نظامنا الغذائي في الصيام كارثي.. وأدعو لوقف العزومات في رمضان
تلميذى اتهمنى بصاحب “فتاوي الكفتة” لأنى قلت أن الاعتكاف من وسائل علاج التوتر!
متابعة: جمال سالم
شهدت جامعة المنصورة عرسا علميا، شارك فيه كبار العلماء الذين أنعم الله عليه بالتأمل في كتاب الله المنظور في الكون، وعلاقته بكتاب الله المسطور في القرآن الكريم.
تبارى العلماء المشاركون في مؤتمر “الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية”، بالتعاون مع الهيئة العالمية للكتاب والسنة، وكان الإقبال كبيرا ولكن مذاقا خاصا كان لمحاضرة د. حسام موافي، رائد الطب الباطني، الذي يطلق عليه البعض “حكيم الأطباء” أفضل من يدعو إلي جبر الخواطر ويطبقها في حياته العملية سواء في عيادته بالكشف بأجر رمزي، أو تنظيمه محاضرات مجانية لطلابه كل يوم جمعة قبل قرابة الأربعين عاما.
في البداية قال د. مصطفى الشيمي- مدير مكتب الهيئة العالمية للكتاب والسنة بالقاهرة-: موضوع الإعجاز العلمي أصبح الآن قضية مسلم بها، وعلى مرأى العين والبصر، فلا يستطيع المنكرين أو غيرهم أن يؤثر عليها، حيث إن هناك 1300 آية وردت في القرآن الكريم، تتحدث عن أمور سبق بها القرآن الكريم العلم الحديث، في علوم الطب والفلك والفضاء والجيولوجيا وغيرها، وهناك أيضا 1800حديث وردت عن النبي- عليه الصلاة والسلام- سبق بها العلم الحديث، وتم ترتيبها أيضا في العلوم المختلفة، فهذا العصر بالنسبة للإنسان يسمى عصر العلم.
وأوضح د. الشيمي، أن أول آية نزلت في القرآن الكريم هي: “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق. خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَق. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ” وهذا يدل على أن هناك نوعين من القراءة، قراءة في اللوح المسطور وهو القرآن، وقراءة في الكون المنظور، وهو النظر والتفكر والتدبر في هذا الكون، ولا يأتي هذا إلا عن طريق الإعجاز العلمي.
وأضاف د. الشيمى: إن الله أقسم بأداة العلم، فقال «ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ»، فكيف يأتي البعض ويدعي أنه لا يوجد إعجاز في القرآن الكريم، رغم أن المنصفين من علماء الغرب والشرق من غير المسلمين أقروا بذلك بل واعتنق بعضهم الإسلام طواعية وعن اقتناع بعد أن رأي الحق بعينه جليا من خلال الإعجاز العلمي الذي يعتبر أفضل وسيلة دعوية مقنعة لغير المسلمين ومرسخة لعقيدة المسلمين ،فهذا يدل على أن قضية الإعجاز قضية مسلمة، وبفضل الله انتشرت فى العالم كله، والآن عندما تعقد لها المؤتمرات العالمية أمام العلماء الكبار في دول العالم، أما أن يأتي مسلما أو يأتي مستسلما.
جبر الخواطر
حث د. حسام موافي، الناس على التسابق في “جبر خواطر” الفقراء والمحتاجين والمرضى وكل الفئات التي تحتاج إلي “الطبطبة والحنان” وقدم لنا القرآن نماذج لذلك فإن اختيار القبلة رغم انه من الله، ولكنه كان جبرا لخاطر النبي صلى الله عليه وسلم “فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا” كما جبر الله خاطر نبيه نوح- عليه السلام- فجعله لا يرى ابنه وهو يغرق رغم انه كافر به احتراما لمشاعره “وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ”.
وعرض د. حسام لقصته الشهيرة مع جبر الخواطر التي تعلمها من أحد كبار علماء الإسلام فقال: طلبني ذات يوم احد علماء الدين المشاهير، نحن الأطباء ممنوع أن نقول أسماء المرضى، وأنا لم أذكر اسم هذا الإنسان أبدا، ولكن البعض تخيلوا شخصية أخرى ليست هي الحقيقية، هو عالم دين وكفى، لأن السؤال البديهي عند الناس: هو عنده إيه؟ من حق المريض فقط أن يخبر من يريد بمرضه، ذهبت إليه في منزله وبعد الكشف قلت له: قل لي ما هو أحسن عمل يقربني إلى الله؟ قال: أخبرني أنت؟ قلت له: الصلاة! قال: ما أنت تصلي. قلت: الصيام! قال: ما أنت تصوم! في النهاية قلت: لا أعلم! قال: يا د. حسام، في عملك أكثر شئ يقربك إلى الله هو “جبر الخواطر”.
