الاحتفالات والمناسبات الدينية والأجازات الرسمية.. ترجمة عملية
هادى مرجان: الرئيس السيسى يُجسِّد التعايش واقعا ملموسا
د. سامية قدرى: “رأس المال الاجتماعي”.. رصيدنا للعبور إلى المستقبل
د. رفعت فكرى: التسامح يُعزِّز لَمِّ شَمْلِ الأمَّة
مصطفى ياسين
تعيش مصرنا الحبيبة حالة من المُعايشة المجتمعية المتكامِلة- فيما بين مسلميها ومسيحييها- بعد أن تجاوزت مرحلة مجرّد المُشاركة في كثير من المظاهر الاجتماعية والإنسانية.
حيث تجد “المصري” فى وضع اندماج وانصهار كامل، فى كافّة المظاهر والأوضاع والأحوال الاجتماعية والإنسانية، ولا يستطيع أحد التفرقة بين جميع المصريين- التفرِقة على أساس ديني- وقد وضحت هذه “الحالة” أكثر فى السنوات العشر الأخيرة، والتى دَعَّمَتْها وجَسَّدَتها “الأفعال” الرئاسية على أرض الواقع، وليس مجرّد كلمات أو تصريحات.
ولله الحمدُ والمِنَّة أن تحلَّى مجتمعنا المصري الحبيب بالمزيد من الوعيّ والإدراك وتحوَّل تلْقَاء نفسه، فصار هذا سلوكه فى الحياة اليومية من التعاملات الإنسانية، وقَدَّم رأسُ الدولة، الرئيس عبدالفتاح السيسي، القُدوة والمَثَل، بحِرْصِه على تهنئة إخوتنا المسيحيين شُركاء الوطن، بالذهاب إلى مقرِّ الكاتدرائية المُرقسية، سواء بالعباسية أو مقرّها الجديد بالعاصمة الإدارية الجديدة، في تقليد سنوي، منذ أن تولَّى أمانة قيادة البلاد، ليُرَسِّخ بذلك التقليد الإنساني المصري الأصيل، بالقيم والأخلاق المصرية الحميدة التي تربَّى عليها المصريون منذ القِدَم، فلم يعرف المصريُّ في حياته تمييزاً ولا تفريقا بينه وغيره، في أيٍّ من الاختلافات أو الفروقات، سواء الطبيعية أو المُكْتَسَبَة، لتقديسه وتعظيمه حياة الإنسان وصورته، في كلّ أحواله وظروفه.
القدوة الدينية
ولا تقتصر المشاركة والمعايشة على رئيس الجمهورية فحسب، بل إن القيادات الدينية أيضا تُقدِّم المَثَلَ والقدوة بتبادلها للزيارات فى المناسبات الدينية المختلفة، فكما يقوم قداسة البابا تواضروس الثانى- بابا الأسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية- وجميع قيادات الطوائف المسيحية، بتقديم التهنئة لفضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب- شيخ الأزهر الشريف- وكبار القيادات فى المؤسسة الدينية الإسلامية فى المناسبات الدينية المختلفة، يقوم كذلك الإمام الأكبر والقيادات الإسلامية بتقديم التهنئة، لأشقائهم المسيحيين فى الكاتدرائية وغيرها من الكنائس ودُوْرِ العبادة والمنازل بل فى التعاملات والمعاملات اليومية.
وذات الشيء يتم على كلِّ المستويات الإنسانية والاجتماعية فيما بين أفراد المجتمع المصري، بمختلف فئاته ومستوياته، فإذا “قَاسَ” الإنسانُ منَّا الأمر على نفسه، سيجد هذه “الحالة” التى نعيشها جميعا، بفضل الله تعالى.
شعب متسامح
يصف النائب هادى لويس مرجان- عضو مجلس الشيوخ- المصريين بأنهم شعب متسامح ومتديِّن بِطَبْعِهِ، يحترم الآخر وطقوسه، وهذا ما خلق روح التعايش والمشاركة المجتمعية، وهى التى وجدت التربة الخصبة بمواقف الرئيس عبدالفتاح السيسى، القَوْلِيِّة والعمليّة فهو يرسِّخ فكرة جديدة للتسامح فلا يقول: مسلم أو مسيحى بل يقول “مع بعض”.
أضاف: وأنا أقول، لكل من يشعر بحرج لرؤية دار عبادة الآخر: “راجع إيمانك ودينك”.
السلام حياتى
ويضرب المفكر المسيحي الكبير د. ثروت قادس، المثل بنفسه فى نموذج التعايش، فيرجع جانباً كبيراً من تكوينه الشخصى، لحضوره مؤتمر اسلامى نظمته وزارة الأوقاف برعاية د. محمود زقزوق، عام ١٩٩٦، ومشاركة البابا شنودة، الذى تعلمنا منه البسملة المصرية المتميزة “بسم الله الواحد الذي نعبده جميعا”، قائلا: بها شاركت فى تنظيم الحوارات، وهذا ما دفعنى للحصول على اول دكتوراه وكانت في الفقه الإسلامي، حتى أفهم من سأتحاور معه، وخلصت إلى أن “ما نتفق عليه نتمسك به، وما يفرقنا نبعده”، مؤمناً بأنه “لا توجد مشكلة ليس لها حل”، فأصبح السلام حياتى وأساس فكرى، وعلينا أن نتذكر ترديد المسيح لكلمة “السلام” بالعبرية أو الآرامية “شالوم خاليكوم”، أى السلام عليكم أو لكم أو بكم.
نسيج متماسك
ويصف د. نزار السيسى، المستشار بمجلس الوحدة العربية الاقتصادية، تكاتف وترابط بل تعايش الشعب المصري بأنه فى وحدة وطنية متميزة، وترابط وتداخل فى نسيج متماسك ولا احد يستطيع أن يفرق بينه أو يبث الفتنة، طالما تسلحنا بالوعى والاصطفاف على قلب رجل واحد، فالله منحنا الحب والإخلاص والانتماء للوطن الذي يجمعنا دوماً بلا تمييز عرقى أو دينى أو غيره، لذلك سيظل دائما وابدا فى ترابط وتماسك وتعايش إلى يوم الدين.
مشكاة واحدة
ويؤكد الشيخ جابر طايع، وكيل وزارة الأوقاف سابقا، أن المصريين لا يفرقون بين المسجد والكنيسة، أو المسلم والمسيحي، وضرب مثلاً بما حدث معه صغيراً حيث تربى ونشأ في الأقصر ، وذات مرة خرج مع والدته فاختلفت مع إحدى السيدات، وكانا أمام كنيسة مقابلة للمعهد الديني، فوضعت والدته يدها على جدار الكنيسة وأقسمت “وحياة بيت ربنا هذا ما حدث!”، وهذا يؤكده القرآن الكريم بوصفه “البيع” وهى الكنائس أى بيوت الله، فهذه هي مصر التى نعرفها، تعايش سلمى من المحبة والسلام، والتسامح والعيش المشترك، فالأديان كلها من مشكاة واحدة.
واتفق معه الشيخ أحمد صابر، أوقاف الجيزة، قائلا: إن مصر عند الله شئ عظيم، فقد شرفها بوجود الكثير من الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين، تظللها المحبة التى لا تسقط أبدا، فقلوبنا جميعا كمصريين نهر من الحب، ومصر متدينة قبل وبعد الأديان.
بوتقة التسامح
وتضرب د. سامية قدرى- استاذ علم الاجتماع، كلية البنات جامعة عين شمس- المثل بالإسكندرية باعتبارها مدينة كونيّة ومقرّا للثقافات المتعدّدة والتنوّع والتسامح، وليس مختزلا فى التسامح الديني فقط، مؤكِّدة أن تراثنا الشعبي مليئ بصور وعبارات التسامح والتعايش المشترك، فمصرنا “بوتقة للتسامح”.
وتؤكد أن البشرية توصلت إلى أنه لا حياة اجتماعية سويّة بدون تسامح، وبسبب المعرفة وتداعياتها فى مقابل عدم المعرفة قديما، صارت المعرفة المعلوماتية التي دَمَّرَت القيم والأخلاقيات، فمسالب العولمة أصابت كل مناحي الحياة. فكان الحل بالعودة إلى “رأس المال الاجتماعي” وليس المادى، بالعلاقات المبنية على حزمة من القيم الروحية والأخلاقية مثل التسامح والثقة والتضامن الاجتماعي، فى مقابل النزعة الفردية والأنانية والتفكّك الأسرى، وتأكّد للجميع أنه بـ”الوعى” نعيد الصلابة المجتمعية وإعادة رأس المال الاجتماعي. وهذا ما أدركته مصر منذ القدم، لذا فهي متسامحة مع كل الثقافات والحضارات الأخرى، والمصريون لديهم رأس المال الاجتماعي حتّى وإن بدأ يتآكل! فثقافة عدم القدرة على العيش دون الآخر متجذرة في المجتمع المصري، وشبرا نموذج لهذا التعايش.
