المسملون تخلّوا عن نبع عطائهم.. فانحرفت العلمانية بالفكر الإنسانى
هرمون الإيمان ينشر السلام بين الناس.. بالمشتركات الإنسانية
حوار: مصطفى ياسين
أكد د. سيف راشد الجابرى- أستاذ الثقافة والمجتمع بالجامعة الكندية بالإمارات، مؤسس مركز القوة الناعمة للاستشارت الأسرية والتدريب، ودار سيف للطباعة والنشر- أن إعادة بناء صرح الأُمَّة الإسلامية سهل وميسور لأنه مرهون فقط بتدبّرنا للقرآن الكريم والسُنَّة النبوية المشرَّفَة، مُرْجِعا انحراف الفكر الإنسانى عامة إلى تخلّى المسلمين عن الاغتراف من نبع عطائهم الفكرى والحضارى المُتمثِّل فى قيم ومبادئ الدين الحنيف، ما فتح المجال أمام العلمانية والاشتراكية للانحراف بالفكر وبالإنسانية.
ودعا إلى زيادة هرمون الإيمان لدى البشر جميعا من خلال المشتركات الإنسانية والقيمية لأنها كفيلة بنشر السلام والطمأنينة.
وفيما يلى نص الحوار الذى أُجرى معه، على هامش المؤتمر الخامس للجمعية العربية للحضارة والفنون الإسلامية، برئاسة د. محمد زينهم، والذى عُقد مؤخرا بمدينة دهب بجنوب سيناء.
*كيف ترى التجديد فى التراث؟
** التجديد فى التراث مسألة عظيمة وآلية ذات أهمية قصوى لإعادة الاستراتيجية بخطة مُستدامة لقضية التراث، والتراث الحضارى المبنى على قيم الدين الذى حمل معنى التعايش السلمى بين الإنسان وربِّه سبحانه وبين الإنسان وأخيه الإنسان، ذات مغزى عظيم فى إعادة منهجية وترتيب البيت من الداخل، فى كيفية اعتماد الحضارة والفنون الإسلامية فى إعادة هيكلة المنطق البشرى بفكر منفتح، حسب المعطيات اللسانية التى تعتمد على المحادثة والمخاطبة والمشافهة والمشاهدة من خلال التراث، فالله تعالى هو القائل: “الذى أعطى كل شئ خَلْقَه ثم هدى” وجعل اللسانيات مهمة جدا فى الارتقاء بهذا التراث العظيم من خلال بيان آياته وذِكْره أصحاب عاد وثمود والأيكة وغيرها من القَصَص القرآنى الذى يُغذِّى العقل الإنسانى ويُنَمِّى مهاراته التى لها أثر فى التنشئة والتربية عامة.
معوِّقات التجديد
- وكيف نرى هذا التجديد وما هى معوِّقاته؟
** معوِّقات التجديد هى نفس معوِّقات الفكر البشرى عندما ينحرف عن جادة الطريق ويختار طريقا بديلا ليس له أثر، فالعلمانية والاشتراكية التى دخلت على المجتمع البشرى، من خلال منظور بشرى أخذ معه الفكر الإنسانى للانحراف واختلاق المشاكل الفكرية، ويعود ذلك لأننا كمسلمين تخلَّينا عن نبع العطاء الفكرى، الموسوم بالرحمانية فى كتاب الله، واخترنا طريق لسانيات البشر، التى أثَّرت فى تفكيرنا، من حيث قال فلان وعِلان، ونُقل عن فلان والمستشرق الفلانى وغيره!
وكل هذا يؤثر فى كيان الفكر الإنسانى، خاصة وأننا نحن كعرب ومسلمين لدينا ما يكفينا من القيم لنعيد بناء صرح الأمَّة من خلال تدبَّر القرآن الكريم والسنة النبوية المشرَّفة.
إن لسانيات القرآن الكريم عظيمة “وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه”، إذن هذا اللسان هو قيم المجتمع، فلابد لإعادة صياغة فكر الأمة من تجديد فن الخطاب الذاتى فى معرفة قيمنا وعلاقتنا الربانية أولا مع أنفسنا ثم بيئتنا ومجتمعنا والعالم المحيط ثم العالم أجمع، فهذه هى القيم التى تُبعدنا من الانحراف الفكرى عن بوصلة الوصول إلى الهدف المنشود فى رضاء الله وتعمير الأرض، فالله استخلفنا وتعبَّدنا فى هذه الأرض، فهى المزرعة الحقيقية وليست فقط بالصلاة والصوم، فالارتقاء للآخرة بعد أداء الفرائض الموقوتة بمواقيت محددة هو العمل، وخاصة العمل الميدانى والمحافظة على جميع فنون التراث بما فيها المادى وغير المادى لأنها هى الناقل للقيم والحضارة.
