السويس: مصطفى ياسين
بعث المشاركون في مؤتمر “الوعي الديني للشباب في العصر الرقمي” والذي عقدته رابطة الجامعات الإسلامية وجامعة السويس، الأحد ٢٧ الجارى، ببرقية شكر وتقدير للرئيس عبدالفتاح السيسي، علي ما يقوم به من جهود لبناء جمهورية جديدة قوامها العدل والمساواة وإعمال القانون واحترام الآخر، ويثمنّون عالياً دعوته المتكررة لكل المؤسسات الدينية والثقافية لتجديد الخطاب الديني وتنقيته من كل ما علق به من أفكار مغلوطة، وما يقدمه فخامته من دعم لكل مؤسسات الدولة لمواجهة كل أشكال التطرف والإرهاب والإقصاء.
جدَّدوا تعاهدهم بالوقوف صفاً واحداً خلف قيادته الحكيمة التي تسعي لإعادة أمجاد الأمة العربية والإسلامية.
عقد المؤتمر بكلية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال جامعة السويس، بالتعاون مع رابطة الجامعات الإسلامية، تحت رعاية د. أيمن عاشور- وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي- د. السيد عبدالعظيم الشرقاوي- رئيس الجامعة- د.أسامة العبد- الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية- ومشاركة د. مختار جمعة- وزير الأوقاف- د.نظير محمد عياد- الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، نائبًا عن فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر- د.عمرو الورداني- أمين الفتوى ومدير التدريب بدار الإفتاء، نائبًا عن فضيلة د. شوقي علام مفتي الجمهورية- القس أرميا مكرم- كاهن كنيسة ماري جرجس بالقاهرة وعضو الأمانة العامة لبيت العائلة- د. سامي الشريف- مقرر لجنة الإعلام برابطة الجامعات الإسلامية- د. أمين سعيد- عميد إعلام السويس- وعدد من أساتذة وعمداء كليات الإعلام والباحثين المهتمين بالشأن الإعلامي في مصر والعالم العربي، وقدّمه المذيع مصطفى عبدالوهاب.
مناقشات وتوصيات
وبعد مناقشة أكثر من 20 بحثًا ومداخلة (حضوريًا وإلكترونيًا) شملت مجالات عديدة ومتنوعة، تغطي معظم مجالات الإعلام الرقمي ودوره في بناء الوعي الديني الرشيد، في إطار تنمية الوعي لدى الشباب ومواجهة جهود التشكيك والدعوات للإلحاد واللادينية، دعا المشاركون، الجامعات الإسلامية، للإسهام في وضع استراتيجية فاعلة للاتصال الديني في العصر الرقمي من خلال تأهيل العاملين بالمؤسسات الدينية الأهلية والخاصة. والعمل على تكامل الجهود الرسمية والشعبية ومؤسسات المجتمع المدني في نشر ثقافة التسامح بين أفراد المجتمع وبصفة خاصة الشباب.
وطالبوا بوضع خطط تنفيذية تتكامل فيها جهود العاملين بالمؤسسات الدينية الأهلية والحكومية للارتقاء بالاتصال الديني في العصر الرقمي. ودعم الجهود الاتصالية للإعلام الديني الرقمي والتفاعل مع خطاب ديني رشيد ينبذ الإلحاد والتعصب من خلال تحديث البرامج التدريبية لمواجهة الجرائم الالكترونية فكريًا وقانونيًا. مع تحديث برامج التدريب في المؤسسات الدينية المصرية والعربية. وتحديث مفاهيم الأمن الالكتروني وفق أحدث الأنظمة العالمية.
وشدَّدوا على ضرورة مواجهة التأثيرات السلبية للمنصات الرقمية التي باتت جاذبة للشباب ومعطِّلَة للجهود الإصلاحية الداعمة لبناء وعي ديني يحمي الشباب من التطرف. والعمل على الاتفاق حول مفهوم دولي دقيق موحد لمصطلح الإرهاب عامة والإرهاب الالكتروني خاصة، وذلك لتوحيد المفاهيم وضبط معايير وأساليب المواجهة.
