– ” أمل ” رفضت نصائح الطبيب بمنع ابنتها من “الحضَانة”.. فأصرت على علاجها حتى أصبحت طبيعية
– وأم فهد” .. تأتي من الواحات البحرية إلي القاهرة أسبوعيا لعلاج ابنها من التوحد
تحقيق :
اسراء طلعت – خلود حسن
هم حقيقة ” أمهات من ذهب ” .. بكل ما تحمله الكلمة من معنى .. يتحدون الصعاب من أجل أبنائهن الذين أصيبوا بإعاقات ذهنية منذ الولادة وأمراض أخرى وظلوا يتحملون متاعبهم سنوات طويلة ، لكنهم لم ييأسوا وحاولوا جاهدين علاجهم بشتي الطرق .. يتحملون هذا العناء بمفردهم دون مساعدة من أزواجهم ، دون شكوى !! .. بل إن الإبتسامة لاتفارق وجوههن التي ارتسمت بالصبر والإرادة .. هؤلاء هم من يستحقون فعلا أن نقول لهم في عيد الأم ” كل سنة وأنتم طيبون ” .
نماذج رائعة .. تتحدي الصعاب ، وتتسم بالصمود .. من أجل أبنائهن ، حتى يتم دمجهم في المجتمع بصورة طبيعية وعلاجهن من أمراض قد تكون صعبة ونادرة .. قصص بطولية تحكيها تلك الأمهات بصدق وإيمان بالشفاء وإن صاحبها الحزن والألم ، لكن الأمل يظل موجودا .
ولنبدأ بقصة ” أم مازن ” التي تواجه تحد كبير مع أولادها، لديها ثلاث أبناء الابن الأول مريض روماتيزم على القلب ويأخذ حقن، والابنة الثانية لديها تأخر ذهني بسبب تحرك فص المخ من مكانه، أما الطفل الثالث فلديه تأخر ذهني وبصري .. تأتي بكل طفل منهم ثلاثة أيام لأحد المراكز الطبية لعمل جلسات لهم ، وبالتالي هي تتواجد بالمركز طوال الأسبوع ، تتحمل المعاناة والمسئولية بمفردها .. ومع ذلك يحملها زوجها مسئولية مرض الأبناء ويريد الزواج من أخرى !!
ذكريات صعبة
أما ” أم شهد عاطف ” .. التي تعاني ابنتها الطفلة البالغة من العمر 12 عاما من توحد ، بدأت رحلتها بعد أن تم تشخيصها بعد ولادتها بأشهر قليلة ، وتصف تلك الفترة بأنها تملأها ذكريات صعبة وأخرى حلوة، فكانت صعبة لأنها كانت تتعامل مع ابنتها بكل حزم لكي تجبرها على الجلوس على المقعد في الجلسات وأن تحسها على النطق وصوت بكائها الذي كان يملئ المكان، وبعد تعب ودموع دام لمدة طويلة، تمكنت الطفلة من مناداتها بقولها “ماما” من بعدها بدأت شهد بالتحسن وأصبحت تتقبل التعامل مع أشخاص آخرين غير أفراد العائلة، ولكن لو انشغلت عنها بسبب باقي أولادها كانت حالتها تنتكس ، وهنا كانت تشعر بالإحباط لخوفها على ما وصلت إليه من تطور معها .
وتروى أم شهد التحدي الأصعب الذي واجهها عندما وصف الطبيب دواء لإبنتها حتى تهدأ حالتها ويساعدها على التطور ، ولكنها كانت ترفض هذا الدواء في البداية رفضا تاما ، ولكن بعد إقناع أسرتها لها وافقت، وعندما كانت تراها هادئة بسبب الدواء فاقدة للحيوية والنشاط كانت تتعذب من داخلها ولكن أصبحت تستطيع التركيز والتعلم.
