشباع، ومد وقصر، وتشديد، وتخفيف، وتليين وتحقيق، المطلق والمقيد والعام والخاص والنص والمؤول والنلاسخ والمنسوخ والمجمل والمفسر والاستثناء وأقسامه، والصلة والحذف والاستعارة والتكرار والكناية والحقيقة في المجاز والغريب، كل هذه المعالم أقرب إلى التنويع اللغوي والأسلوبي والبلاغي والأدبي
طمس الهوية
** يحاول أعداء الإسلام عبر العصور طمس هويتنا الدينية من خلال عوامل متعددة لبث الفرقة بين المسلمين والعرب..فما هي أهم الوسائل وكيفية تجنبها؟.
** يستغل الأعداء ضعف الوعي الديني والحضاري لدى أبناء الأمة لطمس هويتهم وانتمائتهم، ولهذا لابد من المحافظة على الهوية الثقافية المنطلقة من الرؤية الإسلامية التكاملية التي لا تقبل التشتت ولا تتعايش مع التناقض ولا التصادم بين القول والفعل، وبين الإرادة والسلوك، وقد نجح المستعمرون في تشييد أسوار وهمية من خلال الحدود الفاصلة بين بلدان العالمين العربي والإسلامي، وزرعوا كثيرا من ألغام الفرقة والتناحر والطائفية والعرقية والشعوبية ودعوات الانفصال وإبعاد الدين عن ساحات الحياة وتوجيه حركة المجتمعات إلى الحلول الايجابية، ولهذا لابد من إبراز أهم معالم الخطاب الإسلامي التي تبرز الوجه الحضاري للفكر الإيماني التي تواجه التحديات المعاصرة
الغزو الثقافي
** كيفية الخروج من الغزو الثقافي الذي تعاني منه أتنما بأشكال وصور مختلفة من دولة لأخرى؟
** رغم اعتراف الإسلام بالتنوع والاختلاف بين البشر كسنة كونية، إلا أنه خاطب المسلمين كأمة تجمعها الأخوة الدينية، وهذا ما حاول أعداء الإسلام عبر العصور تفكيكها وضربها في مقتل بأساليب مختلفة، فالهوية الدينية هي توحد معالم شعوبنا رغم إختلاف الأجناس والألوان والألسنة وهي الأدوات التي استخدمها المتربصون لتفكيك الأمة الموحدة، وقد صور الداعية الإسلامي الكبير الشيخ محمد الغزالي- رحمه الله – خطورة هذا الغزو الثقافي والفكري الذي يعد من أقوى التحديات والمعوقات في سبيل استعادة هويتنا ورؤيتنا الحضارية فقال:” إن الهدف الأول للغزو الثقافي إصابة العلوم الدينية في مقاتلها بعد إسقاطها عن مكانتها التقليدية، وترتبط بعلوم الدين علوم اللغة وفنون الأدب، فيجب أن تتضعضع هي الأخرى، وإن الاستعمار قدر لتدمير هذه الثقافة أمدا يتراوح بين نصف قرن وقرن كامل، ومازال التحدي قائما، ومحاولات التشويه والتفريق والتفكيك متواصلة إلى الآن”
لغة القرآن
** ما دور لغة القرآن في استعادة الهوية الإسلامية والعربية في ظل مخططات المتربصين؟
** تعد اللغة العربية من المقومات الرئيسة، والمعالم الأصيلة للهوية الثقافية والوجه الحضاري للفكر الإسلامي في مواجهة الغزو الفكري، فهي من أكثر اللغات ثراء في المفردات والدلالات، وهي لغة ايحائية إشعاعية ميسرة نطقا وكتابة، وأكبر شاهد على ذلك أنها لغة القرآن الكريم، ويستطيع أن ينطق بها كل مسلم، بل كل انسان على وجه الأرض إذا وجد الطرق الميسرة الحديثة لتعلمها وإدراك أسرارها، ولكن اللغة العربية – في ظل العولمة – توجه تحديات خطيرة ومصيرية في واقعنا المعاصر، وفي مقدمة هذه التحديات: مدى قدرة اللغة العربية على استيعاب الدفق المعلوماتي الذي يتعلق بعلم الحاسوب، وهو عنوان الثورة التواصلية بعد الثروة الصناعية والتكنولوجية، فاللغة هي الوجود ذاته، فمصير الشعوب في ظل سؤال الهوية قد أصبح رهنا بمصير لغتها القومية، ونحن ندافع عن هويتنا الاسلامية وهذا الدفاع يتحصن باللغة العربية – لغة القرآن- وهي لا يستغني عنها أي مسلم في الأرض لأنها عنون ثقافته وعقيدته وهويته
كيفية المواجهة