وأكدوا على أنه من الضروري الرهان على دور وسائل الإعلام في بلورة استراتيجية لمواجهة التطرف والمتطرفين من شتى الأديان والملل والنحل. وتحديث التشريعات المنوط بها مواجهة جرائم النشر الإلكتروني وتغليظ العقوبات لمنع الفوضى الضاربة في وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية. والتأكيد على أهمية العمل الإعلامي في العصر الرقمي لكي يحقق الوعي بكل مستوياته وخاصة لدى الشباب، وأن يقوم على العلم ولا يترك العمل فيه للهواة أو غير المتخصصين، مشيرين إلى أن العصر الرقمي يفرض تحديات إعلامية واتصالية ودينية يجب أن تواجه بوسائل وأساليب هذا العصر وليس بوسائل وأساليب عصر سابق وأفكار ووجوه قديمة تجاوزها الزمن، لافتين إلى أن صناعة الوعي في جانبه الديني يحتاج التحلّي بالشجاعة لطرح تساؤلات ورؤى جديدة حول تراث الأمة الديني على مستويات عدّة لعلّ أهمها: تجديد الفكر الديني، تجديد علوم الدين، تجديد المؤسسات الدينية.
ميثاق الشرف الإعلامي
أكد د. مختار جمعة- في كلمته عبر الفيديو كونفرانس- أننا في حاجة ماسة إلى الاستخدام الأمثل للساحة الرقمية، وعلينا أن نعظم إيجابيات استخدامها، وأن نحد من ضررها ومخاطرها وبخاصة على الشباب. وأننا في حاجة ماسة إلى التوازن بين التواصل المباشر والتواصل الرقمي، فليس أحدهما بديلًا عن الآخر، مشيرًا إلى أن الساحة الرقمية تمثّل مجالًا واسعًا جدًّا للتثقيف، لكن اللقاءات المباشرة وسيلة أنجع في التربية والسلوك.
أضاف: إننا نؤمن بتعدد الوسائل ودعم بعضها بعضًا، وأهمية محو الأمية الرقمية، والوزارة تعمل على تحقيق ذلك على نطاق أوسع، من خلال عقد العديد من الدورات للأئمة والواعظات في هذا المجال. مؤكدًا أن العالم الرقمي ليس شرًّا كله وليس خيرًا كله، وعلينا أن نعظم الجوانب الإيجابية وأن نحد من مخاطر الجوانب السلبية للعالم الرقمي، مع التأكيد على الالتزام بميثاق الشرف الإعلامي فيما يخص الإعلام الرقمي كضمانة ذاتية لإيجابيته، وهذا ما دعانا لتنظيم العديد من الدورات للأئمة والواعظات حول أخلاقيات التعامل مع العالم الرقمي.
حروب الجيل الرابع
وحذر د. السيد عبدالعظيم الشرقاوى- رئيس الجامعة- من تعرض العالم العربى وافسلامى عامة ومصر خاصة إلى مخططات حروب الجيل الرابع، وعلى رأسها حرب الشائعات، ما يفرض علينا كمسئولين بناء وصناعة حائط صد قوى ضد مخاطر مواقع التواصل الاجتماعى، حتى ننجح فى إيجاد وسيلة لمنع القصف الهوائى القادم من كل اتجاه، والإعلام يمثل هذا الحائط المنيع، وهذا ما يمثل اهتمام الدولة المصرية الحديثة به، حماية لشبابها.
وطالب د. الشرقاوى، بتحصين الطلاب ضد مخاطر التكنولوجيا ومحو الأمية الرقمية، ونشر ثقافة التسامح والابتكار، والاستخدام الإيجابى للتكنولوجيا، ووتنمية وتعميق الوعى والانتماء من خلال ممارسة الأنشطة المختلفة واللقاءات الحوارية المباشرة ومناقشة القضايا الوطنية، مشيرا الى أن وزارة التعليم العالى اتخذت الخطوات التنفيذية مسخِّرة مواقع التواصل لتحقيق ذلك.
