د. محمد خطاب:
الألعاب الإلكترونية العنيفة ودراما العنف والبلطجة وأغانى المهرجانات
د. دينا الشربينى: نتاج الثقافة المجتمعية العنيفة
د.ابراهيم محمد على:
الاهتمام بالتنشئة الاجتماعية وتركيز المناهج على منظومة تربوية أخلاقية
د.محمد عبد ربه:
الحل عودة الدين كمادة أساسية.. ونشر الوعي الديني المجتمعي
تحقيق- هالة السيد موسى:
العنف المدرسي ظاهرة يكتوى بنارها الطلاب وأولياء الأمور والمعلمون والتي بدأت تتزايد فى الأونة الأخيرة والتى تأخذ أشكالا عدة من قتل وتشويه وتحرش.. أحيانا يكون مصدرها الطلاب أو المعلمين أو أولياء الأمور.
فى السطور التالية نستعرض بعض هذه النماذج التى تتناقلها الصحف ووسائل الاعلام منذ بدايه العام الدراسي للوقوف على اسبابها و محاولة ايجاد حلول للحد من انتشار العنف.
في البداية نستعرض بعض مظاهر الخلل الأخلاقي في المنظومة والتعليمية التي بدأت منذ أسابيع قليلة:
**جريمة فى أول يوم دراسة بسبب “التختة”حيث أنهى طالب بالصف السادس الإبتدائى حياة زميله داخل الفصل بسبب أولوية الجلوس فى “التختة الأولى “
** فى أول يوم دراسة، طالب ابتدائى يشوه وجه زميله ب “الموس”بالدقهلية حيث ألقت الأجهزة الأمنية القبض على طالب بالصف الرابع الإبتدائى تعدى على زميله ب “شفرة موس” أثناء اليوم الدراسي مما أسفر عن اصابته بجرح قطعى فى الوجه
** اعتدى اثنان من الطلاب بالصف الإعدادى على زميلهما وتحرشا به جنسيا وقد أوضحت كاميرات المراقبة الطلاب أثناء قيامهما بسحب زميلهما للفصل وقفلا عليه .. وعندما اشتكت والدة المجنى عليه قام أولياء أمور الطلاب بالإعتداء عليها أمام مدير المدرسة الذي هددها بدوره بحجة أن الطلاب تم عقابهما بالفصل 3 أيام.
** لم تقتصر الجرائم المدرسية على الطلاب انما امتدت لأولياء الأمور حيث أشار وزير التربية و التعليم إلى أن فوضى تجمهر أولياء الأمور أدت إلى وفاة طفل باحدى مدارس كفر الشيخ.
بعرض هذه النماذج على د. محمد خطاب – رئيس قسم علم النفس بكلية الآداب جامعة عين شمس -أوضح أن الألعاب الإلكترونية والتي تم تصميمها خصيصا للأطفال العرب والتي تدور أغلبها عن الحروب والقتل والتدمير والعنف والتخريب والبعض الآخر من هذه الألعاب تتناول الإنحرافات الجنسية الشاذة .. والتي بدورها تعمل علي برمجه العقل اللاواعي على التعود على مثل هذه السلوكيات المدمرة ومن ثم تصبح بدورها جزء من نسيج شخصية الطفل وهو أحد أنواع التعلم بالمحاكاة وكذلك الدراما والتي تم عرضها في شهر رمضان المبارك والتي تناولت تجسيد كل أنواع العنف والبلطجة وإدمان المخدرات بشكل جذاب يستهوي الأطفال والمراهقين ومن خلال التعلم بالمحاكاة يقوم هؤلاء الأطفال والمراهقين بتفعيل السلوكيات الشاذة من جنس وتحرش وتنمر وعنف وعدوان ،وهو الأمر الذي فعلته كل من “ريا وسكينة ” عقب ثورة ١٩١٩ حيث كانت فترة من الإضطرابات والفوضى وعندما تعرضتا للتحقيق وتم سؤالهما عن السبب في ارتكبهما مثل هذه الجرائم بكل سهول أجابتا بأنهما أثناء انتقالهما من الصعيد إلى الإسكندرية مشيا علي شريط السكة الحديد كانتا تشاهدا جثثا للموتي والقتلي في كل مكان فأعتادتا علي جرائم القتل ،ولذلك تم تصميم العديد من الألعاب إلكترونية العنيفة والألعاب الجنسية الشاذة وهو ما يستقبله عقل الطفل ويستوعب بشكل لا واعي.