وبدأت أطبقها في حياتي العملية والعلمية وأنصح الناس بها لأنني شخصيا استفدت منها قبل غيري ممن أجبر خاطرهم ،وعلماء المُسلمين يقولون “من سار بين الناس جابرا للخواطر أدركه الله في جوف المخاطر” ونصيحني للجميع “نفسك ربنا يحقق لك أي شئ أيًا كان بنظر الناس مُستحيل، أجبر بخاطر الناس لأن ربنا يستحي من عبده الذي يقوم بجبر خواطر عباده ولا يجبر ربنا بخاطره”.
النبي القدوة
أكد د. حسام، أن النبي أكثر البشر جبرا للخواطر، ويكفي أن نذكر أن عجوزا كانت تريد أن تصلي خلف النبي، ولم تكن قادرة على المشي وعندما علم النبي بذلك ذهب إلى بيتها هو وخادمه وصلى بها في بيتها، وكذلك ما فعله النبي لعبدالله بن مكتوم كلما لقاه حيث يقول له “مرحبا بمن عاتبني فيه ربي” وذلك بعد أن عاتب الله تعالى رسوله حين انشغل بكبار المشركين عن ابن مكتوم، أملا في إسلامهم ونصرة الإسلام بهم، فأنزل الله تعالى في ذلك قرآنا يقرأ إلي يوم القيامة “عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ. أَن جَاءَهُ الْأَعْمَىٰ. وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ. أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَىٰ. أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَىٰ. فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ. وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّىٰ. وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَىٰ. وَهُوَ يَخْشَىٰ. فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ”.
ويكفي من يجبر بخاطر الناس أن يكون ممن قال فيهم رسول الله: “إن لله تعالى عباداً اختصهم بحوائج الناس, يفزع الناس إليهم في حوائجهم, أولئك هم الآمنون من عذاب الله” وقال في حديث آخر “إن لله تعالى أقواماً, اختصهم بالنعم لمنافع العباد, يُقرِّها فيهم ما بذلوها, فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم” فوالله إن الدنيا بأكملها لا تساوي نظرة لمعان ورضا وسرور في عين فقير أو يتيم أو ذى حاجة أو حتى فى عيون أهل بيتك وأنت جابر بخاطرهم ومدخل السرور والبهجة إليهم.
الصيام والتغذية
وأوضح د. موافي، أن الصيام والغذاء الصحيح خلاله هو أفضل طريقة لفقدان الوزن، عبر التحكم بمراكز “الشبع” في المخ، وفرق بين الإحساس بالشبع والامتلاء، وأفضل وسيلة تغذية في الصيام هي الأكل الخفيف في الإفطار والسحور، والوجبة الرئيسية تكون بعد صلاة التراويح، ويجب التقليل من المسبِّكات وكل ما هو ضار بالصحة لأن وسيلتنا في التغذية عن طريق “العزومات” تعد كارثة صحية بكل ما تعني الكلمة وتؤدي إلي الأمراض، ولماذا يتم ربط العزومات بشهر العبادة دون غيره من الشهور، ولهذا أنصح الجميع بأن يتفرغ في رمضان للعبادة والبُعد عن كل وسائل التسلية وتضييع الوقت أو التخمة الضارة صحيا، أما في الأيام العادية غير الصيام فإن أفضل حالة للتغذية هي حالة “اللاشبع واللاجوع” وقد توصلت الأبحاث العلمية الأمريكية أن الغذاء الأفضل خمس وجبات خفيفة يوميا، وهذا ما يتفق نسبيا مع أوقات الكل بالقرب من أوقات الصلوات الخمس في الإسلام والطريقة الخطأ التي يتغذى بها غالبية الناس هي الأكل حتى شعور الجسم بكفايته من الطعام، وتمدد المعدة مع الأكل وعند نقطة معينة ترسل للمخ تنبيها بالشبع، وهذه الطريقة الخاطئة تجعلهم يأكلون خمس أضعاف ما يستحقه الجسم!
التوتر والاعتكاف
وعن التوتر باعتباره مرض العصر أكد د. موافى، أن أفضل وسيلة لعلاج التوتر التقرب من ربنا، بلا أدوية ولا مهدئات، وأنا علي يقين من خلال التجربة العملية لكل من نصحتهم أن أفضل وسيلة لعلاج الاكتئاب والتوتر هو “الاعتكاف” كعلاج لمن لديهم صداع، لأسباب نفسية وقد صرحت بهذا في إحدى الحلقات بوسائل الإعلام ففوجئت بأحد تلاميذي- للأسف الشديد- يهاجمني بشدة ويعلق علي ما قلته تحت عنوان “فتاوى الكفتة” لأنه وأمثاله يرفضون كل ايجابي يتصل بالإسلام لأنهم مرضى نفسييون، وقد أخبرنا الله تعالى بأن التقرب الله أفضل علاج للنفوس في قوله تعالى “الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ” يؤكد الله ذلك ويرد على الظالمين المنكرين لتعاليم الله، فيقول سبحانه وتعالى: “وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً”.