جوهر الوعى
وقال د. أسامة العبد: لاشك أن الوعي يعد لغة الفهم والحفظ والإدراك، وهو أيضا يعنى الحكمة ورفع المستوى الفكري وعدم الانقياد الأعمى، والشخص الواعي هو الكيس الفطن الذي يحمي فكره من التدمير والانحراف والتطرف؛ لأنه ذو شخصية سوية، والوعي الفكري يشكل أهمية قصوى ذات آثار إيجابية في بناء المجتمعات وتطورها، والإنسان الواعي يستطيع خدمة مجتمعه بكل اتزان عقلاني دون خروج عن آداب اللباقة أو اللياقة، ويكون ماهرًا في التخطيط وعدم التخبط، فالوعي أساس الشخصية القوية الذي يمنحنا القدرة على القيادة وتحقيق الأهداف المرجوة، كذلك يمنحنا القدرة على اتخاذ القرار المناسب والسليم والحكم الصحيح على الأشياء، والوعي المتقدم يجعل الإنسان راقيا وهادئا وقادرا على التركيز على الإيجابيات ومنع السلبيات، كما يجعله قادرا على احتواء الآخر حتى لو اتصف بالسلبية، وكل ذلك يؤدي إلى السعادة وراحة البال، فعلى الإنسان أن يطوِّر وعيه وأن يزكي نفسه بمراقبة فكره وقيمه ومشاعره ليكون إيجابيا، هذه الإيجابية التي تتحقق في الفكر والقيم، فالإيجابي يرى لكل مشكلة حلا، والسلبي يرى في كل حل مشكلة؛ لأن الإنسان الواعي يحسن التقدير ويمتلك ميزانا دقيقا في فهم الواقع والتاريخ والأحداث، وقد حرك القرآن الكريم العقول واستحثها على مزيد من التدبّر وإعمال الفكر، قال تعالى: “وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ” سورة الذاريات: 21، وقوله: “قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ” سورة الأنعام: من الآية 11، وأيضا: “وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى* وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى* إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى” سورة الليل: 1 – 4، وكذلك: “أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ” سورة الزمر: 21، والآيات في ذلك كثيرة.
وأكد د. العبد، أن التوعية مهمة للشباب ليرتقوا في تخطيطهم للمستقبل، ويمنحهم الشعور بالمسئولية الوطنية، فهم ركيزة المستقبل وعليهم تتقدّم البلاد وتزدهر، فلا تتقدم الدول دون وعي ويقظة وتخطيط سليم، ففي كتاب الله ما يؤكد ذلك على لسان سيدنا يوسف –عليه السلام-، حيث قال تعالى: “قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ” سورة يوسف: 55، والحاكم المخلص المحب لوطنه ينادي بالوعي الصحيح داخل مجتمعه، وهو ما طلبه ونادَى به الرئيس عبدالفتاح السيسي، بخلاف الحاكم المستبِد الذي ينادي باللاوعي؛ ليتحقق له استبداده وطغيانه.