وتطالب د. سامية قدرى، بالعودة للزمن الجميل والألعاب الجماعية وليست الداعية للانعزال والفردية والأنانية والعنف. وضرورة استعادة مجتمع الصلابة لمواجهة السيولة والانفلات الاجتماعي والاخلاقى. فإحياء الثقافة الإيجابية في مجتمعنا هو مستقبلنا.
التسامح وسيلتنا
ونظرا لأهمية ودور قيم التسامح المليئة به الأديان، فى إقرار هذه الحالة المصرية المتفردة، يؤكد القس د. رفعت فكرى- رئيس مجلس الحوار للعلاقات المسكونية بالكنيسة الإنجيلية- ضرورة بناء العلاقات الطيبة بين جميع أطياف المجتمع لتحقيق الوحدة الوطنية، موضحاً أن التسامح يُعزِّز من لَمِّ شَمْلِ الأمَّة وأن جميع أفراد المجتمع يمثِّلون نسيجًا واحدًا، مشدِّدًا على أن الحوار بين الأديان هو السبيل لتحقيق التفاهم والتعاون. وأن جميع الأديان تدعو إلى المحبّة والتسامح واحترام الآخر.
الأزهر والكنيسة
ويشير القس د. بشير انور نودى، راعى الأقباط الإنجيليين بالجيزة، إلى أن شجرتي “الأزهر والكنيسة” المصرية تظللان على مصر بالخير والسلام، لذلك ستظل مصر مترابطة ونسيجا واحدا بترابط وتماسك أهلها.
“سماحة” الأديان
ويوضح القس مجدي نجيب- الواسطى، بنى سويف- أن كلا الديانتين (الإسلام والمسيحية) يدعوان إلى التعايش السلمي والمحبّة بين الناس، فـ”سماحة” الأديان جزء أساسى فى العقيدة والقيم والمبادئ التى تحملها، وآيات القرآن الكريم والإنجيل ملآى بالتوجيهات لدعم قيمة التسامح واحترام الآخر، وهذا ما خلق النموذج المصري المتميّز والمتفرِّد بين جميع الأمم والشعوب.
اليقظة والحذر
وللتحذير من خطورة التعصُّب وأضراره على التعايش المجتمعى الذى تعيشه مصرنا الحبيبة، يُنَبِّه الشيخ حمادة الأزهري، إمام مسجد تاج الدين ببنى سويف، إلى أن هناك بعض الأشخاص الذين يستغلّون الفِتَنَ لزرع الخلافات بين أتباع الأديان المختلفة، وهذه الفتن تؤدّي إلى تفرقة المجتمع وزعزعة استقراره، ولذا لابد من يقظة قادة الرأى والفكر وخاصة رجال الدين للتحذير من أمثال أولئك المُفَرِّقين.
الجهل والتعصُّب
من جانبها تشير ريهام الشافعي- منسِّق البرنامج الوطني لمكافحة التطرّف والاستقطاب الفكري بمجلس الشباب المصري- إلى خطورة سوء الفهم والجهل بتعاليم الدين، ما يؤدي للتعصب واستغلاله من قِبَل الجماعات المتطرّفة لتفكيك نسيج الأمَّة. ونوَّهت إلى أضرار شبكات التواصل الاجتماعي في نشر الأفكار المغلوطة والتفسيرات الدينية الخاطئة التي تُثير الفتن بين أتباع الأديان.
