الأئمة والوعاظ يسيرون على خطى التجديد بانتظام ووعى وثقة
حوار – محمد الساعاتي:
يعد الداعية الشاب الشيخ حاتم جاد- ابن قرية ميتشنا، أجا، الدقهلية- الإمام والخطيب بأوقاف ميت غمر- والحاصل على ماجستير في تجديد الخطاب الديني، انتهى من إعداد رسالة الدكتوراه في “مقارنة الأديان” وينتظر تحديد موعد للمناقشة قريبا في جامعة الزقازيق- من الدعاة المتميزين لغزارة علمه وحفظه المتقن للقرآن في العاشرة من عُمره بكتّاب القرية، يعتمد في دعوته على الوسطية والاعتدال كما تعلمهما في مراحله التعليمية بالأزهر بمعهد ميت غمر الإعدادي الثانوي ثم بكلية الدعوة بالقاهرة، مما أهله لأن يكون داعية يُجمع عليه الناس، وأصبح له من المتابعين لدعوته 34مليونا عبر الشبكة العنكبوتية الإنترنت نت.
*ماذا تقول في الخطاب الديني الذي ينتابه التشدد؟
** من المشكلات المزمنة التي تواجه الخطاب الديني المعاصر: قضية الغلو والتطرف التي تفاقمت في معظم بلاد العالم العربي والإسلامي التي كانت نتيجة العلوم الاجتماعية والسياسية والفكرية التي كان من نتيجتها تشديد جهد الأمة وتبديد طاقتها في مواجهات داخلية كانت الأمة في غني عنها.
* وما هى المظاهر السلبية للخطاب المتشدد من وجه نظركم؟
** الغلو فى العبادة، فى الأصل فى العبادات اليسر وعدم التكليف بما هو فوق طاقة الإنسان (لا يكلِّف الله نفسا إلا وسعها). وإذا كان التشدد والغلو مذموما في الإسلام فان ما يقابله أيضا لا يقل عنه (التساهل والتفريط) فالتساهل والتفريط عن الإمتثال لأوامر الله واجتناب نواهيه مذموم، فالإسلام ليس بهذا ولا ذاك، فهو وسط عدل، كما أرى أن التعصب في المسائل الخلافية أمر يرفضه الإنسان، لأن البعض في هذه المسائل قد يدفع بصاحبه إلى التقول علي الله بغير حق، وشريعتنا الإسلامية ترفض مبدأ التشدد والغلو فى الدين لأنه يؤدي إلى الخروج عن صراط الله المستقيم.
العنف الدعوى!
* العنف الدعوي ماذا تقول فيه؟
** العنف الدعوي خطأ مشين لعملية الدعوة، فهو استخدام أسلوب الترهيب في مقابل إسقاط أسلوب الترغيب، وتفريغ الدين من محتواه المتسامح، فتجد لغة الدعاة المتشددين قد انطبعت بالطابع التهديدي والصوت العالي، مما نتج عنه إهمال لغة الحوار والإقناع بالطرق التي تحترم ذات ونفسية المتلقي.
* وماذا تقول في العنف الدعوي تجاه الآخر؟
** يعتبر الخطاب الديني المتعصب أن غير المسلم إما عدو مطلقا أو طامع مطلقا. فهو منبوذ مستبعد من إمكانية التفاعل معه ومقصي من أي درجة قبول وهذا خطأ كبير، لأن الخطاب الديني ملزم بالتواصل مع كل المجتمعات التي تتكون من اتجاهات وتيارات وأفراد وجماعات وإبلاغهم الدين بأفضل وسيلة، لأننا كلنا نعيش في ذاك الكوكب مع أمم أخرى على قاعدة حسن التعامل والتفاهم المشترك بين مختلف الأطراف، ولهذا قال تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) الممتحنة آية (8).
* ما الذى يحتاجه الخطاب الديني لأصحاب الديانات الأخرى؟
** الخطاب الديني لغير المسلم يحتاج إلى إستراتيجية خاصة يمكن استلهامها من الإستراتيجية السماوية، فقد كان المرسلون في غاية البراعة في خطابهم لمن أرسلوا إليهم، فقد جادلوهم بالتي هي أحسن- قارعوهم- أى (جادلوهم) الحجة بالحجة واعتمدوا على الإقناع العقلي بالأدلة الواضحة والبراهين الحازمة واتبعوا مع مخالفيهم أسلوب الرفق واللين، لا أسلوب العنف وازهاق الأرواح.
ولقد ضرب النبي في ذلك أروع الأمثلة حينما فعل به قومه ما فعلوه من إنكار وجمود وإيذاء واضطهاد فقال: “اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون”، (فقولا له قولا لينا…).
ثمار التجديد
* وهل أثمرت الخطوات التى اتخذتها الدولة من أجل تفعيل الخطاب الديني؟
** نعم أثمرت، فقد اتخذت الدولة خطوات جادة بالنسبة لتفعيل الخطاب الديني بالصيّغ والأنماط التي تتناسب مع المجتمع الإسلامي والمجتمعات الأخرى وأصبح لأزهرنا الشريف ولوزارة الأوقاف النصيب الأكبر في المساهمة بهذا التفعيل والتجديد وأصبح أئمة الأوقاف والوعاظ يسيرون على خطى التجديد بانتظام ووعي وثقة، بفضل الخطوات التي يسيرون عليها والتوجيهات التي يتلقونها عن طريق الأزهر والأوقاف- لتؤتي ثمارها- وبالفعل نشهد اسهامات كبيرة في تغيير النظرة المجتمعية تجاه الخطاب الدعوي وتفعيله