محمد الساعاتي
إرضاء الجمهور على حساب قدسية القرآن.. مرفوض
حشاد يرد: النقابة ليست غافلة.. حولنا بعضهم للنيابة العامة.. وننشر أسماءهم وصورهم إذا لم يلتزموا
تشهد الساحة الفكرية والدينية، حالة من الجدل الواسع وخاصة بعد القرار الحاسم الذى اتخذته نقابة المهن الموسيقية بوقف العديد من (مطربى المهرجانات) حيث انتفض العديد من الغيورين على قدسية القرآن الكريم، خاصة فى ظل وجود بعض من قراء القرآن الذين لا يلتزمون فى تلاواتهم، حيث لا يلتزمون بالقواعد التجويدية لآيات الله.
“عقيدتى” وانطلاقا من حرصها على كتاب الله، قامت بطرح القضية أمام أهل التخصص فكان هذا التحقيق.
يقول د. محمد إبراهيم العشماوى: أولا ظهرت على الساحة الآن ظاهرة قراء القرآن الذين يحترفون القراءة فى العزاءات بأجر دون أية ضوابط أو دراية كافية بأحكام التلاوة والأداء، وقد اتخذوا القراءة وسيلة لاجتذاب السمّيعة ولو على حساب قداسة القرآن، فقرأوه بألحان الغناء وأسلوب (المط) و(التكسير)، حتى أخلّوا بالأحكام إخلالا ظاهرا، وربما قرأوا بالقراءات الشاذة، وأغراهم على الاستمرار فى ذلك تهافت السمّيعة والمعجبين على سماعهم وعدم وجود حسيب أو رقيب عليهم، مما يجعل القرآن عُرضة للتلاعب من هؤلاء.
من أجل ذلك نناشد الجهة المنوطة بهذا الأمر، وهى نقابة القراء المصرية باتخاذ قرار جرئ وجاد لوقف هؤلاء المتلاعبين بالقرآن صيانة لهذا الكتاب العظيم.
وأرجو أن يكون هناك توسع فى صلاحيات نقابة القراء وأن تكون هناك خطوات جادة لزجر هؤلاء المتلاعبين، كأن تقوم بنشر أسماء المتلاعبين وقرارات الايقاف على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى وصفحة النقابة، وبهذا الأمر يمكن أن يتزجر هؤلاء ومن وراءهم.
ومن ينضبط من هؤلاء ويقر بخطئه فلا مانع من مساندته ودعمه تشجيعا له ولغيره طالما أنه قد عاد إلى الطريق المستقيم وحرص على تصحيح المسار.
نحن أولى
من جانبه يقول د. عبدالكريم إبراهيم صالح- رئيس لجنة مراجعة المصحف الشريف، ممثل مجمع البحوث الإسلامية وعضو لجنة اختبار الأصوات باللجنة الموحدة بالإذاعة والتليفزيون-: إذا كان قرار المهن الموسيقية قد أوصى بوقف مطربى المهرجانات الذين بعدوا عن تقديم الفن الجميل مثلما كانت تقدمه السيدة أم كلثوم والتى أحب سماعها، فمن باب أولى أن يحافظ أهل القرآن على قدسيته، ونتمنى ألا نسمع غير أصوات القراء المتقنين فقط.
أضاف: وعلى القائمين والمعنيين بالأمر سرعة معالجة هذا الأمر، لأن القرآن له قواعده التجويدية التى ينبغى أن تطبق وأن تقدم القاعدة التجويدية على القاعدة الموسيقية وكما قال علماء التجويد: لقد عزا ابن الجزري فى الأوجه المستبشعة التي نقلت عن حمزة إلى الرواة الذين أخذوا عنه، وهو كان ينهاهم عن ذلك، وقد قال عبدالله بن صالح العجلي: قرأ أخ لي أكبر مني على حمزة، فجعل يمد- أي يبالغ فيه، فقال له حمزة: لا تفعل، أما علمت أن ما كان فوق الجعودة فهو قَطَط، وما كان فوق البياض فهو برص، وما كان فوق القراءة فليس بقراءة؟!