حب الإنسانية
ويؤكد القس بولا فؤاد رياض، كاهن كنيسة مارجرجس المطرية، القاهرة، أن الله لا يهتم كثيراً بالذبائح والقرابين ولكنه يهتم بالعلاقة مع الإنسان الآخر, فشريعة الله هي: أن أحب أخي في الإنسانية قبل كل فروض الصلاة والصوم والقرابين, فما قيمة الصلوات والأصوام والطقوس وكل مظاهر العبادة إن لم تكن هناك محبّة حقيقية للإنسان الآخر؟ فهناك فرق شاسع بين التديّن والإيمان الحقيقي, فالتديّن كثيراً ما يركِّز على المظاهر الخارجية وهي أمور جميلة وهامة بينما الإيمان الحقيقي هو موقف أخلاقي يقدِّس القيم ويحترم الإنسان الآخر أيّاً كان لونه أو دينه أو مذهبه, فما أسهل التعبّد لله ورفع الصلوات والأصوام ولكن ما أصعب التسامح وقبول الآخر المغاير, إن الله سبحانه يريد أن يعيش البَشَرُ أُسْرَةً واحدة تربطهم رابطة المحبّة, لذا فهو سبحانه لا يقبل عبادة مزيّفة من قلب ممتلئ بالكراهية والتطرف والأنانية, إن العبادة الحقيقية التي تُسِرُّ قلب الله هي التي تمُر عَبْرَ الإنسان الآخر من خلال محبّته وخدمته، وهذا ما أدركه المصري بفطرته السليمة منذ القدم.
لذا فالتسامح والتعايش والمشاركة المجتمعية لم يعد واجباً أخلاقياً فحسب، بل هو فريضة سياسية وقانونية في الوقت نفسه، ولن ينعم عالمنا بالسلام الحقيقي دون ترسيخ لهذا المفهوم الذي أصبح وجوده حاجة ماسّة وليس تَرَفَاً فكرياً، إن التسامح والتعايش يعني اتخاذ موقف إيجابي فيه إقرار بحق الآخر في التمتّع بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية, وبهذا المعنى فهو مسؤولية قيمية وواقعية للإقرار بالحقوق والتعدّدية والديمقراطية وحكم القانون، وهو أمر ينطوي على نبذ الاستبدادية، خصوصاً بالإقرار بحق الإنسان في التمسُّك بمعتقداته، وهو إقرار ناجم عن أن البشر المختلفين في طباعهم ومظاهرهم وأوضاعهم وسلوكهم وقيمهم وقومياتهم ودياناتهم ولغاتهم وأصولهم، لهم الحق والمساواة في العيش بسلام.
يستطرد القس بولا: إن الحضارة الإنسانية ازدهرت وازدهت بالتنوّع, والأحادية لم تصنع إلا أفولاً وذبولاً, لذا فكم نحتاج لأن نختلف ونأتلف, ولنتيقن أن اللحن الواحد لا يمكن أن يعطي نَغَمَاً جميلاً, والعصفور الواحد لا يمكن أن يصنع ربيعاً, والزهرة الواحدة لا يمكن أن تصنع بستاناً!
عجز أممى
وانتقد د. خيرى فرجانى، استاذ اقتصاد سياسى، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بالأكاديمية العربية للعلوم الإدارية، عجز الأمم المتحدة عن كبح جماح العالم نحو الانفلات الأخلاقي والسلوكى، والانحراف نحو العنف والجريمة، مؤكداً أن التسامح والتعايش لم يعد ترفا بل هو ضرورة، ومصر تقدم دائما النموذج والقدوة بما تتفرد به من تعايش ومشاركة مجتمعية فيما بين جميع أبنائها دون تمييز أو تفرقة دينية أو عرقية أو جنسية.
المجتمع المدني
أوضح م. باسم فكرى، مدير مؤسسة “فَكَّرْ واعْمَل”- أن المؤسسة أصبحت كيانا كبيراً بفضل المشاركة المجتمعية التى لا تفرق بين إنسان وآخر على أى أسس، لا دينية ولا عرقية ولا جنسية، حتى صار لدينا مراكز مجتمعية فيها وِرَش ومستوصف ومطعم وقاعات تدريب، فى القاهرة والمنيا، لكلّ الفئات وخاصة المرأة، فهى مدْرَسَة للحياة تخرِّج ٢٠٠ سيدة كل عام، بأعلى نسبة نجاح فى المتخرِّجات من محو الأمية. لافتاً إلى أن المؤسسة تكمِّل دور الحكومة فى التنمية المستدامة المجتمعية، وهي نموذج يحتذى وصورة مثالية للتعايش المصري الأصيل.