والشاهد فى ذلك أن الصحابة الكرام- رضى الله عنهم- حافظوا على الموروث التراثى عند الأُمم ولم يهدموها أو يدمِّروها، فمثلا عندما فتحوا مصر لم يهدموا الآثار أو الأهرامات وإنما حافظوا عليها، لكن يأتينا اليوم صاحب الفكر المنحرف الذى تلقَّى علومه من الفكر المحرَّف والمستشرق ثم دمَّر التراث والحضارات السابقة، وهذا هو الشئ المعيب الذى ينبغى علينا إعادة صياغة الفكر فيه والمحافظة على تراثنا من خلال هويتنا الوطنية- كل على حسب معطياته- وهذا هو المهم فى إعادة بوصلة التفكير البشرى من خلال رحمانية الرحمن سبحانه وتعالى، على من أُنزل عليه القرآن وبُعث رحمة للعالمين- صلى الله عليه وسلم- فهذا هو الاتجاه الحقيقى للمحافظة على التراث والبعد عن الانحراف الفكرى الذى أبعد المجتمع عن قيمه وتراثه وأصالته.
الإسلاموفوبيا
*الإسلام اليوم يتعرَّض للعديد من حملات العداء والطعن والتطاول، فما هى الدوافع والأسباب؟
** الدوافع والأسباب هى ذاتها منذ خلق الله البشر وسُنَّته الكونية التدافع بينهم، ونحن لا نغضب من هذا، فهى أسباب معروفة ابتداء، لذا من الذى يحترق ويعمل زوبعة هم الجهلاء وعديمى الفقه، فالإسلام لجميع الأديان، “إن الدين عند الله الإسلام” وعندما قصَّرنا واستجلبنا الفكر المنحرف ضيّعنا كل شئ، فالله ما أرسل رسولا إلا وله أعداء ويُخرجونه من بلده لأن الناس لا تحب الفضيلة، بفطرتها شهوانية شيطانية، فاللاعب الوحيد فى الكون هو الإنسان “وكان الإنسان أكثر شئ جدلا” وهذا لا يصل لنتيجة، لهذا ما نزعل لأن كل من جاء بدين حورب، فلما تُحارَب الشرائع فهذا ليس بجديد على الإسلام، وهى متجددة معنا كمسلمين لأنها كانت تنتهى بانتهاء الرسالة والنبى وأحباره، لذا يبعثهم الله تترا وبكثرة، خاصة فى بنى اليهود حتى لا تكون لهم حجة يوم القيامة، وبعد سيدنا عيسى والأحبار تفرَّق الجميع، لذا أحبار اليهود يعرفون الإسلام أكثر من المسلمين، لكنهم لا يقبلونه ولا يؤمنون به ويحاربونه ليلا ونهارا “ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتَّبع ملَّتهم” لأن أصلك جاء على خلاف أصولهم، عربى وليس منهم، كادوا له، لذا الحبر الصادق نصح ابن عبدالمطلب بالعودة به، فأعداء الإسلام لن يسكتوا مهما قدَّمت من تنازلات، وما يخرجك من هذا إلا العودة للإيمان.
وأناشد الناس: يا علماء، يا مسلمين، لا تناقشوهم فى الإسلام بل ناقشوهم فى الإيمان، فالإسلام قواعد ثابتة، أما الإيمان فهو بناء جسر للربط الربانى، بقواطع الإيمان أنت مؤمن برب العالمين، إذن تؤمن بما أمر به، وهو القرآن ولن يقبل غيره يوم القيامة.
لذا فنحن نحتاج لرفع هرمون الإيمان وليس هرمون الإسلام لدى الناس جميعا، وهو يزيد بالطاعة ويقل بالمعصية، القيم والمحبة التى توصلنا لله، فوصولنا يكون من خلال الإيمان، وتبقى الدرجات بزرع الإيمان فى أبنائنا ومجتمعاتنا والمحافظة على قيم الإسلام بالإيمان بالله، وملائكته وكتبه ورسله.
