لا تتركوا هذا الدعاء وإن طال عليكم البلاء تذكروا هذه الآية العظيمة وأحسن الظن بالله الواحد الأحد، (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون)، يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: [أنا عند ظن عبدي بي]. من ظن بالله خيرا أفاض عليه جزيل خيراته وجميل كراماته، ومن عامل الله باليقين أدهشه الله من عطائه بما يفوق خياله، فالله جل جلاله يعامل عباده على حسب ظنونهم به، ويفعل بهم ما يتوقعونه منه وفوقه.
إذا دعوت فظن بالله خيرا أنه سيستجيب دعاءك، وإذا أنفقت في سبيل الله فظن بالله خيرا أنه سيخلف عليك، وإذا تركت شيئا لله فظن بالله خيرا أنه سيعوضك خيرا مما تركت، وإذا استغفرت فظن بالله خيرا أنه سيغفر لك وسيبدل سيئاتك حسنات.
إذا ضــاقت فــباب الله رحــب .. ومـا خــاب الــذي لله آبــا
متى ما استحكمت قل يارحيما .. يفرجـها ويمنــحك الثوابـا
وأحسن بالكريم الظنَّ دوما .. تجد من لطفه العجب العجابا.
لقد حوى التاريخ الكثير من القصص والأمثلة الرائعة التي ضربها أصحابها في التوكّل على الله، وحسن الظنّ به، ففيها القدوة والأسوة الحسنة، وفيما يأتي ذكرٌ لبعضٍ منها: الحبيب المصطفى النبي، ومن أعظم الأمثلة التي تُذكر عنه في حسن ظنّه بربّه، هو مثال هجرته مع صاحبه الصدّيق أبي بكر رضي الله عنه، وكيف ظنّ بالله خيراً، وأنّه ثالثهما في الغار، فكانت النتيجة أن حفظهما الله تعالى، وأيدّه بجنودٍ منه، وأنزل عليه السكينة، ونجّاه من القوم الكافرين.
موسى عليه السّلام: نبي الله الكليم، الذي ردّ على قومه عندما خافوا من فرعون وجنوده أن يدركهم، فقال الرسول عليه السّلام: (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)، فجاء التأييد الرباني، فقال الله تعالى: (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ)، فنجّاه الله وقومه، وأغرق الآخرين.
إبراهيم عليه السّلام: الذي ترك زوجته هاجر، وابنه الرضيع إسماعيل -عليه السّلام- بين شعاب مكّة الخاوية حينذاك، إذ لا إنسٌ فيها ولا ماءٌ، وذلك تسليماً منه لأمر الله، وحسن ظنٍّ به، فكان عاقبة ذلك الافتراق، خيرٌ له وللأنام، واجتماعٌ لهم إلى يوم القيامة.