قصة كفاح أخرى ترويها بسمة حمزة ، التي عملت جاهدة لتطوير مهارات ابنها المعاق ذهنيا في كل ما يحب، على الرغم من أنها رحلة متعبة وشاقة إلا أنها تجاوزت التحديات والصعوبات بالقبول والرضا، ووعدت ابنها أن تكون عينه ويده ولسانه الذي لم ينطق وأنه سيحب العالم لأنها ستنشر الحب والمشاعر الإيجابية حوله.. كان التحدي الأكبر لــ”بسمة” هو تقبل عائلتها لابنها، حتى يتعلم أفراد العائلة كيفية التحدث والتصرف مع هؤلاء الأطفال، وتوضيح جميع الجزئيات التي تتعلق بحالتهم مثل شرح مفهوم ” الاضطرابات الحسية “، وأن عليهم تقبل أن هذه الحالات هي تحدي طويل الأمد ولا يمكن علاجها بالأدوية فقط.
مرض نادر .. وأم مكافحة
أما الأم المكافحة حنان أحمد” أم طارق ” .. فقد اكتشفت إصابة ابنها بمرض ” البى كيه يو “، وقلب المرض حياتهما رأسا على عقب ، لكنها أصرت على تربيته بشكل صحيح، وتعليمه، استطاعت أن تحفظه من تداعيات المرض التي من الممكن أن تصل للإصابة بـبعض صور تلف العقل،
تقول بكل رضا بقضاء الله :” الحمد لله تعالى ، تعاملت معه على أنه شخص يحتاج إلى ريجيم معين طول حياته ، بمعنى أنه ليس مريضا ، لم أشعره يوما أنه مريض أو تعبان.
وعن طبيعة مرض البى كيه يو تقول حنان : كل أكل احنا بناكله فيه مادة سامة ، المادة دى جزء منها بيحتاجه الجسم، والباقى فيه انزيم بيفرزه الجسم علشان يكسر المادة دى ، ويمنع ضررها للجسم ، والأطفال المصابون بــ ” البى كيه يو” .. يبقى الانزيم اللى بيكسر المادة دى لا يفرزه الجسم .. وإما بيفرزه الجسم ضعيف.. بالنسبة لحالة طارق.. فالانزيم ده مش موجود أصلا .. ولو طارق هياكل الأكل العادى .. أى أكل .. ولو حتى عيش.. يخبط رأسه فى الحيطة من الصداع .. وبعدين يدخل فى نوبة ترجيع .. وممكن توصل الحالة إلى تشنجات لأن المادة السامة بتطلع على مخ المريض ..تلخبط مراكز الاحساس .. وممكن مع الإهمال يتفقد الطفل قدرته على السماع .. أو على الحركة.. ويوصل فى النهاية لضرر بالغ للمخ ” .
وتضيف حنان وكلها إرادة حديدية :” قبل 2015 لم يكن هذا المرض معروفا ، والناس كانت بتأكل عيالها عادى ، وكانت أعراض المرض بتسبب ضرر كبير قوى للأطفال”
عن جهود الدولة في توفير اللازم والتعامل مع تلك الحالات المرضية النادرة مثل طارق تقول :” وزارة الصحة عاملة مجهود كبير فى التعامل مع هذه الحالات.. وبتعمل اختبارات للطفل من كعب رجليه.. ولو اكتشفوا انه بى كيه يو..بيكلموا أهله ويقولوا لهم .. ويتبنوا الطفل لمدة سنة في تعريفهم كيفية التعامنل الصحيح مع الحالة، حتى يعرف أهله كيفية التعامل معه”.
وتابعت: “حالة طارق بعد اكتشافها تحتاج إلى مجهود جبار وعظيم لاستمرار حياته وتربيته وليس فقط مجرد مجهود مضاعف مقارنة بأى طفل آخر، طارق حاليا فى المدرسة، استطعت أن أجعله يعيش فى حياة عادية، رغم مرضه، ولم أشعره أنه ينقصه شئ، بالعكس كنت أقول له أنت عامل نظام غذائي صحي”
أم مبتسمة
هناك أم راضية ومبتسمة .. هذا هو حال ” أم سلوى ” التي تعاني بانتها من تأخر ذهني ، حيث تيقنت أن رحلتها مع طفلتها من ذوي الاحتياجات الخاصة لن تكون سهلة وأن علاجها لن يتم من خلال خلطة سحرية وإنما بالصبر والرضا والقبول ، رغم مرورها بأيام مليئة بالإحباط وكان الطريق مسدودا- كما تقول أم سلوى – ولكن سبحان الله كانت الأمور تتيسر وتتحدى كل الضغوطات ، فوضعن ابنتها تحت العدسة المكبرة وظلت تتابع حالتها حتى أشادت أطباء وأخصائيين بتحسن ابنتها .