سرعة المعلومات
أضاف د. العبد: ولا يخفى علينا أن ما يميز هذا العصر عن غيره، هو سرعة تبادل المعلومات فيه، إذ المعلومات اليوم تتجدَّد وتتبدل شهريا، بل أسبوعيا، بل يوميا، وهذا ما نلحظه اليوم، وهذه من سمات هذا العصر، وبسبب التوسع المعرفي والرقمي، فقد أصبحت كمية المعلومات تكبر وتتضاعف بسرعة قد فاقت التصور، وهذا ما يضعنا أمام تحد مهم، وهو المعلومات الواجب أن تصل إلى الشباب الذين هم عصب الأمة وحاضرها وكل المستقبل، وواجب علينا أن نوجه الشباب تجاه تلك المعلومات والتطوّر الذي لا يستطيع أن يستغني عنه أحد في حقل التربية والتعليم وفي غيرها. كما يجب علينا النظر بعين الاعتبار في كمية المعلومات اللازمة في ظل هذا العصر الذي تتغير فيه المعرفة بصورة سريعة ودائمة، مما يشكل وعي الشباب ويضع له منهاج حياته. إن العلوم الدراسية تُعد من أكثر المواد قدرة على غرس الإيمان بالله في نفوس الشباب؛ لتخلق وعيا داخل نفوسهم، وتعميق خشية الله لديهم، يقول تعالى: “إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ” سورة فاطر: 28؛ وذلك عن طريق توجيه أنظار الشباب إلى التبصر في دقة النظام الكوني في مختلف الظواهر، والانتظام الدقيق في مخلوقاته، وحتى يتأتى ذلك، ولابد من إسناد تأليف كتب العلوم والعاملين في مجال التكنولوجيا إلى أشخاص مؤمنين صادقين حريصين على الشباب وبناء الوعي لديهم دينيا وسياسيا ومجتمعيا وغير ذلك. وليقم هؤلاء باستثمار كل ظاهرة من ظواهر الكون والتوسّع المعرفي، ومنها “الرقمنة”، في إظهار وبيان عظمة الخالق الذي أبدعها وصورها وسخرها للإنسان، والذي من واجبه شكر الله على هذه النعم ودوام عبادته والالتزام بأوامره، والانتهاء عما نهى عنه، فهو سبحانه لم يأمرنا إلا بما هو خير لنا، ولم ينهانا إلا عما فيه أذى لنا وللمجتمع الذي نعيش فيه، فهو الذي خلقنا ويعلم ما ينفعنا وما يضرنا، وقد أرشدنا إلى ذلك كلام الله في القرآن العظيم، مصدر الهداية ونور الطريق في حياتنا، وسنة الهادي –صلوات ربي وسلامه عليه-، قال تعالى: “أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ” سورة الملك: 14.
أشار إلى أن قضية الوعي الديني لدى الشباب تفرض علينا، أن نعمل على تأكيد هويتنا العربية والإسلامية في نفوسهم من خلال مؤسساتنا التربوية والتعليمية المختلفة؛ وذلك بغرس قيمنا الإسلامية في مختلف المواد التعليمية، وبالتحديد مادة “التربية الإسلامية”، والعمل على إزالة التناقضات بين المناهج المختلفة، مما يؤدي إلى وحدة الغاية، وأؤكد على أهمية استخدام لغتنا العربية لدى الشباب وأهمية التركيز عليها؛ لأنها أصل في الوعي الديني للشباب خاصة في العصر الرقمي، حيث تحفظ عليهم هويتهم العربية وسلوكهم القويم. ولابد أن نزرع في نفوس ووعي أبنائنا الشباب في هذا العصر، أن عقيدتنا وقيمنا لم يعتريها أي تغيير، وأن يدركوا أن أعداء الإسلام لا سبيل لهم علينا؛ إلا عن طريق التأثير على الشباب بالتشكيك في العقيدة حينا وفي الرسالة أحيانا، وبإثارة الشُبه والمطاعن حول شريعة الله التي ارتضاها سبحانه لعباده، وبإثارة الفتن والنعرات المختلفة، والسعي إلى إيقاع الفرقة بين الشباب ومجتمعاتهم، حيث إن ذلك هو السبيل الأيسر والخفي لهم للسيطرة على هؤلاء الشباب والعبث بعقولهم، فلابد من التحصّن بالوعي السليم والحكمة البالغة والفهم الصحيح استرشادا بالقيادة التعليمية والتربوية المخلصة لدينها ووطنها.