بلاغة القرآن
يروي د. موافي، خاطرة حول بلاغة وعظمة القرآن فيقول: كنت في آخر معرض للكتاب قبل الثورة، ووجدت أمامي كتابا طبيا ضخما عنوانه ” water”” أي “الماء” ثمنه 180 دولارا، ترددت كثيرا في شرائه، وأخيرا غلبتني الرغبة العلمية فاشتريته وكان مكونا من أكثر من 2000 صفحة، وظللت أقرأ فيه قرابة الثلاثة أشهر وبعد الفراغ من قراءته سجدت شكرا لله- كعادتى عند الانتهاء من قراءة كل كتاب- ونزلت لصلاة المغرب في مسجد قريب فإذا بى أكتشف أن القرآن يختصر هذا الكتاب في كلمات هي قول الله تعالى: “وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ” ويعلم الأطباء أن الجسم لا يحتفظ بالماء، والطبيعي أن الإنسان كلما شرب الماء كلما احتاج للتبول، والأعضاء المسئولة عن ذلك أربع، وهي: “المخ، القلب، الكبد، الكلى” ولهذا فإن مريض الكلى يورم لأنه لا يستطيع أن يخرج الماء ،ومريض الكبد يصاب بالاستسقاء، كما أن الجسم لو احتفظ بالماء يموت صاحبه، ولهذا فإن الأطباء أكثر من غيرهم يرون معجزات إلهية في جسم الإنسان كلما تعاملوا معه أثناء دراستهم وعملهم وأبحاثهم ولهذا فهم يكتشفون جوانب من الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية من خلال تعاملهم مع جسم الإنسان، ويدخلون مع غيرهم من العلماء في مختلف التخصصات الدينية والدنيوية التي تزيدهم معرفة بالله، ضمن من قال الله فيهم “يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ” بل إنهم من شهود الله علي خلقه بما يعرفونه من مواطن الإعجاز في الخلق الإلهي، ولهذا قال الله تعالى: “شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ” وبالتالي يجب أن يكونوا أكثر الناس خشية لله القائل “أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ. وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ”.
الزواج والطلاق
ويحذر د. موافي، من سوء الاختيار في الزواج الذي جعله الله آية من آياته فقال سبحانه “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” وقد نصحنا رسول الله بأن يحسن المقبلين والمقبلات علي الزواج باختيار شريك حياته على أساس الدين ثم بقية المحاسن التي يرغبها فقال للرجال ناصحا “تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك” وقال للنساء وأهلهن “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير” ووصف الله للزواج بأنه “آية” أي معجزة، بأن يجعل الله الزوجين في نظر بعضهما ويؤلف بين قلوبهما، وهذا ليس بالجمال أو الحسب أو النسب، فكم من زيجات فشلت رغم أن العوامل المشتركة الدنيوية بينهما كاملة، ولكن ينقصهما تأليف الله للقلوب وستره لهما، والدليل أنه حسب إحصائيات وزارة التضامن فإن نسبة الطلاق والخلع 50% وغالبيتها في السنوات الأولى للزواج.
ويروي د. موافى، حكاية حدثت عنده في العيادة حيث أتي إليه رجل مسن بلغ من السن قرابة التسعين عاما وزوجته فوق الثمانين وحالته من حيث الشكل ليس فيها ما يجذب ولكن- سبحان الله- يراها كأنها “ملكة جمال” ويعاملها برفق ورقة شديدة جدا رغم أن عمر زواجهما أكثر من 60 عاما، أليست هذه “آية” من آيات الله الذي ألَّف بين قلبيهما في حين انتشر الطلاق بين الشباب والفتيات رغم ما بينهما من جاذبية شكلية وظاهرية؟!
الألمانية والقوامة
ويحكي قصة سيدة ألمانية تجيد الحديث باللغة العربية الفصحى، جاءت وسألته: هل قرأت القرآن؟ فأجابها بالإيجاب، فردت: إن القرآن ظلم المرأة ولم يساويها بالرجل مثلما فعل الغرب، فسألها: ما هو الدليل على هذا الاتهام الظالم للإسلام؟ فردت: ألم تقرأ في القرآن “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ” فتردد في كيفية الرد، ولجأ لله فألهمه فسألها: لماذا لم تكملي بقية الآية حيث يقول الله تعالى: “بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ” واذا بحثنا سنجد “قوام” معناها “خدَّام” أي ان الرجال خادمون للنساء بما فضلهم الله به من القوة العضلية وتحمل صعاب العمل بكل أنواعه، وكذلك بما كلفه الله به من الإنفاق عليهن، وبالتالي فإن “القوامة” في الحقيقة “تكليف” وليست “تشريف” أو “تفضيل أو تمييز” كما يروج أعداء الإسلام ممن لا يفهمونه، وخرجت الألمانية مقتنعة بالتفسير وشكرته، ولكن الله لم يشرح صدرها للإسلام وقتها ولكن فهمها لموقف الإسلام من المرأة تغير.