تحكي إلهام تجربتها مع محمد المصاب بــ”متلازمة داون “، وعرفت ذلك في يومه الرابع بعد الولادة ، عندما أخبر الطبيب زوجها بأنه سيتأخر في كل شيء مقارنة بالأطفال الأسوياء، وتوقعت في البداية أنه تأخر طبيعي، وكم من الأطفال الذين يتأخرون في الكلام أو المشي، لكن الطبيب طلب منهم أن يجروا له فحوصات كثيرة، لدرجة أنهم في المعمل لم يجدوا له وريداً لتحليل الدم، فأخذوه من وريد رقبته، وجاءت النتيجة عندما كان عمره شهرين بأنه مصاب بمتلازمة داون، وأول ما دار في رأسها سؤال هل سيكون شكله مثل جميع مرضى المتلازمة؟ .. وعلى التوازي عملت على التدخل المبكر وألحقته بمركز لتأهيل مصابي المتلازمة، وكان محمد هو أصغر طفل هناك ، وصممت على أن يلتحق بالمركز كي يستفيد، والإدارة كانت متفهمة الأمر، فكان بمثابة تجربة للجميع، وبحمد الله وفضله مشى محمد في الوقت الطبيعي لمشي الأطفال، لكنه تأخر في الكلام، وألحقته دروس تخاطب بالمركز ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي كل مراكز التأهيل والتخاطب كانت ترافقه وتكرر معه الدروس في المنزل ويستجيب بشكل أسرع.
لن تعيش كثيرا
هنا تأتي قصة الصمود التي بطلتها الأم ” أمل ” التي تحكي بأن طبيب الأطفال رفض مقابلتها، لكنه أخبر زوجها أن ابنتها الرضيعة لن تعيش كثيراً، وأنها مصابة بأمراض في القلب والكبد، ورفض إدخالها الحضانة، مؤكدا لزوجها بأن الحضانة ستكون دفع أموال بلا فائدة، وعندما أخبرني زوجي بما قاله له الطبيب رفضت إدخالها الحضانة، وقلت له إنني لن أؤتمن هذا المكان على ابنتي، وعلى الفور أخذتها وخرجت بها من المستشفى وأدخلتها حضانة أخرى، وأجريت لـ”رحمة” الفحوصات المطلوبة، للتأكد من أنها تعاني متلازمة داون.. وبالفعل بدأت رحلتها معها مبكراً منذ الشهر الأول لولادتها، عن طريق دروس للتخاطب كانت أمارسها معها بنفسي، وألحقتها بالكثير من مراكز التأهيل للتدخل المبكر، فكانت تزوره أسبوعياً ويضعون لها أهدافاً أسبوعية وخطة يمارسونها معها لمدة ساعات، وكانت تعيد تلك الخطة معها يومياً في المنزل حتى يظل عقلها متيقظاً، وبالفعل كانت مثل أي طفل طبيعي في عمرها نفسه.
معاناة حقيقية
أما ” أم مريم ” التي تعاني طفلتها من عدم الرؤية بسبب ضمور بالعصب البصري بالعين اليمنى ولا ترى بها كما ان العين اليسرى لديها ضعيفة وسوف تفقدها هي الأخرى ، كما قال لها الأطباء ، الذين أكدوا أنه لن تفلح معها إجراء أي عملية جراحية .
لم يتوقف أمر” مريم عند ذلك – كما ترويها أمها التي بدأت تحكي ودموعها تسيل على خديها قائلة : ابنتي تعاني أيضا منذ الولادة بتضخم في الكبد والطحال، وعلى الرغم من كل هذا لم نفقد الأمل في علاجها ، لأنها تعاني من تأخر ذهني وتصاب بنوبات صرع وتشنجات بسبب كهرباء بالمخ، فتأخذ جلسات تخاطب ومهارات وظيفي وبصري وعلاج طبيعي لتقوية عضلات يديها ورجليها.. ومع كل هذه المعاناة تريد ” أم مريم ” إلحاق ابنتها بالمدرسة وإدماجها مع المجتمع، ولكن لا يوجد مدرسة تقبل بحالتها، وحتي مدرسة المكفوفين لم تقبلها بسبب أنها غير مكفوفة تماما.
وقبل ان تفارقنا ظلت أم مريم تدعو لإبنتها كثيرا بالشفاء ولنفسها بإعطائها الصحة لكي تستطيع أن تكمل رحلة علاج مريم.
أم صابرة
” أم فهد” .. تأتي من الواحات البحرية إلي القاهرة بابنها مريض التوحد ، لإعطائه جلسات علاجية .. تسرد لنا قصة معاناتها التي بدأت عندما بلغ عمره سنة وشهرين، حينما انتباها شكوك ومخاوف مع أهلها، فعرضته على أطباء لتقييم حالته، وتصف تلك الأيام بأنها أسوأ فترة مرت بها لأنها كانت تنتظر الفحوصات، وبعد تشخيصه بدأت العمل معه وتدريبه وتعزيز مهاراته، ونصحوها بأن يلتحق بحضانة حتى يختلط مع الأطفال وأن تمنع عنه مشاهدة التلفاز، وبالفعل سجلته بحضانة وأخبرتهم بحالته وتفاجأت بعد يومين بأنهم يرفضون قبوله بها ولا يوجد حضانة تقبل حالته ولا يوجد حضانة متخصصة لحالته، وليس لديها سوى الله سبحانه وتعالى بأن تشكو له والدعاء كثيرا لها ولابنها.ومن هنا بدأت رحلتها الطويلة من ليال ملؤها البكاء والجهاد حتى يستطيع تناول الطعام لوحده، وجلسات نطق وتدريب مستمر حتى يتمكن من مناداتها واضطرت إلى تأخره سنة مدرسية، وكانت التحديات كبيرة لكن الأهم أنها تقبلت حالة طفلها وهي التوحد، وهو الآن في الصف الثاني الابتدائي، يتابع العلاج لتحسين سلوكه ومهاراته، وسأقف بجانبه لأساعده طوال هذه الرحلة وما بعدها وكلي شوق لليوم الذي سيعيش به سعيدا ومعتمدا على نفسه”.
التسلح بالتعليم
” بعد ما شاب ودوه الكتاب”، هذا المثل ينطبق على الأم نعمة حسين التي قررت أن تكمل تعليمها بعد أن أنجبت مولودها الثالث، والذي اكتشفت بعدها إصابته بمتلازمة داون، الأمر بدا مفاجئا لها ولأسرتها لم تتوقع أن يكون لها ابنا مصابا بهذا المرض.
تروي قصتها بكل رضا بقضاء الله : “زمان لم نكن نعلم حالة الجنين الصحية كما يحدث الآن من تطور واشاعات لكن عندما ولدت عصام ابني قلبي حس انه مش طبيعي وانه في حاجة مختلفة ،عملنا الفحوصات واكتشفنا انه مصاب ب”متلازمة داون” لم أكن أعرف ذلك المرض أو مواصفات هذه الفئة من الأطفال”
تضيف: “بدأت أسأل عن الموضوع عشان أفهمه أكثر وأعرف أبقى جنب ابني بشكل صحيح” ومعه بدأت رحلة تعلم جديدة من نوعها “خدت دبلومة تخاطب للتعامل مع عصام، وبدأت أهتم بأنه يلعب رياضة وينمي مهاراته”.
أتمّت نعمة عامها الثالث والخمسين، وتقول:” أشعر بالفخر، لأنني استطعت أن أغير حياتي وحياة أولادي وساهمت أني أحسن حياتهم وأتعامل معهم بوعي وفهم كاف لحل مشاكلهم، النهاردة ابني عصام ( المصاب بمتلازمة داون ) استطاع أن يحصد جوائز في رياضتي الكاراتيه والعدو، وحصل باقي أبنائى على الشهادات العُليا كما كنت احلم، وبرغم كل ذلك لم أنتهِ من رحلتي مع التعليم بعد مازال أمامي الكثير لأتعلمه وأكتشفه في الحياة” .
قصة نعمة من طفولتها مليئة بالإصرار والتحدى، تقول عنها:” بدأت العمل منذ نعومة أظافري وأنا طفلة كنت أساعد والدي ،وفى أوقات كثيرة لجأت إلى العمل اليدوي، لذلك فاتتني فرصة التعليم، إلا أنني كنت أنفق على أخواتي حتى أستطاعوا إكمال تعليمهم بسبب شغلي، وعندما شعرت انني أتممت مهمتي إزاء شقيقاتي، وكان عمري 26 سنة، تزوجت وأنجبت، ووقتها قررت أن التحق مرة ثانية بالمدرسة لكي أتعلم وكنت برفقة الأطفال في مرحلة الحضانة، والكل كان مستغرب، بس أنا مكنتش مكسوفة أقعد وسط العيال الصغيرة أتعلم معاهم”.
عن دعم زوجها لها تقول: ” في المنزل كان زوجي خير داعم لي، كنا نرتب سويًا مواعيد رعاية ولادنا وكنا نعطي وقت أكبر لابني عصام المصاب بمتلازمة الداون ، ولم يكن بجواري وأنا ثلاثينية صفوف لمحو الأمية، لم أيأس، وتوجهت إلى معهد قريب من محل سكني أطلب التعلم برفقة الأطفال في مرحلة الحضانة “
تقول عن أول يوم رجعت فيه الدراسة :” كان له رهبة .. كنت حاسة أني رجعت بالزمن للخلف، وأني لسة عيلة ،وفي الفصل انهالت علي أسئلة الصغار ،هو أنتِ هتذاكري وتعملي الواجب معانا بجد يا ميس؟” .. ولكن كنت أجيب : ” أيوا أنا جاية هنا عشان فاتني التعليم، شوفتوا المذاكرة حلوة إزاي؟ أوعوا يا ولاد حد يفوتوا التعليم ، أما أولادي، كانوا مبسوطين قوى واحنا قاعدين بنذاكر سوا” .
عن نظرة المحيطين بها تقول:” لا يخلو تحقيق الحلم من أشواك الواقع، فأحيانا كانت تلاحقني نظرات وأسئلة من المحيطين بي ويقولون: “وده كله جاي عليكي بإيه؟”، لكنني كنت أصبر نفسي وأدرك أن وجداني تغير خلال تلك التجربة “
وعن أفضل المواقف التي مرت عليها والتي شعرت أن التعليم كان فارقا في حياتها قالت : “القصة التي مازلت أذكر تفاصيلها هى أنه ذات يوم جاء لي أحد أولادي باكيًا، يرجو عدم الذهاب في الغد لإمتحان التاريخ لأنه خائف من عدم فهم دروسه، لكن هنا التعليم كان فارقا في حياتي وكنت متعلمة، وأقدر أقرأ وأساعد فأخذت الكتاب من يديه وشرحت له بسلاسة الدروس الصعبة ، كأنها حدوتة مش درس لازم يحفظه.. بعد أيام رجع من المدرسة.. واترمى فى حضنى وقال :” جبت الدرجة النهائية، بحبك ياماما ، انحبست دموع الفرح في عيوني ، وحسيت ساعتها بنعمة التعليم، وشعرت أنني قمت بمهمة جميلة قدرت أهزم أي ظروف.
ولم تتوقف نعمة عن العطاء لكنها بدأت قبل عامين في التدريس لسيدات المنطقة في فصل محو أمية باسمها، خلال العام الحالي علّمت 11 سيدة فاتهن التعليم بسبب الظروف الاقتصادية، ألهمت جارتها بالمنطقة لتلتحق بالصفوف، ينتابها الامتنان لفرصة مساعدتهن لتحقيق أحلامهن كما حدث معها مسبقا، فيما لا يمنحها سعادة أكبر من دعوة من إحدى السيدات لأنها جعلتها تستطيع “فك الخط أو قراءة القرآن الكريم “