ويحضرني قول حافظ إبراهيم شاعر النيل موجهًا نداءً للشباب حيث قال:
فَـيـا أَيُّهـا النـاشِئونَ اِعمَلواعَـلى خَـيـرِ مِـصـرٍ وَكـونـوا يَـدا سَـتُـظـهِـرُ فـيـكُـم ذَواتُ الغُـيوبِ رِجــالاً تَــكــونُ لِمِــصـرَ الفِـدا فَــيــالَيــتَ شِــعــرِيَ مَـن مِـنـكُـمُ إِذا هِــيَ نــادَت يُــلَبّـي النِـدا
حماية الوعي المجتمعي
وصف د. نظير عيّاد، عصرنا الذي نعيشه بأنه يشهد تغيّراتٍ هائلةً في العلم والثقافة والاجتماع والأدب، وكثيرٌ من هذه التغيّرات كانت في الغالب انعكاسًا للعولمة التي جعلت من العالم قريةً إلكترونيّةً صغيرةً تترابط أجزاؤها عن طريق الأقمار الصناعيّة والاتصالات الفضائيّة والقنوات التلفزيونيّة، وقد ظهرت تلك التطوّرات الهائلة في مجال تكنولوجيا التواصل والاتصال، وصار الفضاء الإلكترونيّ الجديد هو الأرض الخصبة؛ لنشر الأفكار والآراء والمعتقدات والفلسفات، التي اقتحمت على الناس بيوتهم من خلال الهواتف الذكيّة وما تشتمل عليه من تطبيقاتٍ وبرامج، موضحا أن التكنولوجيا الرقميّة تداخلت في كلّ تفاصيل الحياة الماديّة والعلميّة والإداريّة وغيرها، وتأتي التوعية الدينيّة جزءًا من هذه الحياة؛ لأنّها تتعلق بتفاصيل حياة المسلم مع دينه وأسرته ومجتمعه، وإنّ الاستخدام غير المنضبط لهذه التكنولوجيا يعيق التنمية، ويحول بين الإنسان وبين النهضة والعمران.
أضاف- خلال كلمته التي ألقاها افتراضيًا في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر-: إن الأزهر مؤسسة علمية عالمية ذات دعوة ورسالة، تاريخ وحضارة، وهو كذلك منبر الريادة الوطنية، وضمير الأُمة الذي يشعر بآلامها ويُعبِّر عن طموحاتها، ويُدافع عن حقوقها، ويعمل على البحث عن متطلباتها، ويجتهد للوصول بها إلى غاياتها، مشيرًا إلى أن توجيهات فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب ـ شيخ الأزهرـ تركّز على ضرورة إعداد وعاظ وواعظات الأزهر إعدادًا جيّدًا، وتأهيلهم بما يتفق مع لغة الوقت، وأدوات الزمن، ووسائل العصر. وأشار إلى أن أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ، نظمت العديد الدورات التدريبية للوعاظ والواعظات من خلال برامج أُعدت خصيصًا لرفع كفاءتهم، وتسهيل مهمتهم، موضحا أن هذه الدورات أتت ثمارها فما أن ظهر (كوفيد 19) ـ فيروس كورونا ـ إلا وجدنا إيجابية في التعامل مع الواقع، وواقعية في مواجهة القضايا مع استمرار الحملات الدعوية، والقوافل التثقيفية؛ مع استبدالها بما يناسب الحدث، ويوافق الظرف وفي الوقت ذاته يحقق الغاية، ويوصل للهدف المطلوب.