زيارات مسيحية- مسيحية
ولا يقتصر أمر الزيارات المتبادَلة بين المسلمين والمسيحيين فقط، بل بين إخوتنا المسيحيين من كل الطوائف والمِلَلِ المسيحية الموجودة على أرض الكنانة، يتبادلون التهانى ويحرصون على تهنئة رمز المسيحية فى مصر، قداسة البابا تواضروس الثانى- بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية- سواء بالمقر البابوى بالعباسية أو بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وهذا ما يحرص عليه القس د.أندريه زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، الذى قام صباح الجمعة الماضى، بزيارة قداسة البابا تواضروس الثاني، لتقديم التهنئة بعيد الميلاد المجيد، بمشاركة وفد رفيع المستوى من قيادات ورموز الطائفة الإنجيلية.
وأعرب د. أندريه عن سعادته بلقاء قداسة البابا، قائلاً: “نعتز بزيارة قداستكم التي تحمل دائمًا معاني المحبّة الحقيقية. فعلاقتنا تعكس محبَّتنا من القلب، ونؤكّد أن قداستكم تمثِّل رمزًا كبيرًا للمحبّة بين المصريين والمنطقة بأسرها. لقد استطعتم أن تجمعوا المصريين جميعًا على محبّتكم، مما يعكس حِكمتكم ورؤيتكم في تعزيز وحدة الوطن ونشر المحبّة بين الجميع.”
وأشاد البابا تواضروس الثانى، بالعلاقات الوطيدة بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والطائفة الإنجيلية. قائلا: “نُصَلِّي أن تكون 2025 سَنَةَ الشَبَعِ والبَرَكَة، ونتفاءل خيرًا رغم ما يشهده العالم من صراعات، لأننا نؤمن بأن الله ضابط الكل. صحيح أن الشَّرَّ يحاول نزع الإنسانية من قلوب البَشَرِ وينشر الخطية، لكن علينا كَخُدَّام للمسيح مسؤولية كبيرة لمواجهة هذا الشر بالمحبّة والتوعية. لقاؤنا يعكس تلك المحبّة الحقيقية التي تجعل حياتنا أكثر فرحًا، لأن الإنسان بلا أمل بلا حياة، والميلاد هو رسالة أمل وحياة”.
ونفس الشيء يفعله قادة الطوائف الكاثوليكية وغيرها، والمطران جورج شيحان، رئيس أساقفة إبرشية القاهرة المارونية لمصر والسودان، الرئيس الأعلى للمؤسسات المارونية فى مصر، والزائر الرسولى على شمال إفريقيا.
“الحالة المصرية”
ولخصوصية “الحالة المصرية” فى التعايش والمشاركة المجتمعية فيما بين نسيج الأمَّة الواحد- مسلمين ومسيحيين- انبهرت به السيدة أنجليكي زياكا- المديرة التنفيذية لبرنامج الحوار والتعاون بين الأديان في مجلس الكنائس العالمي، الأستاذة في كلية اللاهوت بجامعة أرسطو في سالونيك- حين جاءت فى زيارة لبحث سبل التعاون من أجل نشر السلام وقيم العيش المشترك، والتركيز على المبادرات بين الأديان التي يمكن أن تُسَهِّل التعايش السلمي وتساهم في تقدير ثَرَاء مصر، التي تعدّ فريدة من نوعها للبشرية بتاريخها وشهادتها بين الأديان والثقافات.
فأعربت “أنجليكي زياكا” عن تفاؤلها بأن تفتح زيارتها الأولى للقاهرة الطريق لاستكشاف التراث الغني لمصر والعلاقات بين أتباع الأديان. ولهذا السبب زارت الجامع الأزهر الفريد من نوعه في العالم الإسلامي بشهادته الطويلة على العِلْم والاعتدال، وأتيحت لها الفرصة لرؤية جمال المجمع والمنهج الكلاسيكي القديم للدراسة بالجامع الأزهر، حيث يجلس المعلِّم أمام طلابه ومستمعيه الذين يشكِّلون دائرة حوله. وخلال زيارتها، استكشفت أيضًا الكنائس القبطية القديمة ومدينة القاهرة النابضة بالحياة وأجرت محادثات مع أساتذة من جامعة الأزهر وأعضاء من المؤسسات الدينية الأخرى في القاهرة.