الوثائق الإسرائيلية كشفت عبقرية السادات في الحرب.. باعتراف الإسرائيليين
– ” السلاح النووي خارج الحسبة العسكرية العالمية.. وحروب الجيل الخامس الأكثر فتكًا
– مصر وضعت حجر أساس الجمهورية الجديدة.. والحكومة تطبق “فقه الأولويات”
– الأحزاب في مصر «مهلهلة» .. والخطاب الديني لا مكان له في الانتخابات المقبلة
– أزمة سد النهضة ستحل سياسيًا.. وأمن مصر المائي “خط أحمر
حوار – منى الصاوي
أكد المفكر الاستراتيجي اللواء د. سمير فرج مدير إدارة الشئون المعنوية الأسبق أن انتصار حرب أكتوبر 1973 والذي نحتفل بعيده الذهبي هذا العام هو الحدثمي التاريخ الحديث ، وسيظل درسا لكل الأجيال على مر التاريخ.
وأوضح أن حرب أكتوبر غيرت المفاهيم العسكرية في العالم ، مؤكدا أن القيادة السياسية وقتها استطاعت خداع اسرائيل وأمريكا بأن مصر غير قادرة على الدخول في حرب ، وهو ما دفع الإسرائيليين إلى عدم رفع درجة الاستعداد رغم تصويرهم للاستعداد الكبير للقوات المصرية ، وهو ما كشفت عنه الوثائق الإسرائيلية الأخيرة بمناسبة مرور 50 عامًا على الحرب .
ونفى اللواء فرج أن تكون هناك حربا عالمية ثالثة نووية بسبب امتلاك العديد من الدول السلاح النووي .. إلا أنه بحسب توقع اندلاع الحروب التقليدية التي تجري حاليا بين روسيا وأوكرانيا، لكن يكاد يكون مستحيلًا دخول النووي في الحسبة العالمية.
وأكد اللواء فرج – في حوار شامل لــ ” عقيدتي ” – أن الدولة المصرية ترفض التصالح مع الإخوان.. موضحا بأن الحديث عن نية الدولة بدء سلسلة مراجعات فكرية يعقبها إطلاق سراح بعض السجناء من جماعة الإخوان المصنفة كيانا إرهابيا في مصر لن يحدث.
وشدد على أنه لا يمكن لأحد لي ذراع مصر.. مشيرا إلى أن لهجة الاستقواء بالخارج وإحراج مصر أمام المجتمع الدولي لن يزيد الدولة إلا قوة وصلابة .
الدفاع المتحرك
· في البداية .. سألته عن رؤيته لمصر بعد خمسين عاما لحرب أكتوبر المجيدة.. الحدث الأعظم في التاريخ الحديث؟
– فقال : حرب أكتوبر المجيدة استطاعت تغيير المفاهيم العسكرية في العالم كله، إذ أنها كانت حربًا بين دولتين ذات ثقل عسكري، استطاعت مصر خلالها أن تجبر العالم على تغيير آليات الحروب، إذ غيرت المفاهيم الاستراتيجية المتعارف عليها حول ما يسمى بـ «الدفاع المتحرك»، كما تعتبر الدولة المصرية واحدة من أكثر الدول التي تجري تدريبات عسكرية مشتركة مع عدد كبير من الدول نظرًا لأن الجيش المصري يمتلك خبرات عسكرية كبيرة.. وكان الجيش الإسرائيلي على ثقة من فوز قواته بالحرب في أي وقت، بسبب التسليح الحديث وأعداد قواته التي قدرت بالآلاف حينذاك، إلا أنهم تفاجأوا بما حدث من صدمة لهم في أكتوبر المجيدة 1973.
ويعتبر الحدث الأهم في حرب أكتوبر المجيدة هو استعادة كرامة الشعب المصري بعد الهزيمة التي لحقت بالجيش المصري في 1967، لافتا إلى أن إغراق إيلات غير تاريخ الفكر العسكري في العالم، فمنذ أن أغرقت هذه المدمرة لم يعد العالم يصنع مدمرات وبوارج وتغير فكر التسليح كليًا .. واستطاعت مصر أيضًا أن تستعيد أرض سيناء التي جارت عليها إسرائيل، وسيظل نصر أكتوبر العظيم درسا لكل الأجيال على مر التاريخ.