وأضاف : لا نستغرب من ارتفاع نسب التنمر والعنف والسلوكيات الشاذة بين التلاميذ وهو ما نشاهده يوميا في العيادة النفسية من أطفال دون سن العاشرة تم تحويلهم من إدارة المدرسة بسبب سلوكيات جنسية شاذة أو بسبب العنف والتنمر والعدوان سواء من مدراس دولية أو مدراس خاصه أو عادية، كما أن الأساتذة غير مهيئين للتعامل مع مثل هذه السلوكيات وللأسف كل مدير يخشى علي سمعة المدرسة وسمعة الإدارة، وخوفا من أولياء الأمور يتم التعتيم علي مثل هذه السلوكيات ،بل يصل الأمر إلى الضغط على أهل الطفل الضحية حتي لا يشتكي بل ويتم تهديد أسرة الضحية بأن الطفل سيتم التشهير به وعرضه علي الطبيب الشرعي والعرض علي النيابة وهلم جرا، ومن ثم تنسحب أسرة الضحية وهو ما سينعكس سلبا علي نفسية الطفل وهو ما يجعله قنبلة موقوتة يسعى إلى أخذ حقه بنفس الأسلوب فيما بعد وإما يتحول إلى مريض ومضطرب نفسيا ويعاني مزيدا من العزلة الانسحاب ورفض المدرسة ورفض المجتمع
وأكد أن ما يسمي أغاني المهرجانات كارثيه بكل ما تحمله الكلمة من معني حيث توجد بها دلالات جنسية واضحة وتدعو بشكل سافر إلى ممارسه قانون الغاب وأخذ الحق بالقوة ،وما يزيد الأمر سوء هو افتخار الآباء والأمهات بسلوكيات الابن الشاذة ويروا أنه رجل ومن ثم يستحق الإشادة،ولهذا لا نستغرب أن العديد من الأسر تمنع أطفالهم من الذهاب إلى المدرسة خوفا عليهم وخاصة الفتيات، وبدلا من أن تصبح المدرسة مصدرا للجذب وللتعلم والإستمتاع والتربية أصبحت مصدرا طاردا حيث لا يقوم المعلم بدوره كما ينبغي بل هو أيضا يمارس العنف والتنمر والتهديد والوعيد لمن لا يأتي عنده لكي يأخذ درس خصوصي، فأصبحت المدرسة مكان للتفاوض بين المدرس والتلاميذ للتفاوض علي تكوين مجموعات لتلقي الدروس الخصوصية، بالإضافة ‘لى تعليم الآباء للأبناء سلوك ” الغاية تبرر الوسيلة ” بمعني ان يتم التأكيد علي الطفل أنه يغش من صاحبه لكن لا ينبغي له أن يقوم بتلقين صاحبه أي اجابة حتي لا يتفوق عليه أحد،للأسف كان هناك عنوان مميز علي كل مدرسة وهو “التربية والتعليم” والآن للأسف لا يوجد تربية أو حتي تعليم.
وأنهى د. خطاب كلامه: كم التناقضات التي يراها الطفل والمراهق في المجتمع مثل مطربي أغاني المهرجانات والذين يتباهون بعدم تعليمهم لأن التعليم في نظرهم غير مجد وغير ذا منفعة، فهم يمتلكون السيارات والمساكن الفاخرة بل يتباهون أيضا بسلوكياتهم الشاذة علنا في القنوات التلفزيونية ومن ثم أصبحوا المثل الأعلي للعديد من الأسر والعديد من الأطفال والمراهقين في الأزمنة السابقة القريبة كانت هناك نماذج من الأدب والفن والعلم والرياضة ذي قدوة للشباب ،لكن للأسف حتى مشاهير الرياضإ واعلامي الرياضة يحثون الشباب والمراهقين والأطفال علي التعصب والعنف والتنمر والتخريب بالإضافة إلى كم الألفاظ الخارجة ،ومن ثم ندعو أنفسنا وندعو الجميع للاستفاقة واستدراك الأخطاء وتصحيحها في كل المجالات.
مشكلات متراكمة

أشار د. إبراهيم محمد على – المدرس بقسم أصول التربية بجامعة الأزهر – إلى أن العنف بين الأطفال مشكلة تربوية منتشرة بدرجات متفاوتة من طفل وآخر، فتجد طفلًا يلحق ضررًا بنفسه وبالآخرين، وآخر يحطم الأشياء أو الممتلكات، وآخرين يقومون بالسخرية والاستخفاف والتهكم والإذلال للآخرين؛ فهذه المشكلة تحتاج إلى فهم سبب قيام الطفل بهذا السلوك، ثم كيفية التعامل معه. وتقوم الظروف الحياتية الصعبة بدور رئيس في تشكيل السلوك العدواني تجاه زملائه غالبًا يعيش أوضاعًا أسرية حرجة، كأن يعاني من الفقر الشديد، أو الثراء الشديد، أو اليتم، أو السمنة، أو عدم الثقة، أو انفصال الوالدين، أو غير ذلك من الأمور التي تؤثر على علاقته بزملائه، إضافة إلى شعوره أنه مرفوض اجتماعيًا من قبل الأسرة أو المعلمين في المدرسة أو أصدقائه، وإحساسه بالإحباط والفشل، بسبب عدم القدرة على القيام ببعض المهام أو الدروس؛مما يجعله يعبر عن تصرفاته بهذه العدوانية والعنف تجاه زملائه.
وأوضح أن وسائل الإعلام العنيفة كألعاب الفيديو، والبرامج التلفزيونية العنيفة، ودراما العنف، تؤثر بشكلٍ كبير على الأطفال والمراهقين بصفة خاصة، حيث يقوم الأطفال بتقليد الشخصيات التي يشاهدونها، الأمر الذي يؤدي إلى تعلّمهم للسلوك العنيف وممارسته في المدارس؛ مما أدى إلى اختلال النسق القيمي في المجتمع؛ وذلك بسبب تركيزها على الشكل على حساب المضمون، وعلى الجانب المادي على حساب الروحي، فكان لها أثرها السلبي على نفوس الأطفال والشباب وسلوكهم،لذلك؛ فإن وجود قنوات تواصل بين أولياء الأمور والمدرسة يسهل كيفية التعامل مع هؤلاء التلاميذ، ويساعد ولي الأمر على تجاوز ما يواجه أبناءه من مشكلات؛ بالتالي لابد من حرص أولياء الأمور على متابعة أبنائهم بشكل مستمر وعدم الإستخفاف بما يقومون به من سلوك خارج أو غير مقبول.كما يجب على إدارة المدرسة توجيه الطلاب بشكل مستمر، وإظهار القدوة الطيبة للتلاميذ، وعدم التساهل في حالات العنف الجسدي حسب النظام المدرسي أو مدونة السلوك
وأشار إلى أنه يمكن أن تسهم التربية بدور كبير في مواجهة هذه المشكلة، من خلال: اهتمام جميع الوسائط التربوية بعملية التنشئة الاجتماعية، وتدريب الأبناء على كيفية التعامل مع الآخرين، وتركيز المناهج الدراسية على بناء منظومة تربوية مجتمعية أخلاقية، حيث تشكل القيم جزءًا مهمًا من التكوين الوجداني والنفسي للمتعلم وقدرته على التكيف والتعامل مع الكثير من المواقف والأحداث في حياته الشخصية والاجتماعية، فإذا كان الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة يتمتع بالقدرة الفائقة على التعلم والمرونة والقابلية للتغير؛ فإنه ينبغي التأكيد على أهمية اكتساب الطفل لمنظومة القيم الأخلاقية والتي يرى المجتمع ضرورة غرسها في نفسه خلال هذه المرحلة العمرية؛ لأن ما يتعلمه الطفل ويكتسبه في صغره باق ومستمر مهما أحاطته ظروف عصبية أو متغيرات مجتمعية مختلف
كبت مختزن
تفسر د. دينا الشربيني – مدرس بقسم الأجتماع بكلية الدراسات الإنسانية – نظريات علم الإجتماع العنف على أنه كل تصرف يؤدي إلى إلحاق الأذى بالآخرين، وقد يكون هذا الأذى جسديًا أو نفسيًا؛ بالتالي يفضي هذا العنف بين تلاميذ المدارس إلى إصابات وخيمة، ربما تصل إلى قتل خطأ، حيث يتعرّض كثير من ضحايا عنف الشباب وغالبيتهم من الذكور لإصابات بسبب المشاحنات والاعتداءات الجسدية، كما أن السخرية والاستهزاء من الفرد، وفرض الآراء بالقوة وإسماع الكلمات البذيئة، جميعها أشكال مختلفة لنفس الظاهرة
