كتب- مصطفى ياسين:
احتضنت مشيخة الطريقة العزمية 3 احتفالات فى ليلة واحدة، أضاءت بها إحدى الليالى الرمضانية بالذكر والإنشاد، حيث أحيت ذكرى غزوة بدر الكبرى، وميلاد الإمام الحسن بن على بن أبى طالب، والسيدة فاطمة الزهراء- رضى الله عنهم جميعا- سبط سيدنا رسول الله، وليلة أهل القرآن.

حضر الاحتفالات جمع غفير من مشايخ الصوفية وعلماء الأزهر والأوقاف والشخصيات العامة والمريدين، على رأسهم المستشار محمد عبدالرحمن- رئيس محكمة استئناف الإسماعيلية- اللواء مدحت أبو حسين- مدير العلاقات العامة بالمشيخة العامة للطرق الصوفية- الشيخ عمر البسطويسى- وكيل وزارة سابق بالأزهر- د. رفعت صديق- الأستاذ بجامعة الأزهر- السيد أحمد إبراهيم التسقيانى- شيخ الطريقة التسقيانية- بحضور السيد أحمد علاء أبو العزائم، نائب عام الطريقة العزمية.
افتُتح اللقاء، الذى أداره المُربِّى الفاضل فتّوح حسين لعج، بآيات الذكر الحكيم للقارئ الشيخ محمد حسنين، وتخلَّلته عدة فقرات إنشاد من قصائد ومواجيد الإمام محمد ماضى أبو العزائم من أداء الفرقة العزيمة، والمنشد علاء عبوده.
فى بداية اللقاء، حذَّر السيد علاء أبو العزائم- رئيس الاتحاد العالمى للطرق الصوفية، شيخ الطريقة العزمية- من أن الأُمَّة الإسلامية تمر بفترة محنة شديدة للدرجة التى وصل فيها المسلم إلى قتل أخيه بدعاوى مذهبية أو طائفية أو فكرية، فهؤلاء القتلة ليسوا مسلمين وإن كانوا يحملون أسماء إسلامية، فداعش مثلا كفرة وليسوا مسلمين إطلاقا، مشيرا إلى أن الأمة وقعت بين رحى التشدد أو التسيّب، وكلاهما يرمى لإبعاد المسلمين عن منهج الدين الحنيف وهدم الدين ذاته، “والله غالب على أمره”.