أوضح أن مجمع البحوث الإسلامية الذي يقوم على الجانب الدعوي عمل على تكثيف فعالياته وأنشطته الدعوية والتوعوية بشكل إلكتروني للوصول إلى أكبر عدد من الجماهير وتعظيم سبل الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي، فلم يغفل المجمع النشر الإلكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي بأنواعها المختلفة وباللغتين العربية والإنجليزية، لنشر القيم الأخلاقية وعلاج المشكلات المجتمعية المختلفة، وتنفيذ الكثير من البرامج التوعوية الإلكترونية؛ حيث تنوّعت البرامج الإلكترونية التي نفذها المجمع على موقع المجمع على بوابة الأزهر الإلكترونية، وصفحات التواصل الاجتماعي “فيس بوك وتويتر وتليجرام”، وذلك بمشاركة وعاظ وواعظات الأزهر الشريف، كما تم توجيه وعاظ وواعظات الأزهر لتنفيذ الكثير من الأنشطة والفعاليات التوعوية المتنوعة من خلال صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، لتحقيق أكبر قدر ممكن من التواصل مع الجماهير.
كما أشار إلى أنه في جانب الفتاوى يقدم المجمع خدمة الفتاوى الإلكترونية، حيث يتم استقبال الأسئلة عبر موقع المجمع الإلكتروني من خلال المركز الإعلامي للمجمع، وإرسالها إلى لجنة الفتوى الرئيسة ثم إرسال الإجابات إلى السائلين مرة أخرى، حيث لا تستغرق الردود على الأسئلة سوى وقت قليل، كما أنها تتمتع بالسرية التامة لرفع الحرج عن الناس وإتاحة الفرصة أمامهم في الاستفسار عن ما يتعلق بكل شئون حياتهم، إضافة إلى النشر الإلكتروني لإصدارات السلسلة العلمية للمجمع على موقعه الإلكتروني الرسمي عبر بوابة الأزهر؛ لإتاحة محتوياتها العلمية بشكل ييسر للقارئ الحصول عليها داخل مصر وخارجها، وذلك بهدف تحقيق مزيد من التواصل الثقافي الفعّال بين الأزهر وجميع الناس في مختلف أنحاء العالم.
ولفت الأمين العام، إلى دور مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية؛ وما يقوم به سواء في جانب التوعية داخل مصر أو رصد ما يُحاك بالإسلام والمسلمين وما يرد من اتهامات وافتراءات، ويعمل على تفنيد أفكار الجماعات المتشددة والتيارات المنحرفة والتنبيه إلى أخطارهم والتحذير من إتباعهم ومولاتهم وكل ذلك وفق أساليب علمية ورؤية منهجية تتسق مع سياسة تلك المؤسسة التي شرفنا الله بالانتساب إليها، ولا يتعارض مع صحيح ديننا.
معركة الشائعات
وأشار د. عمرو الوردانى، إلى ان مصر تخوض معارك عديدة أبرزها الشائعات، بناء حضارة مصر الجديدة، الوعى، بناء الشخصية المصرية الواعية، وهى لن تنال النصر فيها إلا بسواعد وعقول أبنائها المخلصين، داعيا الشباب لأن يحذوا سيرة سلفهم الصالح، فنحن امة العلم والحضارة، بالمحافظة على ديننا وقيمنا، واصفا الرقمنة بأنها سلاح ذو حدين، محذرا من مخاطر سوء استخدامها، وأهمية ودور الأسرة والمجتمع بأكمله فى صناعة “العقلية الفارقة” وهى إسلامية خالصة.
تسليح الشباب
وأشار د. أمين سعيد عبدالغنى- عميد إعلام السويس- إلى ان أكثر الأسئلة بحثا عن إجابة عبر محركات البحث، حول: الإلحاد، الدين الإبراهيمى، الحكمة الإلهية، الديانة المارادونية، الإسلاموفوبيا، مطالبا بتسليح الشباب بالوعى والفكر الصحيح حتى لا يكونوا “مشكوفين” أمام تلك المخططات.
القنبلة الإلكترونية
ووصف القس أرميا مكرم، عصر الرقمنة بأنه نقلة هامة فى تاريخ البشرية وله تحديات وأبعاد متعددة، وهنا يأتى دور الوعى الإنسانى الذى يثمر ويفرق بين الصالح والطالح فى عالم مفتوح، مؤكدا أن الأزهر والكنيسة قد استفادا من هذا العصر بتسخير منصات التواصل لخدمة الوطن والإنسانية ،محذرا من أن حروب العصر التى تمس الأديان والمجتمعات لم تعد القنبلة الذرية بل الإلكترونية.
