د/ منى محمود : الشريعة حرمت التعرى صونا لكرامة المرآة
تعرى النساء من علامات الساعة الصغرى
تحقيق : مروة غانم
بالرغم من تسابق الفنانات فى ارتداء الملابس الفاضحة التى تكشف أكبر قدر من أجسادهن و الجريئة التى تضرب بقيم المجتمع عرض الحائط و لا تراعى الذوق العام إلا انه تم توجيه انتقاد شديد لهذه الملابس على كافة الاصعدة بداية من رواد السوشيال ميديا ومرورا ببعض الفنانين المحافظين وانتهاءا بعدد من مصممى الأزياء العالمية والمحلية , لكن النقد المدوى والذى فوجئنا به جاء من مصممة أزياء أجنبية لم تنشأ فى بيئة شرقية محافظة لكن فطرتها السوية جعلتها تلفظ هذه الملابس وتنتقد بشدة حالة العرى والتعرى التى ظهرت بها أغلب الفنانات المصريات والعربيات فى مهرجان الجونة حيث أكدت أن فساتين الفنانات فى مهرجان الجونة لا ترقى للفن ولا تعبر عن الثقافة والحضارة فى أى عصر من العصور مؤكدة أن الفن فى العصور الوسطى كان أكثر رقيا وتقدما من الفن الذى يقدم اليوم .
كما كان لمصممى الأزياء المحليين تحفظا شديدا على ملابس فنانات الجونة حيث استنكر أحدهم ظهور الفنانات بهذا الشكل المخزى مؤكدا أن ملابسهن أسأت للزى المصرى الذى يتسم بالاحتشام والرقى إلا أن الفنانات فى الجونة تسابقن فى إرتداء الملابس الجريئة من باب إثارة الجدل والفوز بالتريند حتى تتقدم أسماءهن مؤشرات البحث لافتا الى أن جمال الفستان معادلة تجمع بين الشياكة والموضة والاحتشام ولا يتحقق ذلك بتقصير طول الفستان ومد طول فتحاته أو جعله مكشوفا قدر المستطاع .
وبالرغم من أن مهرجان الجونة مهرجانا فنيا ومقام فى الاساس لتقييم صناعة السينما الا أننى أتحدى أن يخرج علينا أحد بأسماء الأفلام التى عرضت فى المهرجان والقضايا التى تناولتها باستثناء فيلم ” ريش ” الذى أثار ضجة كبيرة واعترض عليه البعض بحجة أنه يسئ لسمعة مصر لعرضه معاناة أسرة مصرية كادحة رغم حصول الفيلم على جائزة عالمية ولا أدرى أى اساءة يتحدثون عنها ؟
والمؤسف فى توقيت تنظيم هذا المهرجان أنه تصادف مع حلول ذكرى مولد النبى صلى الله عليه وسلم مؤسس الأخلاق وراعى الفضيلة ,فانصرف البعض عن الاحتفاء بالمولد النبوى الشريف الى متابعة ملابس فنانات الجونة .
مفارقات غريبة
ومن المفارقات الغريبة أيضا أن يوجه بعض من يطلقون على أنفسهم بالمثقفين ورواد الفكر نقدا شديدا وجارحا لملابس طالبات الازهر الشريف وارتدائهن الحجاب ولا نسمع من هؤلاء كلمة نقد أو شجب واحدة لحالة العرى والتعرى التى ظهرت عليها فنانات الجونة وكأن مشكلة المجتمع فى حجاب بنات الأزهر وليس فى الفساد الذى تتركه مثل هذه المهرجانات ومن جانبنا ناقشنا رسالة الفن والفنانين والشكل الذى يجب أن يكون عليه الفنان والرسالة التى ينبغى أن يؤديها ليخدم بلده وفنه مع بعض الخبراء حيث أكد الدكتور محمد سالم أستاذ مساعد الحضارة والتاريخ الاسلامى بجامعة الأزهر على أن الاسلام يقدر الفن ويرى أن للفن رسالة سامية , وأن قوة الأمة الناعمة فى فنانيها ومبدعيها , والناظر فى تاريخ الحضارة الاسلامية يرى أن الشريعة الاسلامية والنظم الحاكمة اهتمت بالفن والفنانين بشكل بالغ ’ فمن الذى أبدع فن التشييد والتوريق ومن الذى سطر تاريخ الحضارة بحروف من نور سوى الفنانين بمساعدة الحكام والسلاطين .