أسباب الإرهاب
وأرجع أبو العزائم، تفشى ظاهرة الإرهاب إلى 4 عناصر: دول مُصنِّعة للسلاح وتريد ترويجه وتوزيعه بالبيع، وأخرى تُدرِّب وتأوى الإرهابيين، وثالثة تداوى جرحاهم ثم تعيدهم لجبهات القتال، ورابعة تموِّل وتدعم بالمال، مشيدا بالدور الوطنى والإنسانى الذى تلعبه مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى مواجهة ومحاربة الإرهاب نيابة عن العالم كله.
وتساءل: مَنْ صاحب المصلحة فى إثارة الفتن والحروب بين الدول، كما يحدث حاليا تجاه دولة مسلمة كإيران، فلماذا لا نتعاون معها تجاريا واقتصاديا وعسكريا، فإذا كنا ننادى بالوحدة مع المسيحيين فكيف نحارب المسلمين؟! مستشهدا بمقولة لبابا الفاتيكان: “المسيحييون يُمثِّلون 32% من سكان العالم، والمسلمون 23% أى أنهم أكثر من 55% ومع ذلك فالقرارات الدولية الكبرى لا تصدر عنهم!”، بما يعنى وجود حكومة عالمية خفية يحكمها اليهود!
وأكد أبو العزائم، أن الأمة بحاجة ماسَّة إلى بعث من جديد، وهذا لن يكون إلا بالأخلاق، فبناء الأمم لا يكون إلا بأخلاق أبنائها، وتساءل مستنكرا: هل أخلاقنا تبنى أم تهدم؟! ولماذا لا نسعى جميعا لبناء وطننا بأخلاقنا الحسنة؟ ولماذا لم نتخلّق بأخلاق النبوة؟! وماذا عن الصيام الذى نُضيّعه بمتابعة بل الوقوع تحت أسر الأفلام والمسلسلات والبرامج “الهايفة” وكأنها هى العبادة؟!
وهنا يأتى دور الصوفية بغرس وترسيخ القيم والأخلاق، وهذا يفرض على الدولة الاهتمام بالصوفية ودعمها للقيام بدورها.
وقال أبو العزائم: لقد حذَّرنا سيدنا رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- من أن نكون غثاء كغثاء السيل لأن وقتها تتداعى علينا الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها- كما يحدث حاليا- وليس هذا من قِلَّة بل نحن كثرة، ولكن أصبنا بالوهن، كرهنا الموت وتشبّثنا بالحياة، فنزع الله مهابتنا فى قلوب أعدائنا، وتساءل: لماذا لا نصبح نحن السيل وليس غثاءه، ويكون لنا التأثير الإيجابى والنافع لأنفسنا ومجتمعنا والإنسانية كلها؟!
واقترح أبو العزائم عدة أفكار ومبادرات فى طريق الإصلاح والتأهيل منها: إنشاء بنك لجمع أموال الزكاة، يكون له فروع فى كل المحافظات بل والمدن الكبرى، على أن يُقدِّم البنك خدماته ومساعداته العينية- بعد دراسات الجدوى- بدون استعادة الأموال، وبذا يوفر فرص عمل للشباب والمحتاجين، والأهم تخصيص جزء من أموال الزكاة للبحث العلمى، فديننا بفرضه للزكاة لا يهدف لـ”عَلْف” الإنسان- كما تفعل جمعيات وهيئات “جمع الزكاة”- وإنما يحثّه على العمل والإنتاج والاجتهاد، والبحث العلمى هو طريقنا بل سبيلنا الوحيد للنهوض والإنقاذ بجانب الإدارة الناجحة.

كما اقترح أبو العزائم، منح دفتر لكل شاب فى فترة الإجازة الصيفية لتحرير مخالفات لكل من يُلقى بالقمامة فى الشارع أو يأتى سلوكا مشينا، وقيمة المخالفة 10 جنيهات مثلا، تورَّد 8 جنيهات للجهات الحكومية، وجنيهان للشاب، وبذلك نوفر فرصة عمل ونضمن انضباط الشارع ونظافته، لترسيخ ثقافة “النظافة من الإيمان” واستعادة الأخلاق، التى للأسف كانت موجودة فى العصر الذى نسميه الجاهلى ونفتقدها نحن فى عصر التقدم والازدهار والحرية! بدليل أن سيدنا رسول الله قال: “إنما بُعثت لأُتمِّم مكارم الأخلاق” أى أنه كانت توجد أخلاق ومكارم أخلاق وبُعث لإتمامها، أما نحن اليوم فلا مكارم ولا أخلاق أصلا! وهذا يجعلنا فى أمَسِّ الحاجة لثورة نفسية أخلاقية، فيسأل كل منا نفسه: ماذا قدّمتُ لنفسى وأهلى ومجتمعى؟! ويجب أن نخرج من حياة الأنانية والانعزالية ونندمج فى حياة التكافل والمشاركة، فقضية مثل زواج الشباب مثلا هذه مسئولية مشتركة للمجتمع كله.

خيرية الأمة
وتحدث الشيخ قنديل عبدالهادى- داعية آل العزائم- عن خيرية الأمة المحمدية، مؤكدا أنها مرهونة بشروط الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والإيمان بالله.
جوانب العظمة
واستكمل د. عبدالحليم العزمى- أمين عام الاتحاد العالمى للطرق الصوفية، رئيس تحرير مجلة الإسلام وطن- الحديث عن شخصيات آل البيت وجوانب العظمة فى حياتهم، مشيرا إلى أن الإمام الحسن لديه 3 نقاط فى شخصيته وأفاض فى كل نقطة: التضحية بالمقام الاجتماعى للصالح العام، الخشية- وليس الخوف- من هيبة الله، سمو النفس أو الذات.
وتحدث د. إسلام النجار- داعية آل العزائم- عن جوانب من سيرة صاحب الذكرى الإمام الحسن، والدروس المستفادة من غزوة بدر.