** كيف نواجه هذا الغزو الفكري؟
** أن نقوم بتأمين موقعا حصينا على الخريطة الجيولغوية التي توج بالتيارات الثقافية العاتية، وكيف نصمد إزاء الخطاب السائد لتفكيك الهويات الثقافية الذي جعل من اللغة مدخلا رئيسيا، وخاصة أن اللغة العربية والفكر الإسلامي المتوازن المعتدل في عصرنا يتعرضا لهجمة شرسة ومحاولات تشويه منظمة، وإلى دعوات مسمومة مغرضة لتغيير الحرف العربي وتغير أشكاله، وإحلال اللهجات العامية مكانه، وهذه الحملات المسعورة تهدف إلى تمزيق أواصر الأمة، وإحداث فجوة تفصل بين الأمة العربية وبين الشعوب المسلمة الناطقة بغير العربية، وترتكز استراتيجية حملة العداء هذه على شرذمة اللغة العربية اقليميا وتفكيك الشعور بالانتماء الحضاري إلى هذه الأمة رؤية وتاريخا وفكرا ومنهجا وسطيا معتدلاـ لأن من أهم معالم الوجه الحضاري للخطاب الإسلامي المحافظة على معالم الهوية الإسلامية الصافية المتوازنة في الفكر والرؤى والمنهج منعا للتطرف الديني، والإرهاب الفكري والتعصب الممقوت الذي يفرق الأمة ويعوق مسيرتها الحضارية
تراث الأمة
** يشهد تراث الأمة محاولات للتهوين منه والدعوة إلى اقتلاعه والتبرء منه، بل ووصفه بأنه أحد أسباب تخلف الأمة ولا سبيل لتقدمها إلا بالتخلص منه، فما ردكم؟.
** إن تراث الأمة الإسلامية تراث عالمي يوحد شعوبنا منذ فجر الإسلام، وانتشر هذا التراث اللغوي والديني والعلمي والحضاري في جميع بقاع الأرض وتكلم العلم بكل فروعه الإنسانية والفلسفية والتجريبية والدينية باللغة العربية، وشعوب آسيا وأفريقيا وبعض شعوب أوروبا وباقي قارات العالم عرفت كثيرا من النظريات العلمية بفضل جهود العلماء العرب والمسلمين في عصر ازدهار الحضارة الإسلامية، ولكن القوى الاستعمارية منذ الحملات الصليبية عمدت إلى هدم دعائم الفكر الإسلامي عقائديا وحضاريا ونفسيا، وذلك بالتشكيك في مصادر العقيدة المتمثلة في القرآن الكريم والسنة النبوية، أما فكريا وحضاريا فقد أشاعوا بأن العقلية العربية والإسلامية حسية مادية، محدودة الآفاق، ويزعمون أنها غير مهيأة للقيام برسالة الفكر الراقي أي الفلسفي، أما نفسيا فقد حاولوا ترسيخ الاعتقاد بأن الإسلام لا يدعو إلى حرية الانسان كفرد وانطلاقه التلقائي الحي، ولهذا جاءت حضارة – كما يزعمون- موسومة بسمة التحجر والجمود قديما وحديثا، وهذا التشويه لتراثنا الفكري والعقدي والروحي والأدبي يجب التصدي له بوسائل علمية وتقنيات حضارية منهجية حتى نحافظ على معالم هويتنا التي بها تقاوم الغزو بكل ألوانه ووسائله، ونضمن البقاء في هذه الحياة أعزاء كرماء نفاخر بأننا أبناء الحضارة الإسلامية العالمية الانسانية العادلة.
إتقان اللغة
** في ظل التوسع في التعليم الأجنبي في العالمين العربي والإسلامي وليس في فقط، كيف ترى أهمية إتقان اللغة العربية التي هجرها أهلها إلى غيرها؟.