· وكيف رأيت الوثائق التي أفرجت عنها إسرائيل لأول مرة بعد 50 عامًا من الحرب؟
– أطلق أرشيف الجيش الإسرائيلي في وزارة الأمن موقعا كبيرا وشاملا عن حرب أكتوبر أو كما يسمونها بالإسرائيلية «حرب يوم الغفران»، واستطاعت تلك الوثائق كشف النقاط الرئيسية للثغرة الاستخباراتية التي سبقت المواجهة .. وكانت لجنة ” أجرانات” قد اطلعت على تلك الوثائق من جانب رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية في حينه الجنرال ايلي عزرا ، حيث كشفت تلك الوثائق أيضًا سوء تقدير كل من وزير الدفاع الإسرائيلي ورئيس أركان الجيش للوضع، بعد أن استبعدوا إمكانية اندلاع حرب مع مصر وسوريا، كما أوضحت الوثائق ذاتها أن الصور الجوية التي التقطتها إسرائيل كشفت الاستعداد الكبير للقوات المصرية، خاصة فيما يخص سلاح المدفعية.. وكان إيلي زعيرا رئيس أركان الجيش الإسرائيلي حينذاك، قد قدم وثائق أخرى مفادها أن الاستعدادات المصرية والسورية نابعة من الخوف من إسرائيل ، وأجرى الجيش المصري مراوغات تكتيكية لإيهام الجيش الإسرائيلي بعدم نية مصر خوض حربًا في هذا الوقت، إلا أن الجيش الإسرائيلي استطاع جمع معلومات حول الهجوم المصري السوري الوشيك على قواته ،
وكان هناك اقتراح عسكري إسرائيلي يتعلق بتنفيذ ضربة استباقية ضد مصر وسوريا، لكنهم تراجعوا فيه خوفًا من رد الفعل العالمي.. وأصدرت “لجنة أجرانات” التي شكلتها إسرائيل للتحقيق في الحرب وكشف أسباب القصور التي لحقت بالجيش الإسرائيلي قبيل المعركة، قرارا وقتها بعزل رئيس الأركان الإسرائيلي، ومنعه من مزاولة أي مهام أخرى رئيسية في الدولة، كما كشفت الوثائق أيضًا أن الخطأ الذي ارتكبه الجيش الإسرائيلي هو عدم رفع درجة الاستعداد، وعدم استدعاء الاحتياطي.
وتعامل الرئيس الراحل أنور السادات مع الحرب بدهاء شديد، حيث أرسل مستشاره للأمن القومي أحمد حافظ إسماعيل قبل شهرين من الحرب، لوزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر حينذاك، وأبلغه أن مصر لن تستطيع الهجوم على إسرائيل، ذلك بسبب الموقف الروسي برفض منح مصر أسلحة هجومية التي تمكنها من شن الحرب.. وتمكن السادات حينها من إيقاع الجانب الأمريكي في الفخ، حين طالبه بالتدخل للوصول لحل سلمي، خاصة وأنه يتعرض لضغوط شعبية كبيرة لشن الحرب واستعادة أرض سيناء المحتلة، وابتلعت مائير الطعم المصري لثقتها في صدق هنري كيسنجر، ولذلك لم تقم بإعلان التعبئة قبل بدء الحرب، وأدى ذلك لخسارة إسرائيل للمعركة.
· على ذكر الحديث عن الحروب.. هل يشهد العالم حربًا عالمية ثالثة؟
– لا .. لن يشهد العالم حربًا عالمية ثالثة لعدة أسباب، لعل أهمها امتلاك تسع دول للنووي وهم ” أمريكا وإنجلترا وفرنسا وروسيا والصين والهند وباكستان وكوريا وإسرائيل”، وهناك محاولات إيرانية للضغط على المجتمع الدولي بالملف النووي .. وتعد الذخيرة النووية لدى كل دولة سالف ذكرها خطرًا يهدد العالم أجمع، ومن الممكن أن نرى مناوشات عسكرية بين الدول وبعضها باستخدام ما يسمي ” القنبلة النووية التكتيكية”، ويتم استغلالها حال شن هجوم على تلك الدول، وهذا ما ذكره الخبراء الاستراتيجيون خلال الحرب بين روسيا وأوكرانيا.. وبحسب رؤيتي العسكرية قد نرى حروبًا تقليدية مثل التي تجري الأن بين روسيا وأوكرانيا، لكن يكاد يكون مستحيلًا دخول النووي في الحسبة العالمية.