فالتذكير بالإيمان بالله وملائكته، وهذا ما يسمَّى “علم الغيب”، ثم الإيمان المحسوس بالكتب ثم رسله، وبعد ذكر الإيمان بالغيبيات ثم ينقلك إلى الاختبار الإيمانى الحقيقى وهو العقيدة الجازمة بنهاية العالم، واليوم الآخر هو يوم معلوم أنك ستموت، ويوم آخر وهو يوم الحساب بين يدي الله، والإيمان السادس هو الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره، هذا الكلام الذى ينبغى معرفته ونشره بين الناس وأن يستوعبوه.
الحوار بين الأديان
*وما رؤيتك لمسألة الحوار بين الأديان؟
** أنا شخصيا لا أرى جدوى من هذه المسألة، فالله تعالى حسم المسألة، كيف؟ فقد قال عزَّ وجلَّ: “إن الدين عند الله الإسلام” فليس هناك أديان وإنما دين واحد، وإنما هناك شرائع وهذه تختلف عن الأديان، وقد فصَّلها سبحانه بقوله “قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون…”، إذن حسم الموضوع.
شرائع لا أديان
*إذن هل تعتبر اليهودية والمسيحية أديان أم شرائع؟
** هذه شرائع، وما من نبى إلا ودعا إلى الوحدانية، فجميع الأنبياء جاءوا للناس ليقولوا “لا إله إلا الله”.
ولا مانع من الحوار مع هذه الشرائع، فنحن شركاء فى البشرية، ولكن لا أقنعه بدينى، ولا هو يناقشنى فى دينى، ولا حتى دينه الذى أؤمن به أنا أيضا كإيمانى بدينى، فكيف أناقشه فى قضية منتهية “أأنت تُكْرِه الناس حتى يكونوا مؤمنين” فهذا اختيار الله.
واليوم الحُجَّة على كل البشر بأن محمدا- صلى الله عليه وسلم- هو خاتم الأنبياء والرسل، ويجب ألا أشغل نفسى بمن يرفض الإسلام ولا أعاديه حتى وإن عادانى، فهو يعادينى لأنه يجهل دينى، والمسلمون لم ولا يعادوا أحدا، ومن يفعل ذلك من المسلمين ويعادى أو يعتدى على الآخرين فأولئك “فَسَقَة”، وهؤلاء الذين يخرجون على القيم والأخلاقيات الإسلامية ويعتدون أو يرهبون الناس هم الفئة الباغية، فديننا كمسلمين دين تسامح وسلام وليس اعتداء وقهر، حتى فى الحرب له شروط وقواعد وقيم يتّبعها المؤمن بالإسلام، فلا عدوان على صغير ولا شيخ كبير أو امرأة ولا مريض، ولا يقطعون شجرة، فما بالك بالإنسان؟! ما يرمونهم بقنابل ويحرقونهم فى بيوتهم، كما يفعل غيرهم!
إذن فالبشرية كلها بحاجة لإعادة صياغة فكرية، من رؤسائهم وكبيرهم وصغيرهم، لأنه للأسف الشديد أكثر المسئولين لم يدرسوا الثقافة الإسلامية وما درسوا ثقافة وقيم وعادات وتقاليد المجتمعات، حتى دراستهم للدبلوماسية تلقّوها من الثقافة والحضارة الغربية، لذا يجهلون صناعتهم الحقيقية، لذلك فكثير من الدبلوماسيين والساسة العرب والمسلمين لا يُحسنون قراءة حتى سورة الفاتحة!
وهذا ما أصابنا بالضعف، وهذا يحتاج منَّا إلى فهم، وأن نُفْهِم العالم ثقافتنا وحضارتنا وقيمنا وأننا متحضّرون وعقيدتنا وإسلامنا وإيماننا متحضِّر، فأجلس مع أى إنسان وليس لى علاقة بدينه، أما أنا فإذا حضر وقت الصلاة قمت لأدائها، وأعتذر لهم إذا قدَّموا لى مشروبات مُحرَّمة، عندئذ هم يحترموننى لاحترامى قيمى وعاداتى وأخلاقيات دينى.