** لابد أن نعرف انه لا يمكن فهم مقاصد الأحكام الشرعية إلا بمعرفة العربية واتقانها، وقد كان كثير من المجددين في الفكر الإسلامي من الذين اتقنوا علوم العربية كلها وفي مقدمة هؤلاء كبار علماء التفسير والحديث والعقيدة وأصول الفقه، وكذلك المشتغلون بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية، ولهذا لا نهضة للأمة من كبوتها الحالية إلا باتقان لغتها العربية وإدراك أسرارها وجمالياتها ودورها في شمولية التكوين الثقافي اللغوي والأدبي، وصدق الفاروق عمر بن الخطاب إذ يقول:” تعلموا العربية فإنها من دينكم”، وعن هذه الأهمية يقول الزمخشري في كتابه”المفصل في صناعة الاعراب” بالنص:” لعل الذين يغضون من العربية ويضعون من مقدارها ويريدون أن يخفضوا ما رفع الله من منارها لا يبعدون عن الشعوبية منابذة للحق الأبلج وزيغا من سواء المنهج”
لست مبالغا إذا قلت أن غالبية من يجهل إتقان العربية يكونوا فريسة لمن يفتون بغير علم أو من يتعصبون لمذهب معين والتشدد في تطبيقه أو من يقعون في أخطاء فكرية لها خطورتها التكفيرية بسبب الإدعاء أو الجهل بالأحكام وعدم اتقان العربية مما منعه من التوسع في قراءة آراء العلماء
المتطاولون على النبي
** ألف المؤرخ والفليسوف والأديب الانجليزي توماس كارليل كتبا عظيما أسماه ” محمد المثل الأعلى” ومع هذا نجد من أبناء جلدتنا ومن يحملون أسماء إسلامية يهاجمون الإسلام ورسوله، فما ردكم على أمثال هؤلاء الذين يحمل بعضهم لقب” باحث أو مجدد” ليبرر طعنه؟
** هؤلاء ممن ختم الله على قلوبهم، وزين لهم شياطين الانس والجن أعمالهم، وأطلقوا عليهم هذه المسميات الخادعة ليزدادوا ضلالا وإضلالا لغيرهم، وأقول لهؤلاء: هداكم الله، وارجعوا إلى الحق الذي شهد به المنصفين من المفكرين غير المسلمين، فأين أنتم ممن قاله كتبه الدكتور نظمي لوقا الذي أصدر عدة كتب عن رسول الإسلام ومنها على سبيل المثال وليس الحصر” محمد ..الرسول والرسالة” الذي كتب في مقدمته ” هذا كتاب مؤلفه مسيحي المعتقد والنشأة ولكنه يحب محمد ورسالته، وكذلك كتابه” وامحمداه” وغيرهما، وكذلك ما كتبه الدكتور سبلي شميل:” لا يوجد دين سوى الإسلام يتفق مع الرقي الاجتماعي والعلمي، وإن محمدا لهو أكمل وأعظم بشر في الأقدمين والحاضرين، ولا يتصور وجود مثله في المستقبل”.
شهادات غربية
** قد يقولون هذه شهادات مسيحيين عرب جاءت على سبيل المجاملة لنا، فماذا تقول لهم؟
** هذه شهادة العالم الفلكي الرياضي الشهير مايكل هارت في كتابه” العظماء مائة وأعظمهم محمد” علل اختياره لرسول الإسلام كأعظم انسان بقوله:” لقد اخترت محمد في أول القائمة ولابد أن يندهش كثيرون لهذا الاختيار، ومعهم حق في ذلك، ولكن محمد عليه السلام هو الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحا مطلقا على المستوى الديني والدنيوي، وهو قد دعا إلى الإسلام ونشره كواحد من أعظم الديانات وأصبح قائدا سياسيا وعسكريا ودينيا، وبعد 13 قرنا من وفاته فإن أثر محمد عليه السلام ما يزال قويا ومتجددا، وتتميز الرسالة الإسلامية بالامتزاج بين الدين والدنيا، فلا كهنوت في الإسلام، وإنما المسلم يعمل الصالحات ليصلح بها دنياه، ويفوز في الآخرة بالنعيم المقيم، وهذا الامتزاج بين الدين والدنيا هو الذي جعلني أومن بأن محمد هو أعظم الشخصيات أثرا في تاريخ البشرية كلها ” والغريب أن عيسى عليه السلام كان في المرتبة الثالثة وموسى عليه السلام في المرتبة 16
وهذه شهادة دائرة المعارف البريطانية في الطبعة الحادية عشر:” كان محمد أظهر الشخصيات الدينية العظيمة، وأكثرها نجاحا وتوفيقا، ولقد وصل المسلمون إلى ذروة السمو الروحي والرخاء الاقتصادي، وتثقفوا بعلوم الإسلام التي فاض خيرها على العالم أجمع في ذلك الوقت”