واختتم د. صالح ناصحا: وعلى قرائنا أن يقتدوا بالمدارس المصرية القديمة التى كانت تراعى قواعد الوقف والابتداء وكذا قواعد التجويد ولم يتغنوا بالقرآن الكريم وصدق من قال: القرآن نزل بمكة وقرئ بمصر.
الخارج على القرآن!
ولكونه عضوا بلجنة الاختبار بالإذاعة والتليفزيون حاليا يقول الشيخ السيد عبدالمجيد: إن الخارج عن أحكام ووقار القرآن لابد أن يعاقب، فمثلا إذا كان فى وظيفة، نرسل له إنذارا ويمنع من القراءة فى العزاءات، وإذا كان قارئا بالإذاعة يمنع من التسجيل، وأسعدنى ما سمعته عن ما يسمى بالضبطية القضائية وهى معروضة على مجلس النواب، من أجل التصدى لهؤلاء القراء المتلاعبين بأحكام تلاوة القرآن، ولابد أن يعلم القارئ أن القرآن نزل على سيدنا رسول الله، ولابد للمحافظة عليه –نطقا وتجويدا وأداء- وأن يكون القارئ حافظا للقرآن بالتلقي عن الشيوخ المشهود لهم بالضبط والإتقان ويعرف عنهم ذلك بالإجازة أو الاشتهار، وطريقة التلقي عن الشيوخ تكون بالسماع منهم أو القراءة عليهم وهم يستمعون، فما أخطأ فيه القارئ صححوه له، والقرآن نُقل إلينا بالتواتر من عهد سيدنا رسول الله، ولكن ضرورة ضبط آحاد الأسانيد تدفع عن القرآن الكريم الخطأ والعياذ بالله، وهي من الأسباب التي هيأها الله -سبحانه وتعالى- لعباده المسلمين لحفظ كتابه الحكيم من التحريف والتبديل، قال تعالى: “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ” لذلك شدد علماء المسلمين على مرِّ التاريخ بضرورة اتصال سند العلماء الذين توكل إليهم مهمة تدريس القرآن وتحفيظه لطلبة العلم من المسلمين.
واختتم الشيخ عبدالمجيد: إن لجنة اختبارات الإذاعة والتليفزيون لم ولن تكف عن ملاحقة من يتعمدون الخروج عن القراءة الصحيحة عن طريق سماع الأشرطة الكاسيت، حيث كونت لجنة خاصة (رسمية) لهذا الغرض.
قضية قديمة
وأكد د. شعبان إسماعيل- الأستاذ بجامعة الأزهر- أن قضية عدم الالتزام فى القراءة بالأحكام الصحيحة قضية قديمة وتكثر فى الريف، نظرا لوجود جمهور لا يعرف عن أحكام التلاوة شيئا، ونراهم يهللون وينفعلون مع أداء القارئ فى أى موضع.
أضاف: حينما كنت عضوا بلجنة الإختبار والاستماع بالإذاعة والتليفزيون، كتبنا كثيرا ضد هؤلاء الذين يخرجون عن وقار التلاوة وكان من أشهرهم القارئ فى تلك الفترة الشيخ عنتر الذى ذاع صيته بقوة، وجاء إلى اللجنة أمر من وزير الإعلام بأن نختبره، وكنا فى حيرة شديد وقتها، إذ كيف أن يمنع من تلاوة القرآن من الأزهر وتجيزه اللجنة بعد ذلك، وكانت اللجنة تضم أعلام تلاوة القرآن أمثال مولانا الشيخ عبدالفتاح القاضى ومولانا الشيخ محمود خليل الحصرى، وبالفعل حضر الشيخ عنتر- الذى كان قد التزم فى تلاوته بعدما أوقفه الأزهر الشريف- ولأن الله تعالى قد تكفل بحفظ كتابه العزيز لذا فقد قرأ الشيخ عنتر ولم يوفق- فانصرف ولم يعد ثانية.
وقال د. شعبان: من ضمن ما كنا نقوم به فى اللجنة متابعة قراء الريف، وكنا نستدعى القارئ فيكتب على نفسه إقرار وتعهد بعدم التجاوز وعليه أن يلتزم، وإذا لم يلتزم كنا نوقفه.
التحويل للنيابة