إذن نحن بحاجة ماسَّة لإعادة صياغة عامة- بدون مزايدات أو مشكلات- لأن يفهم بعضنا البعض، ونحب بعضنا، ونُخْلِص لبعضنا ومجتمعاتنا، فنحن أهل رحمة ومحبَّة وحضارة، وإسلامنا منذ ظهر حافظ على الحضارات القائمة وأقام جديدها ولم يدمِّر سابقها بل زاد عليها وأكرمها، فالله سمَّى بعض سور قرآنه باسم هذه الحضارات وأصحابها، دلالة على أهمية المحافظة عليها، مثل ثمود وعاد وأهل الكهف وفرعون “تلك آثارهم” أى عليك أن تستفيد منهم ومنها، وتُنمِّى المجتمع وتأخذ العبرة، فالأمم تعيش بالعبرة والأخلاق، كما قال أمير الشعراء أحمد شوقى:
إنما الأُمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقُهم ذهبوا
معنى ذلك، أن الإسلام هو دين الأخلاق الذى يحافظ على كل شئ، فراشك وبيتك وجسمك والمجتمع، ولذا خاطب الناس بالإيمان والأخلاقيات وليس بالعقيدة، فهو يقول عن الإيمان أنه بضع وسبعين أو ستين شُعبة، أعلاها “لا إله إلا الله” وأدناها “إماطة الأذى عن الطريق” فما بالك ببقية القيم؟!
نحن بحاجة لمؤتمرات يحضرها الناس ويستمعوا لخطباء يأتون بالجديد مما يُحفِّزهم على الإيمان، لا أريد أن يُصلى الإنسان وهو لا يفهم قيمه وأخلاقياته، أريده أن يخرج من الصلاة مُحترِما لذاته وقيمه وأخلاقياته ولا يكذب ولا يغتاب ولا يسرق أخيه أو نفسه أو دولته، يخرج من المسجد ليعيش فى مجتمعه ومع الناس بأخلاقيات المسجد، أما فرائض الدين فهى معروفة.
تخيَّل أن أحدنا لا يفقه ولا يعرف غُسل الجنابة، والإسلام اشترط التطهّر لقبول الصلاة؟!
هذا ما أريده من إعادة صياغة الفكر الإسلامى من خلال حضارة الإسلام المبنية على الإيمان، وكيف نُنشِّط ونزيد الإيمان فى الإنسان.
هرمون الإيمان
*كيف تتحقق تلك الزيادة فى هرمون الإيمان؟
** الله سبحانه وتعالى حدَّد ذلك بمن وصفهم بأن إيمانهم يزداد “هو الذى أنزل السكينة فى قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم” وهذا يرتبط بعلاقتهم مع ربِّهم، فأنت كمسلم تقيم واجبات الدين فيك، الصلوات الخمس من الإيمان أن تؤدّيها فى المسجد، لأنها كفريضة تسقط بأدائها سواء فى البيت أو المسجد أو المكتب، لكن الإيمان أنك تؤدّيها فى المسجد مع الجماعة فتكون بـ 27 درجة بدلا من درجة واحدة، والمُحفِّز أن كل خطوة إلى المسجد تحط عنك خطيئة وترفعك درجة، فأنت إذن فى ذهابك وإيابك للمسجد تكون فى الإيمان.
والدرجة الأخرى فى العمل، فالله يقول: “وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون” فالعمل هذا لا يزيد المال وإنما تزيده البركة، وهذا هو السر، فهناك من يقبض راتبا كبيرا ولا تجده مرتاحا، بعكس آخر أقلَّ منه كثيرا فى الراتب لكنه مرتاح جدا وسعيد وليست لديه مشاكل، فالله ما طالبنا أن ندعوه بالرزق أو زيادته وإنما بالبركة فى الرزق، وهذا من الإيمان.
والأمر الآخر، زيادة الإيمان فى زوجتى وأولادى وأهلى، لذا يقول الحديث الشريف “إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إليَّ وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون” قالوا: يا رسول الله، قد علمنا «الثرثارون والمتشدقون»، فما المتفيهقون؟ قال: «المتكبِّرون”. وفى حديث آخر- ما معناه- “أقربكم منى مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا، المُوطّؤن أكنافا، الذين يألفون ويُؤلفون، وأبعدكم منى مجلسا يوم القيامة، المشَّاؤون بالنميمة، المُفرِّقون بين الأحِبَّة”، فهنا الإيمان الحقيقى الخفى.