لا عصبية أو طائفية
** يتهمون الإسلام بأنه دين عصبية وطائفية ، فما ردكم؟.
** إن رسول الله أرسله الله إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا وسراجا منيرا، ويكفي أن نذكر أنه في خطبة الوداع تكرر نداء النبي صلى الله عليه وسلم” أيها الناس” ثماني مرات، وفي تكرار هذه النداء حرص النبي على هداية العالمين جميعا
مزاعم التغريبين
** ينكر التغربيون أن تأثير للحضارة العربية الإسلامية في الحضارة الغربية التي يعبدونها من دون الله، فماذا تقول لهؤلاء المولعين بالغرب وأهله؟
** أقول لهم: أقرأوا التاريخ واعترافات مفكري الغرب أنفسهم وتأثرهم بحضارتنا العربية الإسلامية، فهم يعترفون بالتأثير العميق وواسع الأثر شمل العلوم الصناعية وليس الفلسفة والعلوم الطبيعية والفيزيائية والرياضات، بل وأمتد إلى الأدب وخاصة الشعر والقصص، وكذلك الفن بما فيه من المعمار والموسيقى، وتمت عملية الإخصاب بين الفكر العربي البالغ كمال تطوره، وبين العقل الأروبي وهو بسبيل يقظته وتملس طريقه في البداية، وتمت عملية الاخصاب في منطقتين الأولى: أسبانيا وخاصة في مدينة طليطلة، والثانية: صقلية بجنوب إيطاليا وخصوصا في عهد ملوك النورمان وأشهرهم “رجار الثاني” المتوفي 1157، “وفردريك الثاني” المتوفى 1250، فقد كانت هاتان المنطقتين نقطتي التلاقي بين الثقافة العربية والإسلامية الزاهرة وبين العقلية الأوروبية الناشئة لأنهما على الحدود بين دار الإسلام وأوروبا، وتأثر كثير من مفكري وأدباء وعلماء الغرب في مختلف العلوم بذلك، ومن ينكر ذلك يقرأ كتاب المستشرقة الألمانية الشهيرة زيجريد هونكة في كتابها” شمس الإسلام تشرق على الغرب”
الأدب الإسلامي
** باعتباركم نائبا لرئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية، ماذا يقصد بالأدب الإسلامي؟ وما ردكم على من ينكرونه؟
** الأدب الإسلامي هو التعبير الفني أو التصوير الجمالي لمضمون إسلامي أب هو الشعر والقصة والمسرح والمقال برؤية إسلامية هي التصور الكلي لله والكون والإنسان والحياة ، وللعلم فإن الأدب الإسلامي يتعلق بالمضمون لا بالموضوع ، بمعنى أنه لا يقتصر فقط على المدائح النبوية أو تمثيليات التاريخ الإسلامي ، وإنما يشمل أيضا أي موضوع اجتماعي أو من الواقع الإنساني ولكن بمضمون إسلامي لا يزين الشر والباطل والجريمة والانحلال الأخلاقي ، وإنما يدافع عن قيم الحق ولعدل والخير والجمال من خلال عرضه لشخصيات وأفكار ايجابية لا سلبية، وهذا ما يؤكد أن الإسلام منظومة متكاملة تشمل كل عناصر الحياة ومنهت الثقافة والأدب ومركزها واحد وهو مبدأ التوحيد ، ونؤكد أن الأدب الإسلامي له رسالة ووظيفة اجتماعية وتنويرية وأخلاقية، نتساءل: لماذا يبيح أدعياء العلمانية والماركسية لأنفسهم رفض الأدب الإسلامي بمفاهيمهم الغربية، بينما لا يبيحون لنا رفض كتاباتهم بمفاهيمنا الإسلامية ، فنحن نرفض ما يرفضه الإسلام زنقبل ما يقبله الإسلام باعتباره مرجعيتنا، فهم يسبون الدين بدعوى حرية الإبداع، فلماذا يمنعوننا من الدفاع عن الدين باسم حرية الإبداع أيضا
مخطط خبيث
** في النهاية: ماذا تقول لمن يحاول الفصل بين القرآن وبقاء اللغة العربية؟.
** من أسرار بقاء اللغة العربية وخلودها نزول القرآن الكريم بلسان عربي مبين، فإتقان اللغة وآدابها وعلومها من أوثق الطرق لفهم القرآن، ومن أسلم الأدوات للاستنباط والحكم الصائب، ولهذا فإن نزول القرآن بالعربية ضمن عدة نتائج لصالحها هي
-العرب جميعا تشبثوا باللغة الفصحى لأنها لغة الوحي والعقيدة
-أن اللهجات العامية اقتصرت على حيز ضيق جدا من ممارسة الحديث الخاص بين الأفراد مع اتساع مجالات استخدامه الفصحى القرآنية
-كانت آية القرآن اللغوية إعلانا عن صلاحية اللغة العربية علميا وإنسانيا لحمل وترشيد مفاهيم الحضارة والتعبير عنها مهما يكن مستواها لأن اللغة تتسع للقرآن وآياته بهذا الاقتدار البالغ لابد أن تكون أقدر على التعبير عن أي مستوى من مستويات تقدم الإنسان عبر العصور، قال الله تعالى:” إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ”
– تفنيد من يروجه الجهال وأعداء الإسلام عن عمد أو جهل شبهات تثير شكوكا حول لغة القرآن الكريم جمعها الأستاذ الدكتور محمد داود في كتابه” كمال اللغة القرآنية” في خمس شبهات” نحوية – صرفية- دلالية- بلاغية- عامة”