بقلم د / شيرين محمد معوض عبدالرحيم
مدرس أصول الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالقليوبية
الظلم : هو وضع الشىء في غير موضعه وهو الجور ، وقيل عنه : هو التصرف في ملك الغير ومجاوزة الحد ويطلق على غياب العدالة .
والظلم ثلاثة أنواع : ظلم لايغفره الله ، وظلم يغفره الله ، وظلم لايدعه الله .
أما الظلم الذي لايغفره الله – عزوجل – فهو الشرك بالله .
وأما الظلم الذي يغفره الله – عز وجل – فهو ظلم الرجل لنفسه فيما بينه وبين الله ، أو ظلم المرأة لنفسها فيما بينها وبين الله تعالى كأن يقصر العبد في الأوامر التي أمره الله بها ، أولاينتهي عما نهاه الله عنه ، فيرتكب الذنوب والمعاصي وغير ذلك ثم يستغفر الله – عزوجل – ويتوب توبة نصوحة فيغفر الله له ذلك .
وأما الظلم الذي لايدعه الله : فهو المداينة بين العباد المتعلقة بحقوقهم سواء كانت مادية أو معنوية ، فهذا النوع من الظلم مرهون بعفو العبد نفسه الذي وقع عليه الظلم إن شاء عفا وسامح مَن ظلمه فيعفو الله عنه ، وإن لم يعف ويسامح من ظلمه لم يعف الله عنه ؛ لأن هذا حق للعبد وهو مرهون بعفوه .
والظلم من أقبح الكبائر وهو ظلمات يوم القيامة وقد قال الله – عزوجل – في كتابه العزيز ” وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا ” وقال النبي – صلى الله عليه وسلم ” اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ” .
وقال عليه الصلاة والسلام يقول الله عزوجل في حديثه القدسي ” ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما ، فلا تظالموا ” .
أما عن عقاب الظلم وعقوبته : فقد قال الله تعالى ” وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ”
فقد تكون العقوبة في الدنيا فينال الظالم العقوبة التي يستحقها من الله – عز وجل – نتيجة لظلمه ، وقد تتأخر العقوبة إلى يوم القيامة فيُمْلي الله الظالم ماشاء أن يملي ثم يأخذه أخذةً شديدة .
وقال النبي – صلى الله عليه وسلم – ” إن الله ليملي للظالم ، فإذا أخذه لم يفلته ” ، ثم قرأ قوله تعالى ” وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ” .
ومن حكمة الله تعالى أن يعجل عقاب بعض الناس ، ويؤخر البعض إلى يوم القيامة ، فإن الله –عزوجل – لو عجل عقاب الجميع لهلك الناس ، وقد قال الله تعالى ” وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ” فالله تعالى يمهل ولا يهمل .
ولكن ماذا يفعل الإنسان إذا تعرض للظلم ؟ هل يدعو على من ظلمه ؟
إذا شعر الإنسان بالظلم عليه أن يسأل الله تعالى أن يرفع عنه الظلم ، وأن يكثر من دعاء السيدة عائشة – رضي الله عنها – ” اللهم يا سابغ النعم ويا دافع النقم ويا فارج الغم ويا كاشف الظُلم ويا أعدل من حكم ويا حسيب من ظَلم ويا ولي من ظُلم ، ويا أول بلا بداية ، ويا آخر بلا نهاية ، اجعل لي من همي فرجا ومخرجا ” .
وهذا الفعل أفضل وثوابه أعظم من الدعاء على الظالم ، ومع ذلك فإن دعاء المظلوم على الظالم جائز ومشروع بقدر مظلمته ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي – صلى الله عليه وسلم – بعث معاذا إلى اليمن فقال ” اتق دعوة المظلوم ، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب ” رواه البخاري . وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ” ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن : دعوة الوالد ، ودعوة المسافر ، ودعوة المظلوم ” رواه أبو داود والترمذي ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن .
كما يجوز للإنسان الذي يتعرض للظلم من الأشخاص الآخرين أن يقول : حسبي الله ونعم الوكيل في ذلك الشخص الذي ظلمني ، فحينما يقول الإنسان ذلك يكون قد سلم وفوض أمره لله فهو حسبه ووكيله.