ففرائض الدين تُسْقِط عنك حق الله، لكن الرُقى لله سبحانه والإيمان يحتاج أبوابا أخرى، فرسول الله أعطى المرأة 4 كلمات كى تعيش سعيدة فى حياتها بلا مشاكل ولا طلاق، “إذا صلَّت خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، دخلت من أى أبواب الجنة شاءت” فهذا هو ديننا أن يعين ويرشد كل إنسان للطريق القويم، فدرجات الإيمان أن نتعامل بنور الله سبحانه وتعالى وأخلاقيات الإيمان.
ورسول الله أعطانا مبدأ عاما وهو “فى كل كبد رَطْبٍ صَدَقَة” فلم يُحدِّد أو يُصنِّف نوع هذا الكبد بل جعله عاما، طير، حيوان، إنسان، فهذه إنسانية هذا الدين الذى يحمل الخير للجميع، بشر وحجر وحيوان وطير.
إذن علينا أن نعيد استراتيجية الفهم بين علاقتنا فى تنمية الإيمان، التى تنقلب لا إراديا مع مجتمعنا حتى يعود الإسلام لينتشر بأخلاقياتنا كما حدث مع السلف الصالح.
فالإسلام الذى ينتشر حاليا سواء فى أمريكا وأوروبا هل بقوتنا أو بدعوتنا؟ طبعا لا، لكنه ينتشر بالأخلاقيات والسلوكيات، فعلينا أن نزداد إيمانا مع إيماننا ونُحسن سلوكياتنا لكى تتطابق مع قيم ومبادئ الإيمان حتى نكون قدوة لغيرنا، والحمد لله فنحن أخلاقياتنا عالية جدا، لذا نطلب من المجتمع المسلم وكل مسئول مسلم أن يقرأ الإسلام النقى والأحاديث الصحيحة حتى إذا ما جلس مع الآخرين تكون لديه قوة الرد وحُسن المنطق وعدم التصادم حتى نعيش فى أمن وأمان للبشر جميعا.
إحياء الهُوية
*مطلبك بالعودة إلى القراءة عن الدين يجعلنى أتساءل عن الأزمة التى نعيشها حاليا فى افتقادنا للهُوية وبُعدنا عنها؟
** الهُوية الإسلامية فى “ناصية” كل مسلم سواء التزم أو لم يلتزم بإسلامه، فهو معروف بأنه مسلم ولا يستطيع إخفاءه، وبـ”سِرِّ” نور “لا إله إلا الله” واضحة فى كل مسلم، بدليل أن والد النبى مرّ فى مكة ذات يوم فتعرّضت له امرأة للزواج منه، لأنها رأت فيه علامة ونورا لم يره هو، وبعد فترة مرَّ ثانية فلم تتعرَّض له، لماذا؟ لأن النور قد راح عنه! أين ذهب؟ انتقل إلى السيدة آمنة بنت وهب، هذه النطفة النورانية انتقلت، وهى الآن فى قلب كل مسلم، لذلك من جاء يوم القيامة وفى قلبه “لا إله إلا الله” دخل الجنة، فهى كلمة تُثقِل أى ميزان وتقدّم صاحبها على كل البشر، وكل من ليس فى قلبه هذه الكلمة يراها فى ذلك المسلم، وللأسف المسلم اليوم اختلطت عليه الأمور فأصبح ضعيف الحال لأمور متغيِّرة.
فالواجب على المسلم أن يعيش فى بوتقة إيمانه، وهى سهلة وليست صعبة، وإعادة الصياغة التى أعنيها ألا أنظر للآخر إلا نظرة خير، ومن ثمَّ يتكوَّن ويتبلور هذا المكوِّن الداخلى لدى كل مسلم، وهو كافٍ لإرشاد الناس إلى الإسلام بدون أى مشاكل.
فهُويتنا هى الانتماء لقيم وعادات وتقاليد، وهُوية كل المجتمعات مشتركة فى هذه العناصر الثلاث، وهى تختلف من شخص لآخر، لذلك كمسلمين علينا الحفاظ على هُويتنا، حتى نكون مُقَلَّدين وليس مُقَلِّدين، فهذه هى هُويتنا التى نريد أن نمارس حقنا فيها فى ديننا وأوطاننا حتى لا ننخلع من واقعنا.
والمجتمع العربى اليوم- على وجه الخصوص- الذى ينظر له العالم الإسلامى وغيره على أنه بوتقة الإسلام يجب أن يُعيد هُويته بالمحبَّة والثقافة والعلم والمعرفة.