وأضافت: ربما ترجع أسباب هذا السلوك المنتشر بين كثير من تلاميذ المدارس إلى طبيعة المجتمع الأبوي والسلطوي المبني على السلطة الأبوية وسيادة الرأي الأوحد؛ فنرى على سبيل المثال أن استخدام العنف على يد الأخ الكبير أو المدرس أمرًا مباحًا، وضمن المعايير الاجتماعية السليمة؛ وحسب النظرية الاجتماعية فإن الإنسان يكون عنيفًا عندما يتواجد في مجتمع يعد العنف سلوكًا ممكنًا، مسموحًا به ومتفقًا عليه، وبناءً على ذلك، تعدّ المدرسة مصبًا لجميع الضغوطات الخارجية، فيأتي الطلاب المٌعنّفون إلى المدرسة ليفرغوا الكبت المختزن في نفوسهم على شكل سلوكيات عدوانية عنيفة؛ يقابلهم طلاب آخرون يشبهونهم بسلوكيات مماثلة؛ ففي المدرسة تشكل الجماعات ذوات المواقف المتشابهة حيال العنف تحالفات تعزز عندهم تلك التوجهات والسلوكيات؛ وبهذه الطريقة تتطور حدة العنف ويزداد انتشارها.
وأكدت أن نظريات علم الاجتماع تشير إلى أن الطالب، في بيئته خارج المدرسة، يتأثر بثلاث جهات وهي: العائلة، والمجتمع، والإعلام؛ ما يجعل العنف المدرسي نتاجًا للثقافة المجتمعية العنيفة. وتكمن سبل العلاج والإنقاذ في تكاتف المجتمع بكل مؤسساته والعمل على تغيير القواعد التي تتغاضى عن الانتهاك الجنسي للفتيات أو السلوك العنيف بين الفتيان على سبيل المثال، وذلك بتنفيذ القوانين التي تساعد على حظر السلوك العنيف، والعمل على غرس القيم النبيلة في نفوس الناشئة منذ الصغر، ومساعدة الطفل العنيف على تبني أساليب أكثر قبولاً في التعامل مع زملائه، وفي حل المنازعات بينهم، إلى جانب تجنب القسوة معه أو إهانته، والعمل على ضرورة ضمان تمكين الأطفال المعرّضين للعنف من الحصول على رعاية طارئة فعالة وتلقّي دعم نفسي ملائم.
وطالبت بأن يكون التعاون بين أولياء الأمور والمعلمين جسرًا لتعزيز التقارب بين البيئة التعليمية وبين أولياء الأمور، ويساعد على تكيف التلاميذ في البيئة المدرسية ويبعدهم عن كثير من أشكال العنف، كما أن الانفصال بين أسرة الطالب ومدرسته وعدم متابعة أولياء الأمور لأبنائهم وغياب صور التواصل والتعاون بينهما في أداء وظائفهما المشتركة وتلمس مشاكل الأبناء في المدرسة أولاً بأول، من الأسباب الجوهرية المسؤولة عن أشكال العنف المختلفة التي يقوم بها التلاميذ داخل المدرسة؛ لذلك تم إنشاء مجالس الآباء والمعلمين والمجالس المدرسية، بدافع إيجاد قنوات اتصال دائمة بين المدرسة والمجتمع. ويحدث تدني في العلاقة بين المعلم والطالب ويشوب هذه العلاقة نوع من التوتر والصراع، ويرجع ذلك إلى ضعف الكفاءة العلمية والمعرفية لبعض المعلمين، وضعف الثقة لدى بعض الطلاب في قدرات معلميهم، وعدم اهتمام المعلم وسوء معاملته وتسلطه الدائم على الطلاب مما يرفع من مستوى القلق لديهم؛مما يؤدي لتكوين اتجاهات سلبية نحو المعلم ومخالفة تعليماته،وكذا سيادة المناخ السلبي في غرفة الصف يؤدي إلى شعور الطالب بعدم الطمأنينة وتوتر العلاقة بينه وبين المعلم، ولجوء بعض المعلمين للعنف ضد الطلاب ليكون له احترامه، وهذا يُولد نوعًا من الكراهية ما بين الطالب والأستاذ، ويولد هذا السلوك عنفًا متبادلاً من الطلاب والتعدي على المعلمين.
غياب الأخلاق