حروب مختلفة
· إذن ماذا عن حروب الجيلين الرابع والخامس؟
– تعتبر حروب الجيل الخامس هي الأكثر تأثيرًا في العالم خلال الآونة الأخيرة، إذ تستهدف المجتمعات والشعوب معًا، وتستخدم حملات التضليل والاستدراج، وإشاعة المعلومات المغلوطة باستخدام التقنيات المتطورة والتكنولوجيا، ووسعت حروب الجيل الخامس مجال الصراع بين الدول ليضم المجالين المعلوماتي و السيبراني.. وأصبحت الحروب الآن لا تستهدف المعدات والذخائر والدبابات، بل تستهدف عقول الشعوب لتحريكها كما يريدون، إذ تعتبر تلك الحروب خطرًا يهدد الأمن القومي للبلاد.
· كيف ترى المشروعات القومية في عهد الرئيس السيسي؟
– مصر وضعت حجر أساس الجمهورية الجديدة، واستطاعت بفضل جهود القيادة السياسية والرئيس عبد الفتاح السيسي أن تدشن عددًا كبيرًا من المشروعات القومية، إذ وجهت الدولة الجزء الأكبر من الاستثمارات العامة لتحسين البنية التحتية، ورفع مستوى الخدمات.. لم تقتصر الجهود على البنية التحتية فحسب، بل شملت الاستثمارات المجالات كافة، ولعل أبرز مشروع المليون ونصف مليون فدان لإحياء الريف المصري، ما يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل، إضافة إلى مشروع قناة السويس الجديدة الذي استهدف تلافي المشكلات التي تتعرض لها السفن في البحيرات المرة، كذلك السماح للسفن العملاقة بالمرور بالقناة، وبالتالي زيادة دخل قناة السويس، ذلك المشروع الذي أدى إلى تنمية المنطقة الموجودة على ضفاف القناة الجديدة بما يعرف بمشروع “تنمية محور قناة السويس”، وهو ما يتضمن مشروعات عمرانية وصناعية وسياحية متكاملة بالمنطقة.. إضافة إلى مشروع محطة الطاقة النووية بالضبعة، ومشروع محطة بنبان للطاقة الشمسية، المتحف المصري الكبير، والمتحف القومي للحضارة المصرية، ومشروع تنمية حقول البترول والغاز، إضافة إلى ذلك إنشاء ميناء للحاويات بشرق مدينة بورسعيد، والتي تستهدف تسهيل حركة التجارة وجلب المزيد من الاستثمارات.
كما دشنت مصر سلسلة المدن الجديدة الكبرى التي تضم 16 مدينة جديدة كانت قد شيدت بالمقاييس العالمية، وكذا إنشاء مدن صناعية بتلك المشروعات من أجل خلق فرص جديدة للاستثمار، وجلب عوائد اقتصادية ودفع عجلة الإنتاج وخلق فرص عمل لآلاف الشباب.
فقه الأولويات
· وماذا عن تطبيق آليات «فقه الأولويات» في ضوء الوضع الاقتصادي الحالي لمصر؟
– استطاعت الحكومة أن تضع خطة اقتصادية تستند إلى ما يسمى بـ «فقه الأولويات»، ترتكز على عدة مقومات لعل أبرزها منح أولوية لتوطين المشروعات وتوجيه المخصصات المالية للمحافظات الأكثر احتياجا، ذلك في إطار المبادرات والبرامج المطروحة، وعلى رأسها مبادرة حياة كريمة التي اعتبرها واحدة من أهم المبادرات الرئاسية للارتقاء بمستوى العيش خاصة قاطني الريف والقرى.
وهناك انتقادات توجه للحكومة بسبب ارتفاع الأسعار وتفلت الأسواق، لا سيما مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والجيوسياسية غير المسبوقة التي يشهدها العالم أجمع، والتي انعكست آثارها على معدلات نمو الاقتصاد العالمي لاسيما الاقتصاد المصري.. ولكن القيادة السياسية حرصت على إدارة الأزمة باتباع سياسات مرنة تضمن التكيف والحد من الآثار المترتبة عن الأزمات العالمية التي تعيق مسارات التنمية المستدامة.
كنز مصر الاستراتيجي
· ما هي رؤيتكم للوضع الحالي في سيناء؟
– شهدت سيناء على مدار تاريخها أهمية دينية وعسكرية واقتصادية لمصر، إذ كانت بوابة الحروب والغزوات، بداية من المعارك التي خاضها المصريين القدماء، مرورًا بالهكسوس والحروب الصليبية والتتار والمغول، وصولًا إلى حرب أكتوبر، والحرب المستمرة ضد الإرهاب.. وأولت الحكومة المصرية اهتمامًا بالغًا بتنمية وإعمار سيناء بغية تعزيز العمق الاستراتيجي لمصر، والتي بدأت بإنشاء قناة السويس الجديدة ومرورًا بحفر خمسة أنفاق جديدة أسفل القناة، المتمثلة في أنفاق شرق بورسعيد التي تصل إلى شمال سيناء تربط رفح شرقًا بالسلوم غربًا، وهو ما يضمن الربط بين المحافظات والموانئ والمطارات المصرية.. إضافة إلى مطاري العلمين وبرج العرب، ومينائي العريش وشرق بورسعيد البحريين، وإنشاء مطار البردويل، فضلًا عن أنفاق الإسماعيلية التي تصل لوسط سيناء.. هذه الأنفاق لا تقتصر على كونها مشروعًا ضمن خطة تطوير البنية التحتية فحسب، بل إنها نواة لمشروع تنموي متكامل يشمل الجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والغذائية والأمنية.
إضافة إلى المشروعات الزراعية بزراعة 500 ألف فدان، وإنشاء مصنعًا للثلج، وآخر للفوم، ومصانع أخرى للأسمنت والرخام، فضلًا عن تطوير ميناء العريش ليكون مماثلًا لموانئ دبي.. كما تم تدشين بحيرة البردويل باستعانة بالخبرة اليابانية، وأصبحت حاليًا من أجود 5 بحيرات في جودة الأسماك.
واحتضن الرئيس السيسي شعب ومشايخ وبدو سيناء، كما تهدف الدولة إلى تنمية شبه جزيرة سيناء عن طريق جذب الاستثمارات وإقامة المشروعات الاقتصادية في الضفة الشرقية لمصر، وما يترتب عليه من تجفيف منابع الإرهاب ووأد مطامع الغرب في سيناء.
السباق الانتخابي
· إذن كيف ترى السباق الانتخابي الرئاسي ونحن على مشارف انتخابات نهاية العام الجاري؟
– مصر بلد ديمقراطي، تحتكم إلى الصناديق، والشعب المصري واعٍ قادر على اختيار من يمثله، ولنا في انتخابات 2012 التي جاءت بالإخوان مثال حي ، وأرى أن المرشحين كافة يتمتعون بحقوقهم السياسية دون تضييق كما يزعم البعض، إذ تقوم الهيئة الوطنية للانتخابات بجهود حثيثة بشأن الانتخابات الرئاسية، كما أنها تقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين.
الدور المطلوب
· برأيك.. ما المطلوب من رئيس مصر القادم؟
– أطالب رئيس مصر القادم باستكمال المشروعات القومية التي بدأها الرئيس السيسي، والتركيز على وضع خطة قومية للنهوض بالتعليم والصحة، وخلق آفاق جديدة للاستثمار، واستكمال مبادرة حياة كريمة وتطويرها.
· أعلن عدد من رموز المعارضة خوضهم الانتخابات.. ما تقييمك لآداء الأحزاب في الوقت الراهن؟
– أعلن سبعة سياسيين رغبتهم في الترشح حتى الآن، وأرى أن من حق أي مواطن مصري ينطبق عليه الشروط أن يترشح لخوض الانتخابات.. لكني أرى أن الأحزاب في مصر «مهلهلة» وليس لها أي تواجد في الشارع ولا تقوم بدورها المنشود، إذ تتلخص المعضلة في الصراع على السلطة داخل الأحزاب، بما في ذلك حزب الوفد الذي كان يتمتع بأكبر قاعدة شعبية أصبح غير مؤثرًا في الشارع.