السلم الاجتماعي
وأكدت د. آمال الغزاوى، عميد المعهد الكندي للإعلام، أن الحفاظ على الأمن والسلم الاجتماعي للمجتمع وأفراده من المسؤليات المهمة للإعلام ، بحيث يبتعد عن كافة المسائل الشائكة والأمور غير المؤكدة التي يمكن أن تثير البلبلة بين أفراد المجتمع، ومع إزدياد اعداد مستخدمي الإنترنت عن ملياري نسمة وهيمنة شبكات التواصل الإجتماعى على الوقت الذى يقضيه الشباب على الإنترنت، فهناك ضرورة للتدقيق وتحرّي المصداقية والموضوعية فيما ينشر أو يذاع علي شبكات التواصل الاجتماعي.
وقالت: إذا كان هناك من يتبنى حقه في أن يتناول ما يراه وقتما يشاء، دون أي عائق، فالنظرية تشير الي أن الحرية ليست مطلقة (الفوضي الخلاقة) وأن لها قيودا اجتماعية واخلاقية يجب مراعاتها، وإلا أصبحت مدخلاً إلى فوضى إعلامية ومن تلك القيم الاخلاقية احترام الخصوصية وتجنب خداع المصادر والحفاظ علي سرية المعلومات التي يؤدي نشرها الي الفوضي التي حتمت الوصول إلى المسؤولية الاجتماعية لتصحيح كافة أشكال الشطط، فالحرية غير المسئولة أجبرت المجتمعات التي نادت بها على ايجاد قواعد وضوابط تتبعها وسائل الإعلام .
تواجد “عقيدتى”
وشهدت الجلسة العلمية الرابعة، برئاسة د. رضا عبدالواجد، عميد إعلام الأزهر، ومقرِّرتها د. علا عامر، وكيل إعلام السويس، تواجدا فاعلاً لجريدة “عقيدتى”، بمداخلة الزميل مصطفى ياسين- مدير التحرير- متحدثاً عن “الإعلام الدينى وعصر الرقمنة.. “عقيدتى” نموذجاً”، مؤكدا أن “عقيدتى” اقتحمت المجال الإلكترونى مبكرا إيمانا منها بضرورة مواكبة العصر ومعطياته وادواته، فكان الموقع الإلكترونى وصفحتها على الفيس، مقدمة تبويبا جديدا يتناسب وطبيعة الوسيلة المستخدمة، وقد أتت بثمار جيدة بزيادة عدد القراء والمستفيدين منها، مشيرا إلى دور “عقيدتى” فى ترسيخ وتعميق الوعى لدى شريحة كبيرة من الشباب، بعيدا عن مصطلحات: التريند واللايكات أو الانسياق وراء الشائعات والأخبار الزائفة والمغلوطة.
وتدخَّل د. عبدالغنى أبو زهرة- وكيل كلية الدراسات بجامعة الأزهر- مشيدا بدور “عقيدتى” منذ صدورها فهى لم تنحرف عن جادة الصواب، وتحترم قارئها بما تنشره من معلومات وقيم دينية وسطية بعيدا عن الإفراط أو التفريط.
واتفق معه د. محمد حلمى- وكيل شريعة طنطا- واصفا ما تنشره “عقيدتى” بأنه يتميز بخفة وحلاوة البيان والتزام القيم الأخلاقية والدينية، ونشر التسامح، بعيدا عن الغوغائية والشائعات.
وأكدت د. علا عامر- وكيل إعلام السويس- أنه لو نُفِّذَت 10% من توصيات الرسائل العلمية والجامعية لنجحت وسائل إلاعلامنا فى ترسيخ وتعميق الوعى لدى الجمهور وخاصة الشباب، مطالبة بتغيير لغة الخطاب واستثمار المناسبات الدينية كشهر رمضان وغيره فى التواصل مع الشباب، ومحذرة من تحول بعض رجال الإعلام والدين إلى “البيزنس”!
وخلص د. رضا عبدالواجد- عميد إعلام الأزهر- إلى ضرورة “نزول” الداعية إلى مستوى المتلقى ثم الصعود به إلى منطقة وسط يتبادلان الفهم المشترك، فالفضيلة وسط بين طرفين، ولا يصح أن يُترك المتلقى فى مستوى أقل من الداعية أو المصلح، وهذا دور الداعية الواعى بخطابه المتجدد.
حلقات نقاشية
تناول المؤتمر عدة حلقات نقاشية حول: (الدعوة الدينية وتكنولوجيا الاتصال) وتحدث فيها العديد من العلماء والخبراء، منهم: د. عصام الكردى- رئيس جامعة العَلَمِين- د. محمد البشاري- الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة (أون لاين)- د. محمد عبادي- عضو هيئة التدريس بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، أبوظبي (أون لاين)- د. عبدالكريم الوزان- رئيس جامعة أفرواسيوي- د. أبو بكر سوير- عميد كلية الدعوة بليبيا (أون لاين) – د. عبدالله الحمود- كلية الإعلام جامعة الإمام محمد بن سعود (أون لاين)- د. عبدالله الشيعاني، رفعت فياض مدير تحرير أخبار اليوم. د. يوسف أحمد بادبيان- رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية- أبوظبي (أون لاين)- د. خالد أبو قوطة- أستاذ الإعلام بكلية فلسطين التقنية (أون لاين)- د. أسامة عبدالرحيم- استاذ الإعلام جامعة المنصورة- د. نهال محمود المهدي- مدرس الصحافة المساعد بقسم الصحافة والإعلام، كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات، القاهرة- أيمن عدلي، قطاع الأخبار بالتلفزيون، ومسئول التدريب بنقابة الإعلاميين. د. محمد شومان- عميد كلية الإعلام- د. محمد الحفناوي الأستاذ بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، فرع طنطا- السفير أشرف عقل- نائب رئيس الجامعة الدولية الإلكترونية- د. رضا عبدالواجد عميد كلية الإعلام جامعة الأزهر- د. فهد العسكر- كلية الإعلام جامعة الإمام محمد بن سعود (أون لاين) – د. نور الدين شوبد- عضو هيئة التدريس بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية- أبوظبي (أون لاين) – د. أشرف عبدالمغيث- أستاذ الإعلام جامعة البحرين (أون لاين)- د. إسلام عبدالرؤوف- أستاذ الإذاعة والتليفزيون المساعد بجامعة الأزهر وجامعة السلطان قابوس (أون لاين). د. دعاء عبدالحكم الصعيدي- أستاذ مساعد الإعلام بجامعة الازهر- د. محمود داوود- أستاذ القانون بجامعة البحرين (أون لاين)- د. أمين سيدي الحضرامي- الأستاذ بجامعة الشيخ الشنقيطي، موريتانيا (أون لاين)- د. محمد الورداني- المدرس بكلية الإعلام جامعة الأزهر- د. مصطفى علوان- المدرس بكلية الإعلام جامعة الأزهر- د. هشام خلف الله- مدير معهد إيجات مصر- د. قاضي دين محمد- نائب رئيس مجلس الأمناء بالجامعة الإسلامية شيتاغونج (أون لاين)- د. أحمد بن يوسف الدريوش- رئيس الجامعة الإسلامية العالمية بباكستان السابق (أون لاين)- د. علاء الشامي- جامعة الإمام محمد بن سعود (أون لاين)- د. عصام نصر- كلية الاتصال جامعة الشارقة (أونلاين)- د. محمد الشيخ- عضو هيئة التدريس بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية- أبوظبي (أون لاين).