عاشت مصر مثل كثير من دول العالم تداعيات أزمات متتالية تمثلت فى كورونا التى شلت أوصال العالم وقضت بشكل كبير على كثير منسلاسل الإمداد، وجمدت الدماء فى عروق التجارة العالمية لنحو عامين كاملين، وما أن أخذ العالم يتعافى من آثارها المدمرة حتى سيطرت على الأجواء تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية التى زادت من تعطيل حركة التجارة العالمية الأمر الذى زاد من حجم الأزمات الاقتصادية العالمية التى باتت تعانى منها ليس فقط الدول النامية التى مازلنا من بينها، بل تخطت كل ذلك لتصل لدول كبرى كأمريكا وانجلترا وفرنسا.
بالمقابل نجد أنه رغم ارتفاع الأسعار غير المقبول من قبل الدولة والمواطنين على السواء، تتدخل الدولة بقوة فى تأكيد وفرة كافة السلع المطلوبة، وتحرى تقليل حجم الأزمة، فرغم ارتفاع الأسعار إلا أن كافة السلع متوفرة وبكثرة، والدولة تسعى بكل طاقتها للتعامل مع الأزمة على كافة المحاور، وكافة القيادات يتعاملون طوال الوقت على أنهم على جبهة قتال من أجل مصر.
وفى جهة أخرى عاشت مصر نوعا آخر من أوراق الضغط عليها عبر صناعة الفتنة فى المجتمع اختلاق صراع بلا داعٍ وبشكل يخالف الحقيقة ويفضح آلة الأعداء المتربصين بنا ، وعمل الكتائب الإلكترونية الإخوانية والدول المغرضة للنيل من سلامة وقوة المصريين وهو الأمر الذى يستوجب الانتباه منا جميعا لكل ما يبث من أخبار والتعامل معها بحذر شديد.
إن ترويج الشائعات وإعادة نشر الأخبار دون تثبت، إثم شرعى ومرض اجتماعي، يترتب عليه مفاسد فردية واجتماعية ويسهم فى إشاعة الفتنة، فعلى الإنسان أن يبادر بالامتناع عنه؛ لأن الكلمة أمانة تَحملها الإنسان على عاتقه.
إن مروج الشائعات بغرض التشكيك فى أعمال وإنجازات أصحاب السواعد المصرية هو آثم لأنه يعلم أنه يكذب، والكذب جريمة ومن أكبر الذنوب وهو يهدى للفجور؛ فالشائعة قد تكون أخطر من القنبلة وأشد من السلاح المدمر؛ فعلى الإنسان الواعى ألا يشارك فى نشر الشائعات إلا بعد التثبت من المعلومة.
ومن أبرز وسائل أهل الباطل فى صراعهم مع أهل الحق: صناعة الشائعات، وترويجها بين الناس.
والخبر الخاطئ قد يحدث أزمات بين الناس، فلا بد إذن من التحرى والتدقيق والتفكير فى كل ما يُنقل أو يُسمع أو يُقرأ أو يُنشر ، لا سيما عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فليس كل ما يسمع يقال، وعلى الإنسان أن يتحرى الدقة فى كل كلمة ، قبل ترويجها.
كما أن هناك مشكلة بالنسبة لمستخدمى وسائل التواصل الاجتماعي، فهناك نقل ومشاركة للأخبار دون تروّ أو تثبت من صحة الخبر فقط لمجرد النقل والشير ومسابقة الغير فى سرعة نشره، وهذا أمر ممقوت فى الإسلام لأنه يكون سببًا فى الإضرار بالآخرين دون أن يدري، ومن ثم فيجب التثبت من الأخبار قبل نشرها أو مشاركتها.
لذلك تبقى أزمة صناعة الوعى فى المجتمعات ومواجهة حرب الشائعات التى تستهدف استقرار البلاد والترويج بمعلومات مغلوطة حول مختلف القطاعات وبالأخص الخدمية منها هى شغلنا الشاغل ، ويبقى المواطن هو حائط الصد الأول فى هذه المعركة التى تشنها جماعات ومنظمات دائما ما تسعى لنشر الفوضى والشائعات وبث الفرقة لتحقيق أهدافها، خاصة وأن حرب الشائعات أصبحت ذات تأثير كبير على المجتمع تقودها بعض العناصر التى استغلت وسائل التواصل الاجتماعى والوسائل الإعلامية التكنولوجية الحديثة للتأثير فى إيمان المصريين بدولتهم ومؤسساتها والتلاعب على مشاعر المواطنين وبث الفتنة.
ان صناعة الوعى هى الملاذ الآمن لمستقبل الأوطان، ومن يفقد الوعى يفقد الماضى والحاضر والمستقبل، وهى ضمانة لتجاوز الأزمات، وأن قوى الشر ستواصل محاولاتها الخبيثة فى خوض حرب الشائعات والتى تسعى لتهديد استقرار الدولة والتلاعب بمشاعر المصريين، والحقيقة أن الشعب المصرى قدم نموذجا متفردا فى مكافحة الإحباط خلال لحظات التحدى وكان حائط الصد أمام أى محاولات ضرب الشائعات وخاصة فى القطاعات الخدمية والحيوية بالدولة، محذرا من محاولات استخدام السوشيال ميديا فى بث الأخبار والمعلومات الزائفة.
أن هناك مهمة أيضا على المواطن فى عدم الاعتماد على ما يبث من رسائل أو شائعات وهمية على مواقع التواصل والاعتماد على المصادر الرسمية فقط فى استقاء المعلومات، وأن تلك المخططات تستهدف النشء والشباب والشارع المصرى بكافة قطاعاته، وهو ما يؤكد أهمية الإستراتيجية المتكاملة لصناعة الوعى وتصحيح المفاهيم المغلوطة التى يمكن أن يتم ترويجها على أن يشارك فى ذلك مؤسسات مختلفة ومتنوعة ومشاركة المجتمع المدنى فى التصدى لأى محاولة تستهدف تدمير الأوطان وتشويه الإنجازات.
وختاما :
« قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لاَ يُلْقِى لَهَا بَالاً يَهْوِى بِهَا فِى جَهَنَّمَ» رواه البخاري