· في رأيك .. هل يلعب الخطاب الديني دورًا في الانتخابات المقبلة؟
– كسبت جماعة الإخوان شرعيتها بصورة أساسية من الخطاب الديني، باعتبارها دولة تقيم الشريعة وتحفظ الإسلام والسُنة النبوية وتعمل على نشرهم، وروجت لعموم الشعب المصري للإسلام باعتباره نموذجا كاملا للمجتمع والدولة في العصر الحديث، إلا أن ثورة 30 يونية استطاعت تصحيح المسار مجددًا وأعادت الخطاب الديني المختطف.. وأرى أن الشعب المصري أصبح أكثر وعيًا وتطلعًا، لذلك لم يكن للخطاب الديني الإخواني مكانًا في الانتخابات القادمة سوى لفئة قليلة من المنتفعين.
لا تصالح
· تحدث القيادي الإخواني حلمي الجزار عن قضية التصالح مع الدولة قبيل الانتخابات الرئاسية.. برأيك هل تلوح المصالحة بين الجماعة المحظورة والدولة المصرية في الأفق؟
– لا تصالح مع الجماعة الإرهابية، فهناك حالة من الغضب الشعبي تجاه تلك الجماعة الدامية، الأمر الذي يؤكد أن الاستجابة لهذه الطلبات غير واردة حتى الآن.. والحديث عن نية الدولة بدء سلسلة مراجعات فكرية، تشبه ما جرى في تسعينيات القرن الماضي، يعقبها إطلاق سراح بعض السجناء من جماعة الإخوان المصنفة كيانا إرهابيا في مصر لن يحدث.
· من وجهة نظركم .. كيف ترون الحوار الوطني؟
– تنوعت مُخرجات الحوار الوطني بين مُقترحات تشريعية وإجراءات تنفيذية في كافة المحاور السياسية والاقتصادية والمجتمعية ، وأفرز الحوار الوطني عدة نقاط إيجابية لعل أهمها الإفراج عن سجناء الرأي، إذ شملت قائمة العفو الرئاسي عن المعتقلين السياسيين نحو 2000 سجينًا، تلك القرارات تساهم في خلق مناخ إيجابي وديموقراطي، كما تزيد من مساحات الثقة بين الأطراف المشاركة.
· على ذكر المعتقلين السياسيين.. هل تستجيب مصر للضغوط الدولية التي تطالب بالإفراج عن الناشط السياسي علاء عبد الفتاح؟
– لا أحد بإمكانه لي ذراع مصر، ولهجة الاستقواء بالخارج وإحراج مصر أمام المجتمع الدولي لن يزيد الدولة إلا قوة وصلابة، فعلاء عبد الفتاح متهم بعدة قضايا لعل أبرزها تلك التي وجهتها له النيابة العسكرية بالتحريض ضد الجيش وتكدير الأمن والسلم العامين، كما أدين بتهمة “نشر أخبار كاذبة”.
الدور الإقليمي
· من وجهة نظركم السياسية .. هل تعيد مصر علاقتها الدبلوماسية بإيران والتي شهدت بداية انفراجة مؤخرا ؟
– تشهد المنطقة في الوقت الحالي تغيرات سياسية وأمنية غيرت الأجندة الدبلوماسية للدول كافة، وتسعى مصر إلى ترسيخ مبدأ «المصلحة»، وعندما تكون هناك مصلحة في تغيير منهج ما في سياسات التعامل مع بعض الدول، فبالتأكيد نلجأ دائمًا لتحقيق المصلحة ، وأعتقد أنه سوف تشهد مصر نقلة على مستوى العلاقات الدبلوماسية مع إيران خلال الفترة القادمة.
