كتب- مصطفى ياسين:
تحيى جمهورية اذربيجان في 26 فبراير من كل عام الذكرى الوحشية لمذبحة “خوجالي” التي ارتكبتها قوات الجيش الأرميني عام 1992، ضد سكان المدينة الاذربيجانيين المدنيين، ويصادف هذا العام الذكرى الثلاثين لتلك المذبحة، وبهذه المناسبة يقول السفير تورال رضاييف- سفير اذربيجان بالقاهرة-: تعد مذبحة خوجالي من الجرائم التي فاقت في وصفها كل الجرائم المعروفة في الحروب التي تقرّ قواعد عدم المساس بالمدنيين والعجائز والنساء والاطفال، وعدم التمثيل بالجثث، الامر الذي أثار اشمئزاز العالم وغضبه وإدانته للوحشية التي ارتُكبت بحق المدنيين الأذربيجانيين في مدينة خوجالي المسالِمة، والذين لم يرفعوا السلاح في وجه ميلشيات وعصابات الأرمن، فكشفت تلك الأفعال عن بربرية القوات الأرمينية وعصاباتها التي أدانها العالم أجمع.
أضاف تورال رضاييف: فى فبراير 1992 تعرضت مدينة خوجالى الواقعة فى جمهورية أذربيجان وسكانها لمجزرة لم يسبق لها مثيل، تجاوزت كل ما هو معروف في قواعد الحروب. هذه المأساة الدموية والتى عُرفت بإبادة جماعية شملت إبادة وإصطياد مئات الآذربيجانيين، وسُوِّيت المدينة بالأرض. ففى خلال ليلة 25 – 26 فبراير 1992 قامت القوات العسكرية الأرمينية بمساعدة قوات المشاة من الفوج رقم 366 للإتحاد السوفيتى السابق؛ والذى يتألّف معظمه من الأرمن بالإستيلاء على مدينة خوجالى. وحاول السكان الذين حوصروا فى المدينة قبل تلك الليلة المأساوية، أن يغادروا منازلهم بعد بداية العدوان، آملين فى الخروج إلى طرق تؤدى بهم لأقرب الأماكن المأهولة بالآذربيجانيين. لكن خططهم فشلت، بعد أن دمّر الغزاة “خوجالى” بالكامل، وقاموا بتنفيذ المذبحة بوحشية فريدة من نوعها ضد السكان المسالِمين. ونتيجة لذلك العدوان، فقد قُتل 613 مواطنا، من بينهم 106 إمرأة، و63 من الأطفال و70 من العجائز. كما جُرح 1000 شخص وتم أخذ 1275 رهينة من السكان. وحتى يومنا هذا، فمازال هناك 150 مفقوداً من أبناء خوجالى.
استطرد “تورال رضاييف” قائلا: خلال تلك الليلة السوداء فقط؛ قتل مئات المدنيين الاذربيجانيين علي الهوية لأنهم فقط أذربيجانيون، ولم تنج حتى النساء من القوات الغازية. ولقد أشار مجلس الأمن لمنظمة الأمم المتحدة في قراراته الصادرة في 1993 إلى إنتهاكات القانون الإنساني الدولي والهجمات على المدنيين على وجه التحديد من قِبل الغزاة الارمن.
وطبقاً للأخبار وروايات الشهود التى أظهرت بشاعة العدوان، تم الكشف عن همجية وبربرية المجزرة التى جرت: لقد شملت الأعمال الوحشية من قِبل القوات الأرمينية سلخ فروة الرأس وقطع رؤوس النساء الحوامل وبقر بطونهن، والتمثيل بجثثهن. ولم ينج من ذلك المصير حتى الأطفال.
وعلى الرغم من محاولات أرمينيا التى لا تجدى لإخفاء حقائق مذبحة خوجالى، وبشاعة ما جرى على الأرض، إلا أن شهادات شهود العيان والصحفيين والمراسلين الأجانب تقدم لنا سرداً كاملاً يوضح أن “خوجالى” تعرضت لعملية عسكرية متعمَّدة للقوات الأرمينية، وذلك بهدف إبادة السكان المدنيين. وقد تم إختيار مدينة “خوجالى” كمرحلة من مراحل الإحتلال والتطهير العرقى لأرض أذربيجان، وزرع بذور الإرهاب في قلوب الناس وخلق حالة من الرعب والفزع قبل القيام بالمجزرة المروعة.
تابع: إن شهادة سيرج سركسيان- رئيس أرمينيا- والتى جرت عملية خوجالى تحت إدارته، توضح الأمور وتكشفها من تلقاء نفسها حيث قال: “لقد كان الآذربيجانييون قبل خوجالى يظنون أن بوسعهم المزاح معنا، وكانوا يعتقدون أن الأرمن شعب لا يمكنه رفع أيديهم ضد السكان المدنيين. ولكننا كنا قادرين على تحطيم هذه الصورة ( النمطية)”!
وينبغي على الحكومة الأرمنية أن تعلم جيدا أن مثل تلك الأعمال البربرية إلى جانب أعمال العنف ضد النساء والفتيات ترقى لمستوى جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والتمييز العنصري، والابادة الجماعية. وهو ما لم تفعله القوات الاذربيجانية أثناء الحرب الوطنية العظمى التي دامت 44 يوما في 2020 وأسرت فيها القوات الاذربيجانية المئات من قوات الارمن، ولكنها اتبعت الاساليب الانسانية وقواعد الحرب التي تمنع المساس بالأسرى والمدنيين، بل أمهلتم لأيام وأسابيع لنقل متاعهم ومغادرة الاراضي الاذربيجانية المحرَّرة.
ومما يؤسف له, أن الهمجية الأرمينية ضد أذربيجان لم تقتصر على التطهير العرقي فحسب بل امتدت لتشمل التراث الثقافي الغني الأذربيجاني الذي يحتضن المساجد والآثار ذات الطابع الإسلامي حيث أصبحت تلك المعالم الثقافية التاريخية في الأراضي المحتلة عُرضة للتدمير المنهجي والإهانات والتحقير وتحويل المساجد الي حظائر للمواشي في استهانة بالمقدسات الاسلامية.
ان الشعب الاذربيجاني بقيادة الرئيس الهام علييف الذي قاد الجيش الي النصر وتحرير قاراباغ والمناطق الاخري حولها وأهمها مدينة “شوشا” قلب قاراباغ التي يُعاد تعميرها من جديد، وتغيير وجه المناطق المحرَّرة من دنس الاحتلال الأرميني، ليتذكر أولئك الشهداء بكل الإجلال والتوقير الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن.