باكو: مصطفى ياسين
كثيرة هي أوجه التشابه بين مصر وأذربيجان، حيث تسابق الدولتان الزمن، وتصارعان التحديات، لترسيخ وإعادة بناء البنية التحتية على أحدث التقنيات، لتوفير “حياة كريمة” للمواطنين.
فكما هو حالنا فى الانطلاق نحو بناء “الجمهورية الجديدة” وإقامة المشاريع العملاقة على أسس التنمية المستدامة، وإقامة المناطق السكنية والتجارية والاستثمارية والصناعية، تتشابه الأوضاع الأذربيجانية حيث تسرع الحكومة الأذربيجانية الخطى لبناء أيقونتها فى كاراباخ لتتحول إلى جنة خضراء ولؤلؤة أوراسيا، من حيث الجذب السياحي والثقافي.
وذكرنى ما شاهدته على أرض كاراباخ بإنجازات الدولة المصرية فى العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين والتجمعات السكنية والعمرانية في مختلف المناطق، وحجم التحديات التي تواجه الدولتين للانطلاق نحو بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
ومن ناحية أخرى فإن المساجد ودور العبادة صارت حصونا لحفظ العقيدة، وقلاعا للدفاع عن الوطن ضد أى عدوان، سواء على الأرض أو الأخلاق، ولذا توليها الدولة اهتماماً كبيراً وتحرص على إعادة تأهيلها وترميمها للقيام بدورها، بجانب باقى المؤسسات التعليمية والتربوية والثقافية والاجتماعية الأخرى، للحفاظ على الهوية الوطنية والحضارية التى يتميز بها الشعب الأذربيجاني.
يشير السيد فائق حاجييف، مسئول الديوان الرئاسى عن منطقة أغدام، إلى حرص جمهورية أذربيجان على إعادة الطابع الحضارى والثقافي لأذربيجان عامة، والمناطق المحررة خاصة، لما تتميز به من كنوز تراثية وحضارية ضاربة فى أعماق التاريخ، وأقرب مثال على ذلك قصر الملك على خان، الذى أقيم في القرن الثامن عشر وفيه ديوان لاستقبال الضيوف، بعد تأسيسه لمدينة أغدام التراثية بما تضمه من مشاهد وقلعة ومبان ومزارع، واستكمل ابنه أوغلو ابراهيم المسيرة، ثم حفيده مهدى أوغلو، فضلاً عن ابنته الشاعرة “نافاتان” والتى عرفت بأعمالها الخيرية والإنسانية، وتوجد لهم جميعاً مشاهد وقبور مازالت قائمة، بالإضافة إلى مسجد الجمعة الذي بنى بين عامى ١٨٦٨- ١٨٧٠م، بتصميم المعمارى “صافى خان” الذى أنشأ عددا كبيرا من المساجد بنفس الطراز، ولكن دمره المحتل الأرمينى وحوله إلى حظيرة مواشى، حملنا نجاساتها بعد التحرير في ٧ ناقلات شحن! وتقوم الحكومة الأذربيجانية حاليا بترميمه وإعادة تأهيله.
وينطبق هذا الحال على كل المساجد الجامعة في أنحاء الجمهورية الأذربيجانية.
من جانبه أوضح قربان رضاييف، نائب محافظ كانجا، أنه تم أعادة تأهيل وفتح حديقة النصر، باعتبارها تخدم السياحة والثقافة، ومتنفس لسكان المنطقة وتضم مسجدا وكنيسة أرمينية تم ترميمها وتجميلها حتى أن وفداً أرمينيا جاء لزيارتها والاطلاع على سلامتها وجاهزيتها، بما يؤكد ترسخ التسامح الديني.
مدينة خضراء
ويشير المسئول عن ادارة كاراباخ السيد اراز امانوف، إلى أن المساحة الكلية لمنطقة كاراباخ تبلغ ٢٠ ألف كم اى حوالى ثلث مساحة جمهورية أذربيجان البالغة ٨٦ ألف كم، وتضم ٨٠ مسجدا سيتم أعادة بنائها، فضلاً عن دور العبادة لأصحاب العقائد المختلفة. كما تقوم الحكومة والدولة الأذربيجانية بجهود كبيرة لإعادة بناء البنية التحتية بأسرع ما يمكن، كما تعهد بذلك الرئيس إلهام علييف، القائد الأعلى للقوات المسلحة، بتحويل كاراباخ إلى مدينة خضراء، ولذلك قام بوضع حجر الأساس لمدينة فضولى الجديدة مقابل المدينة القديمة المدمرة، والعمل يجرى فيها على قدم وساق للانتهاء منها فى أسرع وقت ممكن. خاصة وأن كل أراضي كاراباخ صالحة للزراعة بمحاصيل القمح والعنب والقطن ومزارع ومناحل لإنتاج عسل النحل الجيد.
بداية الإعمار
وصرح د. ايميل رحيموف، المستشار الإعلامي للسفارة الأذربيجانية بالقاهرة سابقا، بأن الدولة الأذربيجانية خصصت ٣ مليار دولار كبداية لإعادة تعمير وتنمية كاراباخ، مع تشجيع الشركات العالمية للمشاركة والاستثمار، فى إعادة البنية التحتية بأسرع وقت ممكن لاستقبال سكانها الأصليين وهم قرابة المليون مواطن.
وقال: بدأ تشغيل المطار الدولي الذي بني في فضولي 5 سبتمبر 2021 ، حيث هبطت طائرة ركاب إيرباص A340-500 من طراز “كاراباخ” ، والتي أقلعت من باكو ، في أول مطار تم بناؤه حديثًا في كاراباخ. هذا الحدث هو تأكيد على القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية. خلال ٨ أشهر فقط ، لكن هذه المنطقة أصبحت اليوم البوابة الجوية لكاراباخ للعالم. عندما وضع الرئيس إلهام علييف أسس ذلك المطار ، قال إن أحد الأهداف الرئيسية لهذا المطار هو ضمان وصول الضيوف الأجانب إلى “شوشا” العاصمة الثقافية لأذربيجان ، والتي تعتبر لؤلؤة كاراباخ.
من جانبه ألمح “احترام سيفيروف” مسئول وكالة إزالة الألغام، إلى وضع الرئيس إلهام علييف، خطة استراتيجية لإعادة تعمير وتنمية مدينة أغدام بعد إزالة كل الألغام، ومن خلال تعاون وتنسيق جميع الوزارات والمؤسسات المعنية تم إزالة ١٧ ألف و ٦٦٢ لغما، من مساحة المدينة البالغة قرابة ال ١٤ ألف هكتار، وكل هذه الجهود تمت بخبرات محلية وباستخدام أحدث الآليات.
القرية الذكية
وأكد مجاهدوف، مسئول القرية الذكية بمنطقة زنجلان، أنها بداية لاستقبال العائدين لوطنهم فى مكان معد ومجهز على أحدث التقنيات المتماشية مع استراتيجية صداقة البيئة والتنمية المستدامة من خلال استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، فالقرية تضم ١٠٠ منزل جاهز ومثلها تحت التجهيز، وبالفعل تم تسكين ٦٦ أسرة تضم ٣٢٥ فرداً، تم نقلهم على ٣ مراحل و٩٠ بالمائة منهم تم توفير العمل لهم، وكل الخدمات والمساعدات متوفرة من حضانة ومدرسة ومستشفى وفروع لخدمات الانترنت والاحوال المدنية والشخصية والمالية، وتيسيرات لذوى الهمم، وحديقة ومتنزهات وكلها مأمنة بسور عال.