· برأيك.. ما أبرز الملفات التي تعيق استعادة العلاقات بين البلدين؟
– انتهجت إيران أسلوبًا استفزازيًا ضد مصر، ذلك بعد إطلاق اسم خالد الإسلامبولى «قاتل السادات» على أهم شوارع مدينة «مشهد»، ولم يكتفوا بذلك وإنما رسموا جدارية كبيرة بطول أحد المباني فى نفس الشارع عبارة عن صورة للقاتل وتحمل عبارات مثل «الشهيد البطل الملازم الإسلامبولى الذي نفذ الاغتيال الثورى بحق السادات»، ومذيلة بالآية الكريمة “فقاتلوا أئمة الكفر” .. وأرى أن واحدة من أهم العقبات التي هددت عودة العلاقات خلال الآونة الأخيرة يتمثل في سيطرة الجناح المتشدد على السلطة في طهران ، فضلًا عن تدخلاتها في المنطقة المتمثلة في حزب الله في لبنان وسوريا، والحشد الشعبي في العراق، وتدخلاتها في اليمن.. ولن تقبل مصر التدخل في شؤونها الداخلية والخارجية ولن تخضع لأي ابتزاز سياسي.
· وماذا عن موقف مصر تجاه دول الجوار والدور الذي تلعبه في ظل الأزمات التي تحدث في تلك الدول ؟
– تعد ليبيا والسودان دولتان من دول الجوار لمصر، إذ يعتبر الأمن القومي لهما هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، ويعد دعم المسار السياسي وغلق باب التدخلات الخارجية من ثوابت السياسة الخارجية المصرية في ليبيا.. وتحرص مصر على توصل الأشقاء الليبيين إلى حلول تلبي تطلعاتهم ورؤيتهم لتحقيق الاستقرار المنشود، كما تحرص أيضًا على وجود الجيش الوطني والبرلمان والحكومة والمؤسسات كافة التي تعطيها شكلا يمنحها السيادة على أراضيها.. وللقضية الليبية أبعادًا إقليمية ودولية متشابكة مع المصالح المصرية، وتلعب القاهرة دور الوسيط الأهم في التهدئة والمصالحة بين المتنازعين على الحكم.
أما على الجانب السوداني، فتقع السودان ضمن الدائرتين العربية والإفريقية للسياسة الخارجية المصرية، وتسعى مصر إلى استقرار العلاقات بين الجانبين على المستويات الرسمية والحكومية والشعبية، والتنسيق في كافة المجالات المشتركة.
· تعالت الأصوات التي تطالب بإعادة النظر في آلية التعامل مع اللاجئين في مصر.. ما رأيك؟
– تتعامل مصر كونها الشقيقة الكبرى لبقية الدول في المنطقة، وتفتح ذراعيها لأشقائنا من كل صوب وحدب، ويتمتع اللاجئون في مصر بكافة حقوقهم، حيث قدر نحو 85٪ من الأطفال اللاجئين المسجلين بالمفوضية لهم حق الالتحاق بالمدارس ويقدم لهم خدمات تعليمية وصحية أسوة بالمصريين، الأمر الذي أكدته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إذ أشادت بالدور الرائد الذي تلعبه الدولة المصرية في هذا الملف الشائك.
حل سياسي
· أجرت مصر مع الجانبين السوداني والإثيوبي جولة جديدة من المباحثات حول سد النهضة.. برأيك كيف تحافظ مصر على أمنها المائي؟
– لازلت أؤكد أن أزمة سد النهضة ستحل سياسيًا، ولن تحل بالحرب، والحديث عن ضرب السد هو درب من دروب الخيال لما له من أضرار بالغة ستلحق بالسودان حال التدخل عسكريا ضد إثيوبيا.. ونأمل أن يتحلى الجانب الإثيوبي في المفاوضات القادمة بالإرادة السياسية والجدية في الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل السد.
· وماذا عن العلاقات المصرية الخليجية؟
– تُعد العلاقة مع دول مجلس التعاون الخليجي واحدة من الأولويات الرئيسية التي تولى مصر اهتماما بالغا بها.. ويروج البعض وجود توترات مكتومة في علاقات مصر ببعض دول الخليج، إلا أن عمق العلاقات الأخوية المتينة، والروابط الراسخة التي تجمع دول الخليج بمصر تخرس ألسنة هؤلاء.. وتحرص مصر على فرض الاستقرار السياسي والأمني مع دول الخليج في مواجهة التهديدات المحيطة بهم، سواء من القوى الإقليمية غير العربية من جهة أو الميليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية من جهة أخرى.
أما على المستوى الاقتصادي، فلمصر مصلحة حيوية تجمعها بدول الخليج، تتمثل في استمرار العلاقات الاقتصادية التي تربطها بدولها، وتدفق الاستثمارات الخليجية إلى داخل مصر.