الفن قديما وحديثا
وأشار أستاذ مساعد الحضارة الاسلامية الى أن الأعمال الفنية قديما كانت تؤصل فى نفوس الشباب حب الوطن وتقدير قيمة الأسرة كما كانت تركز على الاسرة كونها نواة المجتمع وان صلاحها يعنى صلاح المجتمع كله وفسادها ينعكس على المجتمع لكن للأسف الشديد تغيرت الأمور منذ بضع سنوات وأصبح الفن يقدم أعمالا بذيئة ومتدنية فحصر المرآة فى دور فتاة الليل وصارت أغلب الافلام تتسابق فى تجارة الجسد وتقديم الكلمات المبتذلة والألفاظ البذيئة , فقد صور هؤلاء مصر فى أبشع صورها وصارت مصر فى عقل القائمين على الفن مجرد فتاة ليل وبلطجى بعد ما كانت معقل الثقافة والفن الراقى بلد زويل ومجدى يعقوب والشعرواى وقاسم أمين ومحمد عبده ’ مصر التى هزمت التتار وجحافل الصليبين ’ مصر التى علمت العالم أجمع كيف يقرأ وكيف يتذوق وكيف يفكر ؟ فقد استبدل هؤلاء تاريخ الفن والثقافة بتلك الأعمال المتدنية والمهرجانات المبتذلة فى اساءة واضحة لهذا البلد وتاريخه الفنى والثقافى .
رسالة الفنان
ولفت سالم الى أن رسالة الفنان هى معالجة المشكلات والافات وليس عرضها على الشاشات مشيرا الى ضرورة أن يعاون القائمون على صناعة الدراما والسينما الدولة فى الارتقاء بمصر فكما تسعى الدولة لتغيير شكل مصر والقضاء على العشوائيات ومحاربة الجريمة لابد أن يقوم الفن بدور بارز فى تحسين الألفاظ وتعزيز قيم المواطنة فلابد أن يقوم الفن بدوره تجاه المجتمع .
وأشار سالم الى أنه يتمنى أن يشاهد على الشاشات فنا لأجل الفن , فنا لا نخجل أن نشاهده مع أطفالنا ونسائنا فنا لا يخدش الحياء باللفظ أو الجسد ’ فليس المطلوب من الفنان نقل الصورة كما هى بحذافيرها بل رسالة الفنان محاولة تغيير هذا الواقع للأفضل ووضع حلول للمشكلات .
دعوة للإنحلال
ووافقته الرأى الدكتورة منى محمود ابراهيم مدرس الحديث بجامعة الأزهر مؤكدة على أن الشريعة الاسلامية تغرس فى النفوس قيم مثالية تحفظ للناس عوراتهم وتتفق فيها مع مكارم الأخلاق والفطرة السوية ’ وقد أمرنا الله تعالى بستر العورات فقال فى محكم أياته :” وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ” , فالاسلام سمح للمرآة بابداء الزينة لكن للمحارم فقط .. لكن ما نراه الأن فيما يسمى بالمهرجانات الفنية من تعرى وابتذال يفسد قيم المجتمع ويسمم عقول الشباب ما هو الا دعوة صريحة للسفور والانحلال وهدم القيم الراسخة فى النفوس .
علامات الساعة
وأشارت مدرس الحديث بجامعة الأزهر الى أن هذا التعرى يعد من علامات الساعة الصغرى فنحن نرى نساء يرتدين ملابس تصف أجسادهن وتظهر عوراتهن ’ فهن كاسيات من حيث الظاهر لكنهن عاريات لضيق لباسهن وتجسيد عوراتهن وهؤلاء ينطبق عليهن قول النبى صلى الله عليه وسلم :” صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا “
وأردفت الفن الحقيقى هو ما يعالج مشكلات المجتمع من خلال تسليط الضوء عليها ’ أما اقتصار دور الفن على التعرى والسفور يعد انتهاكا للمرآة وانتقاص من قدرها فالاسلام ما حرم ذلك إلا تكريما للمرأة وحفاظا على مكانتها وحرصا على إقامة مجتمع اسلامى متماسك البنيان
تحقيق التريند
أما الدكتورة زينب النجار أستاذ علم الإجتماع ببنات الأزهر فأوضحت أن الفن والمهرجانات الفنية لابد أن تكون معبرة عن المجتمع الذى تعيش فيه وهذا المهرجان الأخير لا يمت للمجتمع بصلة فمجتمعنا محافظ بدرجة كبيرة ويستنكر كل ما هو شاذ وغير مألوف فاذا رأيت فتاة تسير فى الشارع على سبيل المثال بملابس غير لائقة تجدها مستهجنة ومنتقدة من الجميع وكذلك الحال بالنسبة للشكل الذى ظهرت عليه الفنانات فى مهرجان الجونة الأخير فهؤلاء لا يعبرون عن المجتمع المصرى البسيط والمحافظ انما يعبرون عن أنفسهم ويحاولون بالمظهر الذى ظهروا به جذب الانتباه إليهن وتحقيق التريند فقد تحول المهرجان للاسف الشديد لعرض ملابس تستحى أى امراة تمتلك قدرا من الحياء ان ترتديها داخل منزلها ووسط اسرتها لكن هؤلاء تبارين فى الكشف عن المفاتن وارتداء كل ما يكشف اجسادهن لذا تم توجيه النقد الشديد اليهن وقد شاهدنا بعضهن يبكين بحرقة شديدة بسبب التعليقات السلبية على ملابسهن .